هل حقاً يعلم هؤلاء أن ما حدث في السودان ثورة ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
غداة تظاهرات يومي 27 و28 مارس ،وما أبدعة شباب أمبدة بمفاجأة قوى النظام البائد بموكب سوق ليبيا ،ومتابعة تلاقي مظاهرات جبرة والامتداد والصحافات ،عنونت مقالاً بما يلي ( من لم يوقن بأنها قد سقطت ، فليراجع ثقته في أبنائه) واليوم يبدو أن البعض لم يستوعب ما تم . وكيف أن الثورة قد جعلت من يوم 6/ ابريل تاريخاً يعود بقوة ، وأنها قد غيرت صفة يوم 30 يونيو من تاريخ للانقلاب المشئوم ،إلى تاريخ لكبرى تجليات انتصار الثورة.
استناداً إلى ما فات ، فإن مجزرة القيادة العامة في يوم 3/ يونيو ،بقدر ما أسكنت في من الحزن ما لم يفارقني إلى اليوم، بقدر ما كنت بينها والثلاثين من يونيو موقناً بأن صراع المدنية والعسكرية هو الصراع الأساسي ، حتى كتب الشعب بأحرف من نار ونور ، بأن الحكم العسكري قد فات أوانه في وجدان وفكر الثورة. وهو التغيير الذي ما زال يستعصي على الجزائريين. وكل بقاء لمظهر عسكري ، ما هو إلا بفعل توازنات إقليمية ودولية. حالما سيزول مع غسيل الثورة . أما الثورة في جانبها الآخر ، فكانت تغييراً انقلب على مجمل النادي السياسي وممارساته رضينا بذلك أم لم نرض. وما صبر شبابنا الثائر إلا لأنه يعرف مكامن قوته.ويكفي الهتاف الشهير ( ما بنقبل الدية ، لو حتى مدنية) وهو هتاف لا يعبر عن رغبة القصاص من القتلة فحسب ، بل يعبر عن لب وعي الثورة بان مدنية الحكومة نفسها لا تعني شيئاً إن لم تعبر عن تطلعات الثوار.
من هنا فإن كل تفاصيل الاتفاقات السياسية والوثائق الدستورية ، لا تعني لي وللكثيرين غير إجراءات لتسهيل وتقنين عمل الفترة الانتقالية. ولكن يقيني ، أنه لو استمر المجلس العسكري بكامل عضويته بلا مجلس سيادة ،وكون مجلس وزراء على هواه ، فإن ذلك لن يغير من حقيقة الثورة شيئاً . إنما ربما إبطاء في مسار تحقيق هدفها. أما الثورة نفسها فراجحة كاسحة.
على ضوء ما سبق ، فإنني أتعجب من حوارات في أديس تنتقل إلى القاهرة لتيمم صوب دولة جنوب السودان.للبحث عن نصوص تضاف ، وضمانات تتخذ. رغم أن الضامن الوحيد لكل ما تم حتى باعتراف اللجان المفاوضة للمجلس العسكري هو الشارع. فما الذي تخشاه الجبهة الثورية في وجوده ؟ لدى كل الشعب قناعة ، بأن الحركات المسلحة قد قدمت تضحيات جسام بناء على رؤيتها لمناهضة النظام. وأن رؤيتها قد أخفقت بعدم مقدرة كتائبها العسكرية على تغيير النظام. وأنها في ظل الواقع الدولي والإقليمي ، لم يتبق لها خيار إلا مفاوضة النظام البائد. وكان هذا ديدنها وخرج قادتها على الناس لإقناعهم بضرورة مراعاة ذلك . وما عادوا أدراجهم إلا بعد انفجار الثورة التي لم يتوقعوها.عليه فإن كل مواقفهم الحالية في تقديري ، تعبر عن أنهم لم يستوعبوا الثورة لا غير. عليه نرجوهم أن يؤمنوا بالشعب وثورته وطبيعة مرحلته ويراهنوا علي الشارع. دون البحث في جراب المفاوضين عن بقايا قد تحقق طموحهم.
معمر حسن محمد نور
[email protected]