مقالات وآراء

إطلالة على شباب الثورة من خلال نافذة الشعر

د. الفاتح إبراهيم / واشنطن

لقد امتاز هذا الجيل الثائر عن غيرة باستخدام أدوات ووسائل بالغة الأثر لخدمة قضاياه فاستحقت ثورته لقب “ثورة الوعي”.. لقد راينا بأم العين كيف وظف هذا الجيل وسائل التكنولوجيا الرقمية والفن بكل أنواعه من رسم وشعر وغناء وموسيقى لخدمة اهداف ثورته .. ولقد راينا الجداريات الباذخة التي سفرت عن جمالها الأخاذ ليزدان بها فضاء ميدان الاعتصام .. ولقد قام بعرضها مراسل صحيفة “الواشنطن بوست” ضمن تقريره المطول عن وقائع الثورة .. واذكر حين زار وزير الخارجية الألماني السودان أول شيء طلبه في برنامج الزيارة مشاهدة لوحات الفن التشكيلي والجداريات من أعمال شباب الثورة ولكن للأسف لقد تم تدميرها في “ليلة الغدر” التي نفذها التتار مغول القرن الواحد وعشرين .. ولقد سجلت ذلك في حينه في مقالة سابقة ..


أما النموذج الذي أود تناوله هنا هو اعمال الشاعرة وئام كمال الدين .. شاعرة شابة لا أعرف عنها كثير شيء إلا من خلال أشعارها الجريئة المفعمة بحب الوطن وانسانه .. هي من هذا الجيل الذي لا يفتأ يفاجئنا بأطروحاته الشجاعة الطموحة التي تشمل كل المجالات ولا يتردد في تقديم الغالي والنفيس من أجل إنجازها .. هؤلاء الشباب مستمرين في التحدي وهم على علم تام ان هناك من لا يتردد في ازهاق الروح التي حرم الله تعالى قتلها من اجل ان يقف عقبة في طريق ما يصبون إليه ..

وئام كمال الدين
وئام كمال الدين

هذه الشابة الجميلة شكلا وروحا وموضوعا وئام كمال الدين شاعرة مطبوعة وموهوبة وموفقة في اختيار موضوعاتها الشعرية .. انا متابع لاعمالها من وقت بعيد ومسجل لقصائدها من اول قصيدة سمعتها لها بعنوان “نقطة بتفرق” .. هذا جيل مصادم يقود البلد بوعي وايمان وعزيمة واصرار .. هذه الشاعرة عندما تنقشع الغمة ويتعافى الوطن ستكون أعمالها ذاكرة للثورة والوطن الجريح ..

لله درها من شابة تعبر عن أحاسيس ورؤى وطموحات هذا الجيل بلغة شعرية وخيال جموح مشوبا بالواقع وحالما بمستقبل زاهر .. لا شك ان صفاء النبع والمرجعية التي تستمد منها افكارها هي السر الذي يقف وراء هذه الاعمال الشعرية المطبوعة المفعمة بالعاطفة والحب لوطنها وانسانه..

لم أجد ما أصف به انفعالي بهذا الشعر وموضوعاته إلا ما كتبه الناقد الفذ العقاد عن الشعر المطبوع في كتاب “الديوان في الادب والنقد” حيث قال:
” ان المحك الذي لا يخطئ في نقد الشعر هو إرجاعه إلى مصدره فإن كان لا يرجع إلى مصدر أعمق من الحواس فذلك شعر القشور والطلاء، وإن كنت تلمح وراء الحواس شعورا حيا ووجدانا تعود إليه المحسوسات، كما تعود الأغذية على الدم ونفحات الزهر إلى عنصر العطر، فذلك شعر الطبع القوي والحقيقة الجوهرية وهناك ما هو أحقر من شعر القشور والطلاء، وهو شعر الحواس الضالة والمدارك الزائفة وما إخال غيره كلاما أشرف منه بكم الحيوان الأعجم” ..
ولا شك عندي أن شعر وئام وموضوعاته يقع ضمن هذا النوع من الشعر الذي أشار إليه الناقد الكبير الراحل عباس محمود العقاد ..

أورد هنا اقتباس من قصيدة “نقطة بتفرق” وقد ترجمت ملخصا لها وبعض أبياتها لطلابي الامريكان الذين يدرسون اللغة العربية في معهد اللغات في كاليفورنيا في درس القواعد .. وقد عرف الطلاب لأول مرة وبالدليل من هذه القصيدة ومفرداتها خطورة واهمية
التنقيط في اللغة العربية وأثره على تحديد دقة المعنى المقصود في الجملة ..
أورد هنا جزءا من القصيدة :

نقطة بتفرق
تزرع وسط (الزحمة) (الرحمة) وتقلب
(حن) العاشق (جن)
وتبني بدال ( البيت) (البين)
وتحول (طن) الريد لي (ظن)

أما قصيدة “الشارع الزاد آلامي” لولا ضيق المساحة لنشرتها كلها ولكن لا بأس من الاطلاع عليها كاملة في “النت” أو الاستماع لها من الشاعرة في “اليوتيوب”:
الشارع
شارع الجامعة
العلم الفكر الطالب
أستاذ و مناضل و وساير
في الميل الضاجي وصاخب
الصوت الصاح يا بلدي
ماضاع حق ليهو مطالب
و الركن الأثبت إنو
ميدان الطالب واسع

 

تعليق واحد

  1. لشارع
    شارع الجامعة
    العلم الفكر الطالب
    أستاذ و مناضل و وساير
    في الميل الضاجي وصاخب
    الصوت الصاح يا بلدي
    ماضاع حق ليهو مطالب
    و الركن الأثبت إنو
    ميدان الطالب واسع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..