البلاد في مهب الريح ( ١ )

يوسف السندي
لا يستطيع أحد أن يتكهن بمصير البلاد في ظل السيولة السياسية الراهنة، فالحقيقة المعلومة ان البلاد قد شهدت ثورة عظيمة ولكنها الآن في مفترق طرق لا تدري إلى أين المسير، يجتهد السادة في كابينة قيادة الفترة الانتقالية في توجيه مسار السفينة ولكن التحديات ضخام والمهام جسيمة والوضع معقد وبالغ الخطورة ويتوجب على الجميع ان ينظر نحوه نظرة عقل وتجرد لا نظرة مكاسب سياسية أو ذاتية.
على رأس التحديات التي تواجه البلاد ضعف الأحزاب السياسية، لا يوجد حزب سياسي سوداني في الوقت الراهن يمكن أن يطلق عليه حزب سياسي مؤسسي، جميعها أحزاب فوقية او نخبوية تفتقر لثقافة العمل المؤسسي وثقافة إشراك الجماهير وثقافة بناء الخطط الاستراتيجية والعمل المنظم، تابعت في الفترة الماضية جهد أحزابنا جميعها فوجدتها أضعف من أن تكون مؤهلة لقيادة البلاد إلى بر الامان، ليس هذا تشاؤما ولا تقليل قدر وإنما حقيقة، ولا ابريء نفسي وغيري من الناشطين من تهمة التساهل والانصراف عن دعم التغييرات المؤسسية داخل الأحزاب السياسية وتركها رهين لقيادات لا تملك من المؤهلات ما يعصم البلاد في أوقاتها الحرجة، بعد وفاة الإمام الصادق المهدي لم يعد في البلاد سوى نفر يعد على أصابع اليد من الساسة الذين يملكون مؤهلات إخراج البلاد من الورطة الراهنة ولكن المؤسف أن معظم هؤلاء على الرصيف نتيجة تخبط الثورة في بناء تحولها وفي تتابع مراحلها نحو تحقيق أهداف الوطن وليس أهداف التفشي والانتقام.
التحدي الثاني وجود الكفاءات السودانية في المهاجر وابتعادها عن قيادة التحول الخطير الذي يمر به البلد من الداخل، وافتقار الحكومة الانتقالية للإبداع والابتكار الذي يولد الفرص لاستيعاب الكفاءات المهجرية التي تمثل ٧٠% من قدرة السودان العلمية والعملية وربما اكثر والاستفادة منها في صناعة العبور السلام. غياب الكفاءات المهجرية مع الحملة التي تقودها الحكومة الانتقالية بفصل الكفاءات من الخدمة المدنية بداعي إنتماءها للنظام البائد يجعل البلاد عرضة للقيادة بانصاف المواهب وناقصي القدرات والمؤهلات مما يجعل البلاد برمتها في مهب الريح. مفهوم فصل عناصر النظام البائد من المواقع المهمة ولكن هذا الفصل يجب أن يسبقه توفير الحكومة لكفاءات قادرة على سد النقص الناتج عن فصلهم عبر إعلان الوظائف عبر مكاتب الخدمة المدنية واستقطاب الكفاءات من الداخل والخارج.
يتبع …
يأخي صرف النظر عن انفاقنا أو اختلافنا مع النظام البائد فإن فصل الموظفين عن طريق الكشوفات ودون محاكمة أو مجالس محاسبة ودون أن تعطي الشخص الحق للدفاع عن نفسه هذه ممارسة في غاية السوء وهي تدفع في اتجاه زيادة الاحتقان والحزازات والاحن، واستطيغع أن اراهن أن مشكلة السودان الاولى سياسية واذا لم تحل فانسى الاقتصاد والاستثمار والتنمية.. الخ.
انت تصنع من اناس معك داخل بيتك أعداء الداء كان يمكن أن تستفيد من الكثير منهم. ففي ثقافتنا السودانية فإن المعارضة تعنى العداء والحقد والانتقام و أن تدمر عدوك حتى ولو ادى ذلك لدمار البلد .
فصل الالاف من وظائفهم لدوافع سياسية بحتة وليست عدلية لن تعالج المشكل السياسي بل تعقده.. وفي أي لحظة من لحظات ضعف الحكومة سينقض عليها اعداءها من الداخل مدفوعين بروح الانتقام والثأر ولذلك لن تتقدم البلاد خطوة للامام وهي في حالة حرب داخلية وعداء أسود ممزوج بلغة الكراهية بدل من تحقيق العدل ومحاطكمة الظالم محاكمة عادلة وعمل مصالحة شاملة تخلص البلاد من سرطان الحقد الذي
يقول لي صديق زار السودان مرات عديدة من المهجر.. اذا كان البلد فيها من يفرح بارتفاع سعر الدولار لأجل اسقاط الحكومة كما يفعل المعارضون اليوم وكما كان يفعل حكام اليوم حين كانوا معارضة بالامس فالبلد لن تتقدم.. تتقدم فقط حين يكون الجميع في مصالحة مع أنفسهم ووطنهم!!!!!!!
مقال محترم وفيه الكثير من الحكمة والرؤية الثاقبة. ليت نغير منهج تفكيرنا ليكون منهجا تأمليا ناقدا بناء.
تشكر يا أستاذ على هذه الأفكار الواعية,