رجلٌ مُلهِم: ستكون على يده إزاحة أوساخ الكيزان وإبتدار ثورة الأنوار

في يوم الثلاثاء بتاريخ 23 /1 /2018 قرأت مقالا فخيما والذي نشر في صحيفة الراكوبة. هذا المقال للدكتور عمر الدقير إنه يسمو بالإنسان إلى مشهد حضاري ويأجج لهب ثورة الأنوار المرتقبة. ينشهد قادة ملهمين تنطبق عليهم صفات القيادة. هكذا يكون الخطاب من رجل سياسي ومثقف عميق. قد تكون أحوال البشر في رقعة بائسة خلقتها الأقدار لكي تصنع التغيير. إن كان السبب من وراء كل الغبن الذي يقع على عاتق المواطن في بلدي السودان هو رغيف الخبز أو غلاء الأسعار أو انتهاك الحريات أو الإرهاب السياسي والديني والتفرقة الإجتماعية , فهذه نفس الأسباب التي فجرت ثورة الأنوار في أوروبا والتي بدأت من فرنسا , أوروبا التي كانت أكثر ظلاما وجهلا منا الآن تنعم بالسلام والإزدهار.
قد نحس بتلك الطاقة التي تعبر من فكر رجل عميق يحتاجه السودان لتفجير كل الطاقات المسجورة. إن الثورة ينبغي أن تكون لها دوافع عميقة كي تحدث التغيير المنشود , كل العقول المشردة والمهجرة والشخصيات المبدعة الصادقة هي زخيرة الثورة القادمة. إن النفاق الديني الذي عانت منه أوروبا وكتب عنه الشعراء حينما كانت الدماء تسيل في الطرقات هو ذاك نفسه الذي فجر طاقات إنسانية بديعة وخلاقة. هذا البلد العظيم يحتاج من وراء العزيمة والإصرار إلى ضمائر صاحية وواقعية مشحونة بالإنسانية لكي تغير المشهد المشوه والذي أصبح مشهدا سياسيا فقط بلا أخلاق أو رؤى. وضاع التاريخ سدى وملهماته العظيمة. الحديث عن الإلهام هو الذي يلهب الجمال والنجاح والعدل. ومحاولات هذا النظام الظالم الجاثم على صدور أضناها شهيق وزفير البحث عن رغيف الخبز , صرف الناس إلى صراع بدائي منذ أن خلق الله البشر , وسياسة التجويع لن تستقر بالحكام على حال آمن , كما انقلب الحال على ملك حُمْيَر والذي اشتهر بالمثل المعروف “جوِّع كلبك يتبعك” ولكن أنقلب عليه الناس كالسباع المفترسة.
إن عقلية الظلام لا تنجب نورا وإن استمسكت نفاقا بالدين والتعاليم العقدية , وإنما ترسخ لصفحات أكثر ظلاما من تلك التي سبقت عصور الإنعتاق البشري من براثن النفاق المنافقين. تلك الأوساخ ومخلفات البيوت والمصانع والمطاعم التي تكتحل بها عيون حواضرنا ومدننا ما هي إلا ترجمة فعلية وعملية لأوساخ النفس ومعارضي الحضارة الإنسانية. ولكن البلهاء من الحكام لا يفقهون معنى المثل الهولندي الذي يقول: “إذا حبست القط أصبح أسدا” والذين يعاندون الأقدار بجهلهم وإصرارهم هم الخاسرون. الحضارة لا تبنيها البندقية وحب المال وامتلاكه , وقتل القيم الجميلة مهما طال الزمن لا تنتج إلا قبحا وتاريخا أسودا.
ذاك المقال الذي كتبه الدكتور عمر الدقير كفيل بزلزلة كيان الحزب الحاكم , وكفيل بإلهام الشعب الذي قتل العساكر أحلامه وطموحاته قصدا وجهلا. إن انطلاق الشرارة لا يحتاج إلى سماح أو استئذان , والدوافع الإنسانية أعمق وأقوى صيتا وصوتا. لقد أصبحت حياتنا مرهونة لأفكار السياسيين العدائية وخطط العسكر الفاشلة , والظلام الذي نعيشه يحمل في داخلة نَوَيات الإنعتاق والحرية إلى آفاق المستقبل الرحيب. لقد فشلت كل المحاولات الأيديولوجية لتدجين هذا الشعب ورغم ارتباطها بدعوات دينية لاستعطاف الشعب وهي في الأصل باطلة وتغالط قيم الدين. ولم تسعف مخططي النظام للنجاح وهذا هو الحال يغني عن السؤال. فالمرض السرطاني العضال لم يُسمع عنه أن تعافى منه صاحبه المريض إذ عجز الطبيب المداوي عن مداواته.
نواة الثورة القادمة هي إلتفاف حول المستقبل المدروس والخطط الحضارية وتفجير الطاقات الساكنة. سبل النجاح مرهونة بالقيم والأخلاق والعزائم. وإزاحة الأوساخ ترتبط بإنسان نظيف من الداخل يحدث نفسه كل يوم صباح مساء بقيم الطهارة من الداخل أولا. وإذا عبثت الكلاب بباب أحد من الناس فليعلم أنه لم يجعل الأوساخ والغذارة في مكانها الصحيح. وتلوث الأفكار من صميم هذه القذارة والخبث والحسد , وهي نفس القيم الذميمة التي تنبذها الأديان , ولعمري إن الذين ينادون بعكسها ويعملون بها هم في مزبلة التاريخ. الشعب الواثق الواعي المتحضر لا يصيبه اليأس إذا استشرى الفساد والظلم , فكل هذه الأقدار لنتعلم منها وتقوي عزائمنا وتصحح أفكارنا لنعمل عكسها.
هذا الرجل المثقف العميق تتدفق من بين كلماته القليلة المضيئة آلاف الأسباب للخروج من برك الإحباط إلى آفاق الضياء. وتلك المناشدة الرقيقة المتحضرة تؤسس لبناء صرح ممرد بالقيم النبيلة التي هي في الأساس أحصنة تقود عربة الطموح في جوف اللليل الخاوي إلى حيث منتهى ومقبع الأرواح الخلاقة. والذين يعرفون بأن الحكم هو السياسة الرديئة قد يتلمسون فقط هوامش الحياة والحكم. وما دوران الجمل وهو يجر رحى الزيت وهو معصوب العينين إلا دليل على أنه يمشي خبط عشواء إذا كان مفتوح العينين. فما الفائدة إذاً من الذهاب وراء معصوبي العيون؟
هذا الوطن تحرق كثيرا من أجل الأنوار , ولكن الشر لن يظل طويلا إذا كان الإيمان بفعل الخير سابق لأي عمل. هذا الوطن ينتظر الذين توافدوا على كل مرافق العلم والتعلم ونهلوا من العلوم أسماها ومن الأخلاق أبقاها. هذا الوطن ينادي لأن تتحول كل الطموحات الفردية إلى جماعية وتحمل المسؤولية التي هي واجب مقدس. هذا الوطن ينادي كل الشعب للتوحد وهو يصرخ متعذبا من حمل الداء العياء. يصرخ من أجل أن يلبسه بنوه سربال الحضارة والتطور والإزدهار. هذا الوطن الغني بمكوناته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتي ستجعل منه وطن بقيمة انسانه الشامخ , ينقصه المفكر الغيور الغيري لا السياسي الإنتهازي. هذا الصراع الذي نشهده في ساحة السياسة فاصل طويل من الظلام يدون أسوأ ما سيخطه التاريخ في سجلات تاريخ بلادنا والتي من قبل دون فيها أعرق الحضارات العالمية عن إنسان هذا الوطن. ينتظر هذا الوطن نار الإبداع أن تشعل وأسوار الظلام أن تكسر وقطبان الظلم أن تكسر. فليتدافع الناس كسيل عرم يمسح من ذاكرة هذا الوطن كل الخنوع والجهل. لا يستوي هكذا الحال فالجاهل يحكم والعالم ذليل. لا يستوي هكذا الحال فالعسكري يخطط بفشل كبير للاقتصاد والثقافة والرفاهية والعلماء يتحسرون ولسان حالهم يقول ليت بطون أمهاتنا لم تنجبنا.
اوساخ الكيزان لن يزيلها الا الطوفان طوفان كل قوي الشعب متحده مجتمعه بما فيها الدكتور المهندس المناضل عمر الدقير
اوساخ الكيزان لن يزيلها الا الطوفان طوفان كل قوي الشعب متحده مجتمعه بما فيها الدكتور المهندس المناضل عمر الدقير