أخبار السودان

دار (ششر) للأطفال .. صراعات تعصف بمصلحة ذوي الإعاقة (1)

 

 

بسبب الصراعات فقد (4) آلاف طفل الخدمات العلاجية بدار (ششر) للأطفال ذوي الإعاقة. واستقبلت الدار منذ نشأتها في العام 1973 (35) ألف حالة للأشخاص ذوي الإعاقة، ورغماً عن تجاوزاتها المالية والإدارية وإقالتها عقب تكوين لجنة تحقيق للجنة التنفيذية السابقة للدار، تم رصد (92) مخالفة مالية وإدارية، لتعود ذات اللجنة المتجاوزة لإدارة الدار بقرار وصفه أصحاب المصلحة بالمعيب وغير القانوني.

بالرغم من صدور قرار رسمي سابق بإعفائها وتكوين لجنة تسييرية لإدارة الدار من أصحاب المصلحة، إلا أن الإدارة السابقة إلتفت على القرار القاضي بإعفائها بطعن غير قانوني شابته عيوب إجرائية صدر في غياب الطرف الآخر أصحاب المصلحة، لتتم إعادة تدوير الإدارة السابقة بقرار مشوه، وفقاً لإفادات الأطراف المتنازعة.

(الديمقراطي) في المساحة التالية تستعرض أبعاد القضية بالاستماع لكل الأطراف ذات الصلة في حلقات متتالية، على وعد من إدارة الدار بتحديد موعد لإجراء حوار للرد على الاتهامات.

تحقيق – لبنى عبدالله

مصادر قانونية: هنالك سلطات عليا أعفت أربعة مستشارين لقتل الطعن

نشأة الدار

دار (ششر) للأطفال ذوي الإعاقة، أنشئت في العام 1973م، كمنظمة تطوعية وفقاً لقانون العمل التطوعي عبر منظمة بريطانية بواسطة الطيار (ششر) الذي كان يعمل كطيار قاذفات قنابل، ونسبة لتأثر العديد من المواطنين حول العالم بالحروب وفقدانهم لأجزاء من أطرافهم مما تسبب لهم في إعاقات دائمة، تكونت لديهم الحاجة للعلاج، فنذر هذا الطيار ثرواته لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة في كل بقاع العالم، وكان السودان من ضمن الدول المستهدفة. وتقع دار (ششر) للأطفال ذوي الإعاقة بمنطقة الطائف.

عدد المستفيدين

وفقاً لإحصاءات رسمية تحصلت عليها (الديمقراطي) من الإدارة السابقة، يبلغ عدد المستفيدين الذين استقبلتهم الدار منذ نشأتها (35) ألف حالة من الأشخاص ذوي الإعاقة. كانت الدار في الفترة السابقة تقدم الخدمات العلاجية مجاناً لكل الأطفال بولايات السودان المختلفة، لكنها في إدارة اللجنة التنفيذية أصبحت تتم بمقابل مادي.

أصحاب المصلحة

تقول مريم آدم، من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، إن الدار وفرت لها وظيفة في ظل عدم قبول المؤسسات الأخرى توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وأوضحت أنها كانت تعمل كمشرفة، ولكن عقب النزاع الأخير للجنة التنفيذية فقدت ذوات الإعاقة -والبالغ عددهن أكثر من خمسة- وظائفهن، مبينة أن هنالك عدداً من المبادرات كانت تشارك في صيانة الدار، عملت على تقديم خدمة مميزة للأشخاص ذوي الإعاقة بتسهيل الحركة داخل الدار، خاصة الذين يعانون من إعاقات حركية ويستخدمون الكراسي المتحركة (العجلات)، وتم تصميم الأرضيات لتسهيل حركتهم، خاصة لدخول المنافع مثل الحمامات، والدخول من البوابة. بالإضافة إلى توسعة العلاج الطبيعي بجلب معدات، وتهيئة المدرسة للأطفال، وتوفير مراتب للعنابر، وتركيب شاشة في استقبال العيادة للمرضى، والاهتمام بنظافة الدار عبر توفير سلال للنفايات، وتوفير المنظفات، مما انعكس إيجاباً على بيئة الدار التي كانت تعاني من التردي، وكذلك العمل على صيانة الكافتيريا. وتقول أيضاً: “عملوا على تأمين الدار من خلال تقليص عدد البوابات إلى بوابتين بدلاً عن ست، وتم تغيير أسقف المظلات والمرواح وأجهزة التكييف، فأصبحت الدار مثالية عقب استلام اللجنة التسييرية”، وأضافت: “بالرغم من تقدمنا بمطالبات للمفوض السابق لإقامة جمعية عمومية بدلاً من عودة اللجنة التنفيذية السابقة، كان يقدم لنا الوعود دون تحقيقها”. واتهمت المفوض الاتحادي بإعادة اللجنة التنفيذية السابقة للدار، وقالت إن هنالك أكثر من خمس زميلات من ذوات الإعاقة فقدن وظائفهن بسبب صراعات اللجنة التنفيذية السابقة في العودة لإدارة الدار، بالإضافة لذلك توقفت أهم الأقسام التي تقدم الخدمات، مثل: قسم العمليات، وقسم العلاج الطبيعي، والعيادة التي تستقبل الحالات. كانت العمليات تقدم مجاناً، ولكن بعض الأطباء اختلفوا مع الإدارة واشترطوا عودتهم بعقد جمعية عمومية تنتخب إدارة جديدة للإدارة حتى تعود الخدمات المجانية.

أعضاء الجمعية العمومية

ذكر أعضاء الجمعية العمومية في حديثهم لـ (الديمقراطي)، أنهم أبدوا رفضهم التام لتسليم الدار للإدارة السابقة، والتي أثبتت التحقيقات في الشكاوى المقدمة ضدها، وجود تجاوزات. وقام أعضاء الجمعية العمومية بكتابة مذكرة تم تسليمها لمفوض العون الإنساني، وجاء في المذكرة، وفقاً لإفادات بعض أعضاء الجمعية، أنه تمت مخاطبة المفوض، وأبدت الجمعية العمومية رفضها تسليم الدار للإدارة السابقة، وفي حال تم ذلك تتحمل المفوضية مسؤولية حدوث أي صدام. وأكد أعضاء الجمعية العمومية احترامهم للمحكمة الإدارية، وقالوا: “وفقاً للمذكرة، فإن الجمعية العمومية تقدمت باستئناف للقرار الصادر بعودة اللجنة التنفيذية السابقة. نحترم المفوضية باعتبارها جامعة لكل الكيانات”. وأكدت الجمعية العمومية ولجان المقاومة بالطائف العمل على مناصرة أطفال دار (ششر)، مع انتظار تنفيذ وعود المفوضية لعقد الجمعية العمومية، لجهة أنها صاحبة القرار في تسليم الإدارة لأيدٍ أمينة.

اللجنة التسييرية: استقبلت الدار (35) ألف من الأشخاص ذوي الإعاقة

رئيس اللجنة التسييرية

يقول رئيس اللجنة التسييرية لدار (ششر)، دكتور راشد التجاني سليمان، والأمين العام لمجلس الأشخاص ذوي الإعاقة، إن اللجنة التسييرية استلمت الدار في شهر (12) من العام 2019، على خلفية إقالة اللجنة التنفيذية السابقة، والتي تقدمت فيها العديد من الشكاوى بسبب تجاوزاتها المالية والإدارية. ونجم عن ذلك تكوين لجنة للتحقيق في المخالفات التي تمت في عهد اللجنة التنفيذية السابقة، وكونت اللجنة من: وزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم، والمفوضية، وكافة الجهات ذات الصلة. وذكر أنه -وبصفته الأمين العام السابق لمجلس الأشخاص ذوي الإعاقة- كان عضواً في اللجنة، وأن اللجنة خرجت بتوصيات استندت على وقائع وشهادات لأقوال مختلف الأطراف بالدار، سواء أكانوا من اللجنة التنفيذية المتجاوزة أو من الموظفين أو المستفيدين أو المتطوعين بالدار. وخلصت اللجنة لوجود مخالفات كبيرة وقعت من اللجنة التنفيذية السابقة، وأن لجنة التحقيق أثبتت وجود (92) مخالفة مالية وإدارية. وعلى ضوء المخالفات المثبتة، صدر قرار من المفوضية بحل اللجنة التنفيذية، وتكوين لجنة تسييرية مهمتها تسيير عمل الدار، والدعوة للجمعية العمومية، إلا أنه حدث تعيين جديد في منصب المفوض، وتسليم الإدارة لمفوض جديد كانت رؤيته استعجال عقد جمعية عمومية، ولكنه عاد ليقوم بتسليم الدار للجنة التنفيذية السابقة، وأرجع ذلك لتقدمها بطعن في قرار إقالتها.

4 آلاف طفل فقدوا الخدمة

يقول عضو الجمعية العمومية، والمدير التنفيذي لأطفال الاستسقاء الرأسي وثقب الأنبوب النخاعي، عبدالله عبدون، إنهم انضموا للدار في العام 2015، وإن هنالك 4 آلاف طفل يعانون من استسقاء الرأس، كانوا يتلقون العلاج بالدار. ولكن نسبة للصراعات والفساد، وتمسك اللجنة التنفيذية السابقة بإدارة الدار، فقد الأطفال هذه الخدمات العلاجية. وأوضح بقوله: “قابلنا مدير مكتب المفوض الاتحادي، وطلبنا مقابلة المسجل بغرض عمل لجنة مشتركة توافقية من اللجنة التسييرية واللجنة التنفيذية السابقة، حرصاً على عودة الخدمات بالدار، وافق الجميع عقب التشاور، وتم تقديمها للمسجل، لكنه لم تتم خطوة عملية بسبب تغيب بعض الأعضاء وعدم مقابلتهم المفوض، وظللنا نتردد على مكتب المفوض دون الوصول لنتيجة”.

عهد اللجنة التنفيذية المقالة

ذكرت عائشة، أم لطفلة تعاني من ماء في الرأس، متأخرة في المشي، في حديثها لـ (الديمقراطي)، أنهن كأمهات فقدن الخدمات التي كانت تقدم لأطفالهن. وقالت: “كانت الدار توفر الوجبات للأسر وأطفالهم عبر تبرعات الخيرين، وتوجد بالدار عيادة مجانية تتم فيها معاينة الأطفال. ولكن في ظل إدارة اللجنة التنفيذية، تقوم الأمهات بدفع رسوم المقابلة، ورسوم للعملية حال تقرر إجراؤها”. ووفقاً لمصدر طبي- فضل حجب اسمه- قال إنه عادة ما تتم العمليات للقدم الحنفاء، ومعالجة أوتار الأرجل بالتطويل، وأيضاً معالجة أوتار الحوض، كانت الخدمات مجانية بما فيها الفحوصات والصور، بالإضافة للتغذية المتكاملة للأطفال. ويوجد بالدار عنبران، وكانت الأمهات يدفعن رسوماً مقابل إقامتهن في العنابر، كما توجد بالدار ورشة للمعينات الحركية، حيث يتم تصنيع المعينات الحركية بواسطة الأشخاص ذوي الإعاقة. وذكر بعض العاملين بالدار سابقاً في حديثهم لـ (الديمقراطي)، أنه تم إقصاء رئيس اللجنة التنفيذية السابق لأطفال الاستسقاء الرأسي بسبب انتقاده للعمل غير المؤسسي بالمنظمة. وطالبت الجمعية العمومية الأخيرة بالدار بتوضيح بعض المعلومات الخاصة بالإيرادات والمنصرفات، منتقدين الصرف البذخي وقتها، خاصة شراء العربات، وكان هنالك عائد متبق من مبالغ عربة الاتحاد الأوروبي البالغ حوالي (14) ألف يورو، لا يعلم العاملون أين صُرفت.

الطعن الإداري

قالت مجموعة من الاستشاريين القانونين- فضلوا حجب أسمائهم- إنه، عملت بعض الأمهات العاملات بالمحاماة متعاونات مع الدار، وكانت اللجنة التسييرية التي تم تكوينها عقب إعفاء الإدارة السابقة، والذي تم بموجب مخالفات وتجاوزات تم إثباتها بواسطة لجنة مكونة من عدة جهات، وعقب حل اللجنة التنفيذية بواسطة المفوض، إنه تقدمت اللجنة التنفيذية السابقة بطعن إداري لدى المحكمة الإدارية. والصحيح أنه كان من المفترض أن تتقدم بتظلم للوالي والمفوض، وفي حال لم يتم الرد على تظلمها تلجأ اللجنة إلى المحكمة، ولكنها قفزت للطعن مباشرة بالمحكمة الإدارية، وفقاً لإفادة المستشارة القانونية التي كانت تتابع القضية، أنه عند الطعن يتم إخطار الجهتين المتنازعتين. ولكن الأمور في قضية دار (ششر) لم تسر بالصورة الصحيحة. وكان يتم إخطار موظفة في المفوضية تقوم باستلام الإعلان الخاص بجلسات المحكمة، وتعمل على إخفائه، وسارت الجلسات في غياب الطرف الآخر، الأمر الذي جعل سماع الدعوة يتم في غياب الطرف الثاني صاحب المصلحة، الأمر الذي جعل المحكمة تصدر قراراً لصالح الطرف المتجاوز، والذي تم إنهاء عمله بالمفوضية نتاج التجاوزات المذكورة. ولكن بعد سماع القرار انتبهت اللجنة التسييرية، وتم تقديم استئناف بواسطة المستشار القانوني لوزارة العدل، ممثلاً لوزارة الشؤون الاجتماعية عن دار (ششر) للأطفال ذوي الإعاقة ضد القرار القاضي بعودة اللجنة التنفيذية السابقة. وتمت المطالبة بإعادة سماع الدعوى، وتم تغييب بعض أعضاء اللجنة التنفيذية عن الحقائق وتضليلهم بمعلومات غير صحيحة، أمثال الأستاذ قاسم بدري، والذي يثق فيه الأشخاص ذوو الإعاقة، لحياده ووقوفه مع أصحاب المصلحة، ولكن تم رفض استلام الاستئناف من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية بهدف تحريك الطعن المقدم من اللجنة التنفيذية، وكان الأجدى أن تستلم الطعن وتقدم دفوعاتها. وذكرت أن مستشار وزارة العدل بعدها ذهب لمتابعة القضية واستلام الملف، لكنه تفاجأ بنقله إلى موقع آخر، وقال إن ملف القضية ستقوم باستلامه مستشارة- لم يسمها- وتقول المستشارة القانونية للجنة التسييرية للدار: “تواصلتُ مع مستشارة وزارة التنمية الاجتماعية، كانت متحمسة للقضية، وكان من المفترض أن تتابع القضية، لكنها للأسف تم إعفاؤها، ووصل عدد الاستشاريين الذين سعوا لمتابعة القضية الخاصة بالطعن في قرار إقالة الإدارة لأربعة مستشارين، الأمر الذي جعلهم يحسون أن هنالك سلطة خفية نافذة تقف وراء تجميد الطعن حتى لا يكسب أصحاب المصلحة القضية”. وذكرت أن سبب إقالة اللجنة التنفيذية السابقة التقرير الذي ثبت من خلاله فساد بعض منسوبي اللجنة التنفيذية السابقة، وكشفت عن اختفاء الملف الخاص بالتجاوزات من وزارة العدل، الذي أثبت وجود فساد مالي وإداري، وهو ما عجل بإعفاء أعضاء اللجنة التنفيذية السابقة، والتي التفت على قرار إعفائها بالعمل على تتريس ملفات القضية والعودة مرة أخرى لإدارة الدار، ولكن لحسن الحظ أن أصحاب المصلحة من الأشخاص ذوي الإعاقة ومنسوبي اللجنة التسييرية لديهم صور من التقرير تم الاحتفاظ به من قبل بعضهم. وقالت إن الطعن إذا أخذ طريقه الصحيح في التقاضي كان يمكن لأصحاب المصلحة أن يكسبوا القضية، وطالبت بفتح بلاغ جنائي بالاستفادة من الطعن الذي كان في العام 2020 وصورة التقرير، واتهمت الشؤون الاجتماعية بالتقاعس والمشاركة في تجميد القضية، وتساءلت بقولها: “لمصلحة مَنْ يتم ذلك؟!”.

 

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..