لا كبير على الثورة

عبدالدين سلامه
فاجأنا مجلس السيادة بمافيه شقّنا المدني ، وأيضا قواتنا المسلحة التي تفرّق حتى الآن دم قتلى ثورتنا في ميدانها العامر أمام بوابتها التي تحوّلت في لحظة الغوث لحائط سدّ منيع تكسرت دونه كل صيحات استغاثة من شهدوا تلك الليلة الأرعب في تاريخ وطننا الجريح ،ببيانيين يدينان ماقام به صبية الحتانة الرجال اليافعون ـ ومن يفترض أنها قوات شعبنا المسلحة هددت بالاحتفاظ بحقها في التقاضي ، كما انبرى الكثير من المثقفين والكتاب لمناصرة الفريق الكباشي والتحامل على من يفترض فيهم أن يكونوا حاضر ومستقبل البلاد .
وبعيدا عن الرأي المجرد فيما حدث ومن هو المخطيء ومن المصيب ، فإن هؤلاء الفتية هم إخوتنا وأبناءنا ، وكنت أتمنى أن يكون بينهم إبن مسؤول رفيع في الحكومة أو الجيش لأن وجوده كان على الأقل سيربك حسابات المواقف الإرضائية في سودان ثورة قالت لا ( للغطغطة والدسدسة ) ومرحبا بالشفافية والصراحة المطلقة .
جيش المدافعين عن الفريق الكباشي ساقوا مبرراتهم لما ذهبوا إليه ، وهي مبررات منطقية في عديد من جوانبها ، وجانب آخر منها تفوح منه رائحة الفتنة والتّشفي ومحاولات دفع التأزيم ، غير أن مجلس السيادة والقوات المسلحة والجيش الجرار من المنتقدين لماحدث للكباشي ، لماذا لم نسمع لهم صوتا أو نحس لهم موقفا ومعظم الشخصيات السيادية يتم انتقادها علنا على وسائل الاعلام والأسافير والمجالس في كل يوم وساعة ، ويقال عنها مالم يقله مالك في الخمر ؟؟ أين هي تلك المجموعة وأعضاء مجلس السيادة أنفسهم يتعرضون للانتقادات بمن فيهم البرهان والتعايشي وخالاتنا العزيزات ؟؟ أين هم وحمدوك يوصف في كل يوم بالضعيف والإنحراف ويطالبه البعض بالاستقالة والرحيل ويصفونه بالخائن ؟؟ أين هم عندما تعرض أكرم والبدوي ومدني وفيصل والبوشي وغيرهم لانتقادات معظمها بلا أساس ؟؟، وأين هي أصواتهم ومعظم الشخصيات السيادية توصف بالتخوين والعمالة ، وحميدتي والبرهان وغيره يتم اتهامهم صراحة بفض الاعتصام حتى قبل صدور نتائج لجنة أديب سواء صح القول أو لم يصح ؟؟؟
الكيل بمكيالين لن يخرجنا من أزماتنا ، ولامسؤول في سودان مابعد الثورة سيكون فوق النقد ، ومن لايريد التعرّض للانتقاد أو الاساءة ، إما أن يجلس في بيته ، أو يستوعب طبيعة أن تكون مسؤولا ، فالمسؤول عامل عند شعبه ، وفي حال تقصيره أو ضبابية مواقفه أو إنحرافه ، عليه أن يتحمل المصارحة مهما كانت قاسية ، ولو لم يعجبه الوضع ، فعليه المغادرة غير مأسوف عليه .
كباشي حينما تعرض لما ندين كل الجانب المظلم منه ، لم يكن يرتدي بزّة القوات المسلحة ، ولايلبس شعار المجلس السيادي ، ولم يكن الحدث أثناء ساعات العمل ، ولكنه كان كباشي المواطن الذي يرتدي الزي الملكي الكامل بمافيه العصا المدنية لا العسكرية القصيرة الغليظة ، والشباب لم يتحدثوا معه بأي لقب من الألقاب بل كانوا يقولون كباشي ( حاف ) حتى بدون ذكر الرتبة العسكرية ، وهي رسالة ذكية منهم لم تلتقطها تلك الجهات العليا التي أمرت مسؤول شرطة المحلية بالقبض عليهم ، وهو جرح آخر في جسد الثورة ، فعهد جهات عليا تأمر بمثل هذا الأمر قد ولّى لغير رجعة ، والقانون وحده هو من يحق له تقييد حرية المواطن ، وإلا فإن ثورتنا لازالت تحتاج ثورة .. وقد بلغت
عبدالدين سلامه
[email protected]