الزراعة في نيام نيام

الزراعة في نيام نيام

فيصل محمد صالح

كتبت مرة عن السودان الإفتراضي، ذلك السودان الآخر الذي يزينه لنا البعض بديلا عن سودان الواقع الذي نعيش فه. في السودان الافتراض تمضي الحياة بكل سهولة ويسر، بلا مشاكل أو تعقيدات، الأوضاع الاقتصادية متحسنة، والمعايش متيسرة، والمواصلات “فااااضية” على قول عادل إمام، والحكومة تقول لنا كل مرة “ارخوا الحزام…ارخوا الحزام”
ربما يقول قائل إن بعض هؤلاء المسؤولين يتلقون تقارير زاهية من مرؤسيهم فيصدقونها، ثم يخرجون للناس لينقلوا لهم هذه الصورة، وهذا في حد ذاته ليس عذرا، ولكن لو افترضنا ذلك، فماذا عن المسؤولين الذي يفبركون هذه التقارير لأنفسهم؟
عندما بدأت سياسة التحرير الاقتصادي كان عرابها وفيلسوفها يقدم ويبرر لها بالقول إن مسالة الدعم غير موجودة في كل العالم المتقدم والمتحضر، وإن حتى أمريكا وبريطانيا لا تدعمان التعليم والصحة، ثم يرفق ذلك بابتسامة تملأ أوداجه المنتفخة من عطيات دولة الرفاهية في بريطانيا التي أسسها حزب العمال وأنتجت واحدا من أفضل نظم الرعاية الاجتماعية والصحية في العالم. لكن الرجل كان يكذب ويظن أنه الوحيد الذي شاهد بريطانيا وأمريكا وعاش فيها، بينما بقية خلق الله حدهم الحصاحيصا والدمازين.
لكن ربما للرجل عذره حيث انه يتحدث عن أماكن بعيدة بعض الشيء، وربما لم يشاهدها الكثيرون، لكن ما بال بعض رفقائه الذين يحدثوننا عن بلادنا التي نعرفها “جوة وبرة”، وكأنها بلاد أخرى، يتمطى أحدهم على صفحات الصحف أو على أثير الإذاعة وشاشة التليفزيون ليحدثك عن الفتوحات العظيمة والانجازات الضخمة، و”النقلة التي نقلت بلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة!” وكأنه يتحدث عن السويد والنرويج.
وهل أتاك حديث وزير الزراعة الذي يتحدث عن ارتفاع الإنتاجية في مشروع الرهد بعد أن باعه جهارا نهارا “ولا حد كلمه” أو قال له “تلت التلاتة كام”. ولأن مشروع الرهد ليس في اسكندنافيا، وإنما هو على مبعدة عشرات الأميال من مدني، مثلا، فإن المعلومات متوفرة رأي العين وليس بالسمع فقط. ولأننا لسنا من كوكب المريخ ففينا مزارعون وأولاد مزارعين، وإن عدمت في الأسرة ففي الجوار متسع. مشروع الرهد الآن في حالة من “لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى”، ونتائج الموسم الزراعي يهتف بها المزارعون المغلوبون كل يوم، فمتى أصبح المشروع جنة بلال؟.
ثم يحدثنا الوزير عن نجاحات مشروع الجزيرة الذي يصرخ أهله ويستغيثون، ويكتب عنه بأسى الدكتور عبد اللطيف البوني، وهو مزارع إبن مزارع، لا يزال يسكن “اللعوتة” وحواشته على مرأى النظر منه، فهل نصدقه أم نصدق المتعافي؟.
مشروع الجزيرة ضحية جريمة ارتكبها مسؤولون كبار لا زالوا يرتعون في مواقع السلطة، والتقارير عن ما حاق به موجودة ومتوفرة، واجتماعات ومؤتمرات المزارعين ضحايا السياسات الخاطئة لا تكاد تنفض إلا لتعقد من جديد، فليحدثنا إذن السيد الوزير عن مشروع آخر في بلاد نيام نيام أو عن نجاح حققه في زراعة البنجر في بنغلاديش، رغم انها ليست بعيدة، وليحترم عقولنا وأفهامنا ويترك لنا ما تبقى من “فشفاش”.

الاخبار

تعليق واحد

  1. سبحان الله .. دا كلو ولسع عندك باقي (فشفاش) فشفاش الشعب السوداني اتفشفش من زمان.
    إلا الناس الفشفاشم من بلاستيك.

  2. حرام عليك يافيصل .. ليه ذكرتهم بي فشفاشنا .. هسي يجو يعملوا ليك عليه ضرائب ولا مؤتمر ..
    ما تم تدميره في الجزيره لايقل عن تدمير القذافي لبنغازي .. بس الغزافي بطائرات وديل بسياسات مقصودة .. المقصود منها الثراء لبعض الاشخاص الذين ليس لديهم فشفافيش ولكن ليهم كروش وحاجات تانية شبيهه

  3. يا خوي مشروع الجزيرة أنتهى عندما استلم الشيخ علي عثمان ملفه – وهو معلوم أن أي ملف يمسكه الشيخ سبحان الله يكون على الله العوض ومن الله العوض – في الأول قالوا الروابط لتدير مشروع بهذا الحجم لأنها قامت بذلك في دولة المغرب .. وقد ثبت فشلها في مشروعنا لأنها ببساطة لاتعلم عن أصول الإدارة شيء .. أها الباقي ليكم شنو تجربوها في رأس اليتيم ده … الحل كما هو متبع في مثل هذه الحالات هو بيعه لناس ود بدر ليتبع أخته سودانير ومن ثم باقي السودان إن أمكنا . ومدد يا ود بدر تلحقنا وتفزعنا وتخوفنا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..