حديث الثورات: يا نسوق .. يا نرضِّع السوَّاق!ا

غرباً باتجاه الشرق

حديث الثورات: يا نسوق .. يا نرضِّع السوَّاق!

مصطفى عبد العزيز البطل
[email][email protected][/email] —————————————————————————-

(1)
حبيبنا الدكتور عبد الوهاب الأفندي له مشكلة مستعصية مع نظام الانقاذ. فبعد أن تعب من مناصحة النظام الذي والاه فى عهده الأول، ثم ندم علي موالاته ندامة الكسعي، فإنه استدار دورةً كاملة، ثم أخذ يُرسل – من مكتبه في جامعة ويستمنيستر بلندن – حمماً بركانية في شكل مقالات تهدد وتنذر الحكومة القائمة، وتحرِّض شعب السودان على ركوب قطار الثورة. وقد قرأت إحدى مقالاته الأخيرة بصحيفة “الأحداث”، فكاد شرر الثورة المتطاير من ثنايا المقال يحرق ملابسي. وداخلني شيء من الشك في أن مصمم صفحة الرأي قد أخطأ فنشر مقالاً لحبيبنا الثاني فتحي الضو، تحت اسم عبد الوهاب الأفندي، فحادثت فتحي لفوري مستجلياً الأمر، ولكنه أفادني بأنه أقلع عن الكتابة للصحف الخرطومية بعد أن تسلم عبد الوهاب راية الثورة وأمسك بدفتها. ولا جدال فى أن عبد الوهاب أولى من فتحي بقيادة الثورة القادمة وتغيير نظام الانقاذ. فى الحكمة الشعبية عند اخوتنا فى شمال الوادي ( اللى يحضّر الجن يعرف يصرفه). وحبيبنا الافندى كما هو معلوم واحد من العصبة التى حضّرت جن الانقاذ، فهم اذن الاقدر على صرفه!
(2)
وقد استفحل داء الثورة عند الأفندي فأخذ – الى جوار “الأحداث” محلياً، يملأ صفحات “القدس العربي” اللندنية، الواسعة الانتشار، بمقالات نارية أخرى يحرض فيها الشعوب العربية أيضاً ويدعوها للانتفاض على حكامها. وإن لم تلقَ جهود عبد الوهاب الثوريَّة نجاحاً ذا بال على جبهة السودان، على الأقل حتى الآن، إلا أن جبهة العربان تفاعلت مع نداءات الثورة التي انطلقت من عقالها فملأت العالم العربي من أدناه الى أقصاه. وأخذت أخبارها تشغل حياتنا، إذ تترى علينا أخبارها، كل يوم، وكل ساعة، وكل دقيقة، من مقر مجلس قيادة الثورة العربية، في قناة الجزيرة بدولة قطر!
(3)
شملت الثورات العربية إذن بلداناً وأغفلت أخرى، من بينها السودان. وتخلُّف السودان عن ركب الثورات العربية يجدد الشكوك التي ظلت تراود البعض – وأنا منهم – حول عروبتنا المزعومة. ومهما يكن من شئ فقد طمأنت عبد الوهاب، إذ حادثته مؤخراً، وجهدت في أن أخفف عنه حالة الإحباط، وأن أُذهب عنه هواجس تأخر الحمل، في الحالة السودانية. وهو تأخّر يصعب تبريره بالنظر الى أن العروس السودانية ليست بكراً، بل عزباء، سبق لها الزواج والإنجاب مرتين. قلت في مقام تعزية صاحبي وتسليته: لا تبتئس. فكما أن الزواج قسمة ونصيب، كذلك الثورة قسمة ونصيب. والمثل يقول: “كل ثورة وليها كيَّال”. وعبرت له عن قناعتي بأن الثورة السودانية المرتجاة لا علاقة لها بالثورات التي اصطلحت الصحافة العالمية على تسميتها بـ”الربيع العربي”، وما ينبغي لها أن تأتي في متنها، أو على حواشيها، أو في أعقابها. فنحن لسنا عرباً، بل أفارقة. وستأتي ثورتنا – إن شاء الله – ضمن ثورات “الربيع الإفريقي”. المهم ان نتجمّل بالصبر. والصبر مفتاح الثورات. وقد صبر المصريون على حبيبنا حسنى مبارك ثلاثون عاماً، وصبر الليبيون على معمر أبومنيار القذافى اثنان واربعون عاما، وصبر اليمنيون على الرئيس صالح ثلاثة واربعون عاماً، فكيف نريد للثورة ان تندلع فى السودان ورئيسنا المفدّى عمر البشير لم تتجاوز سنواته في الحكم واحد وعشرون عاماً؟ هل فهمنا الآن لماذا لم يكن السودان جزءاً من “الربيع العربي”؟ الربيع العربي يا سادة له خصائصه الذاتية وقوانينه وشروطه. ووفقاً لتلك الخصائص والقوانين والشروط فأن ليل رئيسنا المفدّى المشير عمر البشير فى السلطة ما زال طفلاً يحبو!
(4)
وقد وقفت مع صاحبي مطولاً عند تحليله لأسباب تعثر بعض الثورات العربية، كما هو الحال في سوريا وليبيا واليمن، وحالة الوجل التي أصابت البعض بسبب اضطراب الثورة التونسية ودخولها الى مضيق وعر جراء النزاعات بين قادتها وكادراتها حول قضايا الحكم والدولة. ثم حالة التوتر السياسي في مصر، بعد أن تعثر فيها مؤخراً “مؤتمر الحوار الوطني”، الذي ترأسه رئيس الوزراء السابق عبد العزيز حجازي، حتى قال عنه أحد القضاة السابقين، معبراً عن مشاعر الامتعاض والمرارة: (ده مش الحوار الوطني. ده الحمار الوطني)!
ولكن الروح المعنوية لصاحبي عبد الوهاب – أصلحه الله وأصلح به – بلغت عنان السماء عندما تناهت إليه الأنباء عن بوادر الثورة في المملكة العربية السعودية. وهو مُحق. فإذا كانت الثورة قد اشتعلت جذوتها في بلد مثل السعودية، ألا يعني ذلك أن اندلاع شرارتها في البلدان الأقل تخلفاً، ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، يكون أمراً لازماً ومحققاً. مسألة وقت لا أكثر. أليس كذلك؟!
(5)
بخلاف ثورات تونس ومصر واليمن وسوريا التي افترعها الشباب، فإن ثورة السعودية جاءت مختلفة في طبيعتها وتوجهاتها بعض الشيء. وهو اختلاف تسعه ضرورات التباين في مستويات التطور السياسي والاجتماعي بين شتى بلدان العالم العربي. رأس الرمح في ثورة السعودية هم النساء لا الشباب. وإن كان الإصلاح السياسي، أو بالأحرى التغيير السياسي الجذري، هو موضوع ثورات الربيع العربي وغايتها، فإن موضوع الثورة السعودية وجوهرها هو السماح للنساء بقيادة السيارات. ولا يستخفّن أحد بثورة السعودية، ومطالب نسائها. لا يجهل خطورة الأمر إلا الجهلاء الذين لا يعرفون أن الثورة اندلعت في تونس، أم ثورات الربيع العربي، بسبب خلاف حول سيارة كارو تدفع باليد، كان يبيع عليها الشهيد محمد بوعزيزي البطاطا والباذنجان والفلفل الأخضر. فما بالك والنزاع هنا حول قيادة سيارات فورد وشيفروليت، وكاديلاك، ومرسيديس وليكزس؟!
(6)
جاءتنا بشائر الثورة السعودية من مصادر صحفية واعلامية متواترة. ولكنني وقفت تحديداً عند الأنباء التي أوردتها مواقع الكترونية سعودية، إذ قرأت في حمأة هذه الثورة، التي تولت كبرها نساء المملكة، تقريراً صحفياً بعنوان “يا نسوق يا نرضّع السواق”. وهذ العنوان هو في الواقع شعار الثورة المباركة التي حملت لواءها عدد من المنظمات النسائية. بحسب التقرير السعودي فإن الشعار يمثل في ما يبدو التفافاً ذكياً على دعوة سابقة للشيخ عبد المحسن بن ناصر العبيكان إلى “رضاع الكبير”، لتلافي معضلة الاختلاط التي تهدد مجتمعات السعودية. جاء في التقرير: (وتأتي هذه الحملة عطفاً على الجدل الذي أثارته فتوى الشيخ العبيكان حول جواز إرضاع الرجل الكبير إذا احتاج أهل بيت ما إلى رجل أجنبيّ يدخل عليهم بشكل متكرّر، وإذا كان هو أيضاً ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبّب لهم إحراجاً، وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجات، فإن للزوجة في هذه الحالة حقّ إرضاعه).
وكان عدد كبير من السائقين والعاملين في القصور ودور الموسرين السعوديين، من السودانيين والعُربان بعامة، وبني جلدتي من النوبيين بخاصة، قد استبشروا خيراً بهذه الفتوى، بعد أن عرفوا للإسلام وشريعته الغراء معانٍ سامية، ومضامين ثرية، كانت قد غابت عنهم. ثم تهيأوا للرضاعة، على سنة الله ورسوله، ومذهب الامام العبيكان. إلا أن أغلب هؤلاء أُصيبوا بخيبة أملٍ فادحة إذ استدرك الشيخ العبيكان فتواه ببيان لاحق أوضح فيه: (أنّ الرضاع لا يكون بلقم الثدي مباشرة، بل “تحلب المرأة في إناء، ثمّ يشربه الرجل بعد ذلك” كما نصّ عليه أهل العلم كابن عبد البرّ وابن حجر)!
(7)
جاء موقف الناشطات السعوديات واضحاً وصريحاً وحاسماً وهنَّ يعلنّ عن انطلاقة “ثورة السيارات” في المملكة، ويخيّرنَ أزواجهن وآباءهن بين حلين: إما أن يسمحوا لهن بقيادة سياراتهن، وإما أن يدعوهن يرضعن سائقي سياراتهن منعاً لحرمة الاختلاط! الأمل معقود أن تصل ثورة النساء السعوديات الى أهدافها. صحيح أن أهداف الثورة ومطالبها محدودة نسبياً، مقارنة بثورات الربيع العربي الأخرى. ولكن لا بأس. كل شعب ميسّر لما خُلق له. والثورات خشم بيوت!

عن صحيفة “الاحداث” –

تعليق واحد

  1. الاستاذ البطل مقال رائع خفيف الظل يذكرني بالاستاذ ابوجعافر فهو من عندكم ، نفس خفة الدم وسخرية النوبي المحببه للنفس ، والثورة سعودية ومادونها تغيرات سياسية ! ! لك التحية استاذي

  2. لكل ثورة فتيل و شرارة
    فتيل ثورتنا مليان وقود— ولا ندرى ماهى شرارتنا؟…الشرارة مجتاجة تضحية والتحضية محتاجة لايثار والطغمة الحاكمة شادهة الناس على ان لا يجتمعوا على الالتفات لبعضهم والايثار…
    الشرارة عوزة بطل يا بطل
    لك التحية
    والله يحفظ الوطن ويوعدنا بغد مشرق

  3. الافندي عاوز يكفر عن ما ارتكبوا في حق الشعب السوداني …..
    لكن الثورة السودانية اذا تمت لم تكن كوادر الحركة الاسلامية المطرودين من السلطة جزء منها ……..
    لكن تابع لينا الثورة السعودية لانها مهمة !!!!!!!!! وشوف اختاروا شنو اسوقوا و لا ارضعوا السواق ……. وابقي كلمنا

  4. تحية يا مصطفى ،، أوقفني في مقالك الآتي ( وكان عدد كبير من السائقين والعاملين في القصور ودور الموسرين السعوديين، من السودانيين والعُربان بعامة، وبني جلدتي من النوبيين بخاصة، قد استبشروا خيراً بهذه الفتوى)
    مالك يا أخي شاطح كده وناطح على أهلنا النوبيين وكأنك المدعو زكريا حامد صُحيفي جريدة ألوان المسنود بقرابته مع فتحي خليل.. معذره على هكذا التشبيه، أبرأُ بكم من سفاهات زكريا ومتاهات جريدة الوان..
    حقيقةً لا أرى في سياق المقال داعياً لإقحام أهلنا في مآخذكم على الأفندي.. يا مصطفى نحن النوبيون في التاريخ والحاضر أهل الأمانة وصحوة الضمير،، مُحصننو ن عن مَعاصي الذوق بالفطر والثقافة ، محجوبون عن الفواحش ومشوهات السمعة . يا مصطفى ليس في مجتمعنا ولله الحمد سجل في جرائم جنائيات الأخلاق .. ما عندناش تحرشات المحارم ولا قصص الإنحرافات والتي قد قيل أنها كانت من أسباب ثورة المهدي..
    يا مصطفي يا أخي ما قلت أنك نوبي حلفاوي خالص،، مالك على أهلك.. حلال عليك تخفيف ظلك كما تشاء،، كل شيئ إلا الطعن واللمز والسخرية في قومك… أهلك قد كان إئتمانهم على البيوت والسرايات والشركات لأنهم الصادق الأمين،، كيف تسمح لقلمك الجاسر بالشتيمة… نحن من أمةٍ مُعافاة من كل شائبة ليس فقط من باب الحرام والحلال بل لاننا انحن المصطفون " شعب الله المختار" أنت مطالب بمقال كارب لا يقل عن العشرين صفحة تُكَفر بها عن ذلة قلمك في هذا المقال.. لعن الله على الإنقاذ وأربابها وحواريها الأولين واللاحقين الخلوك تطلع من … وتكيل لأهلنا وتزدرئ بأخلاقهم.

  5. (العروس السودانيه ليست بكرا وسبق لها الانجاب مرتين ) . اخشي ان تكون العروس السودنيه شاخت بعد سنوات الانجاب السابقه و …………….. قطعت . الله يكضب الشينه .

  6. اول مره الواحد يحس انو ما معا ثورة!! ايوه الثورة السعودية!! فنحن نرحب بالخيار الثاني!! واهو رضاعة حلالا بلالا!!!!;) ;) ;) ;) ;)

  7. ده انت طلعت اى كلام ياخى

    بعد ردك على المحبوب افتكرنا القبه تحتها فكى

    لكن طلعت واحد وصولى واخبار مينوسوتا معانا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..