إنهم يقولون ما لا يفعلون

روى ان ابا نواس الحسن بن هاني الشاعر المشهور حضر مجلس الهيثم بن عدي في حداثته.. والهيثم لا يعرفه فلم يستدنه ولا قرب مجلس فقام مغضباً فسأل الهيثم عنه فخبر باسمه فقال انا لله! هذه والله بلية لم اجنها على نفسي قوموا بنا اليه لنعتذر فصاروا اليه، ودق الباب عليه وتسمى له فقال ادخل.. فدخل فإذا هو قاعد يصفي نبيذاً له وقد اصلح بيته بما يصلح به مثله.. فقال المعذرة الى الله تعالى واليك والله ما عرفتك وما الذنب الا لك حيث لم تعرفنا بنفسك فنقضي حقك ونبلغ الواجب من برك. فأظهر له قبول العذر.. فقال الهيثم استعهدك من قول يسبق منك فيّ فقال ما قد مضى فلا حيلة فيه ولك الامان فيما استأنف فقال وما الذي مضى جعلت فداك؟ قال بيت مر وانا فيما ترى يعني غضبان« قال متنشدا بيته فدافعه فألح عليه فأنشده:
يا هيثم بن عدي لست للعرب
ولست من طئ الاعلى شغب
اذا نسيت عديا في بتي ثعل
فقد الدال قبل العين في النسب
يريد دعي وهو المشكوك في نسيه
فقام من عنده ثم بلغه بعد ذلك بقية او ابيات وهي للهيثم بن عدي في تلونه
في كل يوم له رجل على خشب
فما يزال اخا حل ومرتحلا
الى الموالي واحيانا الى العرب
له لسان يزجيه بجوهره
كأنه لم يزل يغدي على قتب
كأني بك فوق الجر منتصبا
على جواد قريب منك في الحسب
حتى تراك وقد درعته قمصا
من الصديد مكان الليف والكرب
لله انت فما قربي تهم بها
الا اجتليت لها الانساب من كثب
٭ فعاد الهيثم الى ابي نواس وقال له: يا سبحان الله اليس قد آمنتني وجعلت لي عهدا ان لا تهجوني!
فقال انهم يقولون ما لا يفعلون.
٭ من كتاب طرائف من التراث العربي.. اعداد عبد الامير علي مهنا.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة