بنوراما بنت من جوبا (2)

كانت الساعه تميل الي الثامنة مساء ، عندما قرر مصطفى إبن عم امين أخذه في نزهة قصيرة داخل العاصمة حتى يتعرف امين علي الخرطوم هذه المدينة الجميلة ، المحظوظه و المهملة حتى يتعرف على جمالها و معالمها . أدار مصطفي مفتاح السيارة و انطلق بسرعة جنونية.
سأله امين الي اين سنذهب؟ صاح بأعلى صوت الي المكان المقدس ، نظر إليه امين بتعجب
فما كان من مصطفي إلا أن قال هناك حيث يولد للحياة نيل ، حيث ينسج ضو القمر مع أمواج البحر خيوط من النور ، بهذه الخيوط يمكنك أن تصنع سلمآ و تصعد الي السماء و تنسى شقاوة يوم كامل . ما كان من امين إلا أن أعاد نفس النظره مرة أخرى.
في الناحية الأخرى من جنوب هذا البلد كانت عجلات السيارة تسير ببطء بسبب الطين و الوحل فالامطار ما زالت تهطل ولم يتبقى الكثير حتى الوصول إلى المطار.
كانت ساره تتأمل في سكوت جمال هذا البلد الذي مزقته الحروب و الصراعات القبلية ، لم تكن تتوقع أن تكون جوبا بهذا الجمال ، رغم تواضع إمكانياتها على مستوى البنية التحتية و الخدمات الأساسية ، إلا أن الخضره في كل مكان ، أشجار المانقو و أشجار الموز تحيط بالطريق ، المباني نصفها قائم و النصف الاخر آيل للسقوط ، وفي عيون الناس يوجد حلم جميل ما تبقي له الكثير حتى يولد علي أرض الواقع.
صعدوا جميعا الي الطائرة المتجهة نحو مطار الخرطوم اتخذت ساره من المقعد المجاور للنافذة مكان لها ، رأت جوبا من أعلى فكانت تبدو أكثر جمالا، حيث الطبيعه الصامته و غابات من الابنوس و الأشجار الخضراء و الوادي الكبير يسير في حنو نحو الشمال ، وهنالك ترقد جوبا و ملكال على الشاطي.
كان صوت امها عاليا وحاد كعادتها ، نغادر كندا و نترك أوتاوا ، وتترك ابنتنا أفضل الجامعات على مستوي العالم لتأتي و تدرس هنا في هذه الخرابه ، اي جنون هذا ؟ اي عقل يمكن أن يصدق ما فعلناه ؟ ، لقد انقطع التيار الكهربائي أكثر من عشره مرات فقط في الثلاثة أيام التي قضيناها هنا في جوبا . يبدو ديفيد هادئا دوما أمام زوجته فقال بصوت هادي سيكون كل شي علي مايرام ، ستكون ساره بخير و لن ينقصها شي ، و تبدو ساره سعيدة بالعودة الي و طنها،
أليس كذلك يا صغيرتي؟
أومت برأسها ا نعم انا سعيده هنا.
قطع حديثهم صوت كابتن الطائره علي الميكروفون، أربطو الأحزمة يا سادتي نحن علي وشك الهبوط.

[email][email protected][/email]