تقرير: نصف ديمقراطيات العالم في تراجع والحكومات الاستبدادية أصبحت أشد قمعا للمعارضة

قالت جماعة مراقبة حكومية دولية، اليوم الأربعاء، إن نصف الديمقراطيات في العالم في حالة تراجع وسط تدهور الحريات المدنية وسيادة القانون، بينما تزداد الحكومات الاستبدادية قمعا.
وقالت المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية -ومقرها ستوكهولم- في تقرير سنوي، إن قضايا تتراوح بين القيود على حرية التعبير وزيادة عدم الثقة في شرعية الانتخابات تقوض المؤسسات الديمقراطية.
وذكر التقرير أن هناك عوامل عدة تشكل تحديات كبيرة، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتفشي التضخم، والركود العالمي الذي يلوح في الأفق، وتغيّر المناخ، وجائحة كوفيد-19.
وذكرت المؤسسة في دراستها لعام 2022 عن حالة الديمقراطية، بالاعتماد على بيانات جُمعت منذ عام 1975، أن العالم يواجه العديد من الأزمات من تكلفة المعيشة إلى مخاطر المواجهة النووية وتسارع أزمة المناخ، و”في الوقت نفسه، نرى الديمقراطية العالمية في تراجع، هذا مزيج سام”.
وتبنى المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية مؤشرات الحالة العالمية للديمقراطية الخاصة بها على أكثر من 100 متغير، بما في ذلك تدابير مثل حرية التعبير والسلامة الشخصية والأمن الشخصي.
وقال التقرير إن عدد الدول التي تشهد تراجعا في الديمقراطية لم يكن بهذا الارتفاع على الإطلاق، ويشمل ذلك بولندا والمجر وكذلك الولايات المتحدة.
وأضاف أن ما يقرب من نصف الديمقراطيات في أوربا (أي 17 دولة) عانى من التآكل في السنوات الـ5 الماضية.
وقالت المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية “الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا هزت أوربا، وأجبرت المنطقة على إعادة التفكير في الاعتبارات الأمنية والتعامل مع أزمات الغذاء والطاقة الوشيكة”.
وأضافت أن الديمقراطية تتعرض للتهديد على مستوى العالم من التحديات لشرعية نتائج انتخابات موثوق بها، والقيود المفروضة على الحريات والحقوق على الإنترنت، والفساد، وصعود أحزاب اليمين المتطرف.
ووجد التقرير أن الحكومات الاستبدادية أصبحت أشد قمعا للمعارضة، وأن أكثر من ثلثي سكان العالم يعيشون الآن في ديمقراطيات “متراجعة” أو في ظل حكم استبدادي.
ومن بين الدول الـ173 التي شملها التقرير، تسجل 52 من الديمقراطيات المدرَجة فيه تراجعا، واتجهت 27 دولة إلى نظام استبدادي، وهو ما يزيد على ضِعف الدول التي اتجهت إلى الديمقراطية، وفقا للقياسات على مدى السنوات الـ6 الماضية.
وبعد 10 سنوات على موجة الثورات التي عُرفت بـ”الربيع العربي”، لا يزال الشرق الأوسط “المنطقة الأكثر تسلطا في العالم”، ولم يعد سوى 3 ديمقراطيات هي العراق ولبنان وإسرائيل، وفق التقرير، وفي آسيا حيث يعيش 54% فقط من السكان في نظام ديمقراطي
وشدد التقرير على أن “الديمقراطيات تجهد لإيجاد توازن فعال في بيئة من انعدام الاستقرار والقلق، ولا تزال النزعة الشعبوية تنتشر في العالم بينما الابتكار والنمو في ركود أو تراجع”.
كما أشار إلى “توجهات مقلقة” حتى في الدول التي تتمتع بمستوى متوسط أو مرتفع من المعايير الديمقراطية.
وجاء في التقرير أن التقدم شهد في السنوات الـ5 الأخيرة ركودا على صعيد كل مؤشرات دراسات المؤسسة، بل عادت بعض هذه المؤشرات إلى مستويات التسعينيات، على حد وصف التقرير.
وقال الأمين العام للمؤسسة الدولية للديمقراطية كيفن كاساس زامورا “الأنظمة الديمقراطية سجلت تدهورا حقيقيا في العقدين الأخيرين، ويطرح ذلك مسألة ساخنة في عصرنا”.
ورأى زامورا أن وضع الولايات المتحدة على قدر خاص من الخطورة، وحذّر التقرير من أن هذا البلد يعاني مشكلات استقطاب سياسي وخلل في عمل المؤسسات وتهديدات للحريات المدنية.
وأضاف “من الواضح الآن أن هذه الحمّى لم تنحسر مع انتخاب إدارة جديدة”، ويظهر ذلك خصوصا في مستويات الاستقطاب الخارجة عن السيطرة ومحاولات “تقويض مصداقية نتائج الانتخابات بدون أي أدلة على وقوع عمليات تزوير”، وفق زامورا.
وعلى الجانب الإيجابي، ذكر التقرير أن أفريقيا ظلت صامدة في مواجهة عدم الاستقرار، وشهدت دول منها غامبيا والنيجر وزامبيا تحسنا في جودة الديمقراطية.