مقالات سياسية

الانقلابيون والرعاية الرسمية للعنف

مديحة عبد الله

العنف السائد الآن في البلاد تتحمل مسؤوليته سلطة الانقلاب. هذا الانقلاب اللعين حكم عليه شعب السودان بالفشل، ومع ذلك يصر قادته على التحكم في مصير البلاد رغم فشلهم في الحكم، بل ويعملون على تهيئة المناخ للعنف بين المكونات الاجتماعية والسياسية، مما يشكل خطرًا داهمًا على البلاد وشعبها، فمشاهد العنف السائد في النيل الأزرق ودارفور انتقلت فصولها للخرطوم، ويمثل ذلك المحطة الأخيرة لفرض أجندة الانقلاب بإحكام السيطرة عبر إرسال رسالة للشعب، (إما أن نستمر نحكم وإما أن تشهدوا كل يوم فصولًا من القتل والعنف وخطاب الكراهية) والدليل على ذلك شاخص، فالعنف لا يقع بغتة بل تتوفر شواهده فلم يحدث تدخل رسمي من قبل الأجهزة الأمنية لمنع وقوعه، وتلك مهمتها وليس إصدار البيانات لتبريره أو الإشارة إلى إصابة أفراد من الشرطة أو الاعتداء على مقارها.
القوى المدنية والسياسية في نضالها من أجل إسقاط الانقلاب لا بد أن ترفع أقصى درجات الحذر، ورفع الوعي المجتمعي بإبعاد ومخاطر العنف المستشري، بكشف المعلومات وعدم الاكتفاء بتوجيه الاتهامات للفلول والأجهزة الأمنية، فالشعب يدرك مصدر وأهداف العنف، لكن المطلوب هو التنوير السياسي، والتنظيم، والخطاب الإعلامي الموضوعي الذي يملك القدرة على إدارة الخلاف بينها، لسد الثغرات التي ينفذ منها الانقلابيون لتسميم الأجواء والاستفادة من مناخ الخلافات بين القوى السياسية لتوظيفه لصالح تعزيز سلطتهم.
الإعلام بمختلف منصاته خاصة الإلكتروني لا بد أن يرفع درجة حساسيته تجاه الأخبار والتعليقات والتصريحات المتداولة، فالكثير منها ملغوم يستند على الأكاذيب أو تشويه الوقائع أو بترها لتوظيفها لأجل صناعة رأي عام خائف هش، يتوفر لديه الاستعداد لتقبل فكرة أن وجود العسكر وسيطرتهم على الحكم هو الخيار الأفضل على الأقل لتوفير (الأمن والأمان)، وهو ما درج على ترديده قادة الانقلاب ومن يؤيدون استمرارهم في الحكم، خاصة وأن الأوضاع المعيشية تشهد تدهورًا متفاقمًا كل يوم، بالذات عقب زيادة أسعار الوقود، وتدني الخدمات وانعدامها في أغلب مناطق السودان، إنها معركة ذات أبعاد معقدة تتطلب تضافر الجهود، وأقصى درجات الوعي من أجل هزيمة الانقلاب واستعادة الديمقراطية.

الميدان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..