زمات سوق الدواء
الأرقام الرسمية دائماً وبالذات في القطاع الصحي تُخاصم واقع الناس، عندما تتحدث الحكومة عن دعم الدواء وعن الوفرة الدوائية، يواجه المواطن واقعاً مغايراً، يتمثل في نقص حاد في كثير من الأصناف الدوائية والمتوفر من الأصناف الدوائية (بسعر خُرافي) ولاننسي المعلومات الكثيفة التي تتحدث عن الدواء (الضارب) والمُهرب وغيره، الواقع الذي يواجه الأغلبية الفقيرة بلارتوش، شُح ونقص كبيرفي كثير من الأصناف الدوائية وإرتفاع جنوني ومتواصل في الأصناف المتوفرة، وأصبحت فاتورة العلاج فوق طاقة معظم الأسر السودانية، والحكومة مشغولة بهموم أخري وتعجز عن توفير مبالغ زهيدة لتغطية بند استيراد الدواء والمبلغ المُعلن عن فاتورة استيراد الدواء يمكن لأي (تاجر سلطوي) توفيره بكل سهولة .
ويبدو الوضع في السودان كارثياً بكل المقاييس في ملف الدواء، وهو ملف شائك وفيه أطراف كثيرة تلعب أدوار سالبة وضد مصالح الوطن العليا ويحصد المواطن مُر الثمر، تشير بعض الدراسات أن السكان في السودان، الذين يحصلون على الادوية الاساسية اقل من (50%)، وان (79%) من الصرف على الخدمات العلاجية من المواطنين انفسهم، و 44% من الأدوية غير مقدور على شرائها، ورأت ان تكلفة الادوية التى يدفعها المريض السودانى أعلي من التي يدفعها نظيره في دول افريقيا جنوب الصحراء.
يعتبر الدواء احد السلع الاستراتيجية التى لا يستغنى عنها مجتمع او دولة . ذلك لان الدواء هو الشق الثانى فى المنظومة العلاجية بعد التشخيص أو الجراحة . واستقرار سوق الدواء فى الدولة مرهون بقدرة تلك الدولة على توفير الدواء للمريض فى الوقت والمكان المناسبين ..في السودان وخاصة في الأونة الأخيرة الدواء غالباً غير متوفر في المكان والزمان المناسبين والمتوفر فوق قدرة وطاقة شرائح وطبقات كثيرة جداً من المجمتع، الأزمة في سوق الدواء أزمة قديمة ولكنها مُتصاعدة وبدل أن تعمل الحكومة لمعالجة الخلل البائن في هذا الملف والمعاناة المتواصلة للمواطنين، عام، قررت الحكومة السودانية، تحرير سعر دولار الدواء، أو بمعنى آخر عدم توفير الـ200 مليون دولار، بسعر البنك، .. فقط 200 مليون دولار تعجز الحكومة عن توفيره! هل يُعقل هذا؟.
والأزمة في السودان فيما يتعلق بالدواء أزمة وفرة وأزمة سعر، أزمة السعر قاسية ولكن عدم الوفرة كارثية، في كلما مايحدث الحكومة بمختلف أجهزتها تتحمّل المسؤولية، أزمة الدواء نتاج طبيعي للأزمة الاقتصادية والسياسية، التدهور الاقتصادي المُريع والتراجع المُخيف في قيمة العملة، وتنصل الحكومة عن أوجب واجباتها في توفير الدواء بسعر الدواء بأسعار معقولة جعلت المواطن في (مهب الريح) يواجه واقعاً كارثياً دون سند أوعون وكان الله في (عون الناس).
حسن بركية
[email][email protected][/email]