(جبهات) واستفتاء

يبدو ان هناك اكثر من جبهة تتحدث بشان استفتاء مواطني دارفور المقرر اجراؤه في ابريل المقبل والاستفتاء هذا وطبقا لمسارات الخاريطة السياسية لدي الحكومة وقناعتها به لا يتجاوز احدي خيارين اما الابقاء علي التقسيم الاداري الحالي لاقاليم دارفور او الاقرار باقليم واحد وتحت ادارة واحدة وكل جبهة لها مبرراتها ومنطلقاتها الاساسية في التعاطي مع قضية الاستفتاء فالحركات المسلحة التي لازالت تتوشح بخيارت الحرب تقف في صف الرافضين للاستفتاء اما الحركات التي انضوت تحت اجنحة الحوار فهي تقف في المنطقة الرمادية في منطقة لا تستبين فيها المواقف ولا الاراء المطلقة ما لم تصل مائدة الحوار الوطني الحالي الي محطته الاساسية اما الحكومة فهي تعتقد ان استفتاء دارفور هو استحقاق مشروع لوثيقة الدوحة رغم ان هذه الوثيقة تناوشتها كثير من السهام الناقدة من مجموعات دارفور التي خرجت من اجماع الدوحة .فكل هذه التباينات في التعاطي مع الشان الدارفوري يمكن فهمها وتصريفها في سياق المناورات السياسية التي لا تخرج عن التعبير الذاتي لكل مجموعة او كل جبهة سياسية او عسكرية ذلك لان الذين يعنيهم الاستفتاء هم خارج دائرة الفعل والتفاعل لا يشاورون في امرهم ولا يستنطقون فهم بذلك لا يملكون قرارا وتلك هي الفرضية التي يؤمن بها البعض بان الذي لايملك قوته لا يملك قراره باعتبار ان الذي يجري في دارفور من ازمات ونزاعات فيه قدر كبير من قضايا واشكالات فقر ونقص في الغذاء وقبل كل هذا وضع استثنائي يعانيه اهل دارفور نزوحا ولجؤا .
القرار “الازمة” ..!
قبل ايام قلائل بشرتنا حكومة ولاية الخرطوم ورسمت في الافق ملامح مستقبل بلا رهق وبلا عناء لمواطني اريافها المتناثرة والمحرومة من خدمات اساسية كالمياه ولكنها قالت ان موازنة العام 2016 تصالحت مع الريف في خدماته الاساسية وان بهذه الموازنة اعتمادات مالية تقدر باكثر من 600 مليار مخصصة لمشروعات مياه الريف ولكننا وقبل ان ننعم بهذه البشري وقبل ان تبدأ حكومة الولاية باولي خطواتها باحالة الموازنة الي واقع يمشي بين الناس وعلي نحو مفاجئ داهمتنا وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم بقرارا اكثر اثارة ودهشة وغرابة لكونه يحمل بين ثناياه بوادر ازمة ومواجهة “مكتومة” متعددة الجبهات بين الوزارة ومواطني الولاية من جهة وبين الولاية والشركات التي اتفقت معها علي تنفيذ شبكات المياه من جهة ثانية .
فحوي القرار ان هذه الوزارة اي وزارة التخطيط العمراني اصدرت منشورا عاجلا ومغتضبا في الثالث من يناير الجاري وجهت بمقتضاه هيئة مياه ولاية الخرطوم بايقاف اية توصيلات جديدة للمياه للمواطنين باحياء الخرطوم المختلفة ما لم يبرز اي مواطن شهادة البحث الخاصة بمنزله .ولكن القرار وبهذا الشكل المتعجل و”المريب” سيدخل حكومة ولاية الخرطوم في دوامة جديدة من الازمات والتعقيدات “والاحتقانات” واخطر ما في هذا القرار ان الجهة التي اصدرته تعلم تماما ان معظم مشروعات المياه ان لم تكن جلها تمت بجهد شعبي خالص رغم ان الحكومة بامكانها ان تسهم بالقدر الاكبر في مثل هذه المشروعات لكنها تابي وتتمنع وتترك المواطن ربما لوحده يشقي ويبحث عن ماء يصلح للشرب ولكنها تحرمه من هذه النعمة مالم يبرز هذا المواطن شهادة البحث للمنزل الذي يسكنه منذ عشرات السنين وربما مئات السنين فكيف اذن لهؤلاء المحرومين من المياه ان يمتلكوا هذه الشهادة وهم في انتظار وبحث مستمر عنها علما بان الجهات المسوؤلة عن شهادة البحث تمارس اقصي مستويات التراخي واللامبالاة في تقنين اوضاع الكثيرين فكم من القري والمناطق المنتظرة الان بعد ان اكملت الان كل عمليات التنظيم والتخطيط والمسوحات الخاصة بالخرائط واجازتها تماما لكن انتظار هؤلاء المواطنين قد طالت سنواته حتي ينالوا هذه الشهادات “المستحيلة” فهل يعقل مثلا ان منطقة الفتيحاب بامدرمان والتي تعتبر المحطة الاولي التي عسكر فيها الامام محمد احمد المهدي قبل فتح الخرطوم لازالت معظم بيوتها بلا شهادات بحث فما الذي تنتظره سلطات الاراضي حتي تمنحهم هذا الحق .
وما يثير الغرابة حقا ان الشركات التي تعمل في مجال حفر الابار ومد شبكات المياه الي الاحياء والمنازل لم تقم بكل هذه الاجراءات لولا ان هناك عقود واتفاقات رسمية وموافقات موثقة ومشهودة تمت بين الاراضي وهيئة المياه واللجان الشعبية والسلطات المحلية دون ان تعتمد شهادات البحث كشرط اساسي لتقديم هذه الخدمة بل ان مشروعات الحكومة وشعاراتها السياسية والانتخابية اتخذت من قضايا وخدمات المواطنين مدخلا لنيل رضاءهم وحصد اصواتهم وولاءاتهم .
يبدو ان الاصرار علي المضي في انفاذ هذا الاجراء سيجعل سلطات الولاية امام عاصفة من الغضب الجماهيري وربما الفوضي , فمن هو الذي ارشد هذه السلطات علي اتخاذ مثل هذا القرار دون ان يدرسه جيدا و يتحسب لكل عواقبه واسقاطاته السالبة ؟ ثم ما هي العبقرية والفلسفة التي يستند اليها هذا “المنشور المثير” ؟ ولهذا فان المواطنين بارياف ولاية الخرطوم يتخوفون او يتشككون في ان حكومة الولاية لم تتخذ هذا الاجراء الا كمدخل او مبرر للسيطرة علي اراضي المواطنين ومن ثم انتزاعها .
انهيار جبل العشم ..!
وانهارت كل جبال العشم وسقطت كل الرهانات التي توهمت بان بان اطراف الحوار بين الحكومة وقطاع الشمال قطعت اشواطا بعيدة من التفاهمات الموجبة واوشكت الاطراف المتحاورة علي اقرار حالة من الغزل السياسي بين الحكومة وخصومها في المنطقتين
انهارت كل هذه الامال لان الاطراف هذه فشلت تماما في ردم الهوة في المسافة الفاصلة والممتدة بينها يبدو ان الثقة لازالت هشة فهي مبنية بجدار من “قش” وبلا ركائز .
حدث هذا الانهيار لان عوامل التاثير الخارجي علي القضايا السودانية حاضرا وفاعلا وممسكنا بتلابيب هذه القضية التي تخص اهل دارفور الحكومة من جانبها تعتقد بان الحركة الشعبية قطاع الشمال تراجعت او انتكست عن التزاماتها السابقة وهي ذات الالتزامات التي رفعت سقف التفاؤل باقتراب موعد السلام بالمنطقتين ولكن سرعان ما عاد الطرفين من “برلين” بدون خفي حنين وعاد الجميع الي مربعهم الاول ويبقي السؤال ..هل فعلا كان لغياب الوسيط الافريقي في هذه الجولة سببا مباشر لهذا الفشل ؟
نفير اليتامي “بالكريمت” ..!
في منطقة الكريمت العركيين بمحلية المناقل نفر كريم ومجموعة نيرة من الشباب والشيوخ يحاولون بجد واجتهاد اعلاء قيمة “كفالة اليتيم” ويتخذون من حديث الرسول صلي الله عليه وسلم ” انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة واشار باصبعيه السبابة والابهام . مرشدا وهاديا في مسيرتهم عبر جمعية الايتام بالكريمت التي بلغت حتي الان عامها الاول كانت تحاول استنفار اصحاب الضمائر الحية حيث تجاوب مع الفكرة حتي الان اكثر من 250 شخص من متوسطي الحال فرصدت الجمعية كل الايتام بالمنطقة وشخصت احوالهم واوضاعهم ووجدت ان هناك عشرات الاسر اليتيمة توصلت الجمعية حتي الان الي 40 منها فجادت عليهم بحوالي 40 مليون من الجنيهات علها تصلح ولو بالقدر اليسير من اوضاعهم المعيشية والتعليمية .اما اصحاب الفكرة فهم يطمحون في الكثير الذي يمكن ان يقدمونه لاعانة هؤلاء الايتام بالكريمت وفي افكارهم رؤي تقدمية ومشروعات زراعية وانتاجية يمكن ان تملك لكل اسرة يتيمة .
واهل الجمعية يناشدون كل الخيرين و كل المؤمنين بكفالة اليتيم ان يعينوها بالمال والدعم والمساندة وبالفكرة .وهكذا هم اهل الكريمت اهل يعلون من شان النفير والتكافل ويصنعون من جهدهم الشعبي ما تعجز عنه الحكومات يبتغون من ذلك اغاثة جائع وتشغيل عاطل وايواء مشرد وتعليم فقير ولكننا هنا ندعو وبصوت جهير الاخوة بالسلطات المحلية والولائية بان يتصالحوا مع هذه الجهود المجتمعية خصوصا ان هذه الجمعية ينتظرها الكثير من مشروعات التمويل الاصغر فلماذا لا تعتمد محلية المناقل هذه الجمعية كنموذج وتملك الاسر التي ترعاها وسائل للانتاج والاعاشة والتعليم والسكن .