ما بينهما..علي المك وأبو داؤد

كتب عنهما الكثير ونسج حول علاقتهما ما يجعل كتاباً آخر بخلاف الكتاب الذي كتبه علي المك حول أبو داؤد يظهر للقراء.
الاثنان من نماذج العلاقات السودانية التي لن تتكرر.. وذلك لما وجد فيهما من أريحية لم تكن وليدة الصدفة بل هي من طبيعة الشخصين. وخير مثال لذلك أنهما ارتبطا ببعضهما البعض حتى كان من يود زيارة ابو داؤد بمنزله يجزم بأن علي المك سيكون بصحبته.
أما حين يكون علي المك جالساً بمكتبه بجامعة الخرطوم فمن هم حوله من الاساتذة أو الموظفين كانوا يتوقعون زيارة أبو داؤود المفاجئة لهم.
يقول علي المك عن علاقته بابو داؤد وكيف بدأت، انها كانت في مطالع عام 1927م، حيث اتفق طلاب جامعة الخرطوم على احياء حفل ساهر بدار اتحادهم ووقع الاختيار على ابو داؤود لاحيائه. فتم تكليف علي المك بإخطاره.
لتبدأ علاقة لم تنته فصولها حتى بعد رحيل ابو داؤد في أغسطس 1984م. ويواصل علي المك قوله حول اول لقاء به، ويقول انه ــ أي ابو داؤد ــ لم يعطه الاحساس بصغر سنه، بل زاد على ذلك ان تجاذب معه اطراف الحديث مؤانسة حتى اصبحا اصدقاء في ثلث ساعة فقط، وهي مدة لقاء الاثنين ببعضهما البعض.
واستمرت علاقة الاثنين لتشكل صورة من صور التقارب الفني والاجتماعي وبل الانساني. ومن ذلك معرفتهما بأنواع الملابس المفضلة لبعضهما البعض وهو مجال قفشات اصدقائهما المشتركين. وفي رحلاتهما الخارجية كان الاثنان يحرصان على شراء العطور والملابس كهدايا لبعضهما البعض. ومن هداياهما وقفشاتهما ومؤانساتهما تبرز حالة من العلاقة التي ظلت أنموذجاً لعلاقة صداقة ومحبة للفن والألحان والأشعار لم توجد في تاريخ السودان.
ومن غرائب هذه العلاقة بين العملاقين ان ابو داؤود كان يحرص كثيراً على التعليق على قصص وخواطر علي المك المكتوبة قبل الدفع بها للصحف ودور النشر.. وفي مقابل كانت أغاني ابو داؤد ذات احتفاء من علي المك وتحديداً أغنيات الحقيبة.
وعلى ذكر أغنيات الحقيقة، فقد كان لعلي فضل ظهورها بصوت ابو داؤود بعد ان أصر على ذلك وبالتحديد أغنيات خليل فرح وبالتحديد «فلق الصباح»:
فلق الصباح قول لي
ها هو نورك لاح خلي
يا خفيف الروح هو هذا نداك
أم ندى الأزهار
صبغ الخدين حمرة
وبعد ذاك أشوف صفرة
والاثنان من نماذج علاقات الصداقة والصحبة الفنية. وهي علاقة لم ولن تتكرر في تاريخنا الفني والأدبي..
فيكفي أن الاثنين عاشا لمشروعاتهما.. الفن والغناء لأبو داؤود والآداب والترجمة لعلي المك.

الانتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..