الخبز المدعوم.. خسوفٌ كامل

الخرطوم – أم زين آدم
بصمتٍ غير بليغ، ودون تفسير للمستهلك، أوقفت حكومة انقلاب 25 أكتوبر الخبز المدعوم، مما ضاعف تكلفة الحصول على الخبز اليومي للمستهلك العادي ما بين (20-25) ضعف معدل سعر الخبز المدعوم.
الأسرة المتوسطة، قبل الانقلاب، تحصل على كفايتها من الخبز مقابل (150) جنيهاً. ذات الأسرة اليوم في حاجة لتوفير أكثر من ألف جنيه للحصول على ذات الحصة من الخبز التجاري المتوفر على أرفف المخابز.
طفت أزمة اختفاء الخبز المدعوم في أعقاب انقلاب البرهان وحلفائه على السطح، مما أوقف بصورةٍ عاجلة وقاطعة تدفق منحة القمح الأمريكي المقرر أن تسلم للحكومة الانتقالية في يناير الماضي، بعد أن تسلمت في وقت سابق (250) ألف طن متري من إجمالي المنحة البالغ مليون و(200) ألف طن.
وأوقف الانقلاب أيضاً خطط الحكومة الساعية لتوفير احتياجات استهلاك القمح في الفترة من نهاية أكتوبر حتى الأول من يناير، باستيراد (216) ألف طن، بعد إبرام اتفاقٍ بين وزارة المالية والمطاحن العاملة لتوفير الدقيق المدعوم. شمل الاتفاق جدولة مديونيات المطاحن البالغ (9) ملايين يورو، بيد أن الانقلاب ذهب بكل ذلك ليصبح هباءً منثوراً، وحتى وقتٍ قريب شكت المطاحن من أن مديونيتها لاتزال عالقة في عنق الحكومة.
شهدت الأيام اللاحقة للانقلاب تراجعاً في حصص الدقيق المدعوم، حتى أن (90%) من المخابز العاملة في إنتاج الخبز المدعوم توقفت تماماً، واتجهت بكل طاقتها لإنتاج الخبز التجاري.
الحرب التي اندلعت بين روسيا وأوكرانيا في فبراير الماضي فاقمت الأزمة، إذ يستورد السودان نحو (300) ألف طن من روسيا، ما يعادل (10%) من جملة ما تستورده الدول العربية من القمح الروسي، ويستورد كميات أقل من أوكرانيا. وبعد الحرب التي لا يعرف تاريخٌ لنهايتها؛ لم يعد خيار الحصول على القمح والسعر متاحاً للحكومة الانقلابية.
يحتاج السودان سنوياً لـ (2٫500٫000) طن متري من القمح لمقابلة الاستهلاك المحلي، ويغطي (40%) من حاجته من القمح المنتج محلياً، بيد أن ثمة معركة نشبت بين وزارة المالية والمزارعين لضعف السعر الذي قدمته الحكومة لشراء القمح. وذهب وزير المالية الانقلابي جبريل إبراهيم إلى أنه لا توجد أموال لدى المالية لشراء القمح – حسب ما نسب إليه بالمواقع الإخبارية.
دقيق الخبز المدعوم الذي توقف بصورة غير معلنة ودون قرار رسمي من وزارة المالية، تم تسريب معلومة مفادها “أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك أبدى موافقته على رفع الدعم عن دقيق الخبز بحلول أبريل الجاري”، في محاولة لرفع الحرج منهم.
وكان جبريل إبراهيم قد صرح قبل إعلان الموازنة بأن الحكومة تدرس خفض دعم القمح والكهرباء لمقابلة خفض الموازنة. وقال إن السودان تخلى عن أهدافه للنمو الاقتصادي للعام 2022، ويستعد لفترة متواصلة من محدودية الدعم الخارجي.
” لا يمكن للحكومة أن تتخلى عن دعم الخبز”، بهذه الجملة استهل محلل الشؤون الاقتصادية عبد الوهاب جمعة إفادته لـ (الديمقراطي). وذهب إلى أن دعم دقيق الخبز مهم، لجهة أنه واحدٌ من المصدات الأساسية للتخفيف من ويلات الإصلاح الاقتصادي المؤلمة التي كانت تطبقها الحكومة الانتقالية. ولامتصاص آثارها على الأسر الأشد فقراً، دعمت الحكومة دقيق الخبز، وطبقت برنامج (ثمرات).
وأوضح عبد الوهاب أن السودان مقبلٌ على أزمة أمن غذائي خطيرة حسب تقارير منظمة (الفاو)، وهناك نحو (20) مليون سوداني يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي، من بينهم (10) ملايين في الأصل مواجهون بالمجاعة، والـ (10) الآخرون دخلوا في القائمة بسبب إجراءات وقف الدعم، ورفع أسعار الوقود، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني، بالإضافة إلى رفع الحكومة يدها عن دعم غاز المخابز رفع من كلفة إنتاج الخبز، وبالتالي زيادة سعر قطعة الخبز التي تتفاوت من منطقة إلى أخرى، لذا حتى لو توفر دقيق الخبز لن يؤدي إلى خفض سعر قطعة الخبز بسبب ارتفاع تكلفة تشغيل المخابز.
وأضاف جمعة أن الحكومة ارتكبت أخطاء في الموسم الشتوي، وحال لم يتم تدارك الموسم الصيفي بزراعة الذرة والدخن، ولم يتم توفير الوقود والتقاوي والسماد، ستواجه البلاد أزمة أمن غذائي خطيرة.
ومنذ يونيو الماضي، حذرت تقارير منظمة (الفاو) من انعدام الأمن الغذائي في السودان بسبب الفيضانات، والجفاف المتكرر، والتدهور الاقتصادي، والتضخم، والنزوح بسبب الصراع، وتآكل القوة الشرائية للأسر، وعدم تمكنهم من تلبية احتياجاتهم الأساسية. وقال عبد الوهاب إن أي حديث في الوقت الراهن عن بدائل للخبز غير مجدٍ، لجهة أن البدائل أكثر تكلفة وغير عملية، خاصة لذوي الدخل المحدود الذين لا يكفي راتبهم الشهري شراء خبز لمدة أسبوعين.
الديمقراطي
خسوف؟!!!؟! يا أم زين كيف يعني خسوف الرغيف دا؟