الصوت الواحد المحصّن يضع المعارضة على شفا الانقسام في الكويت

قرار المحكمة الدستورية بتثبيت شرعية النظام الانتخابي الحالي يفوت على المعارضة فرصة إقامة تحالفات تفضي الى الهيمنة على البرلمان.
الكويت – من أحمد حجاجي
الاصوات الاربعة ذهبت الى غير رجعة
قال سياسيون ونواب برلمانيون ان قرار المحكمة الدستورية العليا في الكويت الاحد بحل البرلمان مع الابقاء على تعديلات في النظام الانتخابي تنهي منح كل ناخب اربعة أصوات يمكن ان يؤدي الى انقسام المعارضة.
ويعتمد الاستقرار السياسي في الكويت بصورة تقليدية على التوازن بين الحكومة والبرلمان.
وقال يوسف المطاوعة رئيس المحكمة الدستورية ان المحكمة رفضت دعوى المعارضة الخاصة بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد الذي أصدره أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وجرت بموجبه الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/كانون الأول الماضي لكنها قضت ببطلان انتخابات البرلمان.
ودعا أمير الكويت مواطنيه في كلمة عبر التلفزيون الى قبول حكم المحكمة الدستورية وطلب من مجلس الوزراء اتخاذ الاجراءات لتنفيذه.
وقال “ادعو جميع المواطنين الى احترامه (الحكم) والامتثال له”.
واضاف “وقد وجهت مجلس الوزراء باتخاذ الاجراءات الكفيلة الى تنفيذه”.
ويوجب الدستور الكويتي إجراء انتخابات جديدة خلال شهرين من حل البرلمان.
وشهدت الكويت الغنية بالنفط احتجاجات غير مسبوقة خلال الشتاء الماضي بعد أن أصدر أمير البلاد مرسوما في غيبة البرلمان عدل بموجبه النظام الانتخابي ليصبح صوتا واحدا لكل ناخب بدل أربعة أصوات وهو ما اعتبرته المعارضة موجها ضدها ليحرمها من التحالفات التي اعتادت أن تعتمد عليها في كل انتخابات.
وذكرت وكالة الانباء الكويتية ان المحكمة اكدت حق الحكومة في تعديل “اوجه القصور” في القانون وقالت ان “قاعدة الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متبعة في العديد من الدول الديمقراطية ومن شأنها ان تتيح للاقلية ان يكون لها تمثيل نسبي في المجلس النيابي”.
واضافت ان أبطال انتخابات ديسمبر/كانون الاول 2012 جاء “بسبب عدم دستورية المرسوم الخاص بانشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات”.
وكان النظام الانتخابي السابق يسمح لكل ناخب بأن يمنح أربعة أصوات لأربعة مرشحين مختلفين وهو ما كان يسمح لهؤلاء المرشحين بالتحالف فيما بينهم فيما يشبه القائمة الانتخابية غير الرسمية بحيث تحدث عملية تبادل للأصوات بين مؤيدي كل مرشح.
واعتبر وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود الصباح في بيان صحفي أن “قرار المحكمة يعزز متانة النظام الديمقراطي الذي تتمتع به دولة الكويت”.
ولا تسمح الكويت بوجود أحزاب سياسية رسمية لكنها تغض الطرف عن وجود قوى سياسية تمثل مختلف الأفكار والايديولوجيات والقوى الاجتماعية أيضا.
وقال محمد الدلال النائب المعارض السابق والقيادي في الحركة الدستورية الإسلامية إن هذا الحكم سيكون له “تداعيات خطيرة” على الحياة السياسية الكويتية لأنه منح السلطة التنفيذية “سلطات كبيرة جدا” تمكنها من التحكم في النظام الانتخابي وبالتالي مخرجات العملية الانتخابية وما سينتج عنها من برلمان.
وقال النائب السلفي السابق وليد الطبطبائي في حسابه على موقع تويتر إن “ما صدر اليوم هو أسوأ قرار فنحن لا يهمنا حل هذا المجلس بقدر ما يهمنا إلغاء مرسوم الصوت الواحد والعودة إلى نظام الأربع أصوات الصادر بإرادة شعبية”.
وخلال الأيام الماضية توقعت وسائل إعلام محلية أن يقسم حكم المحكمة الدستورية قوى المعارضة في حال إقراره بدستورية مرسوم الصوت الواحد لأن بعضها سيرضخ للحكم القضائي ويشارك في الانتخابات الجديدة بينما سيعترض آخرون ويواصلون المقاطعة.
وأكد الدلال أن قوى المعارضة ستجتمع ليل الأحد لدراسة الحكم من كافة جوانبه تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب. لكنه قال “قد يكون هناك مشاركون وقد يكون هناك معترضون ومقاطعون.. أنا اتكلم عن المبدأ (وهو) أن قوانين الانتخابات يجب ألا تصدر بمراسيم.. المعارضة عليها مسؤولية كبيرة أن تكون عند مبادئها وعند حرصها على تطبيق الدستور وعلى ايقاف نهج السلطة بالانفراد”.
وخلال الشهور القليلة الماضية تضاءلت قدرة المعارضة على تسيير احتجاجات واسعة كما كانت تفعل في بداية صدور مرسوم الصوت الواحد بسبب خلافاتها الداخلية وسعي البرلمان الجديد لإقرار قوانين توصف “بالشعبوية” لتحقيق قدر أكبر من الشرعية حيث أقر عددا من التشريعات أعاد من خلالها جدولة قروض شريحة كبيرة من المواطنين ومنح شرائح أخرى مزايا مالية كبيرة وهو ما دفع الحكومة للشكوى من الضغط المالي الذي تمثله هذه التشريعات.
وحمل نبيل الفضل النائب في برلمان ديسمبر 2012 الحكومة مسؤولية حل البرلمان بسبب ما ارتكبته من أخطاء إجرائية في تنظيم عملية الانتخابات معتبرا أن الحكم في النهاية “هو عنوان الحقيقة” ولابد من القبول به.
وتوقع الفضل مشاركة “ضعيفة جدا” في الانتخابات المقبلة نظرا لحرارة الصيف واقتراب موعد شهر رمضان. وقال ان “مجرد فكرة خوض انتخابات في لهيب الصيف الكويتي بحد ذاتها مزعجة.. كنت أتمنى أن المحكمة أجلت قرارها لما بعد الصيف”.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الماضية 39.5 في المئة وهي الأدنى في تاريخ الانتخابات الكويتية.
وقال يوسف الزلزلة النائب السابق ان هذا الحكم لن يهدئ فقط الحياة السياسية في الكويت وإنما سيجعلها تسير في “اتجاه تنمية البلد وتطورها” لأن النواب الجدد سيتم اختيارهم “بذواتهم” وليس نتيجة تحالفات انتخابية.
ميدل ايست أونلاين