منتدى 2025 – كيف يصنع الإعلام السعودي مستقبل الإقليم؟

جذور الإعلام السعودي: من الصحافة المطبوعة إلى الثورة الرقمية
لا يمكن فهم الحاضر دون استحضار الماضي. بدأ الإعلام السعودي مع تأسيس صحيفة “أم القرى” الرسمية عام 1924، تلاها ظهور مجلة “اليمامة” (1952) وصحف مثل “الجزيرة” و*”عكاظ”* (1960)، التي شكلت نقلةً في الصحافة المحلية. وفي الستينيات، دخلت السعودية عصر الإعلام المرئي بإطلاق التلفزيون السعودي (1965) والإذاعة (1949)، لتصبح أول دولة خليجية تبث محتوى مرئيًا ومسموعًا. ومع تأسيس وزارة الإعلام عام 2003، بدأ عصر التخطيط الاستراتيجي للإعلام، الذي بلغ ذروته مع رؤية 2030، حيث تحولت السعودية إلى مركز إقليمي للإنتاج الإبداعي والرقمي.
المنتدى: منصّة تجمع الفكر والتقنية
هذا العام، شهد المنتدى حواراتٍ عميقةً حول مستقبل الإعلام الرقمي، وأخلاقيات الصحافة، وتأثير الذكاء الاصطناعي على المحتوى الإعلامي، إلى جانب الدور المتزايد لمنصات البث الرقمي في تشكيل المشهد الإعلامي العربي. كما قدمت شركات صناعة الصوت والصورة أحدث ابتكاراتها، إلى جانب العروض المذهلة لصنّاع أجهزة البث الرقمي، مما أتاح فرصةً لرؤية كيف أصبحت التكنولوجيا الحديثة تساهم في تطور الإعلام.
تحديث تقني: لفتت تقنيات مثل الواقع الافتراضي (VR) والذكاء الاصطناعي التوليدي الأنظار، خاصة بعد إطلاق منصات سعودية مثل “إثراء” و**”شاهد”** التي تعتمد على تحليل البيانات لتخصيص المحتوى، مما يعكس تبنيًا غير مسبوق للتقنية في صناعة الإعلام المحلي.
الإعلام السعودي.. قاطرة النهضة الإعلامية العربية
الإعلام السعودي، خلال السنوات الأخيرة، أصبح نموذجًا للتحول والتحديث، سواء من خلال توسيع نطاق الصحافة الرقمية أو تطوير قنوات البث الإخبارية والترفيهية، أو حتى الاستثمار في صناعة الأفلام والدراما.
استراتيجيات مبتكرة:
• سينمائيًا: تأسيس “هيئة الأفلام” (2018) ومهرجان البحر الأحمر السينمائي (2021) حوّلا السعودية إلى وجهةٍ لإنتاج الأفلام العالمية.
• إعلاميًا: قناة “العربية” و**”الإخبارية”** أصبحتا نموذجين للصحافة الاحترافية المؤثرة إقليميًا.
• تشريعيًا: إطلاق “نظام الإعلام” الجديد (2022) الذي ينظّم قطاع الإعلام ويشجع الاستثمار الأجنبي.
هذا التطور لم يكن محليًا فقط، بل امتد تأثيره إلى العالم العربي بأسره، حيث تشهد الدول الأخرى حراكًا مشابهًا في تطوير بيئتها الإعلامية، مستفيدةً من التجربة السعودية.
صعود المنصات الإعلامية والترفيهية: من الاستهلاك إلى التفاعل
التطور اللافت في قطاع البث الرقمي والمنصات الترفيهية كان محورًا أساسيًا في المنتدى. فالمنصات الإعلامية لم تعد مجرد ناقلٍ للمحتوى، بل أصبحت قوةً مؤثرةً في تشكيل الرأي العام، سواء عبر الأخبار أو البرامج الوثائقية أو حتى المحتوى الترفيهي.
تجارب رائدة:
• “تيد إكس الرياض” و**”منصة نفهم”** التعليمية: نموذجان لمحتوى عربي تفاعقي يدمج بين الترفيه والمعرفة.
• الرياضة الإلكترونية: السعودية أصبحت رائدةً عربيًا في هذا المجال عبر استثمارات ضخمة في “الاتحاد السعودي للألعاب الإلكترونية”، وبثّ مسابقات عالمية.
• الشراكات الدولية: تعاون السعودية مع منصات مثل نتفليكس وأمازون برايم لإنتاج أعمال درامية تعكس الهوية المحلية بقالب عالمي.
الإعلام العربي.. نحو أفق جديد
لم يعد الإعلام العربي محصورًا في قوالبه التقليدية، بل أصبح جزءًا من مشهدٍ عالميٍ أكثر ديناميكية، بفضل الاستثمار في التقنيات الحديثة، والانفتاح على التجارب العالمية، والتفاعل المستمر مع الجمهور عبر وسائل التواصل الحديثة.
تدريب الكوادر: أشار المتحدثون إلى مبادرات مثل “برنامج خادم الحرمين الشريفين للإعداد القيادي” و**”كلية الإعلام”** في جامعة الملك سعود، التي تُعد جيلًا جديدًا من الإعلاميين القادرين على قيادة التحول الرقمي.
منتدى الإعلام السعودي لم يكن مجرد مؤتمر، بل كان إعلانًا عن مرحلةٍ جديدةٍ من النهضة الإعلامية، حيث تتجاوز التطورات الحدود الوطنية لتشمل المنطقة العربية بأكملها، مما يجعلنا أمام تحدٍ كبير، ولكنه يحمل في طياته فرصًا هائلةً لمستقبل إعلامي أكثر تطورًا وتأثيرًا.
ثقافة الإبداع وتحقيق الرؤية
التحول الذي يقوده الإعلام السعودي ليس تقنيًا فحسب، بل هو جزء من رؤيةٍ ثقافيةٍ أوسع تهدف إلى بناء “مجتمع معرفي” ينقل صورة المملكة كحاضنةٍ للإبداع. عبر الجمع بين الأصالة والابتكار، يكتب الإعلام السعودي فصلًا جديدًا في تاريخ الإعلام العربي، يُعيد تعريف دور المنطقة في المشهد الإعلامي العالمي.
لكم التقدير والتحية يا استاذ زهير …
لقد اعطيت في العنوان علي الاقل الاعلام دوراً يتجاوز امكانياته ومدي تأثيره …
الاعلام بكل ادواته وقنواته لا يصننع مستقبل دولة او قطر ناهيك عن مستقبل اقليم بحاله …
مراكز القوي والركائز الاساسية الصلبة .. الركائز الدولية الاقتصادية اولاً والعسكرية ثانياً ثم الساسة -المتعاقبين جاء اليوم واختفي غداً- ثالثاً هي التي تشرف علي “مصانع” القرارات وتشكيل مستقبل ومآلات الدول والاقاليم …
إما الاعلام فهو لا يصنع -ولا حتي وعياً- فقط ينقل الاخبار ويحلل الاحداث علي هامش مراكز القوي الثلاث …
وقد يؤثر بين الحين والحين -او يتوهم ويظن انه يؤثر-
ولكن حتي هذا التأثثر المتوهم تتحكم فيه المراكز المذكورة -المال والسلاح والقرار-
وهذه المراكز هي التي تمنح الاعلام والاعلاميين رخصة محدود الزمن والصلاحية للتحليق في سماوات التوهم …
والشعور الزائف بانهم يصنعون مستقبل الدول والاقاليم والكون وهم تائهون في غيبوبة احلامهم …
وكلها اوهام متحكم فيها وملعوب بها من قبل مصدر ومركز الفعل والقدرة علي تغيير المصائر والمآلات ..
يا صديقي المحترم همام الرد على طرحك هذا يتطلب توضيحًا لطبيعة العلاقة المعقدة بين الإعلام ومراكز القوة (الاقتصاد، الجيش، السياسة)، مع إبراز حدود تأثير كل طرف. إليك تحليلًا متوازنًا-=
١. الإعلام أداة ووسيط، وليس فاعلًا مستقلًا:
صحيح أن الإعلام لا يُصنع القرارات الجيوسياسية أو الاقتصادية الكبرى بشكل مباشر، فهذه تُدار في الغالب عبر مؤسسات الدولة العميقة والتحالفات الدولية. لكن الإعلام ليس مجرد “ناقل محايد”، بل هو أداة تُستخدم لتشكيل الرأي العام الذي يُسهِّل أو يُعقِّد تنفيذ القرارات. مثلاً:
التغطية الإعلامية للحروب (مثل حرب فيتنام أو العراق) أثرت في الرأي العام، مما أجبر الحكومات على تعديل سياساتها.
حملات إعلامية مدروسة (كتلك التي تروج لاتفاقيات تجارية أو لقوانين أمنية) تُسهِّل تمريرها أو إفشالها.
٢. الإعلام جزء من “السلطة الناعمة”:
قد لا يمتلك الإعلام قوة الصواريخ أو الخزائن المالية، لكنه أحد أركان القوة الناعمة التي تُشكِّل الهيمنة الثقافية والفكرية. مثال:
هوليوود كأداة لترويج النموذج الأمريكي.
قناة الجزيرة في تسعينيات القرن الماضي غيّرت مفاهيم الجماهير العربية تجاه القضايا السياسية، مما خلق بيئة مؤثرة في صناعة القرار.
حتى المراكز الاقتصادية والعسكرية تحتاج إلى شرعية شعبية، وهنا يصبح الإعلام جسرًا لتحقيقها.
٣. الثورة الرقمية: تحول في ميزان القوى:
مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي والصحافة المواطنية، خرج الإعلام جزئيًا من سيطرة النخب التقليدية. أمثلة:
دور تويتر في تحريك الاحتجاجات (كالربيع العربي أو احتجاجات إيران 2022)، حيث نجح في تعطيل الآلة القمعية للدولة مؤقتًا.
تسريبات ويكيليكس أو الفضائح الإعلامية (مثل فضيحة ووترغيت) أطاحت بسياسيين كبار.
هذه الحالات تثبت أن الإعلام قد يُصبح فاعلًا مضادًا لمراكز القوة، لا مجرد أداة طيعة.
٤. الإعلام كـ”مسرح للهيمنة”:
لا يمكن إنكار أن مراكز القوة تسيطر على جزء كبير من الإعلام (مثل ملكية روبرت مردوخ لشبكات إعلامية تروج لأجندات محددة). لكن هذه السيطرة ليست مطلقة:
الإعلام البديل (كالبودكاست واليوتيوب) خلق مساحات خارج السيطرة التقليدية.
حتى الإعلام “المُسَيَّس” يُنتج أحيانًا تأثيرات غير متوقعة (كزيادة الوعي بالنخب الفاسدة رغم محاولات التعتيم).
٥. الوعي الزائف أم التمرد الضمني؟
فكرة أن الإعلام يخلق “وعيًا زائفًا” (كما ذكر ألتوسير وغرامشي) صحيحة جزئيًا، لكنها تتجاهل أن الجماهير ليست كتلًا سلبية. الإعلام يقدم خطابًا، لكن التفاعل معه يخضع لتأويلات الجمهور المتنوعة. مثال:
تغطية الإعلام الغربي للحرب على غزة قد تثير تعاطفًا عالميًا مع الفلسطينيين رغم التحيز الظاهر في الخطاب.
القول إن الإعلام “لا يصنع حتى الوعي” يتناقض مع تاريخ الحركات الاجتماعية التي ارتبطت بخطاب إعلامي (مثل حركة “Black Lives Matter”). الصورة الأكثر دقة هي أن الإعلام ساحة صراع بين مراكز القوة والجماهير، تتداخل فيها الأدوار:
قد يكون الإعلام أداةً بيد النخب، لكنه أيضًا سلاحٌ للضعفاء إذا أُحسن استخدامه.
تأثيره ليس مصيريًا كالقوة العسكرية، لكنه “وقود” يزيد الحرائق السياسية اشتعالًا أو يخمدها.
في النهاية أشكرك لقد اعدتني للتفكر مران ومرات في دور الاعلام