حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) : حول ما يسمى بالاستفتاء الإداري لدار فور

بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث العربي الاشتراكي
قيادة قطر السودان

حول ما يسمى بالاستفتاء الإداري لدار فور:

قراءة اولي

بعد أن شهد شعب السودان كيف ان البشير ورهطه قد امعنوا في الذهاب قدماً فيما اسموه بحوار الوثبة، الذي استطال بمعزل عن الشعب وتطلعاته، و انفقوا عليه من مال الشعب، انفاق من لا يخشى الفقر. أعلن البشير، بصورة إستباقية لكل دعاة الحوار من أجل السلام في دارفور، عن البدء في ترتيبات لقيام الاستفتاء الخاص بتحديد الوضع الاداري لاقليم دارفور في شهر أبريل 2016.
وإكتسب أمر الاستفتاء الإداري لاقليم دارفور إهتمام كبير لدى نظام البشير، و تمت مناقشته على كل مستويات الحكم والحزب الحاكم، واصفين الاستفتاء بأنه المدخل لنهاية الحرب والاستقرار والرفاهية.

ومن الواضح ان النظام يسعى، اضافة الي كسب الوقت ومحاولة خلط الاوراق، لتأسيس نتائج سياسية على ارض الواقع، مستغلا وسائل وآليات تتمظهر بمظاهر الديمقراطية والحرية، و لذا كانت إجراءات ما سمي بـ “الحوار الوطني”، و الآن نسمع “بالاستفتاء” لاقليم دارفور. وفي واقع الحال إن السلطة حين قسمت الاقليم كمناطق ادارية لاشباع النزوع القبلي والجهوي لقيادات المؤتمر الوطني في دارفور، وتاجيج الصراعات البينية، لم تتبع الاستفتاء كوسيلة لانجاز ذلك التقسيم، كما أن اتفاقية الدوحة التي يتأسس عليها “الاستفتاء الإداري”، لم تمر عبر الاستفتاء الشعبي للاستحواذ على رضى الشعب على تلك الاتفاقية، كما أنها لا تعبر عن إتفاق جماعي للحركات المسلحة والقوى السياسية في دارفور، دعك من عموم القطر، اضافة الى تعارضها البيّن مع الدستور،الذي يُتباكي باسمها عليه اليوم. فهي اتفاقية جاءت نتاج اتفاق مع فصيل بعينه و في ظل رفض بقية الفصائل المتعددة.
والسلطة التي قامت بتعديل الدستور الانتقالي بارادة منفردة، وظلت تعزل الولاة وتدمج الولايات وتقسمها دون اي سند دستوري، وبدون “أستفتاء”، فبالتالي، و توفيرا للموارد والجهود، كان لها أن تقرر في الأقليم كما ظلت تفعل، على الدوام. فالديمقراطية لا تتجزاء او تبعض. من الواضح ان النظام الدكتاتوري يريد أن يلبس توجهاتة التفتيتية ثوب الارادة الشعبية.

الاستفتاء و اتفاقية الدوحة:

لم يأتي الاستفتاء الاداري لاقليم دارفور الى ساحة التداول السياسي فجأةً، فقد جاء في اتفاقية أبوجا (نيجريا) في عام 2006، مع فصيل مني أركو مناوي. و لاحقا تم إدراجها أيضا في اتفاقية الدوحة في عام 2011.

من الواضح أن تقسيم الاقليم الى عدد من الولايات كان ولازال موضع إهتمام للحركات المسلحة والسياسية في دارفور، ومن الواضح ايضاً ان تقسيم الاقليم على أساس الامتدادات القبلية والجهوية، عمّق النزاع من خلال تحويله الى صراع اجتماعي حول السلطة.

إن المراجعات التي تناقشها الاحزاب السياسية عموما، والحركات المسلحة في دارفور، تتأسس على مراجعة نظام الحكم عموماً، و ليس في دارفور وحدها، بمعزل عن بقية السودان، و هذا يشمل مراجعة تجربة تطبيق الفيدرالية، في غياب الديمقراطية والتنمية المتوازنة.

على صدى توقيع اتفاقية الدوحة في عام 2011، أصدر البشير مرسوماً جمهورياً حمل الرقم(4)لسنة 2011م، حدد فيه إجراءات الاستفتاء الاداري لدارفور. إلا أن مثل هذا الاستفتاء ? لو سلمنا افتراضاً بجدواه ? ولكن لكي يكون قانونياً ويعبر عن الشعب الذي يطرح عليه موضوع الاستفتاء، يجب أن ان يتم وفق الشروط التالية:

1- أن يتم في ظل اوضاع يتمتع فيها الشعب بحرية التعبير والتنظيم وفي ظل حكومة ديمقراطية تتيح للكافة التعبية و التبشير برؤآها السياسية حول موضوع الاستفتاء.

2- أن يضمن هذا الاستفتاء، مشاركة جميع سكان الاقليم بما فيهم الحركات المسلحة والاحزاب السياسية.

3- أن يستند حق الإقتراع في الاستفتاء على تعداد سكاني حقيقي يحدد سكان الاقليم ، وهذا ما لم يحدث في دارفور.

4- فوق كل هذا، لا يستقيم انعقاد الاستفتاء في دارفور في ظل استمرار النزاع المسلح وفي ظل غياب الثقة في السلطة الحاكمة، مع استمرار قانون الطوارئ في اقليم دارفور.

إن إتفاقية الدوحة، لا تعبر عن حالة توافق بين جميع الاطراف المعنية في عملية استقرار الاقليم، فبالتالي لا تصلح لان تكون أساس تقوم عليه عملية السلام في دارفور.
وبافتراض أن الوثيقة تصلح لان تكون اساس قانوني لاجراء الاستفتاء بوصفها التزام دولي، نجد ان هناك عدد كبير من الالتزامات الاستباقية التي يجب ان توفي بها السلطة الحاكمة قبل الشروع في الاستفتاء، مثل معالجة مسالة النازحين في المعسكرات، والتعويضات، وجبر الضرر، ومحاكمة المتهمين في قضايا انتهاكات حقوق الانسان……الخ

ولما كان من العسير على النظام إنجاز هذه الحزمة من الالتزامات، فشل في عقد الاستفتاء وفق الشروط التي وضعتها الاتفاقية، وكذلك فشل في عقدها في المدى الزمني، الذي كان محدداً لها، فالاتفاقية اشترطت ان تنعقد ترتيبات الاستفتاء بتعيين مفوضية للاستفتاء بعد عام من توقيع الاتفاقية.

موضوع الاستفتاء:

ينعقد الاستفتاء بعرض الخيارات التالية على المواطنين:

* خيار انشاء اقليم واحد لدارفور يستوعب كيانات ادارية أدنى.

* خيار الإبقاء على نظام الولايات القائم.

والنتيجة ستحسم بنسبة 50% من الأصوات الصحيحة زائد واحد، لصالح اي من الخيارين. وقد بدأت الدوائر السلطوية تحرك السياسيين النافذين التابعين للمؤتمر الوطني للترويج لخيار الابقاء على نظام الولايات، بوصفه يضمن توزيع السلطة بين عدد اكبر من المواطنين.

ومن الواضح أن الاستفتاء سيولد نزاعاً اجتماعيا جديدا من خلال تحديد من هو الشخص الذي يحق له التصويت في الاستفتاء وذلك لان حق التصويت قد تم حصره في “المقيمين داخل ولايات دارفور قبل التسجيل بثلاثة أشهر هم من يحق لهم الاقتراع” بحجة انه استفتاء إدارى مرتبط بالخدمات وليس استفتاء سياسيا. ومما لا جدال حوله، أن هذا الاستفتاء سيحدد طبيعة علاقة الاقليم ببقية السودان، وستضمن نتائج الاستفتاء في الدستور، في محاولة لاضفاء طابع دستوري على نتائج الاستفتاء. وبالتالي فان النظام يحاول اقصاء اعداد مقدرة من مواطني الاقليم عن المشاركة في الاستفتاء.
إذن وبرغم زيف العملية برمتها وغياب الشروط السياسية الواجب توفرها إلا أنها أيضاً تحاول ان تفرض على سكان الاقليم شروط لا يمكن معها المشاركة في الاستفتاء المزعوم.

ومن الناحية العملية من الصعب على النظام الحاكم أن يحدد المقيمين في الاقليم خلال تلك الفترة، اي خمسة عشر يوما قبل التسجيل، فبالتالي ستكون ايضاً مدخلا في التلاعب في طبيعة السكان، بالاضافة للتزوير والاختلاق، كما عودتنا تجاربهم في هذا المضمار.

تغييب لمجموعات كبيرة عن المشاركة:
سيبدأ التسجيل، حسب افادات موظفي المفوضية فى 8 فبراير، ويستمر لمدة 15 يوما، على أن تكون بداية الاقتراع فى 11 أبريل المقبل ويستمر لمدة ثلاثة أيام، وهذا يجعل من العسير على مجموعات كبيرة، التمكن من التسجيل لضيق الزمن.
فالاقتراع الذي سيجرى فى الولايات الخميس، ولمدة ثلاثة أيام، للمقيمين فى إقليم دارفور فقط، سيحرم المجموعات المسلحة المعارضة من المشاركة، لوجود بعضها خارج السودان، أو لغياب الشروط الموضوعية التي تضمن مشاركتهم، اضافة الي استمرار العمليات العسكرية، وتداعياتها من نزوح ولجوء وغيره.

الاستفتاء و تحدي الوحدة الوطنية:

إن تجربة الاستفتاء، التي شاركت فيها الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، بخصوص تقرير مصير جنوب السودان، كانت خير درس يمكن ان يعكس مدى تلاعب السلطة بالاجراءات والمصطلحات والتدابير، لتمرير رغباتها وأجندتها، وكان نتيجة ذلك انفصال جنوب السودان، من خلال تزوير ارادة المواطنيين، و تعبئتهم باستخدام الاعلام المضلل، او بانتهاج سياسات عنصرية وتمييزية تهدف لتوطين خيارات زائفة كالانفصال، و تصويرها وكأنها الحل والمدخل للاستقرار والتنمية والتعايش السلمي. وهو ما كذبتة التجربة في الجنوب والشمال، باعتبار ان الانفصال لم يكن تعبيرا شعبيا، مثلما لن يكون طريقاً للتنمية والاستقرار والتقدم.

في ظل غياب السلام والديمقراطية، و غياب الحريات العامة، و انتهاكات حقوق الانسان، و في ظل سلطة تمارس وتشجع الفساد السياسي والاداري والمالي بصورة مكشوفة، سيكون الاستفتاء في دارفور مدخل جديد لتفتيت وحدة السودان، وربما سيرفع الاستفتاء مطالب بعض الحركات – والمجموعات التي سعت السلطة إلى اقصائها ? للمطالبة بالحكم الذاتي او تقرير المصير، كاغطية لضلوع النظام في مخطط تفتيت السودان، ولاشباع رغبات بعض النخب المتطلعة ذاتيا للنفوذ والجاه والامتيازات السلطوية.

و مما لا شك فيه، سيعتمد المنهج كأساس في التعاطي مع مطالب الاقاليم الاخرى، التي تشهد نشاط للحركة الشعبية قطاع الشمال، مما يجعل التفريط بوحدة السودان أمر معروض في مائدة التسويات بين القوى المتحاربة، والمتماهية مع طموحات القوى الاجنبية، بوعي منها او بدونه.

لكل ذلك لا يُقدّم الاستفتاء تقدما ملموسا لمعانات شعب السودان في دار فور، ولا خطوات على طريق تجاوز بلادنا للازمة الوطنية الشاملة، ولا يسهم في وقف الحرب وتحقيق السلام باعتبارهما اولوية وطنية وواجب اخلاقي وانساني. ولا يعبر الا عن توجهات النظام السلطوية التفتيتية.

حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل)
قيادة قطر السودان
فبراير ٢٠١٦

تعليق واحد

  1. أي بعث واي حزب يكفي مايجري بسببكم في أرض العراق والشام ….
    بلاد كانت تنعم بالأمن والأمان …بعدتم عن الدين فباعد الله بين قلوبكم …
    لا نفعتم بأيدولوجتيكم العراق …وقطعا لا تنفعوا بها السودان …
    حزب البشير طلع زيتنا 27 سنه …وأصبحنا فتات وأمريكا راضية كل الرضا عن هذه التجزئة …وهذا التقطيع طالما تكتمل حلقاته بيد أبناء الوطن …
    لن تجلس الحركات مع الحكومة ولن يكون هنالك توافق …والإستفتاء سوف يتم وبعد الإنفصال …قادم قادم لا محاله …وهم في غيهم سادرون …
    حسبي الله ونعم الوكيل ….سئمنا بيانات …ولن يغير الله مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ….

  2. يا عصام حمزة إنت تركت محتوى البيان و تنتقد البعث و تصف ايدولوجيته هي سبب ما يحصل في العراق ونسيت إنجازات صدام و نظامه الوطني و حتى ما قدمه للسودانيين و البعث لم يقصف العراق و سوريا و لم يفصل جنوب السودان و البعث لا ينتحر و يدمر نفسه على العكس الذين فعلوا ذلك هم أعداء العراق و البعث و العرب خوفا من إستمرار البعث في السلطة لذلك دمروا العراق و قتلوا قيادته… و أما بخصوص أيدولوجية البعث انصحك إن تذهب إلى دار البعث قرب أستاد المريخ بالعرضة أم درمان و ستجد من يجيبك أو أسأل أقرب بعثي لك !!!

  3. يعنى انا هسع ممكن اعمل لى حزب اسميه حزب المحافظين قيادة قطر السودان؟؟؟
    هل يؤمن البعثيين والاسلامويين والشيوعيين بالديمقراطية الليبرالية وحرية الراى والتداول السلمى للسلطة(مش سلطة الخضار)؟؟؟
    اى نظام فى السودان غير النظام الديمقراطى الليبرالى هو نظام زبالة وحثالة وعهر ودعارة سياسية والله الله الله على ما اقول شهيد نحن نريد ان نصير دولة قوية حرة عظيمة مثل بريطانيا وامريكا واليابان وكوريا الجنوبية والمانيا وفرنسا وهلم جرا وبدون ان نتخلى عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا بس ناخذ منهم اسلوب ادارة الدولة والصراعات السياسية وحكم القانون والشفافية الخ الخ معقول عايزننا نبقى زى مصر والعراق واليمن وايران وسوريا وليبيا ولبنان وحماس وكل هذه القذارة والحثالة والعهر والدعارة السياسية؟؟؟ اعوذ بالله!!!!!
    يا جماعة عيننا للنجوم نقوم نقلد ونبارى الوساخة والقذارة؟؟؟؟

  4. الهم الكاتل …بطل أساءه أيها الوقح …والله ماعبيط إلا انت
    والواحد إذا لم يعجبه الرأي فالأحسن ألا ينحدر الي درك الإساءة
    ولو أردت الإساءة فعندنا أطنان من الكلمات …فقط نحترم القراء
    لكن أسأل نفسك ماذا قدم حزب البعث …وفي الأخير معظمهم إنضم الي حزب المؤتمر الوطني وباعوا الحزب وهذا دليل علي ضعف الإنتماء وعدم القناعة …حسبي الله ونعم الوكيل …
    أما حكاية دجاجة المنتشرة دي يمكن أن تطلق عليك ….أنا أسمي واضح
    ويبدوا أنك الجاهل …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..