رسائل لم تصل ? قراءة في رسالة نافع

ثمة رسائل عديدة ضمنتُها موضوع نافع علي نافع و قد غاب جُلها عن بعض الأحباب و جاء كل التركيز علي نافع ! بدءاً ناشدتُ الأحباب (كما يحلو للصادق خطاب الأنصار) ألا يظلموا أنفسهم و ألا يظلموا الآخرين و أن يلتزموا التعاليم و خطاب العصر و كنتُ أُؤمل أن تكون الراكوبة متينة تقي من البلل ، من الحر و القر و خالية من الرقراق! و علي كل حال بعض من ناشدي ظلها سريع الغضب و لا صبر له علي بلواء القراءة المتأنية، لذلك كتب الأفندي قبل أيام وهو يخشي من غائلة قرائها و أحبابها، قائلا ” عندما يهكرون موضوعي هذا ، ستجدوا أمراً عجاباً “( بشئ من التحريف!) عبد الوهاب الأفندي لمن لا يعرفه ، من أذكي السودانيين و أكثرهم إخلاصاً و قد لا يذكرني و لكنني زاملت شقيقه الأكبر و من ثم عرفناه. قبل أن يكمل الآداب إلتحق بشركة للطيران و تدرب علي الطيران وعمل بها حتي تخرجه و من بعد شق طريقه بمواهبه و قد كان يكتب في مجلة العربي و كانت تضع لقب أستاذ قبل إسمه ! كانت مواضيعه جيدة و تضاهي تلك التي يكتبها كبار الكتاب العرب! و لا أظنه منتمياً للتنظيم الإسلامي ! و لكن الإنقاذ إستفادت من معرفته و نبوغه كما إستفادت من غيره ، و لما أدرك فشلها و خطلها تركها لسبيله و هو في غناء عنها! و هو أقوي في الدفاع عن نفسه.
من أُولي الرسائل ألا نستعجلُ الشر ? فعندما يمرق السهم لا يرجع، وهنا أُذكر بمأخذ واحد علي نافع و قد أطلق سهمه الشهير ” لحس الكوع” والذي نلومه عليه و نعاتب و لعله هو أيضاً نادم علي إطلاقه من كنانته ? فهذه من الشوارد و الأوابد الباقيات !
أُمور الحكم و السلطة و الثروة في زماننا هذا تأتي بدروبها المعروفات …إنتخابات حرة و شفافة ! و ما جاءت الإنقاذ من تلك الوجهة ! أما الثروة فلا أدري كيف جاءت لفتية الإنقاذ ؟
خلال دورة لتدريب الخريجين في مدخل الخدمة منذ نحو العام أو يزيد تبادلتُ الحديث مع بعضهم و قد أحزنني حالهم ?تم توظيفهم بعد سنوات طِوال جاوزت العشرة و كان بعضهم من خريجي الفيزياء و الكيمياء للعمل في المحليات مُحصلين للأموال! وقد قيل لي بأن هؤلاء من الجيل الثالث من إسلاميي الإنقاذ !أخبرني أحدهم و كان من كردفان بأنه إشتري عِجلةً و خلال أعوامه في الإنتظار بعد التخرج ربت و نمت و أضحت قطيعاً له خوار ? من أربع أو ست و خريج آخر من الجزيرة أخبرني بأنه إقتطع جزءاً من حوشه لزراعته بالخضروات و أن والديه وقتها منه يقتاتون و يتحصلون علي شئ من المال!
ذهبتُ يوماً مع صديق لزيارة شركة لتربية الضان و علمنا من مديرها بأن الضان في شمال كردفان إذا ما توفرت الماء مع العشب الوفير و الهواء الطلق قد يلد من التوائم ثلاث و إثنين و لربما قال مرتين خلال العام ! يمكن لمربي المواشي أن يفيدونا ، فقد تطاول الزمن علي تلك الزيارة ! لا أريد أن أقول نسيتُ!
الرسالة هنا بأن المال أو الثروة تجمع بالصبر و الدأب، قليل المال لا يُبخسن، و التوفير عنصر مهم ! تحدث أحدهم و كان والده تاجراً لأحد عن والده التاجر و قد أوصاه وصية أورثها إبنه وهو ينقلها بدوره لإبن ذلك التاجر قائلاً ” إذا تحصلت علي قرشين ، أُكل قرش و وفر قرش!” وهي لعمري نسبة في الإدخار عظيمة! فخذوا بها! و في الأثر، لا تبخسن من المعروف شيئاً ،إدخارٌ و عطاء ! قصص النجاح كثيرة ، نأمل ممن أدرك بعضها أن يحكيها، لعلها تُلهم آخرين و لعلها تُحرك آخرين. و لنطرق دائماً دروب التفاؤل.
رسالةٌ أُخري يلخصها أهلنا في مثلهم ” كل شاة معلقة من عصبتها” و من الكلم الطيب” و لا تزر وازرة وزر أخري” و أُذكر الأحباب ، لِم تريدون أخذ الناس أخذ الحجاج بن يوسف لأهل العراق ؟ ماذا تتوخون من العدالة التي تأملون أن تأتي من التغيير المرتجي؟ عدالة الغوغاء ؟ و إنتقام يأخذ البرئ بالمذنب؟ وهكذا يفعل أهل الإنقاذ ! مما يعني بأنكم لستم أفضل منهم ! و كما ذكرت ماذا تأخذون علي نافع؟
أردتُ أن يُلِم الأحباب بالسافنا الفقيرة و بالصحراء و التي لا تصلح إلا لرعي الإبل و تربيتها، كما أردتُ أن أُعرِف بالمشروع الذي مولته منظمة روليكس R olex صانعة الساعات السويسرية الأشهر في العالم عبر جوائز و مسابقات كل عامين للمشاريع الرائدة في العلوم و التكنولوجياء و حماية البيئة ?تحت إسم R olex Awards for Enterprise .إنتربرايز تعني مشروع، مغامرة و لعلها من مشتقات الكلمة إنتربرونير و هو يعني رائد الأعمال- مما يتضمن عنصر المغامرة بالدخول في مشروع ما، غالباً غير مضمون النتائج.
ريادة الأعمال في وقتنا هذا تجد التشجيع في الغرب، خاصة في ولايات أميركا المتحدات- في وادي السليكون لديهم حاضنات الأعمال ، حيث تحتضن هؤلاء الرواد حتي يشبوا عن الطوق و يحلقوا في سماوات صافيات !كما يجدون التمويل بما يُعرف بالفنشير كابيتال ?venture capital و هو يعني مال للمغامرة و ذلك بدخوله في مشاريع مغامرة غير معروفة النتائج! من لرواد السودان؟ لعل شركة قوقل خرجت من حاضنات وادي السليكون.أردت أن يصل الأحباب لتلك المعلومات بالبحث في الشبكة .
مجال آخر للمعرفة بإنشاء الشركات و شراء الأسهم و بيعها ? حيث المال القليل يجتمع ليفيض بالخير علي الجميع و لنجرب ! توجد تجارب ناجحة.وفي جمع المال و إكتنازه نظريات و كتب.قد يكون مناسباً قراءة كتاب”آباء فقراء، آباء أثرياء”
Rich Dad, Poor Dad
الرسالة الرابعة لفتية الإنقاذ و قد خاب الأمل فيهم و الرجاء، عرفنا بعضهم و لكن السلطة مفسدة و السلطة المطلقة تفسد فساداً مطلقاً لا لجام له ! تلقوا تعليماً مجاناً و في كافة المراحل و من بعد تم إبتعاثهم للتحصيل في الغرب و لكنهم سرعان ما إنقلبوا علي النظام و خربوه بشكل لا مثيل له و منهم من درس في كليتين و منهم من درس في جامعتين و كان خلال ذلك يقيم بالداخلية مع وجبات مجانية ? الآن يرسلون أبنائهم لمدارس خاصة و بلغة أجنبية مع تعريبهم لجامعات أهل السودان ! أوقفوا البعثات و يرسلون أبنائهم إلي كل الدول و لا ننسي لهم إحضارهم لأبناء الشعب من دول العالم ليكملوا دراستهم هنا ، حفظاً لهم كما زعموا! و من عجب فقد أوقفوا أفراح الشعب الصغيرة بالتخريجات (حفلات التخريج) في النوادي و ذهبوا ليخرجوا أبنائهم بماليزيا !و معهم قنوات للتلفزة ! لا أقول ذهبت علي حسابكم ! و لكنهم نقلوا إلينا أفراحهم الكبيرة .ليتهم قاموا بتسجيلها علي شرائط و ديسيهات ليشاهدونها علي شاشاتهم الكبيرة أو الصغيرة ! ما أروع الطيب الصالح ! لقد أدرك مبكراً حقيقة أهل الإنقاذ وقد إحتفظ الطيب بجوازه الأزرق حتي مماته، بينما ذوي الأحلام الصغيرة يأخذون نسائهم الحبلي ليضعن في بلاد الكفر ! ليستمتعوا بحقوق و خدمات لا يستحقونها و للحصول علي الجنسية و جواز السفر الذي يؤمن حمايةً من المحكمة الجنائية الدولية! سيحاكم منهم بضع أفراد ! و يفلت الكثير بجوازه الأجنبي !
من المآخذ الأُخري لنافع إدعاؤه لآخر لحظة بأن الجنوب لن ينفصل !و كنت أعجبُ لذلك-لقد بدأ إنفصال الجنوب مع مفاوضات دول الإيقاد.أين منظمة الإيقاد الآن؟ لم نعد نسمع لها صوتاً! لعلها قامت لتزيد أعضائها عضواً !هل إنضمت دولة جنوب السودان لتلك المنظمة؟
الرسالة المهمة ، لستُ من دعاة القبلية و لكنها عادة في إبتدار الكلام كما يبتدر أهل الغرب حديثهم عن الطقس ! صحو هو أم ممطر؟ باردٌ أم دافئ؟ و هي أيضاً أضحت مجالاً للنكته و في الغرب أيضاً تسخر شعوبهم من بعضها ، الفرنسي يسخر من جلافة الألماني و كذلك الإنجليزي يسخر من السويسري و الياباني أضحي يسخر من الأميركي فقد بزه و فاقه! بعد أن تلاشت القبائل و تجانست الأمم ? مسيرةٌ في طريقها سائرون لا محالة و بقوة و هو ما لمسته من الأحباب الغاضبين!ولكن نشأت بيننا قبائل جديدة كما يقول ألفين توفلر Alvin
Toffler في كتابهما المعروف: صدمة المستقبل وهما زوجان أمريكيان ? و رغم ذلك لا نجد تنافر أو تشاكس! نبه الكاتبان إلي ظاهرة القبيلة الجديدة و هي أصحاب المهنة الواحدة ? أطباء و مهندسين …إلخ ، لهم نواديهم و روابطهم و لغتهم المشتركة .فتجد الطبيبين أقرب لبعضهم من الأخوين !أردتُ أن أقول بأن القبيلة و حتي ينفض سامرها و يتوقف نحاسها عن الضرب ، معينٌ علي الحياة و لاوائها في هذه البوادي القاسية! تماماً كالأسرة الممتده والتي نقبلها الآن دون جدال ! سيأتي اليوم الذي ننقض حبلها كالقبيلة- رمز التخلف و التشرزم!
وحتي تنتهي من وجه الأرض و من واقعنا علينا أن نُعزز من من نقاط القوة فيها و نترك مهاوي الضعف، نأخذ من الفرص التي توفرها و التحديات التي تفرضها! و هكذا أيها الأحباب يصنع أهل الغرب ، طالما الجدار يؤدي مهمته يتركونه و كلما ظلت الآلة تدور ينتفعون بها!
أما لجان الحقيقة و المصالحة ، كما قامت في إفريقيا الجنوبية فلها إجراءآت تؤدي لإكتمال الشفاء و تحقيق العدالة، ثم العفو و المصالحة ? حيث تسيل دموع و تبتل خدود و يحتضن القاتل ضحيته ! و لا يعفو إلا الأبطال!
أما الأحاديث التي أوردتها في المكروه من الأسماء فأحسبها ضعيفة-فهنا نسمي الهادي و هو من أسماء الإله الكريم ! و لو ذهب الهادي إلي الدولة الشقيقة لنودي عبد الهادي ! و كذلك عبد الرسول ! سيضحي عبد رب الرسول ! وكذلك الطيب و أحمد و محمود و غيرها كثير ولنا أن نسأل بذات المنطق أثمة طيبة؟ أثمة حمد؟ و هل هو محمود حقيقةً ؟ لا بد لنا من إستخدام العقل و المنطق، مع كثير تريث و صبر!

إسماعيل آدم محمد زين
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..