إنهم يعبثون بأركان الإسلام

بابكر فيصل بابكر
عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) رواه البخاري و مسلم.
وقوع السرقة والإختلاس والتبديد والتجاوز في مختلف وزارات و إدارات ومؤسسات الحكومة أمرٌ موجود في مختلف الدول والمجتمعات, ولكن أن يطال ذلك مؤسسات مرتبطة بأداء ركنين من أركان الدين الإسلامي " الزكاة والحج " فهو الأمرُ الجلل والمصيبة الكبرى التي يستعصي فهمها خصوصاً عندما يحدث ذلك في إطار دولة ملأت الدنيا ضجيجاً وصكت آذان الناس بترديد شعارات تطبيق الإسلام وتنزيل قيمه في المجتمع و على جهاز الدولة.
قد كشف تقرير المراجع العام الأخير تجاوزات في الصرف في الهيئة العامة للحج والعمرة بمليارات الجنيهات, إضافة لتبديد ملايين الريالات السعودية في البحث عن عقارات ضائعة بالمملكة لم يتم العثور عليها حتى اليوم. أما ديوان الزكاة فقد تبيَّن أنه لا يتقيَّد بالمصارف الشرعية للزكاة, فهو يقوم بخصم المكافآت والحوافز للعاملين فيه ويدعم المنظمات الخيرية خصماً على مصرف الفقراء والمساكين, كما أنه يبرم العقود مع الجهات التي يتعامل معها دون النص على الشروط الجزائية ودون أن يوثقها من جهة الإختصاص.
دولة الإنقاذ التي تحدث فيها هذه التجاوزات التي تطال أركان الإسلام مليئة بالمؤسسات العدلية والحقوقية والأمنية مثل الجهاز القضائي, وإدارة الثراء الحرام, والأمن الإقتصادي, ومفوضية مكافحة الفساد. وهى كذلك متخمة بالقوانين مثل القانون الجنائي, وقانون الثراء الحرام, وقانون المراجعة الداخلية لأجهزة الدولة. وعلى الرغم من ذلك فإنَّنا لا نرى مسئولين في هذه المؤسسات يقدمون للمحاكم أو تتم مساءلتهم ومحاسبتهم على المخالفات الواردة في تقارير المراجع العام.
قد أصبح تقرير المراجع العام موسماً سنوياً للتندر والبكاء والحسرة على حال المؤسسات الحكومية لا تعقبهُ أى إجراءات ملموسة أو خطوات جادة للمقاضاة والمحاسبة والتغيير, فما هو السبب وراء هذا الوضع ؟
هذا الوضع ? في رأيي- إنعكاسٌ طبيعيٌ لأزمة الحكم الخانقة التي يمر بها السودان, حيث أدى غياب التعددية و تداول السلطة, وعدم وجود سلطة تشريعية ورقابية حقيقية, إضافة لتسييس الخدمة العامة وخنق الإعلام الحُر لأكثر من عقدين من الزمن إلى إندماج وتطابق الحزب الحاكم مع جهاز الدولة, ومع تراجع فاعلية الحزب بسبب التكلس وغياب المؤسسية أصبح دور الشلل والأفراد الذين تحركهم المصالح هو الدور الغالب, وبسبب تداخل هذه المصالح وتشابكها بين مختلف المجموعات ومراكز القوى فإنَّه لا يمكن لفئة تعريض فئات أخرى للمساءلة والمحاسبة فلكلٍ نصيبهُ من الفساد, و التضحية بمجموعة ستؤدي لزعزعة مجموعات أخرى, والخوف من تهدم المعبد على رأس الكل يدفع بالجميع إلى التعاون و تبادل المنافع و القبول بالأوضاع القائمة.
فالقائمون على أمر ديوان الزكاة ? على سبيل المثال – من أعلى الهرم الإداري إلى أصغر عامل ينتمون بشكل ما إلى حزب الحكومة وفكره ومنهجه وتوجهه, وبالتالي فإنَّ صرف المكافآت والحوافز لهؤلاء العاملين خصماً على احد المصارف الشرعية التي نصَّ عليها القرآن " مصرف الفقراء والمساكين" إنما يعني ضمان إستمرار ولاءهم ومشايعتهم للحزب وللحكومة.
والشركات التي يتعاقد معها الديوان هى بلا شك شركات موصولة بطريقة أو أخرى بعضوية الحزب الحاكم وقيادته, وبالتالي فهو يتجاوز عن وضع الشروط الجزائية و عن توثيق العقود الموقعة معها عند جهات الإختصاص . و المنظمات الخيرية التي ينفق عليها الديوان من مصرف الفقراء والمساكين هى كذلك منظمات يقوم على أمرها هذا " الشيخ" أو تلك " الشيخة" من أهل الحزب.
وهكذا فإنه في المحصلة النهائية يُصبحُ الحفاظ على مصالح الحزب مُقدَّماً على الحفاظ على أركان الإسلام وعلى وضع الفريضة الدينية في موضعها الصحيح, وهنا يتجلى بوضوح صدق العبارة الجارية على السن الناس عن " التجارة بالدين " :
يحتالُ بالدين للدنيا ليجمعها سُحتاً وتوردهُ في قاع سجين.
إضافة إلى عجز مؤسسات الدولة العدلية والحقوقية وقوانينها عن الردع والمساءلة والمحاسبة فإنَّ المؤسسة الأخلاقية الأهم " الضمير" قد ضعُف دورها وكاد أن يتلاشى وسط الأمواج المتلاطمة من النفاق والإحتيال والكذب والتدليس. يستعصمُ بها قلة قليلة من اولي العزم ويقبضون عليها وعلى دينهم كقبضهم على الجمر.
قد إمتد الأثر العميق لأزمة الحكم للأنفس فأوهنها وضعضع تماسُكها أمام سطوة المال و بريق المناصب, وبدافع الفقر و العوز و الحاجة, وصار جُل رجال الدين أبواقاً للسلطة عوضاً عن لعب دورهم الأصيل في تعزيز الوازع الديني لدى الناس وقول كلمة الحق, ليس بينهم "أباذرٍ" واحدٍ لا يخشى زمهرير الشتاء في "الربذة" وهم الذين إستطابوا رغد العيش, واستملحوا القروش وإنتفاخ الكروش. هذه الفئة كنت قد قلت عنها :
قد خلقت الدولة طبقة من رجال الكهنوت جعلت من الدين تجارة رابحة ومصالح شخصيِّة, حِرفة وصنعة يؤجرون عليها, يتكسبُّون بالقرآن وبإصدار الفتاوى, ويرتزقون من المناصب العُليا في المؤسسات الدينية التي تناسلت دون حاجةٍ حقيقيةٍ لها في المجتمع. خصَّصت الدولة لرجال الدين من أصحاب الفتاوى " التيك أواى" مقاعد في كل وزارة ومصلحة حُكومية وجامعة, ومؤسسة مالية وبنكية, ومجالس إدارات الشركات, تشتري بها تأييدهم وسندهم, وهم ? من جانبهم – لا يتوَّرعوُن عن ممالأة السُّلطة. يتحايلوُن على الناس ويُصنفون البنوك إلى إسلامية وغير إسلامية بينما المُمارسة واحدةٌ في كليهما. يأكلون السُحْتَ في دواوين أنشأتها السُّلطة بالقوة والجبروت لتجبي زكاة لا تذهبُ في مصارفها.
هم زينوا للعوام كل فاحشةٍ … ومنهم نتن أكل السحت مشموم.
وبما أنَّ الأزمة الحقيقية وراء إستمرار نهب الأموال العامة, وأموال الزكاة والحج أزمة هيكلية مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بطبيعة نظام الحكم كما ذكرنا سلفاً فإنَّ أى مطالبة جادة للمراجع العام بكشف أسماء ومواقع المتورطين في تلك الجريمة للرأي العام وتقديمهم للمحاكمة والمحاسبة تصبح ضرباً من المستحيل لأنها في خاتمة المطاف ستمس عصباً حساساً في جسد الحكومة وستدخل جحور الأفاعي وغرف الأشباح وهو الأمر الذي لا يستطيع المراجع العام وديوانه فعل شىء تجاههُ.
المطلوب إذاً ? حتى تستقيم الأمور – تغييراً شاملاً يطالُ أسس وطبيعة الحكم الشمولي و يُفضي لنظام حكم تعددي حقيقي يسمح بتداول السلطة, وإستقلال القضاء, وحرية الإعلام, و فعالية الدورالرقابي للجهاز التشريعي, وفض الإشتباك بين جهاز الدولة والحزب, ودون ذلك لن تفعل تقارير المراجع العام السنوية شيئاً سوى تجديد الحسرة والبكاء والعويل ولطم الخدود على حال وزارات وإدارات و مؤسسات الحكومة العامة.
ولا حول ولا قوة الا بالله.
بابكر فيصل بابكر
[email protected]
العلماء: حماية المال العام. واجب دينى المصدر: الأهرام اليومى بقلم: مروة البشير
مفهوم المال العام
يعرف الدكتور يوسف إبراهيم أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر المال العام في الإسلام بأنه كل مال لا يستحقه فرد بذاته وإنما هو مملوك للعامة، وينبغي أن ينفق علي المصالح التي تهم جميع الناس وليس علي فرد بذاته، وهو يتكون من عدة مصادر أهمها أجرة الأرض المملوكة لجماعة المسلمين وهو الذي كان يسمي بالخراج، وهو مقابل السماح لفرد بذاته أن يستغل موردا مملوكا للجماعة، فما يدفعه يكون جزء من المال العام.
و لدينا من الأموال العامة الزكاة وهي مخصصة للإنفاق علي ذوي الحاجة أساسا، والدعوة إلي الله تعالي، ولذلك يخصص لها قسم في الموازنة العامة، أو موازنة خاصة بها حتي لا تختلط ببقية الأموال العامة التي تنفق علي مصالح الجميع أغنياء وفقراء، مثل بناء الطرق وشق الأنهار وإقامة المصانع وإعداد العدة للدفاع عن المجتمع سواء من الأخطار الخارجية مثل القوات المسلحة، أو الأخطار الداخلية مثل القضاء والشرطة، وتوجد أيضا الضرائب إذا لم تكف الموارد الأخري، بمعني أننا نجمع الإيرادات المذكورة أولا فإذا إحتجنا فوقها لجأنا إلي الضرائب من الأغنياء.
هناك ضوابط لإنفاق المال العام ذكرها سيدنا عمربن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: (والله الذي لا إله إلا هو ما أحد وله في هذا المال حق، وما أحد أحق به من أحد وما أنا فيه إلا كأحدهم ولكن علي منازلنا من كتاب الله وقسمنا من سنة رسول الله، فالرجل وتلاده، والرجل وغناءه في الإسلام، والرجل وحاجته في الإسلام، والله لئن بكيت ليأتينا الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو في مكانه قبل ان يحمر وجهه (أي لا ينتظر السؤال فيحرج).
ويوضح الدكتور يوسف إبراهيم أن المال العام حق للجميع في الأساس، ولكن يقتسمونه علي الأسس الآتيه: أولا: الفرد وخدمته السابقة في الإسلام، ثانيا: الفرد وما يقدمه للأمة، اي بمقدار ما يغني الرجل عن المسلمين في جلب النفع للمسلمين وبمقدار ما يدفع عنهم من ضررهنا ينال نصيبا من المال العام في صورة أجر أو مرتب أو مكافأة، فكل من فرغ نفسه لعمل من أعمال المسلمين فكفايته في هذا النوع من الإسلام، وأخيرا الرجل وحاجته في الإسلام، بمقدار إحتياج الشخص للدولة في توفير الحياة الكريمة له ولأسرته بعد استنفاد وسائله الخاصة يعطي من المال العام ما يوفر له تلك الحياة وينقله من دائرة الفقر والاحتياج إلي دائرة العيش الطيب.
وهذه هي خطة الإسلام في توزيع المال العام بين الأفراد أساسها موضوعية مطلقة لا مجال فيها لتدخل العناصر الشخصية فمن حابي قريبا أو صديقا لا يكون عادلا في توزيع المال ولم يوافق توجيه الإسلام، ومن منع مسلما حقا له فقد ظلمه والظلم جزاؤه عظيم في الإسلام.
الإسلام أوجب الحفاظ عليه
يقول الشيخ جمال قطب الأمين السابق للجنة الفتوي بالأزهر أنه بلغ الحفاظ علي المال العام في عهد رسول الله «صلي الله عليه وسلم» أنه أوقف ماله الذي آل إليه من خيبر وجعله وقفا خاصا لنثريات الحكومة والإدارة العامة حتي لا يظهر في حسابات بيت المال بند النثريات أيا كان سببها.
وقد عين رسول الله صلي الله عليه وسلم خازنا لبيت المال من عامة المواطنين الاكفاء مشترطا فيه ألا يكون هاشميا منعا للقرابة، وحرصا علي شفافية التعامل وتمييزا بين المال العام وبين السلطة ومن يمارسها، ولقد سار علي هذا الطريق أبو بكر الصديق، وعمربن الخطاب رضي الله عنهما، فكانت حسابات بيت المال واضحة ظاهرة للكافة يعلم فيها علم اليقين جانب الإيرادات وجانب المصروفات مع إعطاء كل المواطنين الحق في الإعتراض والتبليغ والمحاسبة.
وقد كان عمربن الخطاب ينتفض إذا سمع أن درهما واحدا من الأموال العامة قد اختلس أو انفق في ترف، وقد خرج رضي الله عنه يعدو ذات مرة وراء بعير أفلت من مطعنه، ويلقاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيسأله: إلي أين يا امير المؤمنين، فيجيبه عمر: بعير فر من إبل الصدقة أطلبه، فيقول له علي: لقد أتعبت الذين سيجيئون من بعدك، فيجيبه عمر بكلمات متهدجة والذي بعث محمدا بالحق لو أن عنزا ذهبت بشاطيء الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة، وقد كان أيضا أمير المؤمنين عمربن عبدالعزيز شديد الحرص علي المال العام حتي أنه كان يدير حوارا مع أحد الولاة في شأن الدولة، فلما فرغ أراد أن يحدث الأمير في شأن خاص، فقال الامير: انتظر حتي نطفيء السراج الممول من بيت المال، ثم أشعل السراج الخاص حتي اسمع لك، والمال من أعظم الأمانات التي يجب الحفاظ عليه ورعايته وعدم التجرأ بالإنتقاص منه تحت اي سبب، يقول تعالي: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا)، ويقول تعالي أيضا: (إنا عرضنا الأمانة علي السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).
وأضاف فضيلة الشيخ جمال قطب أن الشريعة غلظت عقوبة التفريط والإهمال في المال العام، يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (يؤتي يوم القيامة بأناس معهم من الحسنات كأمثال جبل تهامة حتي إذا جيء بهم جعلها الله هباء منثورا ثم يقذف بهم في النار، فقيل يارسول الله كيف ذلك؟ قال: كانوا يصلون ويزكون ويحجون غير أنهم كانوا إذا عرض عليهم شيء من الحرام أخذوه فأحبط الله أعمالهم).
أما ما عرف عن بعض الحكام من ناحية استغلالهم للمال العام فإن التاريخ يحتفظ بقصص عن البذخ والإسراف لبعض الأمراء في الدولة الأموية والدولة العباسية، ولكن إذا قيست النفقات بمقياس عصرها فهي تمثل إسرافا وبذخا لا مبرر له ولم يشفع لهم عند الناس تبريرها حتي لا يثوروا عليهم، إلا أن جميع فئات الشعب وجميع أفراده كانوا في عيشه رغدة وحالة ميسورة ولم يحتاجوا لضرورة من الضروريات لذلك خفت صوت الرقابة فالناس قد شبعوا ولم يعد احد من المواطنين بحاجة، ومع ذلك استمرت التصرفات محل ريبة واعتراض وقس علي هذا الطريق الدويلات مثل دولة المماليك ثم ما أصاب الأمة من شتات وأصبح كل ولي يعتبر نفسه خليفة فينفق الكثير لتأكيد سلطته وكل ذلك كان سلوكا خاطئا وسيئا.
وللمواطن حق فيه
ويؤكد الدكتور فياض عبدالمنعم أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن الملكية في أي مجتمع تنبع جذورها من عقيدة المجتمع وثقافته التي يتشكل فيها النظام الاقتصادي، ونظرة الإسلام إلي الملكية هي أن الأموال التي في أيدي الناس هي أموال الله بخلقه وإنشائه، وأنه خولهم إياها وجعلهم خلفاء فيها، وأنهم بمنزلة الوكلاء، ويترتب علي ذلك قيام الإنسان بواجب الإعمار، في طاعة الله فيما استخلف فيه، فلا يكتسب إلا من الحلال ولاينفق إلا في الطيب، وأن عليه واجب الاستعمال لما يملك في نفعه وفي نفع الناس، ولما كانت الأمة تعيش بهذا المال وتنتفع به فليس لسفيه أن يضيعه، وإذا فعل هذا حجر عليه، وانطلاقا من مفهوم الاستخلاف في ملكية الأموال في الإسلام، ترتبط قضية التنمية بقضية العدالة في المعاملات، وترتبط قضية الإنتاج بقضية رعاية الفقراء، فالإسلام يبيح الملكية الخاصة ولكنه يجعلها ملكية نظيفة في الكسب والإنفاق، وملكية مقيدة، قوامها القسط وفي نفس الوقت يحمي الملكية العامة، فليس لأحد أن يتملك أو يحتجز بمنافع عامة (موارد الطاقة الطبيعية ) لأنها سلع مشتركة بين الجميع، والإسلام جعل واجب الرعاية الاجتماعية بتوفير حد الكفاية لكل فرد في الأمة، في قمة أولويات أهداف الدولة، بتقرير حق الفقير والمحتاج في الزكاة، وبحماية الملكية العامة للانتفاع العام بها من جميع أفراد الأمة بقدر الحاجة، كما يصون الملكية الخاصة فلا عدوان عليها ولا مصادرة لها وبذلك يتحقق في الإسلام التوازن بين الفرد والجماعة، فلا يطغي الفرد علي الجماعة بإسم الحرية، ولا تطغي الجماعة علي الفرد، يقول تعالي: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط).
فحق الجماعة مقرر بالمصلحة العامة المحدودة شرعا بضوابطها، وهذا واضح عند فقهاء الأمة السابقين، يقول تقي الدين السبكي في شرح المنهاج: ومما عظمت به البلوي، اعتقاد بعض العوام، أن أرض الأنهار ملك بيت المال (أي ملكية الدولة) وهذا أمر لا دليل عليه، وإنما هو كالمعادن الظاهرة لا يجوز للإمام إقطاعها ولاتملكها، ولإحتياج جميع الناس إليها فكيف تباع؟ فليس للسلطان تصرف فيها، بل هو وغيره فيها سواء.
وقال عمربن الخطاب لهني حين استعمله علي حمي الربذة: ياهني اضمم جناحيك عن الناس واتق دعوة المظلوم، فإنها مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة، ودعني من نعم ابن عفان ونعم ابن عوف، فإنهما إن هلكت ماشيتهما رجعا إلي نخل وزرع، وإن هذا المسكين إن هلكت ماشيته جاء يصرخ: يا أمير المؤمنين، أفالكلأ أهون علي أم غرم الذهب والورق، وقد أراد عمر بن الخطاب أن يوضح أن الملكية العامة ينبغي أن تعطي الأولوية في الإنتفاع بها للفقراء وذوي القدرات المالية المحدودة، أما الأغنياء فلهم مواردهم المالية، وأنه لولا واجب ومتطلبات الدفاع عن حدود الوطن، لكانت كل الأراضي العامة تكون مباحة للجميع للإنتفاع بها.
عقوبة الاعتداء
ويري الدكتور فياض عبد المنعم أنه إذا انحرف الحاكم في تصرفاته في الأموال العامة بإهدارها وحرمان المحتاج منها، وتخصيصها بالأهواء لا بمقاصد الشريعة وضوابطها، فالأمة ممثلة في علمائها وفي أهل الإختصاص في كل فرع واجب بيان وجه المصلحة العامة الحقيقية دون مواربة أو خوف أوتردد، فمصلحة الأمة والشريعة فوق كل المصالح الشخصية، وفوق الحاكم نفسه، والتفريط في هذا الواجب تقاعس من الحاكم يسأل عنه أمام الله سبحانه وتعالي وأمام الأمة بأكملها، يقول صلي الله عليه وسلم: (لا يحل مال إمريء مسلم إلا بطيب نفس منه)، ويؤكد أن الإسلام وضع القيم الضابطة لحركة الحياة وفق منهج مستقيم، وأن هذه القيم لضمان توافرها في الواقع تحتاج إلي مؤسسات متخصصة لرعاية كل قيمة، ومنها إنشاء مؤسسة عامة مستقلة وظيفتها حماية الممتلكات العامة ومنع أي إهدار أو إفساد لها، فهذه الأموال العامة ليست ملكا لأفراد الأمة الآن، بل وعلي امتداد أجيالها إلي يوم القيامة.
استخدام المال العام لا يكون إلا للمصلحة العامة وسد الإحتياجات الأساسية التي تهم الجماعة كلها هذا ما يؤكده الدكتور الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية، ويضيف أنه لا يجوز أن يسيطر علي هذا المال فرد أو مجموعة من الأفراد، دون التفويض من صاحب المال الأصلي وهو المجتمع، فهو ينفق في خير الوطن ويستعان به في التنمية وإقامة المشروعات العامة التي تخدم أبناء الوطن وترقي بهم، ويجب علي المواطن أن يحرص علي هذا المال كما يحرص علي ماله الخاص، فالمال العام هو مال جميع أفراد الوطن، والإستيلاء عليه أو التفريط فيه يعد جريمة بل خيانة عظمي.
ويؤكد إن القائم علي المال العام يجب أن تتوفر فيه شروط معينة كما يقول الدكتور الشحات الجندي من أهمها الكفاءة والأمانة بمعني أن يكون لديه من القدرة والإستطاعة علي معرفة الأوجه الشرعية والمصلحية في استخدام هذا المال في وجوه الإنفاق المشروعة والمطلوبة، ويجب أن يكون متيقظا لحرمة هذا المال وضرورة المحافظة عليه وذلك إمتثالا لقوله تعالي فيما ورد علي لسان سيدنا يوسف: (اجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم).
ويضيف أن الشريعة وضعت ضمانات لحماية هذا المال حفاظا عليه ومنعا من المساس به، وقد روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه قال: (والله إني لأعطي شيئا من هذا المال ولا أمنعه، وإنما أنا قاسم لهذا المال أضعه حيث أمرت وإني لأرجو أن ألقي الله وليس لأحد يطلبني بمظلمة ظلمته إياها في نفس ولا دم ولا مال).
وبلغ من تحرزه أيضا وبعده عن المساس بالمال العام إلي درجة أنه قال: (لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين كسوتين)، حلة للشتاء وحلة للصيف وما أحج به واعتمر وقوته وقوت أهله كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد ذلك كرجل من المسلمين،
ويتضح من ذلك أن الشريعة الإسلامية نبهت إلي ضرورة منع إستخدام النفوذ بالإعتداء علي المال، فالقائم علي المال العام أيا كان موقعه لا يجوز له الأخذ من هذا المال إلا ما يفي بحاجته الأساسية من المقومات الضرورية، وهي الطعام والملبس والمسكن والعلاج، حتي هذه الضروريات يجب ان يأخذ منها بطريقة وسطية لا إسراف فيها ولا تقتير حفاظا علي هذا المال وحماية لقدسيته.
وقد حرمت الشريعة الإعتداء علي المال العام بأي شكل، ووضعت له تشريعات قانونية تمنع كل مظاهر الفساد، فحرمت الرشوة، والإختلاس، واعتبرت أن قبول القائم علي المال العام هدية من شخص يعد خيانة للجماعة أو الوطن، يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش (أي الوسيط في الرشوة).
وقال صلي الله عليه وسلم أيضا: من استعملناه (وظفناه) علي عمل فرزقناه رزقا (مرتب) فما أخذه بعد ذلك فهو غلول (خيانة)، ويحرم الله هذا في قوله: (ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة)، أي يحمل هذا المال علي رؤوس الأشهاد عقابا له وكشفا لخيانته في يوم الحساب.
وحرمت أيضا السرقة، قال تعالي: (السارق والسارقة فأقطعوا أيديهما جزاء بما كسبوا نكالا من الله والله عزيز حكيم) فكان حد السرقة القاسي لمن تمتد يده علي أموال الآخرين عقوبة له وعظة لمن تسول له نفسه بأخذ المال الحرام.
ولم يكتف الإسلام فقط بوضع التشريعات، بل عمد إلي أمور أخري تمنع الفساد منها إشاعة العدل وتساوي الفرص بين أفراد الرعية مما يمنع الرشوة والمحسوبية والقهر وكل ما يدفع الإنسان إلي اللجوء إلي المال الحرام.
والثواب. لمن ينميه
وينبه الجندي الي أن الشريعة تعطي الثواب لمن يحفظ هذا المال ويعمل علي تنميته، يقول تعالي: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)، وقد أشار الرسول الله صلي الله عليه وسلم إلي هذا بقوله: (من أسدي إليكم معروفا فكافئوه).
وهذا الموقف من الشريعة في إثابة المحافظة علي المال العام منشأة أهمية المال في تقدم الأمة وريادتها بإعتبار أن المال عصب الحياة، فلا يمكن لأمة أن تتبوأ مكانة مرموقة دون ان تكون مسلحة بالمال والعلم، وقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة لا تعد ولاتحصي، قال تعالي: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )، ومن واجب المسلمين تجاه هذه النعم أن يحمدوا الله عز وجل وأن يحافظوا عليها، وأن يستخدموها فيما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
للاسف هم أحد اسباب تخلف السودان قادتنا السياسون وصلوا من الجهل وحب الذات مبلغاً حتى أعتقدوا انهم هم مخلصى السودان وغيرهم لايفقه شيئاً ولكن للأسف في الأساس هم سبب بلاء وتخلف السودان فالمرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة المهمشين ليس للسادة كما يوصفون انفسهم لقد عانيين من العسكر وعانيين من الاحزاب ما يكفى يجب ان تتولى الحكومة وطنيين اكفاء يقدموا كل من ثبت تورطه في دم او مال الشعب للمحاكمة منذ فجر الاستقلال حتى تاريخ اليوم
هنا واحد معانا في المدينة المنورة من أبو الريالات بتاع العقارات يقال والله أعلم أنا ما شوفته بيسرق بس يقال إنه هو اللي سرق الريالات
انا اقول ان سكوت الحاكم عن هذا الفساد – وضلوعه فيه – يشير الى أنه يباركه ويساهم فيه بهذا السكوت العلني والذي لا يمت للاسلام بصلة والمصيبة أن دعاة الاسلام في السودان يسكتون عن هذا الوضع الواضح وعن هذه التقارير الموضحة والكاشفة للفساد. لم نرى منهم اي موعظة في مسجد او في زاوية للتحدث عن مثل هذا الفساد المنتشر والذي اصبح شي لابد منه لاي موظف حكومي يرغب ويريد أن يكون من اثرياء البلد باي اسلوب كان. نخجل منهم عندما يتعرضون للبنات في زيهم او ملبسهم ويسكتون عن آكلي المال الحرام والمتسببين الاساسيين في الفساد المالي والاخلاقي المنتشر في السودان.
نقول حسبي الله ونعم الوكيل ولاحول ولاقوة الا بالله.
مشكور اخي جمال على نقل الموضوع ادناه واني اطالب بأن يرسل نسحة من اقتباس الاخ جمال الى كل مسؤول في الدولة السودانية من عام 1956 الى الان وان كانو توفاهم الله فيجب على احفادهم ان يردو كل شي الى حكومة السودان لعل الله يغفر لاهلهم اكل مال السحت وخاصة الاسلاميين والله العظيم انه لأمر جلل
واحد ساكن جاري فى الخرطوم وشغال فى ديوان الزكاة فى الرئاسة ويوم بعد يوم بيمشي الشغل بس متين بعد الساعة عشرة صباحا وبيصلي الظهر ويرجع وعامل ليه دقن كبير وما عارف الزول ده بيحلل أكل عيشه كيف ؟
——
عندما سنت فريضة الزكاة كان العاملين عليها يجوبون الصحاري والفياوي طوال العام لجمع الزكاة وكان نصيبهم جزءا معلوما منها ، أما اليوم فجامع الزكاة يركب سيارة ويصرف له بدل محروقات ومواصلات وبدل سكن وغلاء معيشة ثم يصرف له الجزء الكبير مما تم جمعه من الزكاة بدلا من توزيعها على مستحقيها ..
الاخ بابكر اخير اكتشفت لعبهم بالدين
ديك لعبوا بالاسلام واركانه مثل الزكاة الركن الثالث حيث تجبى الزكاة من المرتبات – والادهى انها لا توزع على مستحقيها – فهي تذهب لجيوبهم واستثمارات في السوق – اما الحج فالنخب المتنفذة يحججوا كل عام مع زوجاتهم على حساب المال العام (السائب) باسم الحج السياحي – اما الفساد في وزارة الارشاد وهئية الحج حدث ولا حرج وما جري بين الوزير ورئيس الهئية يمثل شاهد على استخفافهم بشعائر الاسلام
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ( 11 ) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ( 12 ) وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ( 13 )
يا اخ بابكر فيصل بابكر دى اقل حاجة ممكن نديها ليهم لانهم قاموا بعمل عظيم جدا و هو انتشالنا من عبادة الاصنام قبل الانقاذ هسع كان ابوك و ابوى بيعرفوا حاجة اسمها اسلام او زكاة او صلاة؟؟ مش كنا طوالى بنسكر فى البيت مع اخواتنا و ابواتنا و امهاتنا و بعد شوية يجى صاحب اختك او اختى و يخرج معها الى النوادى الليلية؟؟ و كان فى شوية مسلمين لمن يبكونوا عايزين يصلوا فى جماعة يصلوا فى السر يعنى الاسلام كان فى خطر و مضطهد قبل الانقاذ و جا فجر الانقاذ و سطع نور الاسلام و عم القرى و الفرقان فعشان كده لمن ياكلوا قروش ما تحاسبوهم عليها هم بيستحقوا اكتر من كده لما قاموا به من اعمال جليلة فى نشر الاسلام فى السودان الوثنى!!!!!! بعدين هم مش انقذوكم من ناس قرنق الكانوا ح يحتلوا الخرطوم و يشربوا القهوة فى المتمة؟؟؟ هم ما عايزين يحتلوا جوبا او ملكال او واو(ناس قرنق طبعا) عشان ما تعملوا حسابكم لاحتلال الخرطوم و المتمة!!! بالله ايه رايك يا استاذ مش انفع اكون كاتب فى اعلام الاسلاميين الذى رضع من ثدى مسيلمة الكذاب؟؟؟!!!! كسرة: الاسلام عمره ما كان فى خطر زى ما هو الآن فى عهد الانقاذ الكالح!! ما الذى غيرته الانقاذ فى ديانة السودانيين؟؟ للاسوا طبعا اما الوطن فقسمته و زادت الحروب و الحركات المسلحة فيه و ملاته بالجنود الاجانب و بقت تتسول الحلول لمشاكل الوطن فى العواصم الخارجية زى الكانها بتتفاوض مع دول او جماعات خارجية!! شفتوا الانقاذ الما خمج كيف؟؟؟!!!
يا ريت هي بقت على كدا وبس
هسي شوف طبقة رجال الدين وأئمة المساجد ح يضربوا طناش كيف!!
ويعملوا فيها لا سمعوا ولا دروا بتقرير المراجع العام
لكن لو بكرة إستنفر البشير الجيش لغزو مدينة من المدن التي تسيطر عليها الحركة الشعبية-قطاع الشمال
ستجد فجأة أن كل الحمية الدينية تساقطت عليهم وهاك يا سب في عرمان وهاك يا سب في عقار وهاك يا سب في الحلو
سبحان الله الذي رد أرواحهم بعد أن ظننا أنهم أموات
وبعد دا كلو عاوزيننا نصدقهم
وياريت لو كان من الممكن أن نستنكر تجسيدهم لدور الشيطان الأخرس
لا ثم لا
ح يجيك واحد من الهتيفة ناطي ويقول ليك لحوم العلماء مسمومة
ياخي سم يهريك إنت والبشير وعلمائك ديل