نفق سوداني أم دولي..انفصال الجنوب مسؤول عنه مباشرة حزب البشير..إنه ليس على قلب رجل واحد..طه سيجد نفسه في مواجهة مراكز قوى عملت منذ توقيع الاتفاقية على تفريغها من مضمونها والصراع سيحتدم داخليا..

القمة الدولية التي استضافتها نيويورك بشأن قضايا السودان الشائكة وبحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما شخصيا تؤكد أن المجتمع الدولي لن يسمح بإعادة عقارب الساعة للوراء والعودة للمربع الاول مربع الحرب بين شمال وجنوب السودان رغم أن كل الدلائل تشير الى إمكانية ذلك بالنظر الى واقع علاقات شريكي الحكم المتوترة مع اقتراب موعد استحقاق الاستفتاء حول مصير جنوب السودان.

فهذه القمة تشكل رسالة واضحة للطرفين خاصة حكومة الشمال التي يسيطرعليها المؤتمر الوطني بأن المجتمع الدولي لن يسمح بعرقلة الاستفتاء ولن يسمح أيضا بعودة الحرب وأن المطلوب أن يتم إجراء استفتاء مصير جنوب السودان في جو معافى والقبول بنتائج الاستفتاء حيث تشير كل الدلائل الى ان الجنوبيين سيختارون الانفصال والاستقلال بدولة خاصة بهم ولذلك ليس غريبا أن يصرح سلفاكيرعلنا ومن منبر القمة بأن الجنوبيين سيختارون الانفصال بأغلبية كبيرة.

فإذا كانت كل الدلائل تؤكد الانفصال فما المطلوب إذن، المجتمع الدولي يريد ان يتم الطلاق المدني بسلاسة وألا تقع أي حرب جديدة بين الشمال والجنوب، وان رسالة اوباما الذي حضر القمة والتي وجهها للخرطوم كانت واضحة وتقضى بضرورة أن ينظم استفتاء جنوب السودان في أجواء هادئة وفي موعده المقرر باعتبار ان ما سيجري في السودان خلال الايام المقبلة قد يقرر ما إذا كان هؤلاء الناس الذين عانوا من الحروب سيتقدمون نحو السلام أو سيغرقون مجدداً في حمام دم".

فالرسالة واضحة وصريحة وهي مقرونة بالجزرة والعصا والخرطوم المطالبة بأن تفهمها تريد النتائج على الارض وواشنطن تقرن ذلك باستحقاقات عدة مرتبطة باستفتاء سلس لتقرير مصير الجنوب والقبول بنتائج الاستفتاء وتدرك إدارة أوباما مسبقاً ان الجنوبيين قد حددوا مصيرهم وحل أزمة دارفور وأن الخرطوم تريد رفع العقوبات والضغط على الجنوبيين من أجل جعل خيار الوحدة جاذبا.

ومن هنا تباعدت المواقف رغم الالتزام الذي قطعته الخرطوم للمجتمع الدولي من خلال القمة بأن الاستفتاء سيقام في موعده وان حكومة الشمال ستقبل بالنتائج مهما كانت ولكن هذا الالتزام يكتنفه الغموض بسبب تباين المواقف داخل الحكومة السودانية، ففي الوقت الذي يعلن فيه علي عثمان الالتزام للمجتمع الدولي هناك أصوات داخل الحزب الحاكم تعلن عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء بحجة أن الحركة الشعبية أو حكومة الجنوب لم تسمح للأصوات المنادية بالوحدة بالعمل في الجنوب.

رغم عدم جاهزية الطرفين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على الارض لتنفيذ استحقاق الاستفتاء الا ان المجتمع الدولي قد تدخل واصبح الاستفتاء هما دوليا وليس سودانيا صرفا، وان اية محاولة لعرقلته ستقود الى عواقب، وان مفوضية الاستفتاء التي لاتزال تواجه أزمات داخلية ستجد نفسها امام تحد، خاصة ان كل انظار العالم تتجه إليها لإنجاح الاستحقاق، فالفشل يعني ان الجنوبيين سيعلنون دولتهم من طرف واحد وان المجتمع الدولي سيجد لهم العذر ويعترف بهذه الدولة وربما يلقي باللوم على الخرطوم.

كل الدلائل تشير الى ان السهام تصوب دائما تجاه الخرطوم وليس تجاه جوبا، فالرسالة الامريكية التي حملت استراتيجية جديدة تقوم على العصا والجزرة كما كانت في السابق مصوبة مباشرة على الخرطوم لأنها في نظر واشنطن هي المتهمة بتدبير عرقلة الاستفتاء ومنع انفصال الجنوب لأن ذلك يحرمها من النفط بفقدانها 80% من العائدات.

مشكلة السودان ليست في فصل الجنوب أو في أزمة دارفور وانما في تدويل كل الازمات الداخلية الصغيرة منها والكبيرة، حتى اصبح لكل الدول الكبرى والمنظمات مبعوثون بالسودان، بل لبعضها اكثر من مبعوث، الاول بالشأن السوداني ككل والآخر بشأن الجنوب او دارفور، وان الحكومة السودانية هي التي سمحت للجميع بالتدخل في الشأن السوداني والان تتباكى وتطالب برفع العقوبات في وقت قاتل تتجه كل الانظار إليها لتنفيذ استحقاق الاستفتاء الذي يجب أن يتم في موعده وبأسس مقبولة للجميع خاصة امريكا التي ألقي رئيسها اوباما شخصيا بثقله وراء هذا الاستحقاق.

الجنوبيون بقيادة سلفاكير كسبوا الجولة من خلال مشاركتهم في قمة نيويورك التي التزمت الخرطوم على لسان علي عثمان طه للمشاركين فيها بإجراء الاستفتاء حول مصير جنوب السودان والقبول بنتائجه، ولذلك سيعملون من أجل أن يتم الانفصال سريعا ولن يلتفتوا للأصوات التي تنادي بالوحدة الجاذبة لان قطار الانفصال في نظرهم قد انطلق وان المجتمع الدولي قد اعلن دعمه لهم مسبقا هذا الواقع كيف تقابله الخرطوم؟ خاصة انها ليست على قلب رجل واحد، فطه الذي التزم للمجتمع من واقع انه مهندس اتفاقية نيفاشا للسلام مع الراحل جون قرنق سيجد نفسه في مواجهة مراكز قوى داخل الحزب الحاكم عملت منذ توقيع الاتفاقية على تفريغها من مضمونها بوضع متاريس امامها وان شركاءه الجنوبيين قد وجدوا من يقف معهم ولذلك فان الصراع سيحتدم داخليا في الخرطوم مع موعد اقتراب الاستفتاء ويعملون بشتى السبل والوسائل على عرقلة قيامه خاصة بعدما اكد المجتمع الدولي اهمية ان يقام الاستفتاء في موعده وإفشال مخطط التأجيل. فالمجتمع الدولي اعاد الكرة الى ملعب شريكي الحكم المتشاكسين بالسودان، ولكن هل هما على قدرالتحدي، الحركة الشعبية التي خرجت منتصرة من هذا الاجتماع لن تقبل بعرقلة الاستفتاء أو تأجيله حتى لساعات لانها تملك البديل والمؤتمر الوطني الذي وجد نفسه في المواجهة ليس امام امريكا فقط وانما المجتمع الدولي مطالب بأن ينجز الاستحقاق رغم ان الكثير من القضايا لم تحسم بعد، خاصة قضية ابيي الشائكة، فهذا الالتزام يضع المؤتمر الوطني امام محك وامتحان عسير، فهو مطالب بحصاد مازرع في كل الساحات الداخلية ،رغم ان كل الدلائل تشيرالى أن المؤتمر الوطني ليس "متحمسا" كثيرا لإجراء الاستفتاء في موعده ولكن الالتزام الدولي سيجعله امام فوهة مدفع واشنطن التي هددت بالعصا قبل الجزرة وسيجعله ايضا يواجه معضلة إعلان الجنوبيين استقلال الجنوب من داخل البرلمان رغم اعلانه في أكثر من مناسبة انه لن يعترف بذلك ولكن مع الضغوط الدولية سترضخ للواقع.

ما دام ان كل الاشارات تقول ان الجنوب سينفصل فلماذا لا يعمل الطرفان من اجل ان يتم الانفصال سلسا كما يرغب المجتمع الدولي، من المؤكد ان قمة نيويورك وضعت شريكي الحكم بالسودان امام تحد حقيقي، فليس امامهما الا انجاز الاستحقاق بطريقة سلسة تمنع العودة للمربع الاول مربع الحرب، انفصال الجنوب اصبح حقيقة والخرطوم مطالبة ان تعمل وفقا لهذا الواقع، فليس من المعقول ان تضيع خمس سنوات في جدل وتصر على انجاز استحقاق الوحدة الجاذبة في خمسة اشهر، ان ما يتم حاليا لعب على الذقون، وصرف للانظار عن الواقع الحقيقي، فالالتزام الذي قطعه طه امام المجتمع الدولي تتبعه استحقاقات كثيرة ليتم الطلاق المدني بدون حرب جديدة ستقود كوارث وازمات جديدة قد تعصف بالخرطوم نفسها لأنها هي المسؤولة امام العالم اجمع.

انفصال الجنوب مسؤول عنه مباشرة المؤتمر الوطني الحاكم وليس الجنوبيين وحدهم، فهو بممارساته جعل الجنوبيين ينفرون من خيار الوحدة وان ما يقوله ويعلنه بخصوص هذا الخيار مجرد استهلاك سياسي محلي لأنه ادرك اخيرا ان الانفصال سيسبب له "حرجا" سياسيا ومسؤولية تاريخية في السودان، فجميع أهل شمال السودان لا يريدون الانفصال بين الشمال والجنوب والمؤتمر الوطني ظل يحكم هذا الشمال لمدة (20) عاما منفردا، ووقع الاتفاقية مع الحركة الشعبية منفردا، ونفذها منفردا ولم يشرك الآخرين فيها على الإطلاق لانه يريد ان يحكم فقط والاتفاقية حققت له ما يريد مؤقتا.

بقلم – حامد إبراهيم حامد (كاتب من أسرة الراية )..
الراية القطرية

تعليق واحد

  1. لقد اعطى زمرة الانقاذيين حقا لا يملكونه للجنوبيون و بالرقم من ان حق تقرير المصير من حقهم كان من الاجدر ومن الاولى ان يرجعوا للشعب السودانى فى استفتاء عام
    هل يضمن هذا البند فى الاتفاقية ام لا ؟ولكن لم يفعلوا ذلك وكان تفكيرهم بان الجنوبيون يمكن شراء مواقفهم بالمال والسيارات والبيوت الفاخرة وفات عليهم ان
    هذه السياسة قد ولى عهدها ووقعوا على اسوا بند وجاء عمر البشير يرقص امام الشعب فى غباء يحسد عليه وكنت اقول فى نفسى من فوض هؤلاء لتوقيع مثل هذه
    الاتفاقية وبالامس اصبت بالغثيان وانا اشاهد رجال الادارة الاهلية يتحدثون بسذاجة عن سودان الجدود الموحد فاين كان هؤلاء عند توقيع الاتفاقية وهل تمت استشارتهم ام هى بلبلة واثارة نعرات يخطط لها لصوص النظام فلو تنازلت امريكا عن الجنائية لتغير
    خطابهم وسيغنعون ابواقهم بانه التزام الاهى يجب تنفيذه ولما دعوا الادارة الاهلية
    للاجتماع ولكنه مال سايب يحصلوا قرش قرشين ويبقى السؤال هل تم اشلراكهم عند الاتفاقية ؟

  2. ليس دفاعآ عن حكومة الانقاذ بل من باب المكجنه خاف الله فيه وعدم لى عنق الحقيقه وتزيف التاريخ. ان مشكلة الجنوب لم تكن وليدة حكم الانقاذ بل انها وليدة حقبة الاستعمار الذى عمدفيها بسياسة المناطق القفوله . ان تحميل الانقاذ مسولية انفصال الجنوب مجافت للحقيقه وتزويرآللتاريخ فمالانقبله منهم يجب ان لا نفعله بدواعى الكره وعدم الاتفاق معهم رغم انها اخطات فى ذلك مرتين المره الاولى عندما اعتبرت حرب الجنوب التى ورثتهامن الحقب الماضيه حرب جهاديه مقدسه وجيشت لذالك كل الشعب المع والضد مستقله فى ذلك العاطفه الدينيه لدى الشعب السودانى ممآشكل واقعآ مريرآ على الشمالين قبل الجنوبين بالاخص بعدماتكشف زيف وخداع شعرتها البراقه التى رفعتهافى تحقيق ذلك والتى لم تقوى على الاستمرار فيها امام بريق السلطه والجاه فاصبحت من هى لله لاللسلطه ولا للجاه الى العكس والمره الثانيه عندماقبلت بندحق تقريرالمصير للجنوبين بنيفاشاء والذى هوايضآ لم يكن مطلب جنوبى وليدالانقاذانماهومطلب قدم اكثرمن مره وبالاخص بموتمرالدايره المستديره والذى سرعان ماتم رفضه من قبل حكومة مايو واعطائهم بدلآ عنه الحكم الاقليمى الذى تمت اساته اسواء اساه . نخلص من ذلك بان انفصال الجنوب يتحمل الجنوبين وحدهم مسوليه من منطلق انه المطلب الاوحدلهم والذى قاتلومن اجله وهم يعتقدون بان الفرصه اتت لهم ويجب ان لا يضيعوها وحتى اسبابهم الواهيه ومطالبهم التعجزيه مثل علمانية ماهى الازريعه وغطالتحقيق امر مبيت له من قبل لانه الان لو قيل لهم تم قبول الدولة العلمانيه سياتون باسباب اخرى فعلى الجنوبين ان يعوجيدآ متطلبات واستحقاقات ما هم مقبلون عليه واحترام رغبتهم واختيارهم قبل مطالبة الاخرين بذلك وترك اللعب على الحبلين لان ذلك فيه مخاطرجمه.

  3. اخى ابو محمد لك التحيه والتجله . بدآ احيك على موضعية النقاش الذى اجدنفسى متفقآ معك فى بعضآمنه من منطلق اننى اصلآ لم اتطرق له بقدرماتعرضت الى عدم لى عنق الحقيقه وتزيف التاريخ لالشى خلاف معارضتناللانقاذ لان هذاشى وذلك شى اخر. اما ان جاز لى الاختلاف معك فى شى .هوان معضلة نيفاشاء الاساسيه هى وفاة قرنق التى بقدرما اربكت خطة الانقاذيين اتاحت الفرصه لعلواصوات الانفصالين داخل الحركة الشعبيه الذين يعشون فى جلباب الماضى ورفضوالتخلى عن عقلية الماضى التى شكلت مواقفهم اتجاه الوحده والانفصال دون وعى وادرك منهم للمصالح والاضرار.
    الاء تتفق معى اخى بان امريكا واروباء حدثت فيها من الحروبات التى ضاعت فيها ارواح ملاين البشر وانهم رغمآعن ذلك لم يفكرو بعقلية الماضى والذى لوحدث لكان هناك ماهواسواء من الماضى. انهم تناسوكل تلك الجرحات واسسو واقعآ انسانين جديدآ يتوق الجميع اليه والعيش فيه لانه واقعآ مبنى على الوحده والمصالح المشتركه للانسانيه .لماذالانكون كذلك متسامين فوق جراحاتنا وناسس لواقع افضل ممانحن فيه . مع اكيدتقديرى واحترامى

  4. 1- ابو البنات وابو محمد—مثال للنقاش المفيد —-يا سلام عليكم—ولو منكم في 100 نكون نحنا اسعد ناس في بلد المليون ميل مربع—دمتم ودامت الراكوبه التي تجمعنا بامثالكم—-

    2-(((((( فالالتزام الذي قطعه طه امام المجتمع الدولي تتبعه استحقاقات كثيرة ليتم الطلاق المدني بدون حرب جديدة ستقود كوارث وازمات جديدة قد تعصف بالخرطوم نفسها لأنها هي المسؤولة امام العالم اجمع))))—-علي عثمان ناوي الغدر وهذا ما نتمناه—-والدائره بدات تدور—والانقاذ باذن الله عما قريب راح تكون في خبر كان—لكن للاسف بعد فقد الجنوب واحتمال دارفور—–

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..