شبكات الفساد ترسم خريطة تهريب ذهب السودان

الذهب في السودان أشعل تنافسًا محمومًا في الحصول على الموارد بين الحكومة والحركات المسلحة في جميع أنحاء البلاد التي تشهد حربًا دموية دخلت عامها الثالث، ولا يزال المعدن الأصفر يمثل أبرز مصادر تمويلها.
وبعد عامين من الحرب فإن ذهب السودان أصبح تحت قبضة من شبكات المصالح العابرة للحدود، وهو يلمع في بلدان أخرى.
في أعقاب استقلال دولة جنوب السودان في يوليو 2011 وذهاب أكثر من ثلثي النفط مع البلد الجديد، بدأ السودان في مضاعفة إنتاجه من الذهب والاعتماد عليه في محاولة لتعويض فقدانه النفط.
ووفق وزارة المعادن؛ فإن التعدين الأهلي أو التقليدي للذهب ينتشر في معظم أنحاء السودان، ويتمركز في 14 ولاية من بين 18 ولاية في البلاد، ويعمل فيه أكثر من مليوني شخص ينتجون نحو 80% من كمية الذهب المنتجة في البلاد، في حين تنتج شركات الامتياز 20%.
ووصل إنتاج السودان من الذهب إلى ذروته عام 2017 بواقع 107 أطنان، وفق خريطة موقع البيانات، ثم تراجع إلى 41.8 طنًا في العام الذي يليه، وتدهور الإنتاج عام 2023 الذي اندلعت فيه الحرب إلى 6.4 أطنان.
وفي العام 2022 أعلن بنك السودان المركزي في تقريره السنوي تصدر الذهب أعلى صادرات البلاد غير البترولية بنسبة 46.3% من جملة صادرات السودان الخارجية بقيمة نقدية تساوي 2.02 مليار دولار من إجمالي 4.357 مليارات دولار هي إجمالي صادرات البلاد.
مضاربة في أسعار الذهب
أبلغت مصادر موثوقة “أفق جديد”، أن القوات المشتركة” لحركات الكفاح المسلح عبر مكتبها في منطقة “العبيدية” في ولاية نهر النيل أصبحت تضارب في أسعار الذهب.
وقالت المصادر: “لدينا مشكلة على مستوى منطقة العبيدية وهي أكبر مورد لوزارة المالية من عائدات إنتاج الذهب، لكن بسبب إفرازات الحرب فإن القوات المشتركة موجودة في سوق المنطقة، وأنشأت مكتبًا ولا نعترض على ذلك.”
وتابعت المصادر: “على مستوى السودان هناك أزمة سيولة نقدية وعندما تذهب إلى البنك تحصل فقط على 50 ألف جنيه، وفيما يتعلق بالذهب فإن سعر الكاش يختلف عن سعر “بنكك”، هؤلاء (القوات المشتركة) يوفرون السيولة من مدينة بورتسودان لشراء الذهب في العبيدية”.
وحسب المصادر، فإن قيمة جرام الذهب 280 ألف جنيه بسعر الكاش، و210 ألف جنيه مقابل “بنكك”، وفرق الجرام حوالي 30 ألف جنيه، وكل الذهب يتم تهريبه عبر الحدود إلى مصر.
وأضافت المصادر: “نحن في السودان رغم تضييق النظام تحدثنا عبر منصات التواصل الاجتماعي لكن الجهات الأمنية تحاول إرهاب الناس، وأجهزة الدولة تعلم أن عناصر القوات المشتركة يحصلون على السيولة النقدية من بورتسودان وتسخيرها في شراء الذهب من العبيدية وتهريبه إلى مصر”.
وذكرت المصادر أن “الأمر يساعد في تدمير الاقتصاد، خاصة وأن العملة النقدية المطبوعة شحيحة ويتم توفيرها لجهات محددة ترفع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار في شراء الذهب الذي يُهرب إلى مصر.”
لكن القوات المشتركة نفت تلك الاتهامات واعتبرتها غير واقعية، وقال المتحدث الرسمي باسمها أحمد حسين مصطفى، لـ”أفق جديد”: “هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة وغير واقعية مقارنة بالمهمة التي تقوم بها القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح، وهي ضد توجهاتنا ومبادئنا، ونحن ندرك تمامًا أن مثل هذه التهم تطلقها جهات لديها أغراض”.
وأضاف: “القوة المشتركة الآن في قلب معركة الوطن والكرامة، ومهمتنا الآن هي الحفاظ على وحدة البلاد وصون كرامة المواطن السوداني وهي مهمة مقدسة لدينا، وليس من مهامنا التهريب والبيع والشراء”.
عملية تهريب واسعة
خلال السنوات الأخيرة أصبح الذهب موردًا رئيسيًا لرفد الخزانة العامة بمليارات الدولارات، لكن البلاد لم تربح الكثير نسبة لعمليات التهريب الواسعة والكبيرة عبر المنافذ الرسمية مثل المطارات والموانئ البحرية والحدود البرية.
كما أن هناك عمليات تهريب سرية من المناجم المنتشرة في شمال وغرب وشرق وجنوب البلاد، سواء من خلال المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة أو تحت سيطرة الحكومة، حيث تسبب الانقسام السياسي والعسكري بعد الحرب في إعادة تقسيم وترسيم مناجم الذهب في السودان، بناء على خريطة السيطرة العسكرية للأطراف المتحاربة، خاصة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في شرق وشمال وغرب البلاد.
والمسارات النشطة لتهريب الذهب في الشمال والشرق والجنوب والغرب ترتبط بأربع من دول جوار السودان وهي: تشاد، جنوب السودان، مصر، وليبيا، بالإضافة إلى دولتي جوار إقليمي هما كينيا وأوغندا، فيما تمثل دولة الإمارات المحطة النهائية لمعظم الذهب المهرب من السودان.
في شمال السودان تُستخدم طرق التهريب الصحراوية القديمة لتهريب الذهب انطلاقًا من منطقة “أبو حمد”، أكبر الأسواق هناك، عبر مسارات يعرفها المهربون وصولًا إلى الحدود المصرية سواء في “شلاتين” أو بالقرب من معبر “أرقين” أو “أسوان”.
يترجل المهربون من سياراتهم على جانبي الحدود السودانية – المصرية، مسنودين بشبكة حماية مسبقة تضم مسؤولين سودانيين ومصريين، للعبور إلى الأراضي المصرية محملين بالذهب.
ويبدو أن عمليات التهريب المتعاظمة للذهب خلال عامين من الحرب قد أثارت قلق الحكومة السودانية، إذ أعلن مدير الجمارك السودانية، صلاح أحمد إبراهيم، خلال اجتماعه مع المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة، محمد طاهر عمر، في 26 أبريل الماضي، عن خطة محكمة تشمل عمليات الرقابة على منافذ ومعابر البلاد باستخدام الطيران المسير والأجهزة الحديثة، وأكد قدرة قوات الجمارك على إحباط عمليات التهريب.
التعدين العشوائي
بالنسبة إلى الخبير الاقتصادي، محمد الناير، فإن إنتاج التعدين التقليدي والأهلي ظل يشكل حوالي 80% فأكثر طيلة سنوات الإنتاج، وهو مؤشر يساعد على عدم السيطرة على الذهب لأن التعدين التقليدي أو العشوائي معرض للتهريب بصورة أكبر عكس القطاع المنظم الذي ينتج حوالي 20% فقط طيلة سنوات الماضية.
وأوضح الناير في حديثه لـ”أفق جديد”، أن الدولة تستفيد من القطاع المنظم عبر عقد اتفاقيات مع الشركات بناء على قسمة الإنتاج، ويكون للدولة إنتاج خالص من الذهب سواء عبر التصدير أو ما يدفعه بنك السودان لوزارة المالية بالعملة المحلية كإيراد للموازنة.
وأضاف: “لذلك كنا ندعو دائمًا أن تتخذ الدولة قرارًا جريئًا لإيقاف التعدين التقليدي أو الأهلي وتحويل كل التعدين إلى تعدين منظم، ومن أراد من المعدنين الأهليين الذين تحسنت أوضاعهم وأصبح لديهم إمكانيات الدخول في مربعات للتنقيب بصورة منظمة باتفاقية مع الدولة مبنية على قسمة إنتاج، وهذا الأمر يفيد الاقتصاد السوداني بصورة كبيرة ولكنه يحتاج إلى قرار جريء لحمايته وتنفيذه على أرض الواقع وعدم الاستجابة للضغوط التي يمكن أن تأتي من ردود الأفعا”ل.
وتابع: “أعتقد أن الأمر مهم للغاية لأن 90% من التهريب يكون عبر التعدين التقليدي، الذي يشكل 80% من الإنتاج، لذلك الدولة لا تستفيد من عائدات النقد الأجنبي أو إيرادات في الموازنة، بالتالي التهريب يدمر الاقتصاد، خاصة وأن الذهب من الموارد المهمة الآن”.
وزاد بالقول: “هناك مجهودات كبيرة من قبل الشركة السودانية للموارد المعدنية وتزايد في عائد حصيلة الصادر، وهذا أمر جيد ويؤشر إلى انخفاض في معدلات التهريب وزيادة في معدلات التصدير عبر القنوات الرسمية، ولكن نقول إن هذا عائد صادر وهو ملك لأفراد وليس للدولة لذلك ندعو الدولة لإيقاف التعدين التقليدي والتحول إلى التعدين المنظم وأنا أعتقد إذا كان هناك أي احتياج من قبل المعدنين التقليديين لديهم الفرصة للتقدم لمربعات حسب إمكانياتهم وقدراتهم”.
أفق جديد
كارتيلات وعصابات مجرمة تحكم ما يسمي بالسودان رجل افريقيا المريض، ،،، قصص وحكاوي تشيب لها الولدان في عملية انااج وتهريب الذهب ،،،الله لا كسبكم الا تشبعون؟!!!!