بداية التغيير : أرفعـــوا علم الإســـتقلال

لثلاثة سنوات خلت ومع إقتراب شهر يناير من كل عام ظللت أدفع بمقال أناشد فيه بضرورة إعادة الإعتبار لعلم الإستقلال ، ذلك العلم الذي رفعه رجال أماجد في الأول من يناير عام 56 ومفارقة ذلك المسخ المشوه الذي يعتلي ساريتنا اليوم ومع أنني كنت أعلم أن مثل هذه المناشدات لن تجد الإستجابة وربما لا يلقى لها بال فقد ظللت مصرا على فعل ذلك ، وفاء لهذا العلم العظيم الذي جسد لنا رمزية الإستقلال بكل مهابة وهاهي الفرصة تأتي على طبق من ذهب ففي هذه الأيام التاريخية أناشد الجميع بأن يعيدوا إلى هذا العلم إعتباره بأن يرفعوه على المنازل ، على أيدي المتظاهرين ، أن يلصق على الجدران ، على الحافلات ، السيارات ، الركشات ، على الحقائب المدرسية ، الخ .. فإن مجرد النظر إليه وهو يرفرف في كل مكان يمنح الشعور بأن عهدا جديدا قد بدأ وأن شيئا من ملامحنا القديمة قد عاد إلينا من بعد غياب .

عليه : فإنني من هنا أناشد الجميع على إختلاف مشاربهم وفئاتهم بأن يعملوا ، سواء أكانوا فرادى أو جماعات على طباعة المئات من هذه الأعلام على القماش أو الورق ، كل على حسب قدرته واتمنى صادقا أن تتلقف الأقاليم هذه المبادرة فيكون لها السبق في رفع علم الإستقلال لكونها جزء أصيل من هذه الثورة . نريد أن نرى أعلام الإستقلال ترفرف في مدني ، عطبره ، كسلا ، بورتسودان ، كوستي ، نيالا ، الفاشر ، الخ .. ثم تنداح تلك الزفة الرائعة مثل دوائر الماء لتغطي جميع البلاد . كذلك أتمنى على سودانيي الخارج أن يسارعوا بتبني هذا الخيار وجعل هذا العلم العزيز في صدارة مسيراتهم وتجمعاتهم ومنتدياتهم والأمر كذلك أرفعه إلى كافة المواقع والمنتديات السودانية على الشبكة العنكبوتية لوضع هذا العلم على صدر صفحاتها الرئيسية. إن في إعادة الإعتبار لعلم الإستقلال دلالة عظيمة وفيه رمزية بالغة الأهمية في هذه المرحلة ، فلئن كان رفعه في الأول من يناير هو إيذان بالاستقلال فإن في رفعه اليوم إشارة على بداية الإنعتاق من هذا الكابوس الثقيل الذي جثم على صدورنا فلنعمل معا على تحرير هذا العلم العظيم من أسره ولنطلقه ليعانق سماوات طالما إشتاق إليها والله الموفق ،،

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. علم الأستقلال اللون الأزرق واللون الأصفر واللون الأخضر هذا العلم له وقع عظيم في نفس كل سوداني ولكن للأسف عند قيام الحكومة السودانية بتغيير العلم ليصبح مشابه للأعلام الخاصة بالدول العربية الأحمر والأبيض والأخضر قامت إحدى الدول الأفريقية بوضع نفس علم السودان لها وبذلك لا يمكن إعادة العلم مرة أخرى ولكن أعتقد أنه وفي خلال المظاهرات الحالية يمكن رفع علم الإستقلال كما حدث في ليبيا حيث رفعوا العلم القديم ويمكن أن يعاد تصميم علم السودان بنفس ألوانه مع إضافة نجوم أو هلال أو لون إضافي جديد .

  2. هذا ما طالبنا به منذ بداية (الثورة) ..
    ارفعوا علم الإستقلال ياثوار .. ارفعوا علم الإستقلال وصور الازهري والمحجوب .
    التظاهرات تفتقد ايضاً للآفتات صغيرها (الورقية) وكبيرها ( القماش) .
    وأين الشعارات على الجدران ؟؟
    نأمل ان نصحوا ونجد كل شوارع وجدران الخرطوم ومدني والابيض والأرياف ممتلئة بشعارات الثورة ..

    ونكّرر الإعلام له مفعول السحر و(العربية وسكاي نيوز والفضائيات المصرية المعادية للكيزان) مهتمه كثيراً بأمر ثورتنا ومستعدة لنقل الاحداث وقد باتت اخبار السودان الخبر الاول او الثاني
    خلال الاسبعان الماضيان في هذه القنوات ، على الناشطين والتنسيقيات الإتصال بهذه القنوات ونقل وجهه نظرهم و إيصال الرسائل للشعب السوداني
    بالداخل والمهجر وايضاً للنظام المرتعد .
    هناك وصلات لهذه القنوات يجب رفع صور المظاهرات عليها ، وعلى المنسقية الاهتمام بتخصيص مصورين يجيدون هذا الفن والعمليه سهلة (تتم بالهواتف) صور الايام الماضية لم تكن جيداً
    ثم تُرفع على مواقع هذه القنوات ، على لجان التنسيق تكوين مجموعة متخصصة في الإعلام لرفد المواقع والفضائيات ووكلات الأنباء بالاخبار والصور والتصريحات

    شدوا الوثاق .. النصر قريب .

  3. عزيزي كلامك جميل لكن لا يمكن الرجوع بعد البيع فقد بعنا علمنا ومن إشتراه متمسك بشروته ،عندما بعنا جميعنا الحكم الدكتاتوري (النميري قبح الله مثواه) ونحن شعب السودان وما أن أعلن السودان تغيير العلم بعدها بساعة تهافتت عشرة دول أفريقية بإختيارها ألوان العلم لدولها ، تعلم لماذا يا صاحبي ؟ لأن هذه الألوان كانت ألوان الثورات التحررية الأفريقية وكانت الغابون هي السباقه للامم المتحدة في إعتماد الألوان وبذا صارت الألوان علماً للغابون ونحن علينا أن نبكي علي اللبن المسكوب كعادتنا نتجرع من أفاعييل حكامنا الجاهلين ، لا بأس في تغيير العلم وتكون علم الثورة .

  4. استقلال السودان الحقيقي هو يوم كنس هذه الزبالة المسماة الانقاذ حينها سنستبدل يوم الاول من يناير باليوم الذي كنسنا فيه هذا السرطان المسمى بالانقاذ و سيكون يوم الاول من يناير مثله مثل بقية ايام السنة و سنرفع فيه علما جديدا للسودان بداية لسودان جديد
    لي غرام و اماني في سموك و مجدك عشت يا سوداني

  5. يا ريت كل البيوت ترفع العلم القديم بالاضافة للمتظاهرين السلميين .. في اشارة لتوحد الجميع خلف راية الاستقلال الثاني من علي يد طغمة الانقاذ مع رفض علم النميري الموحي بالقومية العربية اضافة لتشابهه الشديد مع اعلام مصر و اليمن و العراق .. و لسؤ الطالع فقد استولت الجابون علي علمنا القديم .. اذ لا بد من اضافة دائرة حمراء بالوسط كناية عن دماء الشهداء او اي شكل آخر يتفق عليه الجميع بعد ذهاب الانقاذ مع الاحتفاظ بالالوان الرئيسية الاخضر و الاصفر و الازرق

  6. وانا اوافق تماما راى الكاتب والاخ ود السجانة, وكثيرا ما تناولنا ذا الموضوع
    مع الاخوان . فالعلم الثلاثي له تاريخ مغروس في الوجدان ورفعه اباء الاستقلال الانقياء. وليس كعلم نميري وزمرته والذي لا نعرف حتي تاريخه.
    الان وقد اتخذت دولة الغابون علمنا القديم فانني اوافق ود السجانة لارجاع
    العلم القديم مع تعديل يميزه عن علم الغابون. وبهذا نؤسس لارجاع كل
    جميل بعد زوال هذا الظام الكريه الظالم الفاسد.النابلسي موسي الجعلي

  7. العلم الحالى أجمل وكثر تعبيرا من العلم القديم

    ثم لماذا التغيير هذا العلم لا علاقة له بالحكومات المتعاقبة

    هو بس نحن نقلد فى الآخرين ؟؟؟ لما تجئ حكومة تغير العلم ؟؟

    اهتموا بالجوهر واتركوا تقليد الآخرين

    ولنتعز بعلمنا غض النظر عن اى من يحكم البلد

  8. رفع علم السودان أثناء التظاهرات للدلالة بحب الوطن ولف جثامين الشهداء بعلم السودان أثناء التشييع. أثناء التظاهرات رفع الشعارات … حرية… إسقاط النظام ولتحييد الشرطة والجيش يجب رفع شعار جيش واحد .. شعب واحد.

  9. الحق يقال أن علم السودان الحالي هو علم القومية العربية .. علم لا يعكس واقع السودان .. صممه الرئيس نميري واعتمده بقانون ليرضي أشواق المصريين والشام من الحالمين بالقومية العربية .. وكما عادت ليبيا لعلمها الأصلي .. كان يجب أن نتخلص من العلم منذ انتفاضة إبريل 1985م .. لكن حماة الانتفاضة المفترضين أصابهم الجبن أمام إعلام الجبهة الإسلامية المضلل (ألوان – الراية – السوداني وغيرها)، خلال الفترة الديمقراطية .. كان ينبغي تغيير الرمز قبل كل شيء وبداية تطهير آثار مايو كان المفترض أن تبدأ من هنا ..لذلك اتفق مع الأخ الكاتب وأؤيد موقفه الداعي للعودة إلى علم الاستقلال .. ذو الألوان الثلاثة حال كونه يعبر عن موقف تحرير ونضال .. وليس عن انقلاب عسكري (نميري) والبشير هو امتداد طبيعي للنميري فقد جاء على ظهر الدبابة كسلفه .. والله الموفق ،،

  10. [url=http://www.gulfup.com/?B8UIWm][img]http://im32.gulfup.com/kdqQO.jpg[/img][/url]

    سبق ان اقترحت هذا الامر هنا
    والعلم امر مهم جدا
    وقلنا نرسم صورة اسد ابادماك في اللون الاصفر رمز الحضارة النوبية
    والفكرة دي لازم تنجح
    ارفعو في البيوت كلها

  11. سودانيين تحبوا التنظير والكلام الكتير الزول طرح فكره وتقريبا وجدت قبول بعض المعقبين ولكن للاسف مافى واحد فيكم عملى بما فيكم صاحب الفكره .. كنت اتوقع واحد فيكم يتبرع بخمسن علم او الف حسب القدره بدل كل واحدفيكم يعلق ويكتب سطرين فقط من اجل المشاركه .. عشان كده الكيزان والتجار الدين سوف يخلدوا فيها ما دامدى عقلي تنا ما قادرين نكون عمليين فى اى حاجه وكل واحد يتكل على الاخر ولا انسى نفسى من ذلك .. عايزين مره واحده نكون عمليين .. ارجوا من صاحب الفكره ومن سبقه من قبل ان تشرعوا فى طباعه اى كميه وابدأوا فى توزيعها وبعدها يكون الحكم الشعب الذى يكون فى الشارع ضد الكيزان وانى على قناعه اذا وجدت القبول حتما ستجد من يمولها ويتبنى طباعه اكبر كميه

  12. السودان … المرضعة والحاضنة الاصطناعية

    تيسير حسن إدريس
    [email protected]

    للأديب والزعيم السنغالي ليوبولد سنغور مقولة يغيب عن ذاكرتي حرفيا نصها ولكن مضمونها يقول: (كان بمقدور السودان والسودانيين أن يكونوا خير الأفارقة ولكنهم اختاروا أن يكونوا أسوء العرب). لاشك أن هذا الحكيم الإفريقي الفذ كان يقرأ الواقع بعمق ويهتك ستر المستقبل ويتنبأ بتعقيدات واقع السودان اليوم بعبقرية مثيرة للإعجاب والاحترام خاصة والرجل صاحب تجربة ثرة في التعامل مع النفس البشرية المستعلية بعرقها ولونها وذلك من خلال قضاءه لفترة طويلة من العمر في ربوع فرنسا البلد المستعمر لوطنه والتي هتف مرددا حين عودته النهائية منها لحضن الوطن الدافئ (الأمان .. الأمان يا آبائي الأمان إلي يا خادمي بماء نقي لأغسل رجليه من وحل الحضارة). كذلك لا يغيب عن ذاكرتي موقف الرئيس الإرتري أسياس افورقي والذي قدمت له الدعوة لحضور أول اجتماع قمة لجامعة الدول العربية بعد استقلال بلاده عن إثيوبيا في محاولة من بعض القادة العرب لإحراجه بالمن عليه بما قدموه من دعم للثورة الإريترية إبان حرب التحرير ودفعه لتقديم طلب انضمام لجامعة العربية ولكن الرجل اثبت بأنه سياسي فطن وثائر ذو نظرة ثاقبة حينما رفض ابتزازهم وعرضهم بل وقدم لهم محاضرة رصينة تفند أسباب رفضه الذي سببه بضعف المنظمة وقلة حيلتها مما يجعل أمر الالتحاق بها غير مغري خاصة وهو يعلم أن شعبه ورغم الدماء العربية التي مازجته ظل متمسكا بهويته وانتمائه الإفريقي ومن شأن هذا الانضمام أن يخلق له مشكلات وتعقيدات داخلية هو في غنى عنها خصوصا وأن قسما مقدرا من الشعب الاريتري يدين بالمسيحية.

    كنت ولا زلت من الذين يؤمنون بأن ارتباط السودان الحديث (ما بعد الاستقلال) ونمو دولته في ظل الحاضنة الاصطناعية العربية واعتماد الوجدان الوطني في غذاءه على الرضاعة من الثدي العربي فكريا وثقافيا كان أحد أهم الأسباب التي أدت لتعميق هوة الخلاف ونسف جسور الثقة التي تربط بين مكونات المجتمع السوداني الهجين مما أدى لتأخر اندماجه في بوتقة وطنية تذيب وتزيل تشوهات الفوارق العرقية وتنتج هوية سودانية أصيلة راضية مرضية تلتف حولها جميع المكونات الأثينية.

    فالمتأمل اليوم لموقف أغلبية الاخوة الجنوبيين الرافض للوحدة والداعم للانفصال وإصرارهم على إعلان الطلاق البائن عن الشمال يجد لهم العذر . فالارتماء غير المبرر في تلك الحاضنة الاصطناعية وتغذية الوجدان السوداني الشمالي من حليب الاستعلاء العربي الأجوف وإرضاعه لقيم ومبادئ لا تنسجم والتركيبة النفسية والسيكولوجية للمجتمعات الهجين أضر كثيرا بعملية تجسير الهوة بين المكون ذو الأصل العربي والمكونات الزنجية مما دفع الأخوة الجنوبيين وجعلهم يهربون إلي الأمام بموروثهم العقدي و ألقيمي خوفا على هويتهم من أن يصيبها ما أصاب إنسان الشمال من طمس للهوية وتشوهات نفسية عانى منها رغم عدم اعترافه الصريح بتلك المعاناة التي لازمته وأزمته وتعمقت في دواخله متخذة أشكالا عدة تتجلى في تصرفاته وممارساته الحياتية عموما والاجتماعية منها على وجه الخصوص!! وابسط تجليات هذه الأزمة نستشعرها ونصتطدم بها في تعاملنا مع إنسان المحيط العربي الذي يشكك علنا أو ضمنا في مسألة انتمائنا له رغم تمسكنا المستميت بهذا الانتماء الذي تغذينا من ثديه الأعجف وأصبح أمر الفطام عنه مستعصيا عند البعض مما حول حالة الفصام النفسي إلي متلازمة مرضية واضحة الأعراض دفعت عدد مقدرا منا للإصابة بلوثة البحث عن النقاء العرقي فمارسوا من أجل ذلك صنوف من الكذب على النفس حتى صار نادرة من النوادر يتناقلها أعراب الدول الأخرى في استهزاء مر وهم يرون تهافت تلك الجماعات لربط مصيرها بهم بل وإصرارها على إلحاق نسبها بآل البيت والصحابة الكرام ، هذا الفعل شائع بين كثير من أهل الشمال الذين لا يتورعون في الادعاء بأن جدهم العباس عم النبي (ص) أو جعفر الطيار وغيرهم من رغم همز ولمز العربان واستخفافهم بذلك.

    وأنا والله لا أرى أي مبرر لهذا السلوك الغريب خصوصا ونحن أمة عزيزة بإرثها الإنساني الضارب في عمق التاريخ منذ أكثر من سبعة ألاف عام ونعتبر من الذين أسهموا في بناء الحضارة الإنسانية و تشهد على ذلك آثار ممالك السودان القديمة في مروي والمغرة وعلوة التي علمت البشرية طرق صهر النحاس واستعمال أواني الفخار وشق نظم الصرف الصحي الذي ثبت أن الملكة (الكنداكة أماني) هي أول من أرسى قواعده في فترة حكمها المجيد. فلماذا هذا التذلل والاستجداء للارتباط بمنظومة دول فارقت المحجة البيضاء يوم عادت لتحتكم لقيم ومفاهيم بالية أكل عليها الدهر وشرب لا تسمن ولا تغني من جوع وهي نفسها مأزومة وتمارس الهرولة خانعة خلف العالم المتحضر الذي سبقها بمراحل قصية عله يمد لها يد العون وينتشلها من وهدتها وواقع تخلفها المزمن.

    إن في عقلنا الجمعي خلط عجيب بين ما هو عربي وما هو إسلامي يجعل الفرد منا ينتابه أحساس قوي ببعده عن الإسلام كعقيدة كلما ما بعد أصله عن العرب الشيء الذي يجعلنا دائما ما نعيش مرارة المحاولة البائسة الباحثة عن الالتصاق بدول تلك المنطقة المسماة عربية رغم نفورهم عنا وعدم اعترافهم بعروبتنا (المشحوتة) وليس هناك من داع لإقامة الدليل عما أقول فكل من عاش أو زار أحدى تلك الدول يعلم ذلك علم اليقين ويشعر به مهما حاول دس الرأس ودفنه في الرمال.

    وقصة هذا الربط اللا منطقي بين الإسلام والعروبة تذكرني بحادثة في منتهى الغرابة و الطرافة حدثت لي حين انتقلت إلي العمل بدولة إثيوبيا في أوائل تسعينيات القرن الماضي ، لقد صادف يوم وصولي وقفة عيد الفطر المبارك وعندما خرجت في الغد للذهاب لصلاة العيد أصبت بدهشة تركتني مذهولا ارجع النظر كرتين في شوارع أديس أبابا الجميلة متسائلا مع نفسي أن كنت حقا ما أزال في إثيوبيا أم أنني قد انتقلت أثناء نومي (بقدرة قادر) لأحدى دول الخليج العربي ومدعاة هذا السؤال وتلك الدهشة أنني رأيت من أمر القوم عجبا ، جميع الإخوة الإثيوبيين المسلمين وجلهم من قبيلة (الارومو) أكبر القبائل الأفريقية على الإطلاق رايتهم يعتمرون الشماخ والقطرة الخليجية وهم في طريقهم لأداء صلاة العيد التي كانت تقام آنذاك في إستاد أديس أبابا لعدم وجود مسجد جامع يسع جميع المصلين لكثرتهم (نسبة مسلمي إثيوبيا 60% من إجمالي الشعب) فلقد رسخ في وجدانهم أن الزى الخليجي هو الزى الإسلامي الذي يجب الالتزام به في مثل تلك المناسبات الإسلامية الجليلة ووقر في قلوب القوم أن اعتمارهم للشماخ و القطرة يقربهم من الله زلفا !! وهذا لا يختلف كثيرا عن خلطنا نحن (السودانيون) بين ما هو عربي وما هو إسلامي.

    إن أفدح خطأ وقع فيه رواد استقلال السودان من الزعماء والساسة هو الهرولة غير المبررة لوضع الدولة الوليدة في الحاضنة الاصطناعية العربية وربط حبل وجداننا السري بها لنتنفس هواءها ونتغذى على حليبها الخالي من الدسم الوطني رغم استنكار كثير من الدول المؤسسة للجامعة العربية لذلك وعدم رضاها والثابت إن دول عربية عديدة من بينها العراق ولبنان واليمن قد كانت رافضة لفكرة انضمام السودان للجامعة العربية باعتباره بلدا إفريقيا صرفا لا وجود لنقاء الدم العربي فيه ورغم خطل هذا الادعاء الاستعلائي الأخرق لكنني أقول ليتهم أصروا عليه وليت زعماء الأمة السودانية حينذاك أخذتهم العزة بالنفس وكانت ردة فعلهم إنسانية طبيعية فانصرفوا عن الأمر برمته لدواعي الغيرة الوطنية عملا بالقول السوداني الشائع (والبيابانا ناباه ويحرم علينا إتباعه). لكانوا رحمهم الله قد وفروا علينا كم هائلا من الأحزان والمآسي التي عايشناها وما زلنا نعيشها نتيجة لقرارهم الذي سنظل نحصد ثماره علقما وشوكا لعهود طويلة ، وما الاستفتاء القادم على وحدة ومصير الوطن بعد شهور قليلة إلا أحد تجليات حصاد الهشيم والشاهد الأعظم عليه.

    إن أول خطوات العلاج لخروجنا من هذه الأزمة والغربة النفسية وتعافينا وشفائنا منها يتمثل في استعادة الثقة بالنفس و بالإرث الضخم والعظيم الذي خلفه لنا السلف مع الإيمان المطلق والعميق بأننا أبناء ملوك هذا النيل وحراسه ومن ثم التوقف نهائيا عن ترديد المقولات والادعاءات عن شجرة النسب الطاهر والتي إن صحت لن تقدم أو تأخر في الأمر شيئا لأنها بعيدة كل البعد عن جوهر وصلب العقيدة الإسلامية الحقة حيث (الناس سواسية كأسنان المشط ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) و (قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) سورة النساء. فالناس كلهم من نفس واحدة.
    هذا كلام الله وسنته في الكون ولو كان الأصل وصلة القربى من النبي (ص) وآل بيته تشفع لشفعة لعمه أبو لهب دع عنك أعراب هذا الزمان الذين خالطوا الأجناس والملل من ترك وشركس وأرمن واوزبيك وهنود وأفغان وكرد ودرز وغيرهم من كل ناحية وصوب.

    تيسير حسن إدريس ? 5/08/2010م

  13. التحية لكاتب المقال وحقيقة علم الاستقلال هو العلم الحقيقي للسودان ولابد من الرجوع للعلم الحقيقي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..