آسيا وأفريقيا: الشاعر وجغرافياه الثورية

كان الراحل تاج السر الحسن أول كاتب على الأطلاق رأيته بعد أن كنت قرأت له. كان ذلك حين زارنا في رابطة أصدقاء نهر العطبرة في نحو 1957 وهو في طريقه من زيارة أهله في جزيرة أرتولي بجهة بربر في عطلة له من الأزهر الشريف. ويقال عن الجزيرة إنها تؤام لجزيرة أخرى اسمها أرتل بدار الرباطاب افترقا من مقامهما في الشمال وتخبطا عكس تيار النيل حتى بلغتا حيث هما الآن. وكنا قرأنا له مع زميله جيلي “ديوان قصائد من السودان” صدر عن دار الفكر اليسارية في مصر في 1956. بل وأملى علينا شيخ ابوزيد الجعلي، مدرس اللغة العربية المعروف، قصيدة “أحن إليك يا عبري” لجيلي في سنتنا الثانية بعطبرة الوسطي. واذكر غرابة طباعة الديوان. فقد كان لون ورقه أخضر لا أبيض زانته رسومات الفنان الطليعي المصري زهدي. واذكر أنني اطلعت عليه في مكتبة السودان أول دخولي جامعة الخرطوم ووجدت من شطب “سلام” من بيت في قصيدة لتاج السر عن نضال الطبقة العاملة حيَّا فيها “سلام والشفيع”. وكان سلام رئيساً لاتحاد نقابات العمال والشفيع أمينه العام. ووقع فعل الشطب بسلطة الشيوعيين الغليظة في المحو والإثبات. فقد كان سلام ترك حزبهم آنذاك.
لا زالت “آسيا وأفريقيا” أغنية تُطرب. ولكنها في جيلنا اليساري أغنية وعهد بالزمالة مسؤول لتغيير العالم بعد تحريره. فقد حفيت أقدامنا تظاهراً أو تضامناً أو شدواً لكل موضع مذكور في النشيد: القنال، وهران الجزائر، أفريقيا، ماوماو كينبا، الصين الجديدة، أفريقيا جومو نكروما وسيكتوري وماندلا وموديبو كيتا، والملايو، وناصر . . . أم ناصر. كانت تلك جغرافيا خلجات فكرنا وصحونا ومصب أشواقنا. ولذا عجبت من الخلف الذي تهافت من هذه الذرى الإنسانية الشماء إلى “أعربي أنت أم أفريقيا”. وقلت لهم حتى بح صوتي لقد رزقنا الله فضاءات هوية وسعها السموات والأرض و”آسيا وأفريقيا” التي كتبها أزهري تقدمي ليهتدون.
خضعت “آسيا وأفريقيا” لتحرير استدعى بعضه تحولها للغناء بالطبع. ولكن بعضه من قلم الرقيب. أذكر احتجاجي أول غنائها في عهد عبود على استبدال “ولا شاهدت روسيا” ب “ولا شاهدت آسيا”. ثم لم أجد حتى في النسخ الأحدث البيت “للمنارات التي شيدها أول مايو” لتناغم “الملايو”. ووجدت المرحوم الشاعر في لقاء تلفزيوني استعاد مقطعاً من القصيدة عن “ديان فو” وهي المعركة التي أجهز فيها الرفاق في فيتنام بقيادة هوشي منة على الاستعمار الفرنسي. وبلغ إعجاز هوشي فيها حدا دفع بأزهري آخر هو المعلم كرف لمدحه. وقرأ تاج السر المقطع على التلفزيون بوجد عجيب يتصفح وجوه الشباب في الحلقة التلفزيزنية الذين “يطرشهم”:
يا بيان فو
أرضنا للنور والأزهار تهفو
مشهد القلعة ما زال بعينيّ معلق
والأعادي جثثاً في صخرها الأزرق تشنق
قد رأيت الآن جندياً مغطى بالدماء
قلبه الأحمر كالوردة ملق في الفضاء
كان من باريس لكن مات قهراً في بيان فو
وداعاً تاج. وليس هذا آخر سمرنا بآخر المقطع إن شاء الله.
والقصيدة بصوت تاج في الرابط ادناه:

[SITECODE=”youtube YdGfn-1Uge8″].[/SITECODE] [email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أهو اليأس والقنوط الذي يجعل الإنسان يتحول إلى ما يشبه موسيقى الربط بين برامج قناة إعلامية بائرة!

  2. لقد ه الذكريات فينا يا أستاذنا، لكن قلب الجندي الباريسي كان ( ملقىً في العراء) :-
    ” يا ديان فو
    أرضنا للنور والأزهار تهفو
    مشهد القلعة ما زال بعينيّ معلق
    والأعادي جثثاً في صخرها الأزرق تشنق
    قد رأيت الآن جندياً مغطى بالدماء
    قلبه الأحمر كالوردة ( ملقىً في العراء)
    كان من باريس لكن مات قهراً في بيان فو”!

    كانت لنا ساعات في حضرةأولئك الشعراء العظام.. العظام!

  3. …. عندما اعزف يا قلبى الأناشيد القديمة !
    …. ويطل الفجر فى قلبى على أجنح غيمة !

    ياليت ساستنا الاولين والاخرين !! كانوا بعظمة !! شعرائنا ، ادبائنا ، فنانونا ، رسامينا ، او حتى قدامى اللاعبين !! لحط اذا هذا الوطن رحاه بين النجوم !!

  4. لك مني سلاما يتجدد.
    كانت بذرة الوعي لدي يسارنا النضير. بالفعل كنتم جيلا انار الدرب. امتد هذا الوعي يضرب جذورة بعمق في وجدان هذا الشعب ومن رحم اغنيات البنات خرجت أغنية من أعظم ما يكون (الله لي كوريا من شباب العليا)تضامنا مع شعب كوريا في تصدية لقوى البغي. وسمي حي كامل ببورسدان بديم كوريا. وعندنا في بربر كان كام هناك فصل بمدرسة بربر الشمالية بنين باسم كوريا.يا للسماحة.

  5. بارك الله فيك القصيدة محفورة في وجدان كل سوداني جميلة حد الجمال كنت احفظها في فترة الثانوي عن ظهر قلب وارددها في الامسيات في ليالي جمعية الموسيقى والمسرح
    اين نحن الان ؟

  6. أهو اليأس والقنوط الذي يجعل الإنسان يتحول إلى ما يشبه موسيقى الربط بين برامج قناة إعلامية بائرة!

  7. لقد ه الذكريات فينا يا أستاذنا، لكن قلب الجندي الباريسي كان ( ملقىً في العراء) :-
    ” يا ديان فو
    أرضنا للنور والأزهار تهفو
    مشهد القلعة ما زال بعينيّ معلق
    والأعادي جثثاً في صخرها الأزرق تشنق
    قد رأيت الآن جندياً مغطى بالدماء
    قلبه الأحمر كالوردة ( ملقىً في العراء)
    كان من باريس لكن مات قهراً في بيان فو”!

    كانت لنا ساعات في حضرةأولئك الشعراء العظام.. العظام!

  8. …. عندما اعزف يا قلبى الأناشيد القديمة !
    …. ويطل الفجر فى قلبى على أجنح غيمة !

    ياليت ساستنا الاولين والاخرين !! كانوا بعظمة !! شعرائنا ، ادبائنا ، فنانونا ، رسامينا ، او حتى قدامى اللاعبين !! لحط اذا هذا الوطن رحاه بين النجوم !!

  9. لك مني سلاما يتجدد.
    كانت بذرة الوعي لدي يسارنا النضير. بالفعل كنتم جيلا انار الدرب. امتد هذا الوعي يضرب جذورة بعمق في وجدان هذا الشعب ومن رحم اغنيات البنات خرجت أغنية من أعظم ما يكون (الله لي كوريا من شباب العليا)تضامنا مع شعب كوريا في تصدية لقوى البغي. وسمي حي كامل ببورسدان بديم كوريا. وعندنا في بربر كان كام هناك فصل بمدرسة بربر الشمالية بنين باسم كوريا.يا للسماحة.

  10. بارك الله فيك القصيدة محفورة في وجدان كل سوداني جميلة حد الجمال كنت احفظها في فترة الثانوي عن ظهر قلب وارددها في الامسيات في ليالي جمعية الموسيقى والمسرح
    اين نحن الان ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..