أنصار النظام القديم وموكب 29 أكتوبر: ماذا نسوا؟ وما تعلموا؟

عبدالله علي ابراهيم
خرج يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي موكب باسم كتلة نداء السودان، ليحتج على تسوية سياسية ذيع أنها تنعقد بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير وأخريات.
تجمهر الموكب أمام مبنى بعثة الأمم المتحدة التي هي من وراء التسوية، الموصوفة بـ”الثنائية” لاستبعادها طوائف سودانية أخرى.
وكانت البعثة جاءت بطلب من الحكومة الانتقالية المقالة في 25 أكتوبر 2021 وفق منطوق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لتعينها على الانتقال الديمقراطي بعد ثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وشمل استنكار الموكب آليات ثلاثية ورباعية من سفارات عربية وغربية والاتحاد الأفريقي ضالعة في التسوية.
لم تخف على الناس هوية الموكب في تعبيره عن قوى النظام القديم، الذي أطاحته ثورة ديسمبر، أو “الفلول” في عبارة عن خصومهم، وعزيمتها على استعادة موقعها في الميدان السياسي.
ولم تخف قوى النظام القديم التي تعارفت أخيراً باسم “التيار الإسلامي العريض”، أنها التي كانت من وراء الموكب.
وإشهاراً لهذه الهوية سمى عادل الباز الصحافي الإسلامي التجمهر بموكب 4-4-1444 هجري لا من باب امتلاكه فحسب، بل من باب تبريكه عملاً خالصاً للدين.
لم يكن الموكب الأول للتيار الإسلامي في الشارع السياسي، بل لم يكف مسار هذه المواكب في وقت باكر من قيام الحكومة الانتقالية بصور مختلفة في الشارع، أو أمام أبواب المحاكم التي قاضت رموزهم، أو السجون التي احتفظت بمعتقليهم، أو في تحالف مع قوى أخرى كان لها أسبابها الخاصة لمعارضة الحكومة الانتقالية.
لكن موكب 29 أكتوبر كان خالصاً للتيار الإسلامي في شرط هبوب رياح سياسة مواتية في شراعهم، ومن ذلك أنهم استردوا بفضل الانقلاب أكثر مواقعهم بالدولة ومنظماتهم للدعوة والإغاثة ولأعمال الخير.
بجانب استعادة ثرواتهم المنقولة وغير المنقولة من براثن لجنة تفكيك نظام الإنقاذ (1989-2018)، واستعادتهم النقابات والاتحادات التي كانوا على سدتها لثلاثين عاماً حتى الثورة، وحلتها الحكومة الانتقالية، التي كانت آخر ما جاءهم بحكم قضائي قبيل الموكب.
كما استردوا بعد الموكب بيوم أو يومين نقابة المحامين، التي كان القائمون عليها بالحكومة الانتقالية قد صاغوا دستوراً انتقالياً كان محور عملية التسوية التي خرج الموكب ليحتج عليها.
أما الريح التي ملأت أشرعة التيار الإسلامي بالعزيمة فهي تفرق قوى الحرية والتغيير، حاضنة الثورة، شذر مذر فانقسمت إلى قوى حرية وتغيير (مركزي) وقوى حرية وتغيير (توافق وطني).
وانتبذ الحزب الشيوعي مكاناً قصياً منهما معاً حتى إنه لم يسحب عناصره من وظائفهم في الحكومة الانتقالية فحسب، بل دعا أيضاً إلى إسقاطها، وسقطت الانتقالية بغيره كما هو معلوم.
واستقلت لجان الشباب للمقاومة بنفسها من فرط سوء ظنها بصفوة الأحزاب في قوى الحرية والتغيير، وهو سوء ظن قديم فشا خلال فترة معارضة هذه الأحزاب نظام الإنقاذ، وصدق في اعتزال مكونات الحرية والتغيير بعضها بعضاً قولنا إن “سلام الله ما بينهم”.
لم يرد عادل الباز محقاً أن يكون حجم الحشد موضوعنا في وقت جعلت أطراف في قوى الحرية والتغيير غزارة التحشيد مبلغ همها، فقالت هذه الأطراف إنه كان صغير الحجم، ولم يكن كذلك.
وقالت إن ما أغرى التيار الإسلامي للخروج بموكبه ظنه أن سيكون في غزارة استقبالات محمد طاهر إيلا الإسلامي وآخر رئيس وزراء دولة الإنقاذ.
وكانت تلك الغزارة، في قولهم، غزارة قبائلية محض، وقالوا إنه موكب حشد كبار السن، وهذه حزازة ضد العمر لا تخيل على ثوري. وقالوا إن الإسلاميين عادوا لتعبئة أطفال الخلاوي (كتاتيب القرآن) بإغراء النوال والطعام. وكان بؤس حال هؤلاء الأطفال الربانيين مما يدعو إلى الشفقة لا التبشيع.
استبعد الباز معيار الرقم في تقييم الحشد ليحلل سياسته بالأحرى، فقال على بينة من لغة الدراما إن الحركة الإسلامية كسرت بالموكب الحائط الرابع لتختلط بالجمهور مباشرة.
وهو انتقال من خانة الوجوم، التي رأوا فيها نظامهم أنقاضاً بالثورة، والدفاع ما وسعهم إلى خانة الهجوم فكسروا احتكار قوى الحرية والتغيير وشباب المقاومة للشارع، فصار الشارع بعد الموكب رحب الجناب للجميع.
وهذا مما سيجبر المجتمع الدولي على إعادة النظر في حساباته السياسية للانتقال الديمقراطي التي اعتاد خصم التيار الإسلامي العريض منها بلازمة “إلا المؤتمر الوطني”، فقد رأوا بالموكب أنه ليس الكم المهمل الذي ظنوه، فهو قادر على إرباك الساحة السياسية بغير اشتراط منه في المشاركة في الحكم.
الباز وعثمان ميرغني رئيس تحرير جريدة التيار ذو الأصول في الحركة الإسلامية، اختلفا في مآلات الموكب، فعثمان يراه من ترتيب النظام القائم الذي عليه الفريق عبدالفتاح البرهان والفريق حميدتي، النظام الذي درج على زج أهل الثورة في معارك افتراضية يريد منها أن يشغل الجميع بينما تتقدم جحافله لاحتلال مزيد من الأراضي في الدولة، فيفرض شروط النظام القديم وعناصره على قوى الحرية والتغيير من دون إعادته هو بذاته، فإعادته غير واقعية في الملابسات العالمية والإقليمية.
بل يرى ميرغني أن الميدان نفسه غير صالح ليلعب عليه النظام القديم كثرت تظاهراته أو قلت، وزاد الطين بلة في قوله إن النظام القديم الذي سير الموكب لم يجتهد في إعادة إنتاج نفسه من خلال مراجعات ذكية ناظرة للزمان والمكان، وزاد ميرغني وكأنه يصر على معاندة الشعب السوداني بعدم اعترافه بأنه سقط بثورة شعبية.
وليس الباز من رأي ميرغني، فرأى في كسر الموكب الحائط الرابع، في مصطلح الدراما، معانقاً الجمهور معنى مختلفاً جذرياً عن ميرغني. فالموكب في قوله بمثابة إعلان التيار الإسلامي العريض، مواصلاً المجاز الدرامي، عن ضيقه ذرعاً بالمكوث خلف الكواليس في انتظار المخرجين، البرهان وحميدتي، ليغيرا له المسرح والديكور. فلم يبخل كلاهما بالوعود للتيار الإسلامي العريض أن يغيرا المسرح والديكور ولكن وضح أنهما لا يملكان من أمرهما شيئاً.
ومع أن عادل انتهى إلى أن التيار العريض لا يطلب محاصصة في السلطة، فهم يريدون لها أن تكون شاملة لجميع القوى السياسية لا ثنائية بين العسكريين والحرية والتغيير كما رشح، وسيكتفي التيار بالتمتع بحرية الحركة التي تسمح له فرض نفسه لاعباً في هندسة المستقبل.
وهكذا اختلف عادل عن ميرغني في صناعة الموكب ومدلوله السياسي، فميرغني يراه خدعة من العسكريين تذر الرماد في عين قوى الحرية والتغيير عن احتلاله المطرد موقعاً في الدولة بعد آخر.
لكن يبدو أن الباز مفتوح الذهن مع ذلك ليرى أن السماء وحدها هي حدود الموكب الذي صنعه التيار الإسلامي، فخروج الموكب نفسه في قوله كان تمرداً على النظام مسلوب الإرادة القائم الذي لا يتبع الفعل بالقول، وعليه فعودة النظام القديم (الإنقاذ) للحكم واردة، فعادت حركة “طالبان” في قوله للحكم بعد عقود من الغيبة عنه.
ولربما عاد النظام القديم بحذافيره في سيناريو ما، وسيكون التحدي أمامه، وقد امتنع عن التصالح مع حقيقة سقوطه عن طريق ثورة، أن يأخذ نفسه بالشدة بالسؤال عما نسيه وعما تعلمه خلال فترة استراحة المحارب لو شئت.
اندبندنت عربية
قوالات و كلام فارغ، خلينا من عادل قال و ميرغني قال يا دكتور انت موقفك شنو؟
من ميزات هذه الثورة أنها مايزت بين الصفوف و الغت المنطقة الرمادية فأما انك مع انك مع حكومة مدنية كاملة الأركان و رجوع العسكر إلي مهامهم الطبيعية المتعارف عليها في كل الدنيا و خروجهم تماما من السياسة و الاقتصاد بالاضافة الي حل عصابات الجنجويد و جيوش المرتزقة و دمجهم في جيش قومي محترف و إرساء سيادة القانون علي الجميع و اما انك مع الفلول و تجار الدين في نفس المركب الغارق بأذن الله.
التحية لأبطال لجان المقاومة الشرفاء و الحرية للاستاذ وجدي صالح و المناضلين الاحرار في معتقلات الانقلابيين
مشي العجول في الطين
الدكتور عبد الله علي إبراهيم، له كل الاحترام، يكتب بتقعرٍ مبالغٍ فيه .
كان بالإمكان توصيل الفكرة بأبسط و أسهل ما يكون دون أن يتكبد شيئاً من الإبتذال المخل.
ودون أن ينقطع حبل الوصل بينه و بين المتلقي .و لعمري فإن هذا هو الأساس الذي تنبني عليه فكرة التواصل بل هوالأساس نفسه الذي يطيح بالتواصل.
الأساس في اختيار الكاتب لأسلوبه أولاً و ليس آخيراً هو لمن تكتب و في أي عصر تكتب. كما أن الهدف من الكتابة قد يشكل عاملاً حاسما في اختيار المفردة و الأسلوب الملائمين لهذا الهدف.
فإذا كان هدفك هو استعراض مهاراتك اللغوية علي حساب أن تكون مفهوماً ستفقدهما الأثنين معاً اذ أن الأصل في الكلام أنه موِّصل للفكرة لا تعقيدها بالمبالغة في التقعر. فلا ابداع في نص غير مفهوم .
لاحظ أن معظم المبدعين، دائما أبعد ما يكونون عن التعقيد غير المبرر و التقعر الفارغ الذي لا يخدم ايصال الأفكار.
ذلك الايصال و التواصل الذي لا يحوجك لألهاء الفكر و إلهابه بذلك التعقيد و التقعر و استعراض الاكاديمية. إذ كيف تكون مبدعاً و أنت غير مفهوم من الأساس؟. إن استعراض الأكاديمية هو فخ و مأزق يقع فيه الكثير كتاب بلادي.
فالدكتور يكتب كما لو كان قراؤه أناس من العصر الجاهلي من حيث يقصد أو لا يقصد لا أدري. فأنت تحس بأنه قد توصل لما كتبه بعد مخاض مصحوب بضغط شديد استغرقه الكثير من المغص و الوجع المُمِض .و أما المولود بعد كل هذا، فأنه مسخ مسيخ و أبعد ما يكون عن الإبداع فلا المعري يستطيع أن يفهمه و لا القاري المعاصر يستطيع أن يستوعب جله. و أسلوب الدكتور في تقعره و استعراضيته يذكرني بأسلوب المغفور السيد الصادق المهدي . و قد شَبَّهَ أحدهم طريقة كلام السيد الصادق، يوماً، بأنها (زي مشي العجول في الطين) . و لعمري فهذا أبلغ و أصدق تشبيه لأسلوب الرجلين كليهما في الكلام لمن رأي كيف تمشي العجول في الطين. و بالمقابل فإن متحدثاً كغازي صلاح الدين ينسكب حديثه في إنسيابية الحرير و رقة النسمة و بلا أدني عناء و تعنت . اختلافنا مع الرجل ،علي اية حال لا (يردعنا) عن قول ما قلناه في حقه مع إنّ هذا ليس بذي موضوع ههنا.
الطيب صالح ، و هو ما هو، لا يمكن أن تقول عنه أنه غير مبدع بالرغم من أسلوبه السهل و المباشر و الخالي من التقعر و استعراض الاكاديمية الفارغ كما وأنك تحس أنه يكتب بسهولة وعفوية و مع ذلك بدون ابتذال. و هل هذا هو إلا الإبداع!
لا باس من بِضْع جمل و كلمات هنا وهناك فيها شئ من التعقيد شرط أن تخدم الغرض و الفكرة و أن تأتي بدون تَصَنُّع و تَكَلُّف وتكون عفو الخاطر.
دكتور، أنت لا تكتب للبُحتري و المقفع و ذي الرُّمَة.
عبد الله علي ابراهيم يتحدث عن من كان في صحبتهم لثلاثة عقود اي الاسلاميين و قد كرموه و يظهر يوم التكريم بوجه كالح و قد تغنى لهم عندما زاروه السائحون حبايبي الحلوين اهلنا جويني و انا ما قايل سايحين زي ديل بزوروني و كلام الحب كله قلتو بس كلامي انا الما عرفتوه يقصد دفاعه عن الاسلاميين. عبد الله علي ابراهيم يمثل عديمي الاخلاق من النخب الفاشلة.