سوق «ماركاتو» بالخرطوم.. البيع بالأمهرية..الزوريا كرنفال من اللون الأبيض

سوق ماركاتو: تهاني عثمان:
وانت في قلب مدينة الخرطوم لا تستغرب اذا احتجت الى مترجم، فكل من قابلناهن هذا الصباح لم نتمكن من التواصل معهن بسبب حاجز اللغة، لأنهن يتحدثن باللغات الإثيوبية، فاعتذرن لنا عن الحديث عن تفاصيل السوق «سوق ماركاتو» بالخرطوم «2» الذي بدأ اكثر صخباً وضجيجاً تسري فيه الحيوية والنشاط، ومكتظاً بالباعة والعملاء.. فالسوق يقصدة الأحباش والسودانيون على حد سواء.
الخرطوم التي احتضنتهم ومازالت تتعايش معهم، فقد اعطت إثيوبيا واهلها مكانة مميزة يشهد عليها السوق «ماركاتو» الذي يتمدد خلف الكنيسة الإثيوبية على بعد خطوات من مدخل مطار الخرطوم، وعلى الجانب الغربي من شارع الاسفلت تقع الكنيسة الإثيوبية التي تتحول في أيام الأحد الى سوق يضج بالإثيوبيين والاريتريين، حيث يتحول السوق وما حوله الى كرنفال من الزي الأبيض الذي ترتديه معظم الفتيات، فأدركنا بعد السؤال أن اللون الأبيض له علاقة بقداس الكنيسة والصلوات، والأزياء بها درجة عالية من الأنوثة، وكثير من الحياء يخبر به الشال الشفاف المرمي بخفر وعفوية حول الكتفين، وأمام ساحة الكنيسة تعرض بعض الكتب والرقائق الدينية ومجموعة من الصور تجسد السيدة مريم العذراء وسيدنا المسيح عيسى عليه السلام وبعض آباء الكنيسة الأثيوبية أمثال ميخائيل وقسا وابرام.
دولت ورفيقاتها ثلاث فتيات جلسن جوار الكنيسة يعرضن بضاعتهن التي تخص فئة الشباب من الجنسين دون غيرها من الفئات العمرية الأخرى. وبعد حديثنا معهن دخلن في جدل لم يطل كثيراً بلغتهم. وبعدها قالت «دولت» بالعربية إنهن في حالة مزاجية غير طيبة لأن حركة البيع تكاد تكون متوقفة، لذا لن يستطعن التحدث معنا، ولكن بعدها همست في أذني أخرى تقول لي إنهن لا يرغبن في أن تفوتوا عليهن فرصة البيع بالانشغال بالكلام.
ETHIOPIA على طول الجلباب القطني الناصع البياض، حروف رأيناها مبعثرة بألوان مختلفة غلب عليها الأخضر وخالطها اللون الأحمر الداكن.. اقتربنا من السيدة الجالسة تحت ظل «النيمة» وتقاسيم وجهها تشير إلى أنها في نهايات العقد الرابع من عمرها، وهي تجلس على مقعد قصير مستخدمة أفرع الشجرة في عرض بعض بضاعتها، وتناثرت البقية الباقية في ما حولها.. سألناها عن هذا الجلباب فأجابت بأن معرفتها وخبرتها في الأزياء الإثيوبية قليلة لا تتعدى البيع والشراء، لكنها دلتنا على القلب النابض بسوق الملبوسات «بسوق ماركاتو» مريم هاشم التي تعود أصولها للإثيوبية. وقد مكثت سبعة عشر عاما بالسودان، مما عمق علاقاتها وتواصلها مع الشعب السوداني من خلال بيعها الملبوسات الإثيوبية بالسودان التي بدأتها منذ امد بعيد في رحلة رافقتها فيها هذا الصباح ابنتها «لنا ميرغنى» وهي فتاة نحيلة فارعة الطول جميلة القسمات.
وبابتسامة لم تفارقها طوال حديثها معنا، قالت مريم: «أغلى الأنواع وأقيمها هو الغزل اليدوي من القطن، وتصنع هذه الملبوسات فى أسمرا وأديس أبابا بواسطة أيادٍ احترفت الغزل، لذا تعتبر كل هذه الملبوسات مستوردة وتسمى زوريا». وعن أنواعها تقول: «إن القماش الذى يخلو من التخطيط يسمى «زوريا منن» اما التى تأخذ الخطوط فيه مسافات تبعد وتقترب فتسمى «بالزوريا الباسو»، وأنواع هذه الأقمشة تدخل فى التفصيلات الخاصة بالفتيات، ويلبس معها شال أبيض يسمى «شنقروا»، ويمتاز هذا النوع من الأزياء بالتطريزات الطرفية من القطن المغزول الملون، ويتحد لون التطريز في اللبسة بكاملها، وإن كان بعضها يتميز بالخيط الذهبى او الفضى».
أما عن أسعارها فتقول مريم: «تتفاوت الأسعار ما بين خمسة وثلاثين وثلاثمائة وخمسين جنيها، ويرجع تفاوت الأسعار الى جودة الخامة او عدمها» اما ابنتها لنا فقد أضافت قائلة: «إن هنالك اقبالا يتزايد مع الايام من من قبل الفتيات السودانيات للملابس الاثيوبية، خاصة فى عادات الحنة للعروس، فاصبح بعض العروسات يرتدين الزى الاثيوبى بجانب رفيقاتها، ولكن بدرجة أقل، او يرتدين معها ما تسمى لدينا بلبسة الجبنة، وهى جلباب من القطن الابيض الخالص به بعض التطريزات فى الأسفل وحول العنق، ويأخذ بعضها شكل العلم الاثيوبى، ولكنها عموما تتفاوت ما بين اللون الأخضر والكبدى والأحمر والأزرق».
وأكدت لنا أن الاسكيرت والبلوزة والطرحة الصغيرة في إثيوبيا تعد من الزى القومى لإثيوبيا، والرسمى للعروس الإثيوبية. ومن الضرورى ارتداؤه فى ليلة الزفاف والمناسبات الاجتماعية، وحتى فى اداء الصلوات بالكنائس لا بد ان تؤدى بها الصلوات، وعلى اقل افتراض لبس الشال «الشنقروا» لذا يكون الاقبال على الشالات اكثر من غيرها، وتعلق بقولها «لعل طبيعة الاجواء هى التى شجعت الاقبال عليها، لأنها قطنية تتناسب مع الحرارة المرتفعة، ولكن الاقمشة التى يضاف اليها الخيط الذهبى والفضى لا يرتديها السودانيون الا ليلاً، لأنها تترك اثرا غير مريح على العينين بخلاف الحال فى إثيوبيا، لأن الأجواء هناك تبدو أكثر برودة من السودان، لذا الألوان الفضية والذهبية مفضلة هناك أكثر من السودان».
وعن أزياء القهوة قالت والدتها مريم «إننا في جلسات القهوة نحرص على أزيائها الخاصة، وعادةً يكون الزي كاملا له خصوصيته وقدسيته، اذ لا يمكن التجول به فى الطرقات، لأن ذلك يعد خرقا للعادات والتقاليد، فالجلباب الكامل المطرز فى الاسفل وحول العنق بالاضافة للشال «الشنقروا» له وظيفة لا يتعداها لغيرها، وقد يصل سعره الى خمسة وثلاثين جنيها، ويمتاز بأنه بارد فى الصيف ويحتفظ برونقه لمدة قد تطول».
ثم أضافت: «وسعياً لتواصل الأجيال وتوريث الثقافة والتقاليد يبدأ الإثيوبيون في اقتناء ملابس إثيوبية من الزى القومى للاطفال بمقاسات أصغر. ويبدأ الطفل التمسك بزيه فى المناسبات الاجتماعية وعند اصطحابه للكنيسة وأداء الصلوات، لذلك يعتاد الطفل على قدسية الزى ومن ثم المحافظة عليه».

الصحافة

تعليق واحد

  1. أحلى ناس

    واجدع ناس

    واكتر ناس بيحبوا السودانيين ويحترموهم

    واكتر ناس يطربوا للفن السوداني ويموتوا فيه عشقا

    ورغم ذلك لم يجدوا مننا غير الصد والهوان في ديار الغربة

    ونركض خلف من لا يقيمون لنا وزنا

    لهم كل الحب والاحترام والتقدير

    😎

  2. فعلآ ناس كويسين وبحبونا كتير وكلمتهم واحدة وأوفياء فى الزواج مع الإخلاص

    للزوج … وجيران ياأهل السودان رفقا والمعاملة الحسنة لخادمات المنازل .. أنتم أهل خ

    ير وكرم ,,, وصية

  3. بنحبهم وبيحبونا شديييد ! البيحيرنى ( الشهقة ) العندهم دى فى كلامهم , أنا ماعارف ( المك نمر ) وجماعتو سوا ليهم شنو ! خلوهم يحبونا كده من دون العالمين ! :rolleyes:

  4. من اكثر الاجناس بنحترمهم ويحترموننا شعب بسيط ومسالم ومنما يعرفك انت سودانى والله تتغير الى كانه بتعامل مع اثيوبى من بنى جنسه وياريت نحترمهم فى السودان لاننا نشعر بقسوة الغربة ويابنى شعبى هذا الشعب الاثيوبى يستاهل كل خير مننا وهم احق بالحريات الاربعة واكثر ومرحب بكم فى السودان وطنكم الثانى

  5. شعب يستحق منا كل التقدير وكل الاحترام ، فما اجمل بساطة هذا الشعب الجميل وما اجمل حبه الكبير للسودان وللسودانيين ، دعوهم فانهم يشبهوننا في كل شئ فهم خير لنا كما قال احد الاخوة في رده من كثير ممن نتلهف خلفهم وينعتونا بابخس الشتائم العنصرية مع العلم انني من وسط السودان ، لكن كل السودانيين اخوة في كل السودان .

  6. لاحظت أن كل المعلقين ايجابيا عن الاثيوبيين مغتربين خارج السودان

    فهل لا نعرف قيمتهم إلا خارج السودان ؟

  7. عميق لقيتك يا الطافش و الشهقة بينى و بينك حنينة
    والشهقة يعنى نعم او ايي او جدا و الناس دي احلا حاجة فيها انها نهائي ما بتقول لا
    و دنانش يا محترم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..