جنوب السودان… أول الغيث

عبدالله عبيد حسن

في آخر لقاء جمعني وبعض الزملاء ببعض قادة "الحركة الشعبية"، وكان ذلك قبيل إعلان قيام دولة جنوب السودان، وكان جو اللقاء الذي يخيم على جميع الحاضرين تطبعه حالة من الكآبة والحديث المشبع بالمرارة والعتاب المتبادل، وكيف سيكون الوطن، ونحن نرى بعين المستقبل القريب أن جزءاً عزيزاً من الوطن سينفصل عن الوطن الكبير، وقد عشنا حياتنا الواعية ونحن نتطلع إلى يوم يتحقق فيه السلام في سودان جديد يتخلص من أدران الماضي ومظالمه. سودان جديد يطوي صفحة الماضي الذي أصبح تاريخاً ويتجه إلى بناء وطن يسوده العدل وتتحقق فيه المساواة وتنهض فيه التنمية العادلة.

وكان مؤدى الكلمة الأخيرة في تلك الليلة أن ما سيحدث، لن يفيد تكرار الحديث عنه إلا إذا كان الهدف أن نستفيد جميعاً من تجارب الماضي الثقيل، وأن نتوجه في الشمال والجنوب وخاصة في دولة جنوب السودان، لتحقيق حلم قرنق الذي كانت له دعوته السياسية الواعية لبناء سودان جديد، وتلك مسؤوليتنا جميعاً نحن المؤمنين بوحدة السودان الجديد، وخاصة -والحديث كان موجهاً لقادة الحركة الشعبية الحاضرين- وأنتم ستصبحون غداً مسؤولين عن أرواح المواطنين الجنوبيين وأمنهم واستقرارهم وبناء دولة جديدة بالتضحيات التي بذلها السودانيون في الشمال والجنوب. وستكونون منذ الغد أنتم والجنوب محط أنظار ليس الشماليين وحدهم وإنما محط أنظار العالم أجمع، وكل فشل أو أخطاء أو جريمة ترتكب هنالك ستكون سلاحاً في يد خصوم وأعداء السودان عامة.

تذكرت في تلك الليلة وما جرى أثناءها من أحاديث وعهود متبادلة عندما أعلن بالأمس أن حكومة جنوب السودان قد قامت باعتقال الجنرال "مريال جون أجوك" رئيس جهازي المخابرات والأمن وعدد من مرؤوسيه ووجهت له في بيان اتهامات خطيرة تتعلق بجرائم خطيرة في حق بعض المتهمين الذين وقعوا تحت سطوة "الجهاز"، وشملت حتى بعض النساء ومن بينهن سيدة تعرضت لسوء المعاملة. وعندما أبلغ الرئيس سلفاكير بالأمر أمر بتسفيرها بطائرة خاصة إلى نيروبي للعلاج، ولكن توفيت وهي تحت العلاج.

وقد فتحت تلك الجريمة الباب لتحقيق قضائي واطمأن كثير من ضحايا الجنرال "مريال" وضباطه الذين مارسوا كل الجرائم وعاثوا فساداً في الأرض من الرشاوى إلى الأتاوات التي كانوا يفرضونها على الناس باسم حماية الثورة والنظام.

وإذا كانت العدالة السريعة هي الخطوة الأولى للعدل، فقد تقرر أن يقدم يوم الاثنين هو وأعوانه إلى محكمة الجنايات في جوبا.. وأكد المفتش العام للشرطة أنه قد حان الوقت لتمارس السلطة القضائية واجبها وأن كل الأمر سيتم وفقاً للقانون وبكل شفافية وفي ذلك إنذار وتحذير لأمثال الجنرال "مريال".

إن أهمية هذا الخبر-الحدث، بالنسبة لي يعيد الثقة في "الحركة الشعبية" وحكومتها ويؤشر إلى أن حكومة سلفاكير قد تعلمت وتفهمت أن السلطة لا مهمة لها سوى تحقيق العدل وتوفير الأمن والاستقرار للمواطن البسيط، وإشعاره بالواقع الفعلي، وبأن حكومته في خدمته، وأنه لا أحد يعلو على الحقوق المكفولة بالدستور.

جريدة الاتحاد

تعليق واحد

  1. بالأضافة الي توخي العدالة بواسطة رئس حكومة الجنوب وهذا يوضح مدي وطنية حكومة الجنوب شاهدو في اليو تيوب كيفية التعامل مع اطفال الشوارع بالجنوب وقارنوها مع التعامل مع تعامل حكومة الشمال ؟؟؟ STREET CHILDREN IN SUDAN

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..