ثقوب على جدار جدلية المركز والهامش 2-2

ثقوب على جدار جدلية المركز والهامش 2 -2
مقدمة الجزء الثانى:
– اختزلت رؤية “جدلية المركز والهامش ? قراءة جديدة فى دفاتر الصراع فى السودان”، عن قصد أو بدون قصد ذلك الصراع “مغبشة” الوعى فى طرفين لا ثالث لهما، هما “اصحاب البشرة السوداء” وهؤلاء اصبحوا “أفارقة” أو زنوج السودان وأهله الأصليين دون غيرهم.
– وأصحاب البشرة الأقل سوادا وهؤلاء هم “العرب” أو المستعربين أو “جلابة” السودان.
– نتيجة لهذا “التصنيف” اصبح “الحناكيش” بلغة العصر “المنعمين” الذين تربوا وترعرعوا فى المركز ضمن منظومة “الطبقات” البرجوازية والراسماليه، يأكلون “الأقاشى” والأيسكريم محسوبين مع “المهمشين” ، المضطهدين من قبل المركز.
– إذا تقدم أحدهم بطلب لجوء أو إعادة توطين لإى اى دولة، بأعتباره منتميا “جذريا” لأحد المناطق التى اصبحت تعرف “بالهامش” فى الوقت الحاضر.
– تجده قد حصل على حق اللجوء والرعاية قبل رفيق له من ابناء المركز ? بشرته فاتحة نوعا ما – ظل يقاوم النظام ويواجهه مواجهه شرسة مما عرضه للعديد من صنوف القهر والتعذيب وبعضهم إستشهد تحت ذلك التعذيب.
– ومن خلال ذلك “التصنيف” نفسه أخرج “النوبيين” فى الشمال خاصة “الدناقلة” الذين اصبحوا الى جانب جميع “الجعلييين” و”الشايقية” هم من يستحوق إسم “الجلابة” فى السودان.
– فى هذا الجانب تناسى كاتب “الجدلية” تضحيات هؤلاء “النوببين”، إذا كان البعض يشتكى الأن من أن مجموعته تعمل فى المهن الهامشية بأشكالها المختلفة، فهؤلاء النوبيين “هاجروا” الى مصر بحكم قربها من مناطقهم مبكرا وعملوا “كمرمطونات” وكطباخين وبوابين ولا زالوا يعائرون بهذه المهن فى مصر.
– لا من أجل الغذاء والقوت فهو متوفر لهم وهم زراع، لكن من أجل أن يوفروا تعليما لأبنائهم إضافة الى ذلك “فالنوبيين” فى الشمال عرفوا بعدم ميلهم “للتعدد” لأن المرأة كانت فى التاريخ النوبى القديم “ملكة” وهل يستطيع الإنسان أن يعدد على ملكة؟
– على عكس العديد من باقى القبائل والإثنيات التى صنفت “كهامش” خاصة “الرعوية” التى من ثقافتها “التعدد”.
– وعلى أبنائهم وأحفادهم محاكمة ذلك التاريخ، فالتعدد لا يسمح للأب فى كثير من الأوقات للإهتمام بتعليم أبنائه وبالتالى أن يتخلصوا من مهن الأباء والأجداد والدخول فى عالم النخب والصفوة.
– كذلك فإن “الجدلية” غفرت لنخب “الهامش” ما لا يغتفر حتى بعد حصولهم على أعلى درجات التعليم أخطاءهم الشنيعة أعنى هنا الذين تأمروا على الشعب كله وفى مقدمته أهلهم وإثنياتهم بأعذار واهية، متبأوين أعلى المناصب فى دولة عنصرية ظالمة.
– أحيانا يمارسون القمع والظلم بصورة اشد مما يفعل “الحاكم”، لكن الرؤية لم تغفر “للجلابة” عملهم فى خدمة “المستعمر”.
– وظروف الإستعمار وخدمته معروفة، ولو كان كل إنسان قادر على مواجهة المستعمر، لما خلد التاريخ ابطالا محددين مثل “على عبد اللطيف” أو “مانديلا” فى جنوب أفريقيا أو “عمر المختار” فى ليبيا.
……………..
ومن ثم اقول .. فى الجزء الأول من هذه المحاولة النقدية “الإنطباعية” المتواضعة، أكدت على أن هذا العمل الأكاديمى “الثقافى/ السياسى” مهما أختلفت حوله الأراء يبقى مجهود يقدر لصاحبه، لكن طالما هى رؤية بشرية، تبقى قابلة للخطأ وللصواب، كلها وبرمتها أو فى بعض أجزائيها وهذا أمر يجب الا يغضب البعض ويجعلهم يستلوا سيوفهم فى وجه الناقد المؤيد للرؤية أو المعارض لها، إذا كنا فعلا نسعى لتأسيس دولة الديمقراطية والعدالة والمساواة والقانون.
فى هذا الجزء أقول .. بأن مثل هذا العمل خطير لأنه قد يساهم فى “وحدة” شعب بناء على الإعتراف بالأخطاء إذا كانت فى الماضى أو الحاضر، البعيد أو القريب والعمل على تصحيح تلك الأخطاء بصياغة دستور “إنسانى”، فى الحقيقة أطالب بصياغة مواد “فوق” دستورية، غير قابلة للإلغاء تجرم “العنصرية” و”القبلية” مما يؤدى الى تأسيس دولة “الجميع” كمثال لها فى الحد الأدنى “الولايات المتحدة الأمريكية” التى مورست فيها تفرقة عنصرية حتى سنوات قريبة ربما بصورة أقبح من الذى حدث فى بلادنا، يكفى أننا كنا نقرأ قبل سنوات قلائل عن أماكن “حلاقه” يكتب على ابوابها مثلا “هذا المكان ليس للسود والكلاب”، فإذا بأحد “السود” يصل الى أعلى منصب فى تلك البلاد وسبقه عدد من السود نساءا ورجالا فى مناصب لا تقل خطورة عن منصب الرئيس.
فى ذات الوقت ومن زاوية معاكسة فإن خطورة هذه الرؤية “جدلية المركز والهامش” تكمن فى كونها يمكن أن تؤدى الى “تفتيت” هذا الشعب وتمزيق هذا الوطن فى وقت أتجه فيه العالم كله نحو “الوحدة” و”التكتل”، بناء على ما ذكرته فى المقدمة أعلاه وطالما أكتفى “البعض” بعنوانها فقط كما ذكرت فى الجزء الأول “نقز” به، دون أن يلج الى أعماق الرؤية معتبرا بالحق أو بالباطل أن ظلما قد وقع عليه فى هذه الأرض الشاسعة الواسعة حتى بعد إنفصال الجنوب المسماة “بالسودان” المليئة بالخيارات، وقد تسبب في ذلك الظلم “القادمون” الجدد سمهم ماشئت “العرب” إذا كان فى السودان عربا أو سمهم “الجلابة”. دون نقد أو تقصير يوجه للذات.
حتى اصبح ذلك “المهمش” إذا كان عن وعى ومعرفة أو فى عدم وعى، لا يهتم بغير “عنوان” الكتاب و”نقز” به وغير أن يهيمن على هذا الأرض بكاملها فى المستقبل القريب وإذا إستحال تحقيق ذلك الهدف “المشروع” بسبب طول أمد الحرب والصراع أن يحدده مصيره فى شكل “إنفصال” جديد دون قراءة جيدة وعميقة للظروف المحيطة به والمتغيرات ودون إستيعاب لدرس مؤلم حدث قبل وقت قريب قد نجد العذر لمن أتجهوا اليه.
على كل اصبح الخيار محصورا فى هدفين فقط، بدلا من مواصلة “الكفاح” لتحقيق العدالة والمساواة لأى سودانى يعيش على هذه ألأرض دون تمييز أو إستعلاء والأمر المؤسف أن مختزل الطموحات العريضة فى هدفين هو جزء اصيل وجد على تراب هذه الأرض، متجاهلا حق أجيال المستقبل الذين لم يؤخذ رأيهم “بالتقوقع” فى مساحة ضيقة أى كان حجمها بدلا من وطن “حدادى” مدادى، ومن قال أن المستقبل لا يحمل الخير والبشرى وقد ضربت مثالا “بالولايات المتحدة الأمريكية” والتهميش كما يقال “خشم بيوت” أى متعدد الأشكال والأسباب.
أذكر عند زيارتى لأمريكا نهاية عام 2000 تحديدا لولاية فلوريدا، قال لى أحد الأصدقاء المقيمين فى ذلك البلد أن أعضاء “مجلس النواب” الممثلين لتلك الولاية اشتكوا من أن الحكومة المركزية تبذل المال لمواطنيهم لكنها لا تهتم بمحاربة لعب “القمار” وتدخين “الحشيش” لأنها تريد أن تقضى على المواطنيين “الأصليين” الذين يعيشون فى تلك الولاية، يعنى ذلك الصرف السخى من المال دون محاربة المخدرات والقمار، أعتبره نواب تلك الولاية نوعا من الظلم.
الشاهد فى الأمر هذا المشروع الوطنى أو الإنسانى المتمثل فى العمل بإصرارعلى تحقيق المساواة دون أدنى تمييز يحتاج الى “تضحيات” باشكال مختلفة لا يستطيعها “المستعجلون” الذين تهمهم اللحظة الحاضرة دون النظر الى المستقبل.
لذلك فرؤية بمثل هذه الخطورة بحسب وجهة نظرى، كان الواجب ألا تكون رؤية “فرد” مهما كانت عبقريته وقدراته الفكرية وحجم مشاركته فيها، بل أن تخرج فى شكل ملخص”دراسة” عميقة تكون اشبه بالجمعية التى تصيغ الدساتير، وتضم أكاديميين وباحثين وعلماء أنثربولجى وتاريخ وقانون وجغرافيا واثار وسياسسين من مختلف جهات وطن بحجم “قارة” مثل السودان.
فالفرد مهما كان محائدا فى سلوكياته وافكاره دون شك سوف ينحاز “للهامش” إذا كان من “الهامش” وللمركز إذا كان “مركزيا” وكما ذكرت الأفراد “الأمة” الإستثنايئون مثل “جون قرنق” و”محمود محمد طه” الذين ينظرون للأمور بحيادية وتجرد ونكرات ذات نادرون ولا يمكن أن يتكرروا بسهولة .
وهذا الأنحياز واضح فى تناول الدكتور/ أبكر آدم إسماعيل لرؤيته على “طريقته ومنهجه” ? هو ? كما قال، إذا ظهر ذلك فى الكتاب أو فى الندوات التى قدمها فى نفس الموضوع.
كذلك تناولت فى الجزء الأول، معترفا بقدر عال أو منخفض من “العنصرية” كان يمارس على إثنيات بعينها فى السودان بعدة طرق ومسببات وأشرت الى أن تلك العنصرية تدرجت من “الكثافة” الى “اللطافة” حتى تجدها داخل إثنية واحدة أو أسرة واحدة.
والتهميش كذلك كان موجودا وافقنا على تسميته تلك أو إستخدمنا معان أخرى مثل “التنمية غير المتوازنة” التى تضرر منها سكان “الأطراف” أو “الأرياف”.
وكنت قد اشرت الى قدر من “التهميش” يبدأ من مسافة قريبة من “مركز” المركز أى من “العاصمة” الخرطوم ثم يزداد قليلا قليلا كلما أبتعدنا عن المركز وذكرت وقائع شاهدتها بنفسى مثل حالة الأطفال الذين يركضون بمحازاة “القطار” يصيحون “رغيف .. رغيف” و”جريدة .. جريدة” بمعنى أنهم لا يتمتعون بما هو متوفر لأهل “الخرطوم” من غذاء “الرغيف” ولا تتوفر لهم “الثقافة” فى حدها الأدنى “جريدة”، أخشى أن أكون مخطئا فتكون مناداتهم “بالجريدة” من أجل أن تشعل بها “النيران” لصنع العصيدة!
هنا أقرر وأظن بأنى أمارس “الحياد” و”الإعتدال” إذا لم ير البعض خلاف ذلك، وأنى فى النهاية “جلابى” مستهبل أو “إسلاعروبى” وكثيرا ما سمعنا مثل هذه العبارات.
على كل حل إذا كنت أتمتع بقدر من “الحياد” الإيجابى فالفضل فى ذلك يعود الى ثلاثه اسباب النشأة فى بيت “صوفى” وفى مدينة “متسامحة” تقبل الإختلاف والتنوع هى مدينة “أم درمان” ثم الى قراءتى و”علاقتى” التى لم تصل درجة “الإلتزام” بالفكرة الجمهورية، ليس من الزاوية الدينية وحدها بل من الجانب “العلمى” والتأصيلى للعديد من الأمور الشائكة.
فالفكرة الجمهورية تدعو لصياغة دستور “إنسانى” لا كما يظن العديد من المثقين الى دستور “ثيوقراطى” أو “إسلامى” وتدعو لنظام حكم “ديمقراطى فيدرالى إشتراكى” وتعترف جغرافيا بأنتمائنا لأفريقيا، لكنى لم اسمع عن معادة لها “للثقافة” العربية.
الأهم من كل ذلك قدمت “الفكرة الجمهورية” قضية “الخلق” و”التطور” على نحو علمى يقنع كل من كانت فى داخله ذرة “عنصرية” أو “تطرف” جهوى أو إثنى، للتخلص من عنصريته وجهويته وتعصبه القبلى وأهمية هذا الجانب أنها تؤكد بأن الجنس البشرى كله يعود الى “أصل” واحد هو “التراب” عقب تطور لغاز “الهيدروجين” ثم الدخول فى عالم الأحياء بحيوان “الأميبا” الذى يتحرك ويحس ويشعر بكلياته.
حتى وصلنا الى عصر الإنسان وصناعة المجتمع حينما احس بضرورته رغم أنه يمنحه اشياء ويحرمه من اشياء أخرى فى مقدمتها حريته وذلك بحسب نظرية دارون لتطور المعروفة.
الشاهد فى الأمر لماذا العنصرية والتفرقة والتمييز طالما كان الأصل واحد؟
وما هو الداعى لظلم الأخ لأخيه فى الوطن الواحد أو فى العالم الفسيح.
وما هى النتائج التى سوف يحققها “المغبون” أو “المظلوم” أو من مورست تجاهه تفرقة “عنصرية” فى السابق، طالما هو يحاول السير فى ذات الطريق بتبنى عنصرية مضادة وتهميش من نوع جديد؟
الرؤية الصحيحة هى أن نكشف تلك الأخطاء وذلك الظلم وأن نحاكمه ونشجبه وندينه ثم ننطلق لنبنى دولة “المواطنة” التى تسع الجميع، علمانية كانت أو إنسانية.
فى هذا المقام أعتذر بأنى قد نسيت إسم شخصية إنسانية رائعة حينما سردت نماذج لأفراد كانوا “أمة” تتجاهلهم رؤية الدكتور/ ابكر آدم إسماعيل إذا اخذنا بها فى عدم “التوقف” أو الإهتمام عند الأمثلة “الفردية” أو منحها قدر من الإعتبار، فعنده المهم “الكليات”.
تلك هى شخصية القائد الأفريقى الملهم “نلسون مانديلا” الذى واجه خصومه فى شموخ الأبطال ثم صالح وغفر وسامح فى شرف الكبار، بالطبع بعد المحاسبة والمصارحة ثم المصالحة.
لقد نسيت أن اذكر إسم ذلك البطل الإنسان، الم أقل لكم أن أى فعل “بشرى” قابل للصواب مثلما هو قابل للخطا كله أو فى جزئيات منه؟
أعود لمسألة هامة إختصرتها فى المقدمة أعلاه وهى من أكبر أخطاء “الهامشيين” ومن بينهم الدكتور/ ابكر آدم اسماعيل، تتمثل فى الأعذار الواهية و”المستفزة” التى تصنع صناعة متقنة لإخراج “النخب” المتعلمين تعليما جيدا الذين لا يزالوا يصنفونهم “كهامشيين” بناءا على إثنياتهم وجهاتهم التى جاءوا منها، مبررين اخطاءهم التى وقعوا فيها بل وصل أحدهم درجة أن يغفر لمن عملوا فى أجهزة الأمن والقمع وأعتبر عملهم ذاك نفسه نوع من “التهميش” والتحقير!
هب أننا غفرنا لأمى وجاهل – على مضض – فكيف نغفر لدكتور جامعى .. وكيف يغفر لمن عمل فى أجهزة الأمن والشرطة والمليشيات التى تمارس أفظع أنواع القمع والقتل؟.
من جانبى اتفهم التبرير الذى سمعته من أحد ابناء الهامش المستنيرين بأن السبب فى ذلك “الغفران” أو السكوت عن تلك “المخازى” والأخطاء يعود الى التقاطعات الموجودة فى “الهامش” أو “الخوف” من إنتقاد شخص ما يعمل مع نظام عنصرى مثل نظام “الإنقاذ” الذى يبيد ويقتل ويحرق الأطفال ويغتصب النساء، لأن مدينته أو قريته قريبة من منطقة ذلك الشخص وقبيلته قوية ومسلحة.
من النقاط السالبة فى الرؤية أو الكتاب المرور السريع على عامل مهم للغاية هو “المحمول” الدينى وعدم تناوله على نحو عميق وجاد وهذا حسب رؤيتى يرجع لسبيين، الأول هو عدم إهتمام الدكتور بهذا العامل الدينى حتى ولو من باب الثقافة العامة، كحال العديد من “النخب” والمثقفين والسبب الثانى لأن ابشع ما ارتكبته النخب المنتمية إثنيا للهامش، هو تماهيها مع النظام الإسلاموى الحاكم فى السودان، ومن خلال تلك “الأيدلوجيا” نالت الفضل، فأى مسلم يفضل الذين غيره من البشر وكل من تحدث العربية فهو عربى، والحديث يقول ” لما خلق الله الخلق اختار العرب، ثم اختار من العرب قريشا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار”.
لذلك نجد الهامشيين داخل هذه التنظيمات هم الأكثر عنفا ولؤما وقبحا فى تصرفاتهم لا كما تدعى الرؤية والرؤى المشابهة لها أنهم “مستغلين” بل لأنهم متنكرين لذاوتهم كحال فتيات هذا الزمان اللواتى يكثرن من إستخدام “مساحيق” تفتيح اللون وهم متنكرين لجهاتهم ولقبائلهم وبالتالى لوطنهم كله ولمواطنيهم لأنهم مشبعين بمفاهيم مثل التى رددها المحامى والقيادى “الأخوانى” فى مصر “صبحى صالح” بعد فوز حزبهم فى الإنتخابات بعد ثورة 25 يناير 2011 بشهور قليلة، حينما قال مخاطبا شباب الإخوان المسلمين “لماذا تبدلوا الخبيث بالطيب فتتزوجوا من غير الإخوات المسلمات”.
من سلبيات الكتاب أو الرؤية أن الدكتور/ ابكر آدم إسماعيل قسم السودان الحديث الى أربع فترات فقط:
– فترة الحكم التركى من 1820 الى 1885.
– فترة المهدية من 1885 الى 1898.
– فترة الحكم الثنائى من 1899 وحتى قيام مؤتمر الخريجين.
– مضيفا فترة الإستقلال من 1956 دون تحديد لنهاية هذه الفترة.
وبذلك تناسى أو تجاهل أهم وأخطر فترة فى تاريخ السودان كله ولو كان هنالك قبح وسوء فى جميع تلك الفترات بما فيها من إستعمار، فإن فترة الإنقاذ من 1989 وحتى اليوم ولا نعرف الى متى سوف تمتد، لن يساويها سوء وقبح حتى لو تمت مقارنتها بالعصر “النازى” الهتلرى لأن إستخدام المحمول “الدينى” هو الأخطر والأكثر شراسة وخداعا وتضليلا، لأن خصمك فى ظل جميع الصراعات تتعامل معه يتعامل معك فى نوع من “ندية” الإختلاف، السياسى، لكن من يستخدم المحمول الدينى يرى قتلك “جهادا” ومصيرك النار اما لو كان هو المقتول فهو “شهيد” مكانه محجوز فى الجنة تنتظره على ابوابها 70 حورية عذراوات.
ذلك كله يفعله المحمول الدينى الذى لم يهتم به د. ابكر كثيرا، إضافة الى العديد من التبريرات والوسائل الخداعية التى تنطلى على البسطاء وانصاف المثقفين، كالفتاوى التى تحرم الخروج على الحاكم وأن فسد وظلم و”قلع” حقك.
تلك فترة يفترض أن يفرد لها الكاتب حيزا هاما وشاسعا لأنها همشت أهل السودان جميعهم داخل المركز وبعيدا عنه، صحيح أن الرؤية صيغت قبل عقدين من الزمان لكنها اقرب فترة لشدة سوء وقبح نظام الإنقاذ.
أخيرا تجنى الدكتور/ ابكر آدم إسماعيل على ثقافة أم درمان فى أحدى الندوات وشملها مع الثقافة “السنارية”، ولو حاولت أن استفيض فى هذه الزاوية فسوف احتاج الى كتاب بحاله.
لكنى أكتفى بالحديث عن “الثقافة” الأم درمانية دون إستفاضة بإعتبارى إبن تلك الثقافة.
يكفى أم درمان أنها منحت السودان رجل معاصر مثل “شوقى بدرى” الذى ينتقد أهله واسرته واقرب الناس اليه بعنف، وهو إبن ألأسرة التى بدأت تعليم المرأة فى وقت كان تعليم “الرجال” عيب فى أم درمان التى يظنها البعض مدينة نخبة برجوازية لا يسكنها الا الأغنياء وحدهم، ولذلك السبب “عيب التعلم” فغالبية أهل أم درمان بمن فيهم من شعراء وكتاب كانوا “نجارين” و”حدادين” و”ميكانيكية” و”ترزية” و”بنائين” .. الخ وهو إبن الأسرة التى أحتضنت بناتنا وإخواتنا الجنوبيات وعلمتهن بالمجان أو بمصاريف “خفيفة” فى زمن “الإنقاذ” التى ما كانت ترضى عن هذا العمل الإنسانى.
ومن قبل ذكرت فى أحد كتبى أن ثقافة “أم درمان” يجب أن تدرس وأن تعتمد كنموذج لحل النزاعات فى الدول التى توجد فيها ثقافات متنوعة واديان متعددة.
معروف أن مدينة أم درمان تاسست فى المهدية وأغلب أنصار المهدى لم يكونوا من قبيلة “الدناقلة” الذين جاء من عندهم، بل كانوا من غرب السودان عامة دارفوريين وكردفانيين، لذلك فهم وغيرهم موجودين فى أم درمان التى سميت اغلب أحياءها باسماء المهدية خاصة أمرائها.
بعد المهدية ضمت أم درمان فى حنائها مختلف القبائل السودانية بل مختلف الجاليات “الأجنبية” التى عاشت فى السودان هنود وشوام ومصريين واصبحوا سودانيين وأم درمانيين.
وأم درمان فيها بجانب التعدد دينى تنوع مذهبى و”فكرى” فيها مسلمون سنة وشيعة وفيها “الفكر الجمهورى” الذى يكفر اتباعه ويعتبرون مرتدين، وفيها الأقباط وفيها اليهود وفيها أنصار السنة والأخوان المسلمين وفيها الشيوعيين والبعثيين وحزب “الأب” فيليب عباس غبوش، وباقى الأحزاب السودانية أمه وإتحادى وغيرهم.
وبيوت أم درمان لمن لا يعرفها كان أغلبها من الطين المبلط “بالزبالة” ونادرا ما تجد بيتا بنى من الطوب والأسمنت أو بنى من طبقين، لذلك لم تكن أم درمان عصية على سكن “المهمشين” حسب مفهوم اليوم، بل سكنها كثير من أهلنا “النوبة” تحديدا وكان “الشاويش” “عبد الله بون” رحمه الله يخيف جميع المشاغبين فى أم درمان بشخصيته القوية وحتى لا يقول قائل، مثل هذا كان فى البوليس وفى الوظائف الهامشية فقط.
فى أم درمان وفى مستشفاها عدد من الأطباء الجنوبيين وكانت نساء أم درمان يفضلونهم على باقى الأطباء لعلاج أطفالهن بسبب حسن معاملتهم وشطارتهم كما كانوا يقولون.
أكاد أجزم أن ثقافة أم درمان هى التى تجعل من “الأخ المسلم” يتمتع بقدر من “الرقشة” طالما أمكن ذلك أى انه ليس قبيحا بكامله معلوم أن المرحوم “يس عمر الأمام” وهو قيادى كبير فى تنظيم “الإخوان المسلمين” وكان نائبا للمرشد “الأمين العام” حسن الترابى، خلال فترة الديمقراطية الثالثة، كان قبل وفاته قد إعتكف فى بيته وقال “أنه اصبح يشعر بالخجل ولا يستطيع يدعو أحد أحفاده للإنتماء للحركة الأسلامية”.
أم درمان، بخيرها وشرها ثقافتها “التسامح” والإعتدال وتقبل الآخر، “تدق” النوبة يوم الخميس وتقام الليلية بجوار منزل يباع فيه العرقى المريسه فلا تسمع عن أى إحتجاج أو رفض، وفى الأفراح والأتراح تجد من يمدح المولد الى جوار من يبيع “العرقى” أو “المخدرات” ونأكل أكل الأقباط ويأكلون أكلنا ومنهم عرفنا الباسطرمه والجبنة المضفره والمارتديلا.
ختاما ليس عيب أن يلم الإنسان بأى ثقافة، عربية أو إنجليزية أو فرنسية والشاعر الفذ نزار قبانى تربع على عرش الشعر العربى والعالمى لأنه أجاد خمس لغات.
ولولا الثقافة العربية لما كتب د. ابكر آدم إسماعيل كتابه هذا ولما فهمناه.. والرئيس الأثيوبى “الماركسى” منقستو وحد أثيوبيا كلها ذات يوم من خلال اللغة “الأمهرية” التى يجيدها غالبية الأثيوبيين بالإضافة الى لغاتهم الأخرى .. لذلك لا توجد مشكلة فى أن توحد لغة ما عربية أو برتغالية شعبا بأكمله، المشكلة هى فى “الهيمنة” وفى أن ترفض اللغات والثقافات الأخرى وتحرم من التعبير عن نفسها.
الخلاصة اشعر أن الموضوع يحتاج الى المزيد من النقد والتحليل، لكنى أكتفى بهذا القدر وربما أعود اليه مرة أخرى.
تاج السر حسين ? [email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مشكلتكم انكم ابتلعتم الطعم … هامش و مركز و مستعربين و جلابة الي آخر تلك الأوصاف التي دمغتم بها و احتفلتم بها .. الآن ارتد السهم عليكم …

  2. ولماذا لم تظهر ثقوبك هذه قبل الانقسام؟؟
    ام هى الانتهازيه التى جاءت بك بممثل لللجناح التانى فى مكاتبه الخارجيه؟؟
    فما هو الفرق بينك والبطل؟
    هل اضحت الجدليه تمثل هاتين المجموعتين اللتان سميتهما بعد ان كانت جلابيه السودان الجديد وكاتبها هو خيط السودان الحديد؟؟
    ام هى ثقافه النفاق؟ من ليس معى فهو ضدى؟؟
    رجاء ارجع الى كاتباتك السابقه ومدحك وتقريظك حتى لا توهمنابكتاباتك الفجه
    او اقول ليك حاجه اكتب عن الارباب فالانتهازيه واحده تتنوع طرقها وتتوحد مفاهيمها..

  3. مشكلتكم انكم ابتلعتم الطعم … هامش و مركز و مستعربين و جلابة الي آخر تلك الأوصاف التي دمغتم بها و احتفلتم بها .. الآن ارتد السهم عليكم …

  4. ولماذا لم تظهر ثقوبك هذه قبل الانقسام؟؟
    ام هى الانتهازيه التى جاءت بك بممثل لللجناح التانى فى مكاتبه الخارجيه؟؟
    فما هو الفرق بينك والبطل؟
    هل اضحت الجدليه تمثل هاتين المجموعتين اللتان سميتهما بعد ان كانت جلابيه السودان الجديد وكاتبها هو خيط السودان الحديد؟؟
    ام هى ثقافه النفاق؟ من ليس معى فهو ضدى؟؟
    رجاء ارجع الى كاتباتك السابقه ومدحك وتقريظك حتى لا توهمنابكتاباتك الفجه
    او اقول ليك حاجه اكتب عن الارباب فالانتهازيه واحده تتنوع طرقها وتتوحد مفاهيمها..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..