مقالات وآراء
أطفالنا يفتقدون شريان الحياة

خارج السياق
مديحة عبدالله
قالت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسف) في السودان مانديب اوبرين (لا يمكن لأي بلد أن يتحمل عبء عدم معرفة ثلث أطفاله الذين في سن الدراسة مبادئ القراءة والكتابة أو الحساب أو المهارات الرقمية، فالتعليم ليس مجرد حق، إنه أيضًا شريان حياة)..
صدقت ممثلة اليونيسف فالتعليم هو بوابة الحياة والتمتع بحقوق المواطنة والوعي بها، ما دفعها لقول ذلك هو الوضع المذري لأطفالنا وحرمانهم من حق التعليم، وظلت اليونيسف وغيرها تكشف عن أوضاع تعليم الأطفال في السودان دون استجابة لا رسمية ولا شعبية وكأننا في جب عميق، فلقد كشفت اليونيسف ومنظمة (إنقاذ الطفل الدولية ) عن غياب ملايين الأطفال عن التعليم في البلاد، فأكثر من (6) مليون طفل وطفلة أي ما نسبته واحد من كل ثلاثة أطفال في سن الدراسة لا يذهبون للدراسة، و(12) مليون طفل سينقطع تعليمهم بشكل كبير بسبب نقص المعلمين ووضع البنية التحتية!
بالطبع مناطق النزاعات هي الأكثر تضررًا خاصة في دارفور والشرق، بالذات ولايات وسط وغرب دارفور وولاية كسلا، هذه المعلومات أوردتها الراكوبة في السابع من أكتوبر الجاري، وسبق نشرها من المنظمات الدولية الشهر الماضي، وأعادت نشرها بعد تدهور الأوضاع أكثر عقب السيول والأمطار، مما يكشف حقيقة وضعنا البائس، حيث لا سلطة ولا مجتمع مدني فتح فمه بكلمة عن أوضاع التعليم والأطفال، بينما يكثر الكلام عن هياكل الحكم لدرجة الملل!
سوء الأوضاع المهددة لمستقبل أطفالنا والبلد ليس في مناطق النزاع بل في قلب العاصمة، في مناطق يطلق عليها حضرية مدارسها لا تصلح للتعليم من ناحية مباني وأثاثات ولا صحة بيئة، وتدفع الأسر الثرية بالأبناء والبنات للمدارس الخاصة حيث الوضع أفضل، أما الأغلبية فليس أمامها سوى أن ترضى بالمتاح من تعليم للأطفال.
لن تتأسس دولة المواطنة إذا ظل التعليم على وضعه المذري الحالي من ناحية المنهج والفرص المتاحة للالتحاق بالمدرسة والبيئة التعليمية السوية، فالتعليم هو بذرة وبوابة الوصول لدولة المواطنة والديمقراطية. وما لم نضع التعليم أولوية في عملنا السياسي والمدني والإعلامي سنظل نحرث في البحر حتى لو تشكلت غدًا حكومة مدنية.
الميدان