مقالات وآراء سياسية

لا للحرب

د. احمد عثمان عمر
*ما العمل مجددًا!!*
 *او*
 *لا للحرب من وجهة عملية*
(١) يعيش البعض في اثار صدمة الحرب التي اخذتهم على حين غرة ، وفي حالة شلل تامة تمنعهم من التفكير خارج الصندوق ، وابتكار ادوات تمنع طرفي الحرب من تحقيق اهدافها ، ومن رسملة ما يحققوه في ساحة المعارك على مستوى سياسي ، يستبدل الفعل المدني الثوري ، بأمر واقع تفرضه البنادق ، بإعتبار ان الحرب إستمرار للسياسة بصورة اخرى . فبدلا من طرح سؤال ما العمل لطرد طرفي الحرب من المعادلة السياسية ، يتوقفون عند سؤال متى تنتهي الحرب ، وكأنهم في حالة انتظار ليتوقف الطرفان عن الحرب حتى يعودوا للنشاط المدني السلمي الثوري. والصحيح هو ان النشاط الثوري يجب الا يتوقف ، وان يتواصل ليوقف الحرب ، ويصنع المعادلة السياسية المستقبلية ، عبر رفض نتائج الحرب العسكرية ، وعدم الاعتراف بأية آثار سياسية لها تضع الطرفين المتحاربين كأطراف في معادلة سلطة ما بعد الحرب . وقبل ان نتصدى لسؤال كيف يتم ذلك ، لنبعد سؤال متى تنتهي الحرب من الطريق . فاستمرار الحرب امر تحكمه عدة عوامل منها :
١- توفر امداد مستدام للطرفين (وقود ، اسلحة ، ذخيرة ، طعام …. الخ) .
٢- استمرار قناعة الطرفين بإمكانية الانتصار .
٣- رغبة المجتمع الدولي في استمرار الحرب وعدم التدخل لوقفها.
٤- استسلام القوى المدنية للحرب والانسحاب من خارطة العمل السياسي .
٥- دعاية مؤثرة تسوق الحرب وتجيش الشعب لدعم الحرب.
بدون الالمام بكل العناصر اعلاه من الصعب تحديد مدى امكانية استمرار الحرب من عدمها.
(٢) العامل الاساس في ايقاف الحرب ، هو الرفض الجماهيري لها ، وتحويل هذا الرفض الى وعي متكامل ومنظم ، تبنى على اساسه جبهة قاعدية واسعة ، ببرنامح يقصي الطرفين المتحاربين ، ويرفض مشاركتهما في الخارطة السياسية ، وتقديم بديل ثوري مبني على مشروع ثورة ديسمبر المجيدة ، يهزم الدعاية التي تجيش للحرب ونصرة طرف على آخر . وحتى لا يفهم من ذلك ان المقصود هو لملمة المدنيين كيفما اتفق ، يجب ان نؤكد بان هذه الجبهة اساسها البرنامج الرافض للحرب وللسماح برسلمة نتائجها من قبل الطرفين المتحاربين . والحد الادنى لهذا البرنامج الموحد هو ما يلي :
١- رفض وجود الطرفين المتحاربين في الخارطة السياسية ، والتمسك بشعار “العسكر للثكنات والجنجويد يتحل” ، ويترتب على ذلك رفض اي حوار او تفاوض مع الطرفين او اي منهما ، مع رفض المشاركة في اي عملية تفاوضية تجمعهما.
٢- التمسك بمحاسبة الطرفين على جميع الجرائم التي ارتكباها قبل الحرب بما فيها فض الاعتصام وقتل الشهداء ، وكذلك جرائم الحرب التي تمت اثناء الحرب.
٣- الغاء الوثيقة الدستورية المعيبة ووضع وثيقة جديدة لسلطة مدنية خالصة.
٤- اعادة هيكلة القوات المسلحة بواسطة مفصولي الخدمة العسكرية بعد اعادتهم للخدمة بقرار سياسي ، وحل جهاز الامن ومليشيا الجنجويد.
٥- اعادة هيكلة الاجهزة العدلية ابتداءا بالسلطة القضائية بقرارات سياسية ، تؤسس للتخلص من اجهزة الانقاذ لبناء اجهزة انتقالية قادرة على تنفيذ مهام الانتقال.
٦- تعيين جهاز تشريعي من قبل الجبهة القاعدية ليقوم بمهام التشريع في الفترة الانتقالية.
٧- تعيين سلطة سيادية بصفة مستعجلة لملء الفراغ ، قبل ان تنتهي الحرب ، والبحث لها عن اعتراف دولي كبديل عن سلطة الامر الواقع الانقلابية ، ضعيفة السيطرة قبل الحرب ، ومنعدمة السيطرة خلالها.
كل من يقبل بهذا الحد الادنى من غير الاسلاميين وغيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب ، هو عضو في الجبهة القاعدية العريضة المطلوبة بكل تاكيد .
(٣) الجبهة المطلوبة ، تقودها لجان المقاومة ، بعد اعادة هيكلة نشاطها في جميع المدن الاقليمية غير المتأثرة بالحرب على ان تبدأ من نشاط درء آثار الحرب ومواجهة مآسيها الانسانية ، وان توسع قاعدتها بإستيعاب كل الناشطين في المجال الانساني والاغاثي ، وان تنفتح على المواطنين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية طالما انهم مؤمنين ببرنامج الحد الادنى المذكور أعلاه . يساند اللجان تجمع المهنيين غير المختطف ، والنقابات المهنية في فرعياتها الاقليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتدعمها الاحزاب السياسية الوطنية .
يبدأ هذا النشاط في كل مدينة لتفرز قيادة جبهوية للمدينة ، تنسق مع قيادة المدن الاخرى ، لتكون قيادة تنسيقية لكل المدن ، وتجعل من النهوض بالمهام المنوه عنها اعلاه امرا متاحًا . هذه الجبهة عليها ان تقود النشاط المناهض للحرب بكافة وجوهه ، ابتداءا من معالجة اوضاع المواطنين بالتعاون مع المغتربين الذين دعموا ثورة ديسمبر المجيدة ، مرورا بوضع تصور لبرنامج اعادة الاعمار وبناء الدولة وانتهاءا بالعمل الدعائي والاعلامي المنظم ، والبحث عن الاعتراف الدولي بها.
ووسيلة هذه الجبهة لاسقاط الطرفين المتحاربين ، هي الحفاظ على المدن غير المتاثرة بالحرب بعيدا عن سلطة الطرفين المتحاربين ، وبناء سلطة بديلة ، تفرض نفسها بقوة الجماهير عبر عصيان مدني تستصحب فيه تجربة الحرب والتدابير التي اتخذت لمساعدة المواطنين في ادارة حياتهم ، في حال رفض الطرفين الانصياع للضغط الجماهيري ، ولتسليم السلطة للشعب . تمكن الجبهة في مدن الاقاليم ، يرجح انضمام عسكريين وطنيين ايضا اليها. وبكل تأكيد ستكون وسائلها سلمية ضد الحرامية ، وان تحتكم الى السلاح.
ما تقدم يوضح المطلوب ، وضرورة التحرك الآن لا انتظار الحرب ان تنتهي او ان يفرض المجتمع الدولي وقف اطلاق نار على الطرفين المتحاربين ، لأن الانتظار يعني ان يفرض وقف اطلاق النار مع شروط سياسية دولية ، ستجعل من الطرفين جزءا اصيلا من المعادلة السياسية ، بعد ان تجلب الذين ينادون بالعودة للعملية السياسية من التسوويين ، للاتفاق على شراكة دم جديدة .
وهذا يعني ان بناء الجبهة القاعدية يحقق هدفين ، هما طرد الطرفين المتحاربين من العملية السياسية ، ومنع التسوويين من الدخول معهما في شراكة جديدة تمكنهما من حماية تمكينهما ، والافلات من العقاب.
ثقتنا ان شعبنا واع وقادر على بناء جبهته القاعدية ، لبناء مستقبل مزدهر ، عبر تحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!! .

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..