إشكالية هجرة الأفارقة ومسؤولية الجزائر

هل تحولت الجزائر إلى دركي بالنيابة عن أوروبا في التصدي للمهاجرين الأفارقة القادمين من دول الساحل والصحراء؟
بقلم: عبدالله السباعي
هل تحولت الجزائر إلى دركي بالنيابة عن أوروبا في التصدي للمهاجرين الأفارقة القادمين من دول الساحل والصحراء؟ وما مسؤولية الجزائر في استفحال هذه الظاهرة الاجتماعية التي باتت تؤرق المنتظم الدولي وتحولت إلى إحدى القضايا العويصة في العلاقات الإفريقية الأوروبية؟
لا شك أن قرار الجزائر بإبعاد 300 مهاجر من دول جنوب الصحراء نحو النيجر يشكل فصلا جديدا من فصول التدبير الصارم لهجرة الأفارقة، رغم ادعاءات السلطات الجزائرية أنها حاضنة للأفارقة. وهذا يتناقض أيضاً مع تصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية الذي تحدث عن وجود قرابة 25 ألف لاجئ من عدة دول إفريقية نزحوا إلى الأراضي الجزائرية بسبب الظروف غير المستقرة التي تشهدها بلدانهم.
وقال إنه “لا يمكن طرد هؤلاء اللاجئين في الوضع الراهن لدواع إنسانية نظرا للظروف التي تعرفها بلدانهم الأصلية من نزاعات وحروب”. بل أكثر من ذلك قال إنه تم تجميع هؤلاء اللاجئين من خلال تنصيب العديد من الخيم في المناطق الحدودية للوطن وتوفير ظروف العيش الكريم لهم.
بينما قامت الجزائر بترحيل 41078 شخصاً ما بين 2009 و2011 معظمهم أفارقة بسبب الإقامة غير الشرعية في حين بلغ عدد اللاجئين المرحلين من يناير 2012 إلى غاية شهر يونيو من نفس السنة 900 شخص من 8 جنسيات إفريقية مختلفة.
إن تفاقم مشاكل المهاجرين الأفارقة النازحين من بلدان جنوب الصحراء بسبب الحروب والفقر والتخلف الاقتصادي وتنامي الحديث عن تخلص الجزائريين من هذا العبء عبر نقل المهاجرين الأفارقة إلى المغرب عبر الحدود الشرقية بدعوى تهجيرهم من طرف مافيات الاتجار بالبشر الجزائرية لنقلهم إلى إسبانيا عبر المعابر الحدودية في سبتة ومليلية يطرح علامات استفهام كبرى حول غياب التنسيق بين البلدان المغاربية خصوصاً بين الجزائر والمغرب بغية التصدي لهذه الظاهرة من خلال التزامات واضحة ومسؤولة وتجنب إغراق المغرب بالمهاجرين السريين الأفارقة، باعتبار أن هذه الطريقة ليست أسلوباً لمعالجة الإشكالية التي تحولت إلى مسؤولية مشتركة إفريقية ـ أوروبية.
لقد أثبت المغرب تحمله كامل مسؤولياته الإنسانية، وأعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس مقاربة جديدة لقضية الهجرة من خلال إضفاء البعد الحقوقي والتنموي وإشكال دول المصدر في معالجة الظاهرة والضغط على الاتحاد الأوروبي لتحمل مسؤولياته، خصوصاً أن نتائج هذه الظاهرة وانعكاساته ترجع إلى تأخر الأوروبيين في الوفاء بالتزاماتهم لتحقيق التنمية في دول جنوب الصحراء ومساعدة الأفارقة على بناء أنظمة تنموية مستقرة والنهوض بأوضاع شعوب المنطقة لخلق فرص العمل والتنمية وتحسين ظروف العيش.
إن حكايات قوارب الميت بين الضفتين التي تطوي صفحاتها يومياً على مياه المتوسط تعري حقيقة مواقف الجزائر من قضية الهجرة السرية للأفارقة سواء على مستوى التنسيق المشترك مع الدول المغاربية أو على مستوى إيلاء العناية الإنسانية للمهاجرين الأفارقة والعمل على الالتزام بمضمون التصريحات التي يطلقها المسؤولين الجزائريين من حيث العناية بهؤلاء المهاجرين باعتبار أن القضية إنسانية بالأساس وتتعلق بحالات استثنائية لمواطنين يعيش ظروفاً مأساوية.
إن ما يحدث في المنطقة من شأنه دفع المجموعة الدولية إلى عقد مؤتمر عالمي لإلقاء الضوء على هذه الظاهرة والعمل على إيجاد حلول لها قبل أن يتفاقم الوضع ويصبح من الصعب معالجة الموقف.
ميدل ايست أونلاين