الأخطبوط

الأخطبوط
ما انفكَّتْ ألسنةٌ من الناس تلوك سيرته ومصدر ثروته التي نزلت عليه فجأة كوابلٍ من السماء… كثير من القيل والقال دار حوله فمنهم من قال إنه وجدا كنزاً من الآثار التي لا تقدر بثمن خاصة وأن المنطقة التي ينحدر منها غنية بالآثار النوبية الفرعونية التي تُنتهب من قِبل أُناسيَ كثيرة كلما وجودوا الى ذلك سبيلا وآثار السودان كغيرها من موارده على مهب الريح، من الذي درج على تسميته (بالمال السائب) في السودان، فبإمكان أي مسئول صغير ولو مثل حبة أرز، الولوغ منه دون أن يسائله أحد,,,, بل راج بين الناس إنه وجد كتلة من خام الذهب الخالص في مناطق التعدين العشوائي التي تفشت مؤخراً كمصدر كسب سريع في بلد كان بمقدوره إطعام الكرة الأرضية برمتها لو أحسنوا استخدام موارده الطبيعية بما يرضي الله… بينما ذهب فريق الى منحىً آخر بأن الرجل كان يعمل فيما مضى سائقا لدى أحد أثرياء الكويت الذي فرّ الى السعودية بجلده إبان الاجتياح العراقي للكويت بينما هرب هو الآخر حاملاً ما خفّ وزنه وغلا ثمنه الى السودان… حارت الناس في أمره فالرجل ماضيه معروف وحاضره ماثل أمامهم، بين أن هنالك حلقة مفقودة بينهما كما يقول بعض الناس، اختفى فيها عن الانظار، هي ما استدعت الأقاويل التي حِيكَت حول مصدر ثروته …فحتى لوقت قريب كان يعيش في حي متواضع لا يكاد يبين قبل أن يجد نفسه فجأة يعربد في حيٍ من أثرياء القوم في قصر مُنيف تحيط به الأشجار العالية من كل جانب مع رتل من المركبات رهن إشارته…… كان يعيش وحيدا دون أن يعثر على أحد يستخلفه من بعده وهذا ما كان يقضُّ مضجعه كثيرا ودافعا قويا لأن يبحث عن الشهرة في موقع آخر ليسجل اسمه في سجل الخالدين بعد رحيله… فإذا به ما بين طرفة عينٍ وانتباهتها يتبدل وضعه من حال الى حال، وبدأت معه رحلة الهروب الى الأمام فنسي ما كان به من بؤس وشقاء ليتلذذ من رؤية رؤوسٍ تنحني أمامه وبؤس يتمشَّي بين الناس، كأنما ينتقم لنفسه منهم… ربما أراد أن يعوض بعض ما يشعر به من نقص بهذه الأبهة الفارغة التي يحيط بها نفسه، فمنزله الذي كان حتى لوقت قريب خاليا، يشكو قلة الفئران فيه، كخلية نحلٍ تبدو، بعد أن أصبح قبلة لأصحاب الوجاهة والمصالح والهوى، يدخلون اليه من كل باب ويخرجون… كقصة النملة التي دخلت وأخذت حبة وخرجت ثم دخلت أخرى وأخذت حبة وخرجت وهكذا ما إن تدخل نملة إلا وتخرج أخرى حاملة معها ما يقيها شر الجوع والبرد … ثم بدأ يعيد ترتيب نفسه شيئا فشيئا وحينما شعر أن الجو قد خلا له أو خُيِّل اليه كذلك بدأ يعيش حياة الملوك والأمراء في بلد يكتفي أهله بوجبة واحدة بالكاد تسد رمقهم في اليوم ، فالمال يفعل المستحيل دائما ويجعل الخيال واقعا والواقع أغرب من الخيال… بل وينطق بالنيابة لمن يتملكه حين تِدْلَهِمَّ الخطوب ويقلب الدهر ظهر المِجَن، ويستثمر ما لديه من الأموال في العقارات والأراضي التي تفوق أسعارها في (……) عن كبريات المدن العالمية والدخول مع مستثمرين أجانب في مجال الزراعة والتعدين بجانب الاتجار بالعملات الأجنبية في السوق السوداء ليزداد مع غناه غنىً ويقال والعهدة للرواة وهم كُثرٌ بأن لديه أذرعاً خفية تدير له أملاكه التي تمتد على طول البلاد وعرضها فضلا عما في خارج البلاد وهو الذي ما كان يدري ما المال وما التجارة عندما كان مجرد سائق بسيط مرتبه بالكاد يكفيه مع اسرته الصغيرة … وأصبح حديث الناس وتتناقل عن فساده العامة وعليِّة القوم ويتندرون في مجالسهم الخاصة كيف أصبح من لا شئ الى أصحاب الحظوة والنفوذ لدى رجال السلطة والحكومة بين ليلة وضحاها، فدائما ما ترتبط السلطة في أذهان الناس بالفساد وتجارة المخدرات والخمر والزنا وغسيل الأموال وكل الموبقات التي تعافه النفس البشرية السوية، ويُقال بأن السلطة لا خلاق لها ولا دين، فقط وُجِدتْ لدى البشرية لتفتك بهم وإن لبست لبوس الدين وتمسحت به رِئاء الناس … وصاحبنا يحسبونه من فئة تأخذها العزة بالإثم كلما ما تناه الى سمعه ما تتناقله الناس عنه تشتدُّ به الحميِّة ويفتخر فتنتفخ أوداجه ويرتفع الأدرنالين في عروقه ويرغي ويزبد كأنما يرد على مقالهم بقوله (…. إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي) فيخرج في كامل زينته كقارون موسى، في طابور من السيارت وأبواقها تشق عنان السماء وتعكر صفو هدوء الأحياء الحالمة والفقيرة والإنسان كما في قول الحسن البصرى :((عجبت لابن ادم يتكبر على الله وهو حفنه من تراب تداس بالأقدام اوله نطفة مذرة واخره جيفة قذرة وهو بين هذا وذاك يحمل فى جوفه العذرة تنتنه عرقه وتقتله شرقه وتؤذيه بقه))
فيتمنى بعض صغار القوم لَيْتَهُم كانوا مثله فيهرولون خلفه ليقتاتوا من فُتاته وبقاياه التي ينثر عليهم بقدر وقتر، بينما تقف الكثرة الصامتة يشفقون عليه ويتهكمون منه…
وبقدر ما يحب الإطراء والمديح يُكال اليه ممن حوله ليطير بأجنحة الخيال، أحيانا يصدمه الواقع فيعود الى طبيعته البشرية التي قلَّما تزوره، فيدرك أن من حوله يستغلونه أبشع استغلال لمآربهم الشخصية فيسكت على مضض… فماذا يفعل مع هؤلاء الأشرار وهم يمسكون عليه نقاط ضعف كثيرة ليست في صالحه إن بدر منه ما يسوئَهم وأحيانا تنتابه هواجس الرحيل ووخزات الضمير، الذي يضعه في جيبه دوما لئلا يؤنبه، في صحوات نادرة فيودُّ حينئذٍ أنْ لو رجع الى حيِّه القديم نقيا طاهرا كيوم ولدته أمه ولكن هيهات… هيهات لمن بنى لنفسه مجدا زائفا في رمالٍ متحركة لا تستقر على حال ومع قرناء سوء يلازمونه كظله أينما حلِّ أو ارتحل ويفسدون عليه خلوته التي لا تأتيه إلا قليلا، ويئزونه أزاً ثم لا يلبث أن يضع ضميره في جيبه مرة أخرى فيعود لمزاولة عاداته وهواياته النرجسية المحببة الى نفسه في إيذاء بني جنسه والرقص فوق أشلائهم كما فعل نيرون روما…
وقد حار جيرانه في أمره ومن هيئته التي تغيرت كثيرا منذ أن سكن بحيِّهم الذي كان هادئا ومسالما ويحيل ليله الى صخبٍ ونهار وهو الذي كان يقضي (طرفي النهار وزلفا من الليل) وحيدا لا يخرج من بيته ولا عن صمته إلا فيما ندر، قبل أن يُشاع بين الناس خبر ثروته الباهظة التي لا تأكلها حتى النيران… فلا أحد من الجيران أستطاع أن يُحِلَّ لغز مصدر هذه الثروة الجامحة على وجه اليقين غير ما يقال عنه في مجالس المدينة كما لا أحد استطاع أن يفك الحصار الذي ضربه حول نفسه سوى القلة المشبوهة من أولئك الغرباء الذين يأتون ويخرجون من عنده ..
وذات صباح تفاجأ الجيران وقد عاد الهدوء لذاك القصر الذي كان يضج بزواره كما اختفت أرتال السيارات التي كانت ترابط بجواره ولم تُطِل دهشتهم كثيرا إذ أدركوا أن صاحبه قد اختفى فجأة كما ظهر في حيِّهم فجأة لأول مرة….
حمدي حاج هلالي
[email][email protected][/email]
ياحمدى الضلالى اسلوب الموارية والقصه يدعو للانتحار المبكر ذى الانجليزى بتاعك الذى كتبته المرة الفاتت بدون معنى وتركيب ورص للكلمات الخوف تكتب شعر Team Corner تانى لو عاوز تعمل كاكا ما تعملها فى الراكوبه
ياحمدى الضلالى اسلوب الموارية والقصه يدعو للانتحار المبكر ذى الانجليزى بتاعك الذى كتبته المرة الفاتت بدون معنى وتركيب ورص للكلمات الخوف تكتب شعر Team Corner تانى لو عاوز تعمل كاكا ما تعملها فى الراكوبه