في جولة لـ (الراكوبة) الوضع الصحي تخطى زيادات الرسوم، وهل يعتبر إرجاء قرار الزيادات محاولة لامتصاص غضبة الشارع؟

الخرطوم: الراكوبة
جدل واسع وغبار كثيف أثاره قرار زيادة رسوم الخدمات بالمستشفيات الحكومية، قبل أن يرجئ المجلس السيادي زيادات الرسوم الى حين التفاكر مع الشركاء للخروج برؤية موحدة ترضي جميع الأطراف. قرار الارجاء وفق مصادر تحدثت لـ ” الراكوبة” يعتبر محاولة لامتصاص غضبة الشارع، سيما أنه اثار حفيظة الكثيرين وعدوه محاولة لإضافة المزيد من الاعباء على كاهل المواطنين بعد تطبيقه، خاصة أن الزيادات بحسب مواطنين استطلعتهم “الراكوبة ” تعتبر غير معقولة. دوائر الصراع بين بعض المستشفيات والوزارة تتسع حول تطبيق القرار الذي أثار الرأي العام اليومين الماضيين بعد رفض مدير مستشفى إبراهيم مالك تطبيق الزيادة. مسؤول بمستشفى الخرطوم التعليمي فضل حجب اسمه، كشف ل “الراكوبة” عن صراع كبير داخل المستشفى بسبب الايلولة ومحاولة إدارة المستشفى إعادتها لوزارة الصحة الاتحادية، مؤكدا أن وزارة المالية الولائية بالكاد تقوم بدفع مرتبات العاملين، ما جعل إدارة المستشفى تبحث عن طرق أخرى لجني الايرادات. وفي ظل هذا الوضع المعقد والمأزوم، كشفت جولة ل”الراكوبة” ابعاد أخرى في الوضع الصحي الذي تخطى مسألة زيادات الرسوم إلى تنوع الأساليب في الإهمال الطبي ونقص الدواء، على الرغم من رضوخ المواطنين لسياسة الأمر الواقع، والالتزام بما طلب منهم ليصبح ( الهم همين).
فصول معاناة
سلسلة من المعاناة تنوعت فصولها رصدتها “الراكوبة” لمواطنين بدأت مذ دخولهم مبنى المستشفى، مرورا بالزيادات المفروضة واهمال الاطباء قبل أن تبدأ رحلة البحث عن الدواء (المعدوم)، ليصبح العنوان العريض للقطاع الصحي في السودان انه (متهالك) كما يفرض السؤال نفسه للجهات المسؤولة، عن مستوى الخدمات المقدمة مقابل الزيادات المفروضة؟ زيادة في الأسعار وفق ما شاهدنا واستمعنا يقابلها إهمال طبي ونقص في الأدوية ومعاناة للمواطنين الذي يقبعون داخل مستشفيات لا ترقى لمستوى آدميتهم. فداخل عنبر الاطفال بمستشفى الخرطوم التعليمي، كان يرقد الطفل محمد علي فيما جلس والده في فناء المستشفى مؤكدا ل “الراكوبة” زيادة رسوم العملية المقررة لابنه من مجانية إلى ٢٥ الف جنيه
وداخل مستشفى الأنف والأذن والحنجرة تتواصل معاناة المرضى، فبحسب المواطنة سيدة محمد ل “الراكوبة” فإنها قررت إجراء عملية استئصال لوز لابنها لتتفاجأ بزيادة سعر العملية من ٣ الف جنيه إلى ٣٣ الف مؤكدة اضطرارها لإجراء العملية رغم قلة حيلة يدها.
إهمال وندرة
وتستمر المعاناة لتكشف المواطنة نهى الطيب ل “الراكوبة” عن ارتفاع أسعار رسوم العملية المقررة لها لترميم كسر في الأنف ولتجد أيضا أن صورة الأشعة ارتفعت من ٢٠٠٠ إلى ٣٣ الف، وزد على ذلك فإن نهى ظلت تعاني الإهمال لأكثر من شهر ولم تزل تروح وتأتي إلى المستشفى دون أن يتم تحديد موعد للعملية حتى الآن.
منعطف اخر وخطير تنحوه كثير من المستشفيات وذلك بسبب الاهمال الطبي ونقص الدواء، فداخل مستشفى بحري معاناة من نوع آخر بسبب ندرة الأدوية وارتفاع سعر الموجود منها بالإضافة للاهمال الطبي، فقد أكد المواطن الطيب شرف القادم من ولاية البحر الأحمر بحثا عن استشفاء شقيقه معاناتهم مع إهمال الاطباء، موضحا أن شقيقه أجرى عملية جراحية في الأمعاء ولم يقوك الطبيب بمراجعته الا عقب يومان من العملية، ونوه في ذات الوقت إلى عدم إعطاءه اي نوع من العقاقير الطبية، وقال: هذه عاصمة ويجب الكثير منالاهتمام، نحن قادمون من الولايات ولم نجد رعاية فماذا نفعل.
بحث مستمر
داخل مستشفى بحري حالة غريبة رصدتها “الراكوبة ” وهي لمريض في الطوارئ ظل لأكثر من ١١ يوما تزداد حالته سوء عن اليوم الذي يليه، بحسب مرافقيه الذين أكدو إجراء عمليتان لمريضهم وفي انتظار الثالثة كل واحدة بسعر لوحده، في وقت ظل فيه الحال على ماهو عليه، وكشفوا في الأثناء عن معاناتهم في الحصول على الدواء، منوهين إلى دفعهم أموال باهظة مقابل الحصول على العلاج الذي ينتهي في وقته لتبدأ في اليوم التالي عملية بحث جديدة.
وفي عملية استقصاء أخرى، تزداد المعاناة ويتنوع الألم وتتضاعف الخيبة، فداخل مستشفى الذرة كانت تقف المريضة زهرة آدم على جانب احد الجدران وحيدة تعاني ويلات مرض سرطان الثدي، وزيادة الأسعار في الخدمات، ليصبح عليها الهم همان، وهي تجأر بشكواها من زيادة المواصلات ثم العلاج مؤكدة ل “الراكوبة” أن جلسه الإشعاع الواحدة ارتفعت من سعر زهيد إلى ٢٠٠٠، بعد أن تقرر لها عدد من الجلسات.
من (زيرو) إلى (٥٣٠٠)
زيادة رسوم الخدمات شملت كل شئ بما فيها استخراج شهادة كورونا، فوفق المواطنة رقية محمد ل “الراكوبة” فأنه ولدواعي إجراء سفر ذهب لاستخراج شهادة التطعيم، لتتفاجا بارتفاع الرسم من (زيرو) الى ٥٣٠٠ في زيادة غير قانونية، مؤكدة بأن اللقاح مجان لا تقوم الدولة بدفع اي رسوم عليه، وتتساءل عن ضرورة الخطوة في وقت أبدت فيه اسفها على مالات الوضع الصحي بالبلاد.
ومع استمرار الجدل الكثيف حول القرار والزيادات الغير مقبولة أبدى عدد من المسؤولين حاولت “الراكوبة” استنطاقهم تحفظهم على التعليق حول القرار، في وقت أبدى فيه المدير التنفيذي للطب العلاجي ولاية الخرطوم ابوعبيدة تحفظه التعليق حول اسعار الزيادات مؤكدا أنه غير مخول له الحديث، واليوم قرر الاجتماع الذي ترأسه عضو مجلس السيادة الانتقالي د. عبدالباقي عبدالقادر الزبير بالقصر الجمهوري اليوم، وضم وزراء المالية والصحة الاتحاديين ووالي الخرطوم والمسؤولين بالصحة الولائية وعدد من مديري الادارات بوزارتي الصحة ، إرجاء زيادات رسوم العلاج بالمستشفيات الحكومية الى حين التفاكر مع الشركاء للخروج برؤية موحدة ترضي جميع الاطراف.
وأكد عضو مجلس السيادة ، خلال الاجتماع، حرص الدولة على توفير خدمات صحية جيدة للمواطنين، وقال إن قطاع الصحة يعتبر من القطاعات الخدمية التى تؤديها الدولة ولا تسعى من خلالها لجني الأرباح .
سؤال مشروع
الى ذلك يبقى السؤال المطروح حول الكيفية التي سوف يتم بها تقنين اسعار رسوم الزيادات عقب التشاور مع الشركاء وفق ما أكد د. طه المسلمي دفع الله الكباشي مدير الإدارة العامة للطب العلاجي بوزارة الصحة بولاية الخرطوم، في تصريح صحفي، حيث قال إن إرجاء زيادة رسوم الخدمات بالمستشفيات تم بهدف إخضاعها لمزيد من التشاور مع الشركاء ، لافتاً إلى أن الفترة القادمة ستشهد عقد لقاءات مع العاملين في القطاع الصحي والجهات المختصة لمناقشة زيادة الرسوم ، مؤكداً حرص الحكومة على تقديم خدمة علاجية متميزة تلبى طموحات المواطنين. ويبقى السؤال المشروع أيضا حول خطة الدولة في توفير الدواء وتخفيض أسعاره، وتوفير الرعاية والاهتمام بالمرضى، ووضع ضوابط للأطباء في ضرورة قيامهم بادوارهم مكتملة.
دي العسكرية الدايرنها؟