الذين يصنعون من البشير شربات..

ايها السادة: في التسعينات كنت أجوب بلاد (هيلاس) -كما ينطقها اهلها او اليونان كما ننطقها نحن- حيث اعمل بالزراعة.. اتخذت من رواية (خريف البطريرك) أنيسة لي في رحلة العمل الشاقة مع الارض.. ففي الامسيات اجلس في (الكافينيه) لأقرأ بضعة صفحات اسلي بها نفسي من رهق العمل..
ذات يوم طلب مني الصومالي محمد عبد كلمية الرواية وقرأها.. كان يجيد العربية بطريقة مقنعة حتى تحسبوه من الناطقين بها.. عندما يقرأ فقرات من الرواية يضحك ويقول لي هكذا كان الرئيس محمد سياد بري.. فالرواية تفضح العساكر المصنوعين في (الكوافير) وتعريهم من ورقة التوت التي تحفظ اخطاؤهم..
نحن في السودان لا نبعد كثيرا عن صناعة العساكر في (الكوافير).. فنحن الذين نُجَمل السيد الرئيس ونضع المكياجات الصارخة تلو المساحيق البراقة حتى يبدوا في ابهى صوره امام العامة.. صورة خلابة تجعله مثل (كيوبيد) اله الجمال عند الرومان.. فالرئيس يجب ان يظل بعيدا عن النقد السالب.. حتى بعض الائمة في المساجد يحملون فرشاة التلوين ويقولون ان سبب البلاء ليس السيد الرئيس انما الشعب الذي غرق في الفساد وترك أوامر الله وبدل الدين الحق.. مع ان الحديث النبوي يقول (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه).. فهذا الحديث يقول ان هناك حاكم ظالم يتسبب في قهر العباد وتجويع الناس وترهيبهم وهناك حاكم يبسط دولة العدل والرفاهية والتحرر.. الوضع الماثل في السودان يظهر الرئيس عاجز عن ادارة الدولة على نحو صحيح.. رئيس متشبث بمقاليد الحكم بطريقة تدعو للتعجب والاندهاش ولا يرضى التزحزح عن الكرسي اطلاقا الى ان يخلصنا منه عزرائيل او ثورة عسكرية او انتفاضة شعبية ..
اقرأوا معي هذا النبأ لنعرف اننا صنعنا من الرئيس حاكم غير قابل للنقد.. فالديكتاتور هو الوحيد الذي لا ينتقد ويظل حسن المنظر مثل (عشتار) إله الجمال في بابل..
(قالت الكاتبة الصحفية شمائل النور لـ ?سودان تربيون? إن ضابطا في جهاز الأمن أبلغها بشكل رسمي لدى استدعائها يوم الثلاثاء باحدى مقاره في الخرطوم بأن عليها ?التوقف عن الكتابة عن الرئيس سلبا أو إيجابا)..
ايها السادة ضعوا خط تحت كلمة (ايجابا) .. المعروف ان شمائل النور لا تمدح الرئيس البتة او هكذا اعتقد.. كأن الرسالة تحمل معنى ضمني انها ?اي شمائل- لا ترتقي لمرتبة وضع الزينة للقائد الهمام.. فالزخرفة والتجميل ماركة مسجلة لمن هم في مرتبة اسحاق فضل الله والهندي عز الدين ومن لف في محورهم..
ايها السادة:
دعوني اقدم لكم هذا المقتطف الجميل من رواية خريف البطريرك..
(حتى اليوم الذي أصدر فيه الرئيس بعد الزوبعة.. عفواً جديداً عن المساجين السياسيين.. وأمر بعودة جميع المنفيين ماعدا -بطبيعة الحال- الكُتّاب.. هؤلاء لا جدال- قال- يعانون من الحمى تحت ريشهم مثل الديوك الأصيلة عندما تهتاج.. صدقوني إنهم لا يصلحون لشيء)..
نعم كان الكُتّاب هم هاجس الرئيس في (خريف البطريرك) والكتاب ايضا كانوا هاجس الرئيس هنا في السودان.. اُوقِفْ السراج وشبانة وسهير ومراسل جريدة الشرق الاوسط وفي الطريق شمائل النور التي كتبت في الفيس بوك:
لو تأكدت أنه قدَري، فلن أقاوم البتة.!
النذير زيدان
[email][email protected][/email]
لو تاكدت انه قدري فلن اقاومه ابدا !!!!
معذره ،،(انه قدري ) من وما المقصود هنا ؟؟؟
لو تاكدت انه قدري فلن اقاومه ابدا !!!!
معذره ،،(انه قدري ) من وما المقصود هنا ؟؟؟