أخبار السودان

على خلفية إيقاف التقسيط الجمركي.. القرار بين التأييد والمعارضة

الخرطوم: أمين محمد الأمين

تباينت آراء خبراء ومهتمين بالشأن الاقتصادي حول قرار وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم حول إيقاف العمل بنظام التقسيط الجمركي، بين مؤيدين ومعارضين حيث قال مؤيدون للقرار إن هذا من شأنه ضبط نشاط الموردين في المسار الصحيح، مبررين ذلك لأن تنفيذ القرار من شأنه غربلة الموردين وفرز كيمانهم بانسحاب الانتهازيين من سوق العمل، ووصفوا الخطوة بالجيدة لجهة أن الحكومة تريد زيادة إيراداتها الجمركية، مؤكدين أن القرار يجعل المستورد أمام خيار استيراد السلع الضرورية فقط، فيما استبعد معارضون للقرار سبباً منطقياً له، وقالوا إنه بهذا ألحق الضرر بنفسه وبالاقتصاد وبالمواطن وضيق عليه بحلول سطحية، وأوضحوا أن القرار باطل شرعاً وتضييق على خلق الله.

قرار الوزير

يذكر أن وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم قد أوقف قبل أيام بصورة مفاجئة العمل بنظام التقسيط الجمركي لكل الواردات دون سابق إنذار بخطاب حوى عبارة عاجل، ونقلت مصادر صحافية أن هيئة الجمارك أوقفت العمل في وجه الموردين بسبب ذلك القرار حتى الذين لديهم تصاديق مسبقة، ولم يستثنِ القرار حتى المواد الخام التي تستجلبها المصانع للتصنيع.

 

اختلالات هيكلية

أشار المحلل الاقتصادي الحسين أبو جنة إلى ٲن جزءاً كبيراً من الموردين السودانيين، درج على التحايل بالاستفادة من جملة الإعفاءات والتسهيلات والامتيازات الممنوحة لهم، دون التقيد بالواجبات المطلوبة، وقال إن هذا السلوك الانتهازي يعد تخريباً متعمداً للاقتصاد السوداني، مضيفاً أنه ٲلحق أضراراً فادحة ولسنوات بمنظومة الاقتصاد القومي، وٲوجد تشوهات واختلالات هيكلية في الميزان التجاري، موضحاً أنه الأمر الذي ٲضر بسعر صرف الجنيه السوداني، إضافة إلى إغراق السوق بمنتجات واردة غير مطابقة للمواصفات والمقاييس والجودة.

 

قرارات جريئة

ويرى أن قرار الوزير من شأنه ضبط نشاط الموردين في المسار الصحيح، وبرر ذلك لأن تنفيذ القرار من شأنه غربلة الموردين وفرز كيمانهم بانسحاب الانتهازيين (المستهبلين) من سوق العمل، إلى جانب إفساح المجال للجادين المنضبطين والملتزمين بالشروط المطلوبة، كما أوضح أن من شأن القرار توفير موارد دولارية ضخمة لخزينة البلاد يمكن توظيفها في معالجة كثير من التشوهات، إضافة إلى العلل التي ٲلمت بحركة الاقتصاد السوداني لزمن طويل، بسبب تساهلات كانت موضع ٲحاديث الرأي العام، ظلت قائمة، وقال: حان الوقت لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أن تبادر بإيقافها والتصدي لها، في عهد دكتور جبريل إبراهيم، الذي يجب مساندة قراراته الجريئة.

تحسين الإنتاج

ويعتقد استاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي عباس أن زيادة التعرفة الجمركية لبعض السلع في الفترة الأخيرة كلها سياسات جديدة تحاول الحكومة تحسين الإنتاج المحلي، أو تحسن الإنتاج المحلي، إضافة إلى إنها تقلل من عجز الموازنة والميزان التجاري عن طريق زيادة الضرائب الجمركية على الواردات، موضحاً أن الواردات في السنة الأخيرة شكلت هاجساً كبيراً جداً للناتج المحلي الإجمالي والإنتاج المحلي في السودان إلى جانب الصادرات، مبيناً أن هنالك فجوة كبيرة ما يقارب ٨ مليار دولار والحكومة تحاول التقليل منها بأي طريقة، ويشير في حديثه لـ”اليوم التالي” إلى أن هذه الفجوة أثرت على ارتفاع الأسعار بطريقة سلبية وإيقاف معظم الإنتاج والمنتوجات المحلية.

 

تخفيض تعاملات

ووصف خطوة وزير المالية د. جبريل بالجيدة، وبرر ذلك لجهة أن الحكومة تريد زيادة إيراداتها الجمركية، وقال: ربما الحكومة شعرت بأنها تحتاج إلى الإيرادات ولذلك بدأت بالجمارك والضريبة الجمركية، وأكد أن من تبعات القرار التقليل من الواردات خاصة بعض السلع الكمالية وغير الضرورية، قاطعاً أنه ما يجعل المستورد أمام خيار وحيد وهو استيراد سلع ضرورية للمواطن، ويلفت إلى أن القرار سيؤثر على مدخلات الإنتاج، مثل الأسمدة والتقاوي المحسنة والآليات وغيرها، حيث أنها في معظم دول العالم يتم إعفاؤها، لجهة أنها تساعد على الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات، وقال إن تحسين وجودة الإنتاج المحلي لينافس السلع الخارجية يتم عن طريق تخفيض التعاملات الجمركية أو رفع الجمارك تماماً عن مدخلات الإنتاج المحلي، ويرى أن من إيجابيات القرار زيادة الإيرادات الضريبية أو الجمركية، وذلك لأن الحكومة شعرت أن لها عجز كبير، مؤكداً أن السودان كدولة نامية معروف أن معظم اعتماده الكبير على الإيرادات الجمركية.

 

جيوب خاوية

وفي الأثناء توقع الناطق الرسمي لحزب التحرير ولاية السودان إبراهيم أبو خليل أن يكون وزير المالية “مزنوق” بعد أن أفرغ جيوب المواطنين وأصبحت خاوية، وقال إنه بدأ في البحث عن مصادر أخرى فوجد أن الجمارك ومن باب التسهيل على الموردين تقسط لهم الجمارك على دفعات، وأضاف: أما الآن، فالوزير يريدها جملة واحدة دون النظر إلى ظروف المستوردين وأوضاعهم، ولفت إلى أن تبعات القرار ستقع أولاً على الموردين، موضحاً أن كثيراً منهم سيتوقف عن الاستيراد، مؤكداً أن ذلك سينعكس على المواطن المغلوب على أمره بانعدام بعض السلع وارتفاع أسعار الأخرى.

 

قرار باطل

واستبعد أبو خليل أن يكون للقرار أي إيجابيات، قائلاً إنه في الأساس قرار باطل شرعاً ومضيق على خلق الله واقعاً، وتابع: أما شرعاً فإن أخذ الجمارك من المستوردين من أهل البلاد حرام شرعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة صاحب مكس، “وأوضح أن المكس هي العشور التي تؤخذ على التجار الذين يستوردون البضائع، لافتاً إلى أنها في عصرنا هذا تسمى الجمارك، وقال في ختام حديثه: لن يوقف هذه الجبايات الحرام إلا دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي يجب أن نعمل لها جميعاً حتى نوقف هذه الجبايات الحرام وغيرها.

 

حالة تعجيز

في السياق قال الخبير الاقتصادي د. ناجي مصطفي إن نظام أقساط الجمارك كانت وسيلة تقوم بها الجمارك لتخفيف الأسعار للتعرفة غير المعقولة والجنونية، مضيفاً أن الجمارك في السودان أسعارها جنونية وغير عادلة ولا منطقية، وتابع: مثلاً إذا شخص ما اشترى سيارة بـ٥ آلاف دولار فإن رسوم الجمارك ١٠ آلاف دولار، حيث أن الأقساط كانت تقسم لأربعة في أربعة أشهر وإذا كان لشخص ظرف يمكن أن يمدد لخمسة أشهر، وبين أن الجمارك تعمل بضمانات وترتيب، مؤكداً أن هناك حالة تعجيز لكنها لا تذكر، وفي النهاية تكون البضاعة مرهونة للجمارك ولا يستطيع الشخص التصرف فيها، واستبعد وجود سبب منطقي لقرار وزير المالية إلا إذا كان وزير المالية لا يرغب في أن يرتاح المواطن.

 

إقالة الوزير

وقال إن وزير المالية يريد الحصول فقط على المال ولا يريد أن يرحم المواطن في التقسيط غير المبررة، ويرى أنه مال “حرام” يدخل على الدولة، ويشير إلى أن ٨٠% من الجمارك يحرم على الدولة أخذه، نافياً وجود شرع أو قانون أو منطق أو عدالة، مؤكداً أن وزير المالية يريد توفير دخل على حساب المواطن، وزاد: كان ينبغي أن يساعد الناس، مضيفاً أن نظريته مقلوبة ويعقد المسألة، مبيناً أنه بهذه الخطوة ألحق الضرر بنفسه وبالاقتصاد وبالمواطن وضيق عليه بحلول سطحية دون تفكير، وتساءل: من الذي يفكر له هذا التفكير غير المنطقي وغير الواقعي وليس فيه رفق ولا رحمة بالناس، ونادى بضرورة إقالة وزير المالية، واصفاً إياه بالمضر، وقال: ضرر جبريل إبراهيم كوزير مالية أكثر من ضرره وهو متمرد يقاتل في الحكومة، وقال: من الأفضل أن يقاتل الحكومة ولا يقاتل ٤٠ مليون سوداني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..