بين الطرقات والدنيا نهار كايس رزقي.. أطفال الورنيش

الخرطوم – محمد عبد الحفيظ الرفاعي
جلست إليه ونحن متشابهان في كل شيء عدا حجم الألم وفارق السن، بملامح متعبة وابتسامة تكاد لا تفهم كنهها بدا لي (ماسح الأحذية) الصغير (حسين) وكأنه كهل مع أن عمره لم يتجاوز عشر سنوات.. تجاذبنا أطراف الحديث فكان ممازحا عكس ما توقعت.. تراصت أمامي المعطيات فأدركت أنني أمام حالة إنسانية تستحق أن نقف عندها بتأمل ومن ثم نبحث لها عن حلول.
قالها ضاحكا حول سؤالي له عن المدرسة قبل أن يضيف: (والله أنا المدرسة خليتها عشان القروش، هسه مافي زول بصرف علي، أنا قاعد أصرف على نفسي براي، في سنة تانية جيت التاسع ولو ظروفنا اتصلحت تاني برجع أقرا)
ناس المحليه كويسين معنا
وعن المشاكل التي يواجهها في عمله قال حسين: (ما في مشاكل بتلاقينا في الشغل ونحن ذاتنا ما قاعدين في محل واحد، ناس المحلية ديل ما قاعدين يسألونا بس المشكلة الوحيدة هي مرات الشغل بكون (نايم) ومرات في زباين ما بدفعوا قروش).
الجمعة يوم السوق بتاعنا
قال حسين: الجمعة هو أكثر الأيام التي تكون فيها الحصيلة جيدة لنا واكد.. والعمل غالبا ما يقتصر في الفترة ما بين أذان الجمعة الأول وانتهاء الصلاة، لكنه عاد وقال: (الرزق أقسام) فبعض الأيام العادية تصادف أن تكون حصيلتها أفضل من الجمعة.
ظروف خاصة
وفي السياق تقول الباحثة الاجتماعية عالية محمد العوض : الأطفال الذين يعملون في مهنة (الورنيش) بعضهم لم يترك الدراسة حيث يزاولون العمل بعد نهاية اليوم الدراسي وهناك من ترك مقاعد الدرس نهائيا ويعمل طوال اليوم، وفي كلتا الحالتين الظروف المعيشية تلعب دورا كبيرا في تحديد ساعات العمل، أما العودة للدراسة فتظل متاحة إذا توافرت الإمكانيات، وتضيف: يحتاج الطالب لمصاريف الدراسة ووجبة وزي مدرسي بالإضافه للرسوم التي تفرض في المدارس، وأردفت: العمل في المهن الهامشية بشكل عام يعرض الأطفال إلى العديد من المشاكل والمخاطر الاجتماعية من واقع أن الصغار ما زالوا في مراحل تنشئتهم الأولى
اليوم التالي