عمق حادثة رفض الوجود الحكومي في التشييع

بسم الله الرحمن الرحيم

تباينت الآراء من موقف الذين هتفوا رافضين الوجود الحكومي في تشييع الأيقونة الراحلة فاطمة أحمد إبراهيم…فمن معارض للأمر حد التساؤل عن أين هم كبار الحزب الشيوعي ..كما فعل عبد الباقي الظافر..واستهجان لكتاب حتى معارضين للنظام وتاييد في المقابل للمنتمين لنفس التيار السياسي المعارض كما كان من دكتور القراي وحيدر خير الله..لكن أكثر ما أعجبني ، كان ما كتبه الأستاذ عثمان ميرغني حيث اكتفى بتسجيل شهادته وردود أفعال الطرفين والأجانب وختم الشهادة بأسئلة للحكومة إن كانت تدرك مغزى ذلك.
لمحاولة قراءة عمق الحادثة ، ينبغي الاستعانة بصور التشييع ، إضافة إلى الملابسات التي أعقبت وفاة الراحلة العزيزة.. مع ذكر أهمية موت احد القادة السياسيين. لحزبه ولأي حكومة قائمة ونبدأ بالأخيرة.
? في العادة تشكل وفاة أحد الرموز السياسية نقطة جذب للحزب الذي ينتمي إليه ،وبالتالي يحاول الحزب استثمار اللحظة لتأكيد مبادئه كما فعل الحزب الشيوعي ، وقبله كانت حادثة طائرة الناصر ، نقطة ضوء كبيرة لصالح النظام.
? الحكومة كجهاز تنفيذي ، تحاول دائماً استثمار الحالة لصالحها كذلك، وربما من هذه الوجهة فقط ، يمكن أن يقال لا تثريب على موقف الحكومة كجهاز تنفيذي فقط، أما من زاوية انتماء الحكومة لحزب حاكم كانت له مواقفه السلبية ضد معارضيه أحياءً،فإن الموقف بالقطع لن يكون مقبولاً كما حدث في حالتنا الراهنة. سيما وأنها قد تكون لها حسابات مختلفة كما في نقل جثمان الفنان الرحل محمود عبد العزيز.
? يصبح من الطبيعي رفض الأطراف الأخرى غير الحكومية الموقف الحكومي الانتهازي . وقد تكرر ذلك في حالة أفراد مثل الراحل الفيتوري عندما رفضت أسرته وكذلك صديقها الاستاذ طلحة جبريل . أو أحزاب سياسية كما حدث مؤخراً في حالة الراحلة المناضلة فاطمة.
? لذلك كان طبيعياً الرفض السريع من الحزب الشيوعي لما راج عن الرئاسة بنقل الجثمان على نفقة الدولة وعمل جنازة رسمية. وتكوين لجنة قومية وإعلان فرعية الحزب في لندن قدرتها وتكفلها بالأمر . وكان ذلك لتفويت الفرصة على النظام لكيلا يستثمر في موت مناضلة كفاطمة.
? حضور الوفد الحكومي التشييع ، كان إصراراً للتصرف باسم الجهاز التنفيذي وهو يدعم أجندة الحزب الحاكم.
? لذلك كان الهتاف القوي الذي ردد( فاطمة الدغرية..ديل الحرامية) امتداداً لموقف الحزب وتأكيداً له في وجه إصرار الحكومة على استثمار الجنازة
? لم استغرب عندما علمت أن السيدة نعمات مالك أرملة الشهيد عبد الخالق محجوب هي من ابتدرت الهتاف. فحالها أشبهت حال الراحلة. لكن الأهم في تقديري من تلقف الهتاف منها.
وإذا عدنا لصور التشييع، فإن معظم الصور التي بثت ، كانت لكبار سن والأرجح أنهم من عضوية الحزب الشيوعي وزميلات النضال. تأكيداً للصمود على الموقف من خلال هذا الحدث .
فإذا كان قدامى العضوية وزميلات النضال قد وقفن هذا الموقف، وكانت السيدة نعمات مالك قد ابتدرت الهتاف، فإن تلقف شباب الحزب له وترديده بإصرار حتى مغادرة الوفد الحكومي للموقع دون التمكن من المشاركة ، ربما يجعل أبيات شاعر الشعب الراحل محجوب شريف ، أقرب للنبوءة عندما قال ( ديل انحنا القالو متنا وانتهينا) قبل ما يقارب الأربعة عقود.
ويصبح المغزى الأساسي ليس هو وجود هؤلاء الشباب وحملهم للقضية فقط. بل في مقدرة الشباب على المواجهة من جهة ، ومقدرة الحزب الشيوعي ومحالفيه من المعارضة ، من التواجد في منطقة الفعل إذا لزم الأمر وتوفرت الظروف الموضوعية من جهة أخرى، مسقطين التصرف الحكومي الذي في حقيقته كان محاولة لاحتكار الوجود في موقع الفعل ، حتى ولو كان على حساب جنازة منتمية لحزب معارض.فهل استوعبت الحكومة وكتابها الدرس ؟

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..