مقالات سياسية

العقل الجمعي والمفهوم القطيعي

نهى محمد الأمين أحمد

لدي قناعة راسخة أن ما أودى بالسودان، وساقه إلى الهاوية منذ الإستقلال، هو خلط الشأن العام والخاص، وشخصنة المسائل والأمور العامة، التعامل مع السياسة كمثل العلاقات الاجتماعية الخاصة، والنظر دوما من ثقب المصالح والأجندات الشخصية، وقد أفردت مقالا في هذا الصدد، السبب الثاني والذي يقف جنبا إلى جنب مع شخصنة الشأن العام هو العقل الجمعي وفهم القطيع، وقد ازدادت هذه الإشكالية تفاقما مع العولمة وانتشار وسهولة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت متاحة للجميع، والكل يدلي بدلوه، فاختلط الحابل بالنابل، وأصبح أنصاف المثقفين هم من يسيطر على المنصات، فيملئون الميديا صخبا وضجيجا بلا مضمون ولا جدوى، والمأساة ليست هنا، المأساة فيمن يجرونه وينقاد خلفهم من قطيع، وفي لحظة تجد فكرة غبية قد سرت كالنار في الهشيم، وتصدرت ال (ترند)، كما يسمونه، وما يزيد الأمر سوءا أن هذا القطيع وللأسف، يحتوي على العديد ممن يحسبون على الطبقة المثقفة والمستنيرة، ولكنهم رضوا لأنفسهم أن ينجروا مع الركب،

جاءت حرب رمضان لتكشف كما من النقائص والعورات، وتسلط الضوء على كل الحقائق المحزنة، فالمفهوم القطيعي هو سيد الموقف، وأقصى ما يتم بذله من مدعي المعرفة هو النسخ واللصق، بدون اي تفكير أو محاولة للفهم، وشعار (لا للحرب) الذي شكى وبكي من كثرة النسخ واللصق الذي تم استهدافه به، يصور الدرجة الكارثية من الغباء التي وصلنا لها، وكأن هناك بشر سوي يمكن أن يؤيد حربا، ضربت عبارة (لا للحرب) الميديا بأطنابها، والقطيع يهرول بلا هدى رافعا للشعار بدون فهم أو دراية،،

بالتأكيد (لا للحرب)، على وجه التعميم، ولكن أليس من المفترض أن نستصحب معنا خصوصية الحالة المطروحة ونحن نهرول بهذا الشعار،

ارتكبت المليشيا المرتزقة المسماة بالدعم السريع أبشع الجرائم في تاريخ السودان، ومارست من الانتهاكات ما تقشعر منه الأبدان وترتعد له الفرائص، من القتل، الضرب والإيذاء النفسي والبدني حتى للنساء والمسنين، احتلال بيوت الناس، النهب والسلب والسرقة، والجريمة الكارثية وهي اغتصاب الحرائر وانتهاك الحرمات، جرائم يندى لها الجبين، ما زالت هذه المليشيا تمارسها يوميا في الخرطوم، وتاريخها الأسود يحكي عن ذات الفساد في دارفور،

هذه المليشيا الغاشمة التي صنعها المتأسلمين وجماعة المؤتمر اللا وطني الآثمة لتضمن لهم بقاءهم في الحكم، عاثت فسادا في الخرطوم، فهل يعقل أن يكون إيقاف محاربتها خيارا مقبولا في ظل هذه الانتهاكات المستمرة؟؟!،

هل من الممكن الجلوس مع هؤلاء القتلة الفجار إلى مائدة الحوار؟!!

أليس من الأفضل أن يكون الشعار (نعم للحرب حتى ينتهي آخر جنجويدي)؟!!

ليتنا نركن إلى المنطق ونحارب كارثة العقل الجمعي والمفهوم القطيعي، ونتعب نفسنا بالتفكير العميق في شأن هذا الوطن،،،

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..