الجزيرة..تفاتيش بلا ماء..!!

لسنا كذلك يا أخى الكريم..
لقد بحّ الصوت ..وهل نُسمع من لم يكن حيا..؟
نعم يا أخى ما من بابٍ مُغلق إلا وطرقناه وما من أملٍ لاح عن اقتراب الفرج إلا وبحثنا عن مصدره فرحاً واستبشاراً به فى سبيل الجزيرة وأهلها وأهل السودان جميعهم هم أهلها ونحن بعضهم وللأسف بآذانهم صمم لم يسمعوا صياحنا ولن يستوعبوا القول ، النهاية كانت دمار لمشروع كُنا نُعول عليه كثيراً لحل مشكلتنا الاقتصادية لو وجد بعضاً من الاهتمام والرعاية ومواكبة التقنيات من ساسة لم يكن المشروع فى ذيل اهتماماتهم حتى ، بل فى قائمة اهتمامات البعض وقد ألحقوا به الدمار والخراب وحققوا ما أرادوه ، ما حلّ به يا أخى كارثة ..
لمن المُشتكى..؟
فقط المزيد من الصبر أخى رُبما يأتى الغد يحمل الخير وتأتى المياه تنساب إليكم غصباً عن من أرادوا حبسها عنكم من أجل تحقيق مصالح تخُصهم ومطامع دنيئة استأثروا بها هم على غيرهم كانت نتيجتها هذا الدمار المعلوم للكل ، حطموا ما بها وباعوا كل ما يُمكن أن يُباع وشردوا موظفيها مقابل حفنة من مالٍ لم تُغنهم من فقرٍ هم فيه ولن تُعيد إليهم مشروعهم ، هنالك من حدثته نفسه باستغلال فقر البعض وحاجتهم الماسة للمال من بعد أن جففوا عنهم المورد راودوهم فى بيع ما تركه لهم الأجداد من أراضٍ أقام عليها الانجليز المشروع وبمبلغ زهيد للفدان لا يُساوى قيمة ايجاره لموسم واحد ..
موسم فاشل يتلوه آخر أفشل منه والانتاج صفر كبير..
وزير يأتى وأخر يرحل لم يعترف أحدهم يوماً بفشله..
المشروع يقتله العطش على مرأى ومسمع أهل الشأن وللدولة وزير رى ووزراء زراعة فى كل ولاية أصموا آذاننا بكثرة الحديث فى اللاشئ ، لم يتركوا يوماً مخصصاتهم والمزايا التى وفرتها لهم الوظيفة من أجلنا ، بل نراهم يحصلون عليها وبلا حياء ، العطش يجتاح بعض تفاتيش الجزيرة لا من شح المياه بل من يدفع بها للوصول إلى المُزارع ..
أحدهم أرسل رسالة غاضبة قصيرة وقد حالت الفوضى دون وصول المياه إلى حواشته بعد أن دفن فيها كل ما لديه وقد قضى العطش على الأمل المنتظر وانتهى الموسم مُبكرا ، يلوم فيها كل من باستطاعته الوقوف معهم ولم يقف فى محنتهم التى طال أمدها..
أين أنتم يا هؤلاء هل أصابكم اليأس أيضاً وفيكم كُنا نثق وعبركم كُنا نأمل فى ايصال رسالتنا ..؟
لم يعُد الهروب منها إلى غيرها هو الحل فما العمل..؟
مهنة أورثنا لها الأباء وأوصونا عليها ولم نصُن الأمانة بفعل بعض من ضعُفت نفوسهم ومن كُنا نحسب أن قلوبهم معنا ومع مصالحنا لا ضدها دمروا مشروعنا وفيه عاثوا فسادا..
والله المُستعان ..
بلا أقنعة..
صحيفة الجريدة…
[email][email protected][/email]
مشكلة العطش بمشروع الجزيرة :
يتحدث البعض عن ان مشكلة العطش هي تعطيش وليست عطش أي ان الامر مقصود ولكن مع احترامنا لرأيهم فأننا نخالفهم تماما ذلك الذي ذهبوا اليه ولم تكن مخالفتنا من منطلق دفاع عن أحد أو مناصرة طرف على طرف وانما مخالفتنا لذلك القول نابعة من معرفتنا لكل صغيرة وكبيرة في هذا المشروع العملاق منذ ان كنا اطفال وقبل ان ننال بعضا من العلوم الزراعية وان نصبح مزارعين فاعلين في المشروع وقد يقول قائل كيف ذلك وانت خارج الوطن نعم ذلك صحيح ولكني لم انقطع عن الوطن وعن الجزيرة والحواشات وبالذات بعد ان اصبحت مزارع بالمشروع فانا اتواجد داخل الحواشات خلال العام لأكثر من ربعه حيث اقضي اجازة الصيف والتي تقع في عز الموسم الزراعي وتستمر حتى بعد عيد رمضان تقريبا من اول يونيو حتى منتصف اغسطس ثم اعود في اجازة عيد الأضحى اسبوعين ثم اجازة منتصف العام عشرة ايام ثم اجازة منتصف الترم الثاني ايضا عشرة ايام واقسم بالله انني لا اذكر انني بت ليلة بعيدا عن القرية الا بسبب قوي دفعني لذلك. كما انني اتابع متابعة احيانا تكون يومية عبر الهاتف واتعرف على الحاصل واوجه بما اراه مناسب, لذا فإنني عندما اتحدث عن مشكلة بالمشروع واطرح الحلول فإنما يكون حديثي من منطلق خبرة ممزوجة بالناحية العلمية والعملية , فمشكلة العطش سادتي ليست وليدة اليوم وليست سياسة تعطيش بل هي مشكلة تجمع الجانبين الفني والاداري, فمن الناحية الفنية وكما اوردنا في مقال عنوانه مشروع الجزيرة والمسكنات فانه عندما صمم الانجليز نظام الري في المشروع صمم على اساس ان تكون الدورة الزراعية دورة رباعية يكون فيها القطن طوال العام ويتم التبادل بين المحاصيل الصيفية والشتوية وتضم الدورة البور أو النائم أي ان المساحة المزروعة صيفا وشتاء تكون هي 50% من مساحة المشروع حيث يشكل القطن 25% وال 25 % الاخرى تبادل (صيفي 25% وشتوي 25%) بحيث يتوقف الري تماما عن الصيفي ويتم تحويل الري للشتوي ويظل البور 25% بورا ولا تتم زراعته) وعلى ذلك جاء تصميم قنوات الري بحيث تغطي طاقته أو تروي مساحة ال 50 % وهذا يحدث عندما تكون هذه القنوات خالية تماما من الاطماء وكذلك الحشائش. حتى ان هذا النظام من الدورة لم يتم بصورة مكتملة حتى الستينيات من القرن الماضي حيث كانت تزرع نصف مساحة الذرة ولم يكن للمحاصيل الشتوية وجود وكانت الخضر فقط في مساحة 30 فدان لكل ترعة تمنح منحة لوجهاء المزارعين, حتى بعد دخول القمح في الدورة لم تكن مساحته كاملة حيث كان ايضا منحة لبعض المزارعين دون البعض, لذا لم تكن هنالك مشكلة عطش مطلقا بل كان هنالك فأيض من المياه يتم رده للبحر بالذات ايام موسم الامطار.
ولكن بدأت مشكلة العطش تطل برأسها عندما دخلت سياسة التكثيف الزراعي وصار كل مزارع يزرع مساحته كاملة وحولت الدورة من رباعية الى خماسية وتحويل الدورة جعل مساحة المزارع تقسم لخمسة تلاتات بدلا عن اربعة فصار كل تلات يشكل 20% من المساحة بدلا عن 25% , وصار الثابت تلاتين القطن 20 % والخضر وتوابعها 20 % وهذه ال 40% تحتاج ري صيفا وشتاء ثم التبادل بين الذرة 20% صيفا والمحاصيل الشتوية وعلى رأسها القمح 20% , أي ان المساحة التي تحتاج ري صيفا وشتاء اصبحت 60 % من مساحة المشروع وكما ذكرنا سلفا فان القوة القصوى للقنوات في احسن احوالها تغطي 50 % من المساحة ومن هنا بدأ الخلل الكبير في مشكلة الري وصاحبته مشكلة العطش. كذلك بمرور الوقت حدث خلل فني في قنوات الري وذلك نتيجة لخلل اداري اذ دخلت االبراقين من ضمن مساحة بعض الحواشات ومما جعل القنوات الفرعية تضيق في العرض وللحافظ على حجمها حيث الطول ثابت والعرض يتناقص لذا يلجؤون لزيادة العمق مما خلق الخلل الفني الذي تحدثنا عنه في مقال مشروع الجزيرة والمسكنات وهذا الخلل يجعل الطمي يترسب باستمرار داخل القنوات الفرعية بدل ان يندفع مع الماء الي داخل الحواشات, وقد شرحنا كيفية علاج هذا الخلل ومما زاد الطين بلة في مشكلة العطش هو قانون 2005 الذي يعتقد المزارع انه قد اعطاه الحرية والتي اسميتها فوضى وليست حرية حيث تتم زراعة النائم أو البور فأصبحت المساحة المزروعة في الشتاء تبلغ 80% حيث يخرج منها فقط مساحة الذرة 20% وتظل مساحة القطن + مساحة الخضر + مساحة القمح + مساحة البور والتي تزرع بمختلف المحاصيل الشتوية وكل هذه المساحة تمثل 80 % من مساحة المشروع فكيف تريدون لقنوات طاقتها القصوى 50 % في احسن الحالات ان تروي 80 % من المساحة أي منطق هذا الذي تتحدثون عنه. ثم ايضا هنالك بعض الخلل الاداري في مشكلة العطش فعلى سبيل المثال وكما كتبنا في مقال مشروع الجزيرة والخلل الاداري وكذلك مقال اخر بعنوان مشروع الجزيرة والاصلاح المزعوم وذلك اثناء خريف عام 2014 وجاء فيه (اما الجانب الاداري فهو المحزن والذي يشير لإهمال واضح وقد اتضح ذلك في هذا الموسم (الموسم الصيفي 2014) اذ تم قطع المنسوب من المياه تماما منذ نهاية يوليو ولقرابة الشهر تقريبا بحجة هطول الامطار نعم يا سادة هطلت الامطار بغزارة في جنوب الجزيرة (المناقل والقرشي ) ولكنها كانت دون المتوسط أي خفيفة في شمال الجزيرة (خلال تلك الفترة) فبهذه الحجة تم تجفيف الترع تماما الى ان وصلت الحالة للعطش التام في كثير من المحاصيل في شمال الجزيرة وقد رأيت بعيني كما ذكرت في مقال سابق احد المزارعين يحمل الماء في براميل على كارو من القرية ويقوم برش شتلات البصل بالماء لأنه لا يستطيع ريها بهذه الطريقة والسبب هو سوء الادارة وقد ظل هذا الوضع في بعض الترع مع التحسن البسيط نتيجة للضغط وحاجة كل المحاصيل للري الى ان فرجت من السماء مساء امس الاول (كان ذلك خلال شهر اغسطس 2014) بهطول امطار على شمال الجزيرة وتنفس الناس الصعداء فأين الذين يتحدثون عن الاصلاح من هذا الخلل الاداري الفاضح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كذلك هنالك تقصير واضح من ادارة الري في متابعة تطهير القنوات بواسطة الشركات وهنا اذكر مثاليين على ارض الواقع عشتهما بنفسي وفي ترعتين مختلفتين لي فيهما حواشات احد هذه الترع ترعة عتود غرب بمنطقة ري تفتيش المعيلق ففي يوم كنت اسير بالسيارة محاذيا للترعة وقد انتابني الشك هل تم تطهير هذه الترعة لأنني كنت ارى بعد كل عدة امتار شوية طمي لين مرمي على الطمي القديم بما يوحي انه قد طهرت وعندما نظرت الى داخل الترعة رأيت نسبة عالية من الحشائش لا زالت موجودة ولم تتم ازالتها وقيل ان هذه الترعة قد تم تطهيرها ودفع المزارع من عرقه لتلك الشركة التي قامت بالتطهير ولم تمضي بضع اسابيع وقد سد الطمي والحشائش مرة آخري هذه الترعة بالذات في الفم ولم تدخلها المياه إلا بعد عدة ايام بعد ان ارتفع المنسوب نوعا. والمثال الآخر هو ترعة ود شخيب ايضا بمنطقة تفتيش المعيلق وهذه ترعة جنابية أي انها تسير محاذية للكنار والمعروف ان الترع الجنابية يتم تطهيرها من جانب واحد (الجانب البعيد عن حافة الكنار) لذا يجب ان يستخدم فيها الة تطهير (كراكة) ذات سحاب طويل حتى تتمكن من سحب الطمي على عرض الترعة من بداية حافتها مع الكنار وحتى الضفة الأخرى ولكن للأسف تم استخدام آلة ذات سحاب قصير بدليل ان الطمى الذي لم يسحب من الحافة الأخرى تراكم مرة آخري في المجرى.)
موصلة للحديث فان مشكلة العطش مشكلة فنية بالذات بعد التعلية التي تمت لخزان الرصيرص ووفرت الماء في البحيرة بعد ان كان شحيحا في فترة الصيف واصبحت المشكلة كما ذكرنا القنوات لذا ننصح بإجراء العلاج الذي سميناه جراحة عميقة والبعد عن المسكنات التي بزوالها يعود الالم وكذلك المتابعة الادارية الدقيقة بحيث يظل المنسوب ثابت طوال مواسم الزراعة دون انخفاض حتى يستطيع تغطية الفجوة بين المساحة المزروعة وطاقة القنوات وبالذات في موسم شح الامطار كما حدث هذا الموسم وبالذات في شمال الجزيرة حيث لم تهطل الا مطرة واحدة فقط سالت عقبها المياه وباقي ما هطل عبارة عن رش لم يتعدى بلل الارض, فلو ركزنا متى يحدث العطش في الغالب يكون ذلك مركز في شهر تسعة أو سبتمبر بالذات في المواسم قليلة الامطار حيث تسهم الامطار في تقليل الحاجة للري ففي هذا الوقت كما اسلفنا وهذا الموسم صيف 2015 خير دليل بالذات في شمال الجزيرة حيث لم تهطل امطار فلو نظرنا للمساحة المزروعة كما ذكرنا نجدها تمثل 60 % من المساحة الكلية (قطن +عيش + جنائن) وكما ذكرنا فان الطاقة القصوى للقنوان هي 50 % هذا اذا كانت خالية تماما من الطمي والحشائش ولكن فللنظر لحالة القنوات في هذا الوقت فالطمي يبدأ بالتراكم فيها من بداية يوليو عندما تصل الموية الحمراء كما نقول نحن المزارعون أي الحاملة للطمي ونسبة للخل الذي ذكرناه في القنوات فان معظم هذا الطمي يترسب فيها ولا يندفع داخل الحواشات ويصل الطمي ذروته في شهر اغسطس قمة الفيضان فعندما نصل لشهر تسعة نجد ان الطمي مع الحشائش التي يسرع بنمؤها قد سدت معظم هذه القنوات وقد حدث ذلك عندنا فعلا في ترعة عتود غرب (المعيلق) حيث سد الطمي فم القناة ومنع انسياب الماء من الترعة الرئيسية للترعة الفرعية وكانت كارثة العطش.
ارجو ان نكون قد شرحنا مشكلة العطش وصات واضحة وحلها يا سادة بعيدا عن السياسة والسياسيين حلها عند اهل العلم والخبرة هم الذين يجب ان يترك لهم الامر ليخصوا ويضعوا الحلول وهنا نقول بعد التعلية وتوفر الماء في البحيرة يجب معالجة الخلل في القنوات جراحيا كما شرحنا ثم بعد ذلك اداريا بالمتابعة حتى نحافظ على المنسوب دائما في اعلى قمته مهما كانت الظروف مطر في بعض المناطق ولا يوجد في اخرى او اجازة عيد او خلافها لان النباتات ليست لها اجازة من الري, كذلك مما يساعد في حل مشكلة العطش ترك البور أي النائم بدون زراعة وهذا بالطبع صعب التطبيق حيث تأتي القرارات السياسية وبالذات هذا الموسم لسد الفجوة وتذوب النواحي الفنية امامها إذ ان البور يساهم بتقليص المساحة التي تحتاج ري بنسبة 20% من المساحة الكلية بالإضافة لفوائده الاخرى التي سوف نتعرض لها في مقال منفصل بإذن الله بعنوان مشروع الجزيرة والدورة الزراعية. كذلك من الاسباب الي تقود لتخيف ضائقة العطش الاالتزام بمواعيد الزراعة في الموسم الصيفي بحيث تتوقف المحاصيل الصيفية تماما عن الري عندما يبدأ ري المحاصيل الشتوية ولا يحصل تداخل بينهما. ( لمن اراد الاطلاع على كل هذه المقالات فهي موجودة على صفحتي على الفيس بوك وعلى موقع الشبكة العنكبوتية فقط ادخل على النت واكتب عنوان المقال وسوف يظهر لك)
لن ولم تحل مشكلة العطش بالمشروع ما لم تحل المشكلة الفنية ويواكب ذلك نظام اداري دقيق ومتابع وفي حالة طوارئي دائمة والله المستعان.
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة
مشروع الجزيرة والخلل الاداري:
اعيد نشر هذا المقال تعقيبا على الحديث حول مشكلة العطش بمشروع الجزيرة والذي هو مشكلة قديمة تتجدد كل موسم ولن تحل ما لم يحدث ما ذكرناه من منطلق خبرتنا العلمية والعملية والتصاقنا بجسم المشروع منذ ولادتنا وحتى اليوم والتي نسال الله ان تمتد حتى وفاتنا سائلين الله ان يكون ذلك ايضا داخل المشروع الذي يجري منا مجرى الدم .
اوردت قناة الشروق في الاخبار مساء الجمعة 13/2/2015 تصريح لوزير الزراعة القومي ومن خلال هذا تصريح ذكر ان هنالك خلل اداري بمشروع الجزيرة ولنبدأ من هذا التصريح من السيد الوزير وهو الرئيس الحالي لمجلس ادارة مشروع الجزيرة فحسناً ان يأتي هذا الاعتراف من اعلى مسئول في المجال الزراعي وفي مشروع الجزيرة على وجه الخصوص مع العلم اننا نحن المزارعين البسطاء قد اشرنا لهذا الخلل منذ فترة وتحدثنا عنه وناشدنا المسئولين معالجته ومن هنا نناشد السيد الوزير ورئيس مجلس الادارة ان يعالج هذا الخلل معالجة تعيد للمشروع حيويته فنحن لسنا دعاة عنصرية ولا مناطقية ولكننا دعاة حق ودعاة خير للمصلحة العامة وللمشروع والمزارع على وجه الخصوص لذا نناشد من هذا المنطلق بان يتولى الادارة في هذا المشروع اهل العلم والخبرة وقبل ذلك من يتقون الله في الوطن وفي اهلهم البسطاء لذا نحبذ ان يتولى المهمة في المشروع من ترعرعوا داخل الحواشات وخاضوا الترعة وهم اطفال ورأوا بأعينهم كيف كانت هذه الترع لا تحتاج لتطهير إلا كل عدة سنوات وقد عرفوا حال هذه القنوات وكم كان عرضها في السابق وكم عرضها اليوم وكيف كان وضع المواسير التي تخرج الماء لابوعشرين حيث كانت بعيدة عن الحافة في منتصف الماء واليوم يرونها مع الحافة وعندما كانوا ينزلون في الماسورة يحسون بأنها مع سطح الترعة واليوم هنالك فراغ كبير بينها وبين السطح نريد من اشترك في حش البرقان ونظافة الرتين Raton ورأى كم كانت كمية الطمي حول الترع وكيف انها اليوم جبال من الطمي ويعرف كيف تتم كل العمليات الزراعية ومن بين هؤلاء الكثيرون من نالوا ونهلوا من العلوم الهندسية والزراعية وهم مؤهلون لتولي هذا المناصب بالإضافة لخبرتهم العملية وكذلك معرفتهم وحفظهم الصم لكل صغيرة وكبيرة في هذا المشروع.
المتتبع لمسيرة المشروع منذ نشأته يعلم تمام العلم ان هذا المشروع كان يسير بنظام اداري محكم من القمة حتى القاعدة فحينما كان المستعمر هو الذي يتولى الادارة وللحق كما عرفنا عبر تاريخ المشروع فأنها قد كانت ادارة فاعلة تحرك كل المشروع لمصلحة المزارع وقبله لمصلحة المستعمر الذي كان هدفه الاول هو توفير القطن لمصانع الغزل والنسيج البريطانية ومن المحامد الادارية التي كانت سائدة لفترة طويلة بعد رحيل المستعمر المحافظة على البراقين ونظافتها سنويا من جانب كل مزارعي النمرة وهي التي كانت تشكل حرم للترع يرمى فيها الطمي كي نحفظ للترعة ابعادها الحقيقية في العرض والعمق مع العلم ان الطول ثابت لا يتأثر وكان لذلك النظام محمده في عملية الري اذ لم تنشأ مشاكل العطش والحاجة المتكررة لتطهير القنوات إلا بعد اهمال هذا الجانب الاداري مما اضاع مساحات هذه البراقين ودخلت ضمن الحواشات وتسبب ذلك في الخلل الفني في القنوات بقلة عرضها وزيادة عمقها مما خلق فراغ بين مواسير ابوعشرينات وقاع الترع فأصبح هذا الفراغ مصيدة للطمي الذي هو تربة خصبة لنمو الحشائش مما عقد الامر بقفله للقنوات كل موسم والحاجة لتطهيرها وكذلك عدم وصول الطمي لداخل الحواشات وكل ذلك هدر للمال مما يضاعف تكلفة الانتاج عدة مرات وكذلك ادى لفقدان خصوبة التربة والحاجة الماسة لاستخدام المخصبات الكيمائية والتي اصبحت وبالا على البيئة في الجزيرة. ايضا من ضمن الجوانب الادارية التي اسس لها المستعمر وكانت لها محمده كبيرة في الحد من آفات القطن هو ما كان يعرف بنظافة الرتين Raton وتعني الكلمة الانجليزية النبات البروس الذي ينبت دون تدخل احد في زراعته وهذا الرتين هو نباتات القطن التي تنبت بعد هطول الامطار في اراضي المحصول في الموسم السابق ولكي لا تصبح ملجأ لآفات القطن بعد خروجها من فترة البيات فكان هنالك ما يسمى بيوم نظافة الرتين يخرج كل مزارع ومعاونيه لنظافة ارضه من نباتات القطن البروس وبذلك تفقد كثير من الآفات العائل فتموت وهذا هو احد الامور الادارية التي كانت تساعد كثير في الحد من الآفات ولكن فلو نظرنا اليوم للواقع نجد محصول القطن من الموسم السابق بكامله موجود في كثير من الحواشات ولم يتم اقتلاع سيقانه وقد اخضرت مرة اخرى بعد هطول الامطار ناهيك عن الرتين ولا احد من الاداريين ولا المسئولين يحرك ساكن وسوف تظل هذه السيقان حتى اوائل اكتوبر موعد تحضير الارض للموسم الشتوي فهذا هو حال المشروع الذي يراد له الاصلاح ويحدثنا عنه اعلامنا صباح مساء.
ولو نظرنا للجوانب الادارية الأخرى في المشروع ففي قمة الهرم الاداري كان هنالك محافظ (مدير) للمشروع وكان له معاونون ومن اهم هؤلاء كان المدير الزراعي الذي كانت تتبع له كل الادارات الفنية ومنها ادارة الغيط ووقاية النباتات والهندسة الزراعية وإدارة الفلاحة والبساتين وإدارة اكثار البذور والإرشاد الزراعي وكانت اكبر هذه الادارات هي ادارة الغيط اذ ينتشر منسوبوها في جميع اقسام المشروع ويكون لكل قسم مدير تتبع له عدة تفاتيش قد تصل في بعض الاقسام الى سبعة تفاتيش او اكثر ولكل تفتيش ثلاثة مفتشين مفتش اول او ما كان يعرف بالباشمفتش ومفتش ثاني أي الوكيل ثم مفتش ثالث فالمفتش الاول يسكن في مبنى التفتيش اما المفتش الثاني والثالث فلكل منهما سكن يعرف بالسراية بالإضافة لذلك كان لكل تفتيش تيم من المحاسبين الذين يقيمون ايضا في التفتيش. كما لكل قسم مهندس زراعي وأخصائي وقاية نبات يتولون الجوانب الفنية كل في مجاله كذلك كان لكل ترعة خفير يتولى ادارتها من فتح البوابة الرئيسية للترعة من الكنار وكذلك فتح مواسير ابوعشرينات عند حاجة الحواشات للمياه وكان هنالك ما يسمى بعامل الناموس الذي يتولى صب الزيت في اماكن المياه الراكضة بالذات الدورانات وذلك لمكافحة البعوض. وكان يعاون هؤلاء الرسميون مجالس انتاج من المزارعين تسمى مجالس القرى او مجالس الانتاج كذلك كان يعونهم من المزارعين ما يعرف بالصمد اذ لكل ترعة صمد يعين من ضمن المزارعين فكان النظام الاداري بالمشروع يسير بصورة سلسة وطيبة ومحكمة في كل الجوانب اما اليوم فحدث ولا حرج كل يتحرك حسب ما يريد وحتى الادارة الموجودة ليست لها دور فعال على واقع الغيط اما ادارة وقاية النباتات فهي الأخرى مجرد وجود لا دور له ويكفي ما حدث في عملية مكافحة الفئران التي كانت وبالا في بداية الموسم الزراعي الصيفي ( كان ذلك في صيف 2014) واخص بالذكر القسم الشمالي الذي كانت نسبة هطول الامطار فيه ضعيفة. (كان هذا المقال قبل هطول الامطار الغزيرة من منتصف اغسطس حتى بداية اكتوبر) وحينما نتحدث عن ادارة الري بالمشروع فانه ينتابنا الحزن فهذه الادارة بعد ان صارت تابعة للمشروع وبعد ان من الله علينا بوفرة المياه في بحيرة الخزان بسبب تعلية خزان الرصيرص فقد اصبحت مشكلة الري تتلخص في الجانب الفني والإداري ففي الجانب الفني نناشد المسئولين بالعمل على حل مشكلة الجانب الفني ومعالجة الخلل الذي حدث في قنوات الري اما الجانب الاداري فهو المحزن والذي يشير لإهمال واضح وقد اتضح ذلك في الموسم الصيفي 2014 اذ تم قطع المنسوب من المياه تماما منذ نهاية يوليو ولقرابة الشهر تقريبا بحجة هطول الامطار نعم يا سادة هطلت الامطار بغزارة في جنوب الجزيرة (المناقل والقرشي 2014) ولكنها كانت دون المتوسط أي خفيفة في شمال الجزيرة (خلال تلك الفترة) فبهذه الحجة تم تجفيف الترع تماما الى ان وصلت الحالة للعطش التام في كثير من المحاصيل في شمال الجزيرة وقد رأيت بعيني كما ذكرت في مقال سابق احد المزارعين يحمل الماء في براميل على كارو من القرية ويقوم برش شتلات البصل بالماء لأنه لا يستطيع ريها بهذه الطريقة والسبب هو سوء الادارة وقد ظل هذا الوضع في بعض الترع مع التحسن البسيط نتيجة للضغط وحاجة كل المحاصيل للري الى ان فرجت من السماء مساء امس الاول بهطول امطار على شمال الجزيرة وتنفس الناس الصعداء فأين الذين يتحدثون عن الاصلاح من هذا الخلل الاداري الفاضح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كذلك هنالك تقصير واضح من ادارة الري في متابعة تطهير القنوات بواسطة الشركات وهنا اذكر مثاليين على ارض الواقع عشتهما بنفسي وفي ترعتين مختلفتين لي فيهما حواشات احد هذه الترع ترعة عتود غرب بمنطقة ري تفتيش المعيلق ففي يوم كنت اسير بالسيارة محاذيا للترعة وقد انتابني الشك هل تم تطهير هذه الترعة لأنني كنت ارى بعد كل عدة امتار شوية طمي لين مرمي على الطمي القديم بما يوحي انه قد طهرت وعندما نظرت الى داخل الترعة رأيت نسبة عالية من الحشائش لا زالت موجودة ولم تتم ازالتها وقيل ان هذه الترعة قد تم تطهيرها ودفع المزارع من عرقه لتلك الشركة التي قامت بالتطهير ولم تمضي بضع اسابيع وقد سد الطمي والحشائش مرة آخرى هذه الترعة بالذات في الفم ولم تدخلها المياه إلا بعد عدة ايام بعد ان ارتفع المنسوب نوعا. والمثال الآخر هو ترعة ود شخيب ايضا بمنطقة تفتيش المعيلق وهذه ترعة جنابية أي انها تسير محازية للكنار والمعروف ان الترع الجنابية يتم تطهيرها من جانب واحد (الجانب البعيد عن حافة الكنار) لذا يجب ان يستخدم فيها الة تطهير (كراكة) ذات سحاب طويل حتى تتمكن من سحب الطمي على عرض الترعة من بداية حافتها مع الكنار وحتى الضفة الآخرى ولكن للأسف تم استخدام آلة ذات سحاب قصير بدليل ان الطمى الذي لم يسحب من الحافة الآخري تراكم مرة آخري في المجرى.
هذه مجرد امثلة لما يحدث في هذا المشروع من خلل أداري يمكن معالجته بكل بساطة لو ان هنالك جدية فعلا في اصلاح هذا المشروع والله من وراء القصد.
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة
الشامي الصديق آدم العنية
مساعد تدريس بجامعة الملك سعود ومزارع بمشروع الجزيرة