جنون الدكترة

جنون الدكترة

حسن طه محمد
[email][email protected][/email]

عجبا لما نقرأ ونسمع ونشهد .
لأن ما نقرأ ونسمع ونشهد يفوق الوصف .
بتاريخ 12/11/2012م نشرت جريدة ” الــــرايــــة ” القطرية خبرا عن شهادات الدكــــــــــتوراة المزورة التي تروجها كليات مغمورة ومكاتب سمسرة مقابل مبلغ زهيد لا يـتجاوز 500 يورو . وتضمن الخبر نصا ” أن كثيرا ممن يحملون لقب ( دكتور ) من الأكاديميين قد حصلوا علي درجة الدكتوراة بمقابل مادي زهيد يبدأ من 500 دولار أو 500 يورو فقط دون أن يضيفوا أي جهد علمي حقيقي وبعضهم قام بالسطو علي دراسات دكتوراة خاصة بآخرين للحصول علي درجة الدكتوراة ” . وكان السودان من ضمن الدول التي ابتلاها الله بهذه الآفة .
مع هذا الخبر الوارد بجريدة الراية استرجعت ذاكرتي ما كنت قد قرأته قبل ذلك بعامين تقريبا في احدي الصحف السودانية وبصفحتها الأولي أيضا عن اكتشاف ( 78) ثمانية وسبعين شهادة دكتوراة مزورة في الأردن ، منها (74) أربعة وسبعين شهادة حصل عليها المزورون في السودان .
بعد قراءتي لذاك الخبر في الصحيفة السودانية ، أمسكت القلم لأسطر بضع أسطر عن تزوير الشهادات بمختلف أنواعها وخاصة موضوع تزوير شهادات الدكتوراة الذي لم يتعبني في ايجاد عنوان للمقال فعنونته ” جنون الدكترة ” علي وزن ” جنون البقر ” وهو الموضوع الذي كان قد ملأ الآفاق في ذاك الوقت مما جعل الناس في كثير من الدول يمتنعون عن أكل لحم البقر. ولأن الموضوع كان قد أخذ مني اللب فضاعت مني الكلمات واستعصت عليَ الكتابة ، فتركته الي أن قرأت عنه ما قرأت بجريدة الراية المذكورة.
لا بد من الاشارة هنا الي أن جريدة الراية القطرية قد أولت الموضوع اهتمامها البالغ ، فأفردت له الصفحات وتناولته بصورة بحثية مفصلة مسترشدة بآراء المختصين من الأكاديميين بينما اكتفت الصحيفة السودانية بايراد الخبر دون اضافة كأنما الأمر لا يعنيها.
والآن اسمحوا لي بمحاولة المعاودة في الكتابة في الموضوع مكتفيا بالاشارة اليه في هذا المقال المتواضع لارتباطه العضوي بالآفات التي ملأت الساحة وطفحت علي السطح في مجال التعليم بالسودان في ظل دولة الانقاذ.
ساقتصر في هذا المقال علي الحالة السودانية وعلي شهادات الدكتوراة المزورة لأن ما آلت اليه الأمور في سوداننا الفضل في مجال التعليم العام أصبح من العلم العام ولأن كل من هب ودب يمكنه الحصول علي شهادة الدكتوراة دون عناء بل تأتيه وهو جالس في بيته وأمامه كوب من الشاي .
وأبدأ بالاشارة الي الخبر المنشور بالصحيفة السودانية عن الشهادات المزورة التي تم اكتشافــها بالأردن وأتساءل :
– أليست تلك الشهادات تشكل واحدة من أسوأ الجرائم التي يعاقب عليها القانون ؟
– أليست تلك الشهادات المزورة مما يعاقب عليه الضمير والسلوك السليم قبل القانون ؟
– ألا يعتبر منح تلك الشهادات المزورة من دلالات فساد الأخلاق ممن لا أخلاق لهم ؟
– ألا توجد لجان تقييم مهمتها معرفة أصل وفصل هذه الشهادات ؟
– لأي الجامعات السودانية تنسب تلك الشهادات المزورة؟
– أي مستقبل ننتظر بعد أن تفشت هذه الظاهرة غير الأخلاقية وغير القانونية ؟
من المعلوم أن الدكتوراة هي أعلي درجة علمية تمنح لحاصلها من الجامعات المعترف بها بعد تقديمه لأطروحته ومناقشتها مناقشة علمية وعلنية أمام لجنة من الأساتذة المختصين في نفس المجال.
في ظل أجواء الفساد المنتشر بمختلف مجالاته ومسبباته الذي عم القري والحضر في سوداننا الفضل ، سمعنا وعلمنا أن كثيرا من الحاصلين علي شهادات الدكتوراة قد حصلوا عليها بشكل بعيد كل البعد عن الأعراف الأكاديمية المعروفة. و لقد زاد عدد الحاصلين علي الدكتوراة بشكل ملفت يدعو للدهشة والاستغراب . قد تجد في نفس الشارع كثيرا من هؤلاء وأصبحت عبارة ( يا دكتور أو يا بروف ) من المصطلحات التي انتشرت كثيرا. ومما يلفت النظر أيضا ومع كثرة حملة الدكتوراة في السودان نجد أن كثيرا منهم قد انضموا الي صفوف العاطلين المحبطين. لقد اختلط الحابل بالنابل وأصبحنا لا ندري من هو الدكتور حقا ومن هو الدكتور زورا وبهتانا!

ان الحاجة الي اصلاح التعليم ، وهو حق أصيل ، بمختلف مراحله ودرجاته أصبحت أكثر وضوحا والحاحا ولكن مع برودة دم مسئولي الانقاذ وانشغالهم بتقسيم المناصب والوزارات بل وركض الكثيرين منهم وراء نيل درجة الدكتوراة بكل السبل بعد أن أصبح همهم الأول هو الحصول علي هذه الدرجة العليا لزوم الوجاهة ولزوم اكمال الجاه والمال والسلطان لا نري في الأفق اصلاحا يرجي. لا أعتقد بل يقينا أجزم أن مسئولا نال شهادة الدكتوراة وهو جالس في بيته دون اي جهد أو عناء أو تعب سوف لن يعنيه ان تدهور التعليم أوالوطن كله .
لقد كانت جامعاتنا في عهود مضت من الجامعات التي كنا نفخر بها في كل محفل لما لها من سمعة علمية طيبة وشهادات أكاديمية معترف بها وقيم تعليمية مواكبة للتعليم في أرقي الجامعات العالمية. أما في عهد التيه هذا الذي نعيشه الآن فقدت جامعاتنا كل ذلك حيث أدي التدهور الاقتصادي الذي استفحل واستشري الي التدهور في التعليم وكليهما أديا للتهور المريع في القيم والأخلاق.
في زمن مضي ليس بالبعيد كنت أحاور أحد المعارف من المدافعين عن الانقاذ حد الهوس منتقدا له سياسة الدولة في انشاء جامعات جديدة دون أسس علمية متعارف عليها مفضلا قيام الدولة بدلا عن ذلك بدعم الجامعات القائمة . انحصر دفاعه بأن هذه الجامعات الجديدة ستكون سببا في محو الأمية بطريقة أكثر رقيا وتقدما.
قلت له صدقت واكتفيت !!!!!
التحية والاجلال لمن حصل علي هذه الدرجة العلمية الرفيعة عن جدارة واستحقاق ولا تحية ولا اجلال لغيرهم من مرضي الشهادات المزورة.
هذا غيض من فيض والموضوع ذو شجون والله المستعان.

تعليق واحد

  1. المشكلة انو التزوير نوعين
    الاول نزوير عدييييل باسستخدام طابعات و اختام مزورة و كدة وده طبعا نتيجة لانو جامعتنا الموقرة لا تعمل على جماية مستنداتها من شهادات و غيره من التزوير عن طريق استخدام اوراق معينة و طابعات و احبار معينةو اختام بارزة …….. الخ. جامعتنا تستحدم اوراق A4 العادية و الطابعات العادية للشهادات و المستندات!!!!!!! هذا النوع من التزوير هو الاهون و اكتشافه سهل.
    اما النوع الثانى و هو الاسوأ و الاكثر انتشارا هو الحصول على الدكتوراة رسميا من الجامعة و بمباركتها و بشهادنها الاصلية الغير مزورة لشخص لا يستحق بكالريوس و لا يمتلك تى مؤهلات اكاديمية او فكرية و تراه يباهى بها فى كل المحافل و يزهو بها متبخترا و المعلوم ان التواضع هو سمة العالم الحقيقى و ليس المزور!!

  2. محكمة الجنايات الأكاديمية السودانية:
    لعلك قد ضربت على أعم الأوتار في منظومة جرائم الإنقاذ التاريخية. علينا تأسيس قاعدة بيانات الدرجات الأكاديمية العليا 1989-تاريخه ثم حصرها بدء بالبروفيسور ابراهيم أحمد عمر والبروفيسور مبارك المجذوب وانتهاء بالدكتور أمين حسن عمر – ولانستثني الحاصلين على درجة الماجستير مؤخرا (عمر حسن أحمد اللبشير). ويمكنني أن أكون شاهداً على منح درجات الدكتوراة للحاصلين على الدرجة (الثالثة) في مرحلة البكالوريوس. على أن تكون جامعتي أمدرمان الاسلامية والقرآن الكريم نموذجا “يحتذى” لمعرفة حجم الكارثة الأكاديمية. ولنا عمودة للتفصيل.

  3. الاخ حسن طه هذا عين ما ذكرته أنا فى معرض تعليق لى فى خبر متعلق بإعفاء مدير جامعة الخرطوم طلاب دارفور من (الجبايات) التى تسمى زورا وبهتاناالرسوم الجامعيه!!وجاء التعليق على تعليقى وبسرعه مدهشه وطلب منى المعلق أن أدخل فى موقع تابع لجامعة الخرطوم لكى إستيقن من صحة شهادة السيد/المدير !!المهم سبق أن طلبت من الساده المعارضين الاهتمام وتعقب هذه الشهادات التى فاق أعداد حامليها أعداد الفاقد التربوى الهائم على وجهه الذين لم يكملوا تعليمهم الثانوى فى أفضل الحالات ودعك من الذين لم يستطيعوا أن يكملوا تعليمهم الجامعى بسبب ضيق ذات اليد او تعقب أجهزة الامن لهم فيضطرون لهجر المدرجات لينضوا لجيش حملة الدكتوراة الحقيقيين الذين لا ينتمون لحزب النظام!!وكان المفروض أن تتابع أحزاب المعارضه الجاده والبحث عن مصادر هذه الشهادات فى مظانها التى صدرة عنها وكشف زيف حامليها وخاصة اولئك الذين ينتمون لحزب المؤتمر الوطنى والذين بموجبها تنسموا وظائف عليا وهم ليسوا أهل لها ونتائج إنجازاتهم البائسه هى التى تتحدث عن نفسها وتفضحهم وكلما فضخناهم سوف تتراجع إدعائاتهم فضلا عن التشويش والربكه التى ستحدث فى أوساطهم وتفقدهم الثقه فى أنفسهم عندما يعلم الابن والصديق وغيرهم أن فلانا او علانا يحمل شهاده مزوره!!وطبعا أنا لن أشير ولا أعول على النظام لانه لن يستغرب ويعلم يقينا إن منتسبيهم كلهم يحملون إجازات مزوره وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذى أحتفت به الجماعه قبل شهور قليله لحصوله على درجة ماجستير (مزوره ثم مزوره ثم مزوره) وينبغى أن (يستتاب)اولا ثم محاسبة الشخص أو الجهات التى منحته هذه الإجازه الرفيعه او أقلها أن يقسموا سبع مرات بأن لعنة الله عليهم إن كانوا كاذبين !!.

  4. اذا كان رئيس الجمهورية منح شهادة الماجستير وهو اصلا لم يدخل لجامعة ليحصل علي البكالوريوس اولا – (اذا كان رب البيت علي الدف ضارب = فشيمة اهل البيت كلهم الرقص ) – ثانيا احد الولاه الله وخلقه تعرف ان شهادته العلمية هو انه مهندس بحري لكن اصبحت المكاتبات والتعامل معه يشترط ان يسبق اسمه لقب دكتور !!!!! مرض وتفشي فانظر ما ان يتولي اي مسؤول لاي منصب في الدولة حتي ويظهر وبقدرة قادر لقب دكتور سابقا لاسمه !!!!!! والجميع يعرف مستواه الاكاديمي والدليل انظر لخطبهم واحاديثهم هل وجدت بينهم اي واحد يحمل عقل ومنطق شخص يحمل درجة دكتوراه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  5. الخداع والتزوير فى شهادة الدكتوراة الذى أكتشف مؤخراً فى أوروبا أدى الى إعفاء وزير الدفاع الألمانى من منصبه ومحاكمته ومحاسبة الجامعة التى منحته تلك الدرجة, نفس الشئ حدث لنائبة فى البرلمان الأوربى, وهناك عدد وإن كان قليل ممن تحوم حولهم الشبهات فى الطريقة التى حصلوا بها على درجة الدكتوراه, ولكن الفرق الأساسى هو أن هؤلاء المزورين تنحصر تهمهم فيما يسمى بالسرقة الأكاديمية, وهى تنحصر فى أن بحث الدكتوراه يحوى أجزاء منقولة من بحوث منشورة دون التوثيق لمصدر المعلومة العلمية, وهذه هى جريمة التزويروالخداع الأكاديمى, أما أن يقوم أحدهم بشراء الدرجة فهذه جريمة من نوع آخر, وما ضر السودان فى ذلك فقد أصبح التعليم الجامعى تحكمه المقدرة المالية, ودخول الجامعات أساسه القريشات وليس الشهادات, وشراء الدكتوراة تمامة جرتق الأنهيار التعليمى فى السودان, ويبقى الفيصل فى ذلك إن كل إناء بما فيه ينضح والسعن الملان ما بجلبغ, وما أكثر الجلبغة ؟؟؟ يكفى فقط أن تقرأ مقال كاتبه حامل للدرجة أو حتى أستاذ جامعى ليصيبك الغثيان من فج الكلام, والمدهش حقاً أن عدد لايستهان به من حملة هذه الدرجة وبمجهود علمى صادق وأمين ولا يزينون بها أسماءهم مثل مستشارة ألمانيا…وأصبحت الممارسة فى أن من يحمل هذه الدرجة عن جدارة لايتمسك بذكرها ومن إشتراها بالمال يستعصم بها كدلالة على علمه الغزير وفهمه الواسع ولم يؤتى من العلم مثقال ذرة….التعليم العالى فى السودان صار مجرد محو أمية, وهو وفى الواقع لم يرتقى حتى لمستوى محو الأمية, فأنظر الى الكم الهائل فى الأخطاء الإملائية, وأرجع البصر كرتين الى من يجهلون الفرق بين القاف والغين, وبين الصاد والسين, وبين الطاء والضاد والدال والتاء,,, وفى مطار الخرطوم عرفت ولأول مرة فى حياتى أن إسمى مها يكتب مهأ أو مهاء….وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..