احتلال أجنبي “1-2”

* لست بصدد الحديث عن القوى السياسية العالمية العظمي التي تعبث بمصائر الشعوب بطرقها الحديثة المبتكرة.. ولا عن العدو الإسرائيلي بمخططاته التخريبية والاستعمارية بعيدة المدى. ولكني ببساطة سأتحدث عما تمارسه ضدنا (الشغالات) الأجنبيات داخل منازلنا من سطوة وسلطة مذلة في بعض الأحيان.
* والمعلوم أن نسبة استخدام المعاونات في المنزل قد ارتفعت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ, وتكاد بنات الأحباش يسيطرن على سوق القوى العاملة المنزلية تماماً.. وأصبح وجودهن في حياتنا أشبه ما يكون بالضرورة أو (الموضة).. ولا يقتصر استخدامهن على طبقة معينة من المجتمع أو فئة خاصة من الناس.. فهن _ كن _ دائماً متاحات بحسب الطلب. وعلى كافة الأنواع والأشكال والأسعار والتخصصات المهنية.
* وأصبح من الشائع جداً تكدسهن في بيوت المناسبات بشكل ملحوظ حيث تأتي إحداهن برفقة الواحدة منا من باب البرستيج أو بسبب رعايتها للأطفال, وأحيانا ينبن عنا في القيام بواجبات المعاونة في المحافل والأتراح. وكن حتي وقت قريب يتمتعن بقدر وافر من الاستكانة والأدب والاستسلام للضرورة الملحة التي دفعتهن للهجرة من بلادهن طلباً للرزق, فتجدهن حريصات جداً على القيام بواجباتهن على أكمل وجه مهما تنوعت لنيل ثقتنا ورضانا.
* وأنا شخصياً لا يمكنني أن أنكر فضلهن منذ سنحت ظروفي بالاستعانة بإحداهن لتعاونني على القيام بالتزاماتي الأسرية بعد أن أعياني التوفيق ما بينها وبين هذا الرهق الكتابي اللذيذ.
* ولكن.. مؤخراً برزت على السطح أزمة حقيقية وفادحة في وجود (الشغالات), ويعزو الكثيرون ذلك لارتفاع أسعار الدولار بحيث لم تعد التحاويل التي تبعثها هؤلاء الفتيات إلى ذويهن مرضية.. فآثرن البحث عن مهن أخرى أعلى أجراً _ ولا تسألوني عن ماهية تلك المهن فاللبيب بالإشارة يفهم _ واعتزلن الأعمال المنزلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتركننا هكذا في حيرة وقلق بعد أن اعتمدنا عليهن كلياً ولم نعد نطيق منازلنا دونهن.
* والشاهد أن العديد من (الشغالات) قد هجرن البيوت التي يعملن بها مؤخراً بذرائع مختلفة لا سيما قبيل رمضان ليتركن العديد من السيدات وهن يكدن يذرفن الدموع على فراقهن.
* وإذا ما فكرت إحدانا للحظة في البحث عن بديلة اصطدمت بالأرقام الفلكية التي بتن يفرضنها كمقابل مادي لعملهن كـ(مديرات) لمنازلنا!!! ويكدن يكن (معدومات) وغير موجودات.
* أحد الأصدقاء الأعزاء ظل لعدة أيام يهاتفني وهو يشكو من مأساته هو وزوجته وأبنائه بعد خروج (الشغالة).. ويقول إنهم كادوا يقبلون يديها كي تبقى.. وكادت زوجته تذرف الدموع متوسلةً لها لتواصل (استعمارها) لمنزلها ولكن هيهات.. وحينما فكر في إحضار أخرى بديلة فوجئ بندرة المعروض وارتفاع رواتبهن الشهرية بصورة كبيرة حتي كادت إحداهن تساوي رأسها برأس كبار موظفي الخدمة المدنية لدينا. ومن بين استيائه العظيم خرج عليّ بفكرة مقاطعة (الشغالات) في ظل حملة جمعية حماية المستهلك الكبرى (الغالي متروك)!! وسألني بامتعاض عن السبب الذي يحول بيننا كربات بيوت وأمهات وبين القيام بأعبائنا المنزلية وحدنا؟.. خصوصاً وأننا كنا نؤديها جميعاً في السابق قبل صرعة الشغالات هذه بكل تفان.
ويتساءل صديقنا عن الفوائد التي اكتسبناها من وراء الاستعانة بتلك القوى الاستعمارية داخل بيوتنا أكثر من العديد من الكيلوهات الزائدة في أوزاننا والتي نلهث الآن وراء رياضة المشي والنوادي الصحية والتسكع على الكباري وشارع النيل في سبيل أن نفقد بعضها؟.. وينصحنا سيادته ـ نحن معشر النساء ـ بالعودة الطوعية إلى وظائفنا الحياتية الأساسية والتمرد على سطوة أولئك الفتيات اللائي يعشن بيننا ويعلمن كل أحوالنا وأسرارنا ثم لا تلبث إحداهن أن تنسى قدسية الملح والملاح و(تبيعنا) لأول وأفضل العروض التي تأتيها من آخرين.
* والحقيقة أننا فعلياً قد خضعنا تماماً لسيطرة (الحبشيات) وأصبحنا لا نستغني عنهن.. وكنت في كثير من الأحيان أضبط نفسي متلبسة بالتودد للبنت التي تعاونني بالمنزل لدرجة تصل حد (كسير التلج) والنفاق خشية أن تعلن يوماً تمردها عليّ فتترك ظهري مكشوفاً لما تقوم به من أعمال لم تعد لدي قدرة ولا طاقة على القيام بالعديد منها, وذلك فقط بسبب الوزن الزائد الذي اكتسبته فعلياً ومؤخراً بسبب استسلامي للركون حتى كدت أكون ضيفة علي بيتى.
تلويح:

هل يمكننا أن ننفذ هذه المقاطعة الغالية.. أم أننا أضعف من مجرد التفكير في هذا الفقد الجلل؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. انتو قبل ما تكونوا صحافيات و مهنيات بخدامتكم خلى بعد الشغل المشكلة انو انتو بتشتغلوا و الراجل بدفع ماهية الخدامة

  2. الاستاذه داليا ما قلتيه بالتحديد هو الفرق بيننا وبينهم .اقصد الشعوب العمليه ونحن .هذه الشعوب لا تحتكم للعاطفه فقد تركن بلادهن واهلهن وحضرن للسوداني لسواد عيون داليا الياس ؟ .لقد حضرت للسودان ببرنامج وهدف محدد وهو جمع كذا من المال للمشروع الفلاني .ولم تاتي لدلعكم وانكم سوف تعتادوا عليها ولن تستغنوا عنها .هذا اخر اهتماماتها .لهذا السبب يغترب السودانيين لعشرات السنيين وغالبيتهم المحصله النهائية صفر كبير .هذا ليس زمن العواطف .مع احترامي .

  3. بالمناسبة انتو زاتكم خدم وعقليتكم عقلية خدم عشان كده الخادمات يسيطرن عليكن بسهولة. لو استمر الحال في السودان كما نرى الان، سينتهي بكن الامر بأن تكونن خادمات للاثيوبيات.

  4. يا سبحان الله بالأمس القريب نسمع بت دكتورة ذهبت إلى السعودية لتعمل خادمة عند السعوديات واليوم نسمع أن السودانيات لديهن خادمات ،، لكن السؤال الذى يبادر في ذهنى عندما تذهب خادمة سودانية لتخدم في بيوت العرب في الخليج ثم تجلب لها خادمة أخرى لتخدمها يعنى خادمة تخدم خادمة أخرى طيب كيف تدفع خادمة لخادمة أخري ،،

  5. نعم يمكن ان تنفذ المقاطعة وبنجاح تام …. اذا ربط آدمك المريلة ونزل معك للمطبخ وبدأ يساعد في تقطيع البصل وتقشير التوم وفرم الملوخية وغسل الأواني وحمام الأطفال وتغيير البامبرز وغسل وكوي الثياب …. وتنازل آدم لتحت ، من علاه الفوق وادرك ان الحياة الزوجية مشاركة لا استبداد بالرأي , وان الرجولة هي تساعد زوجتك في كل شيء وحتي حفرة الدخان تحفرها بنفسك … ساعتها سوف تفك القيود من يديك ورجليك وتكوني سيدة بيتك ولن تستعمرك واحدة من دول الجوار وحتي لو كانت مصنوعة من الدهب ( وانت جميلة وملكة بتملى العين يا بت بلدي يا بلدي )
    ولكن المصيبة ان آدم السوداني لا يفعل ذلك ويعتبره من صميم عمل المره … يقال ان احد القرويين جاء الي الخرطوم بصحبة زوجته وزار احد اقرباءه وفي مساء اليوم جاءته زوجته وقالت له يا أبو مريم ارح نزور ناس فلانة … فغضب الزوج غضباً شديداً ملوحاً لها بأصبعه امام عينيها ويقول لها يا مره، يا مره ارعي بقيدك انتي قايداني ولا انا قايدكي

  6. انتن أضعف من مجرد التفكير في هذا الفقد الجلل واكثر لانكن اصبحتن ( كالدبة) اذا مشت تعبت واذا جلست نامت وهاك لما تصحى وتدخل المطبخ وان دخلت لا تفعل شيء .. كان الله في عونكم وكان الله في عون الاسرة و الحل الرجال يتزوجوا الخدامات ويخلوهم في البيت

  7. 【* ولكن.. مؤخراً برزت على السطح أزمة حقيقية وفادحة في وجود (الشغالات), ويعزو الكثيرون ذلك لارتفاع أسعار الدولار بحيث لم تعد التحاويل التي تبعثها هؤلاء الفتيات إلى ذويهن مرضية.. فآثرن البحث عن مهن أخرى أعلى أجراً _ ولا تسألوني عن ماهية تلك المهن فاللبيب بالإشارة يفهم _ واعتزلن الأعمال المنزلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتركننا هكذا في حيرة وقلق بعد أن اعتمدنا عليهن كلياً ولم نعد نطيق منازلنا دونهن.】

    اخجلي يا أمة الله!

    تحريم القذف وعقوبته

    سورة النور(24)

    قال الله تعالى: {والَّذين يرمونَ المُحْصناتِ ثمَّ لم يأتوا بأربعةِ شهداءَ فاجلِدُوهم ثمانينَ جلدةً ولا تقْبَلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك همُ الفاسقون(4) إلاَّ الَّذين تابوا من بعدِ ذلك وأصلحوا فإنَّ الله غفورٌ رحيم(5)}

  8. نحن السودانيون نعاني من كسل مزمن مافي عمل في البيت يستدعي وجود خدامه اصلا ولو امتلكنا بترول الخليج كنا استعبدنا بعض اكثر واستقدمنا خدام اكثر ولذلك كان الفقر صديقا لنا وانفصل الجنوب حتي لا نذهب اكثر في الغلو والدلع والهنجكه ان الله بكل شي عليم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..