من حكايا الملوك

*(إن أي مركز مرموق كمقام ملك ليس
إثماً بحد ذاته، إنما يغدو إثماً حين يقوم
الشخص الذي يناط به ويحتله بسوء استعمال
السلطة من غير مبالاة بحقوق وشعور الآخرين..).
– شكسبير-
ـ 1 ـ
.. يحكى أن ملكاً سعيداً “ككل الملوك” كان يحكم بلداً واسع الأرجاء، كثير الخيرات، تجاوره من أنحائه المختلفة أربع مملكات وبحر…
كان لا يعكر صفو سعادته سوى الخطر الكامن في أطماع جيرانه بخيرات البلاد، فكان يعكف مع نفسه ووزيره وقادة جيشه الساعات الطوال بغية تقوية الجيش وتدريبه للحفاظ على أمن البلاد، ونوم مواطنيه باطمئنان..
أما القضية الثانية التي كانت تشغل ملكنا السعيد فهي ابنته (سعف النخيل)، الأميرة التي يصفها سكان البلد إنها شعلة من الفطنة والحركة، فكانت لها من القصص والمتاعب ما أثر على سعادة الملك… سيما أنها تعدت عامها الخامس بعد العشرين دون أن تختار زوجاً لها، بالرغم من أن ملكاً من ملوك ذاك الزمان لم يتأخر عن طلبها لواحد من أبنائه، أولاد ملوك، وزراء، قادة جيوش…
لكن ابنة الملك السعيد كانت ترفض الجميع. فقد كانت تشترط على المتقدم لخطبتها أن يحاورها، كانت ترغب في زوج يفوقها فطنة وذكاء…. وما وجدت الأميرة صاحب تلك الفطنة، حتى أنها صرحت لوالدها بعد اعتذارها سلفاً لما ستقوله، وكان ذاك بعد حوار لها مع أحد أولاد الملوك.
ـ مولاي الملك أستميحك عذراً وأستثنيك فيما سأقول، إن الملوك وأولادهم يفتقدون إلى الذكاء والحكمة…
ـ وكيف أقمت هذا الحكم يا بنيتي؟…
ـ أبتاه، إن الملوك يتوارثون الغباء، لأنهم يعتمدون دائماً في قضاياهم على الوزراء، يبحثون عن وزراء حكماء ويعتمدون عليهم في كل ما يخص شؤون الملك والبلاد والعباد.
وقد امتد الحديث بين الأميرة والملك، وتشعب إلى كل حدب وصوب من قضايا الممالك المجاورة ومملكتهم العامرة، وشؤون البشر، ودواخل الشعب.
ووصل الحوار إلى سؤال الملك لابنته سعف النخيل.
ـ ومن يا بنيتي، يدبر أمور البيوت، الرجل أم المرأة؟ الملك أم الناس؟..
ـ الرجل هو الذي يخب ويتعب ويجني، أما المرأة فتساعد فقط في إكمال مشهد الحياة… وأما الملك فلا يفيد الناس إلا بما يدعم جلوسه فوق العرش وتحت التاج، فالناس هم الذين يرفعون المملكة ويدعمون قوتها..
هنا صرخ الملك منزعجاً، وغضب على سعف النخيل، وأمر بحجزها في غرفتها حتى يزوجها لمن يشاء في أقرب وقت..
ـ 2 ـ
قبل أن تنهال الطلبات من أمراء، ووزراء، وقادة، و… ومجانين لمصاهرة الملك، دخل الحاجب على ملكه، وأخبره أن في الباب امرأة عجوزاً تصر على مقابلة مولانا الملك، وأقسمت أنها لا تتحرك عن بابه ما لم تقابله..
دخلت العجوز المنحنية القامة، مما أعفاها من الانحناء، وبادرها الملك:
ـ ماذا تريد أمنا العجوز؟..
ـ سيدي الملك، إن لي ابناً يظل سطيح فراشه، لا يقوم إلى عمل ولا يسعى إلى رزق، وقد هدتني السنوات، فلم أعد أستطيع العمل وتلقيط الرزق والقوت والوقود، ولم تنفع طريقة في جعل هذا الولد يشفى من علته وخموله، استشرت كل من يستشار، عرضته على أشهر أطباء البلاد، وجربت معه وصفات كل السحرة، ولم أصل إلى نتيجة… سيدي الملك أنت آخر من نصحت باللجوء إليه، عسى ولعل ابنتكم الكريمة تجد لنا حلاً بفطنتها، فابني تجاوز الثلاثين ولا زلت ألقمه الطعام بيدي و… قطع الملك حديث المرأة العجوز، وطلب من وزيره:
ـ الق هذه المرأة الخرفة في السجن، لأنها تلهينا عن شؤوننا الكبيرة بصغائر الأمور…
قبل أن يقفل باب السجن خلف المرأة العجوز، خطر للملك السعيد خاطر ونفذه على الفور. فقد قرر تزويج الأميرة من الرجل الخمول طريح الفراش لغاية في نفسه… فحرر العجوز من السجن وأرسل معها الأميرة مخفورة، إلى بلدتها في أقاصي المملكة بعد أن أبلغها بعدم زيارته، وطلب تنفيذ قراره من حراس القصر الملكي..
ـ 3 ـ
لم يك الملك يبغي ما قاله للحراس.. لكنه أراد أن يلقن ابنته درساً قاسياً وكان يكاد أن يتيقن أنها ستعود إليه صاغرة لأحكامه، وطائعة لأوامره وآرائه.. وأنها ستعود إليه عذراً، كما ذهبت، معتمداً في ذلك على وصف المرأة لخمول ابنها.
بعد أن مل الملك من إرسال مبعوثيه إليها، للعودة إلى أحضانه وإلى قصره.. وبعد أن مرت على تلك الليلة التي غادرت فيها قصره عشرون سنة، كان قد تولى على مراقبتها من العيون والبصاصين لنقل أخبارها إلى الوالد المشتاق لوحيدته، أكثر من ألف شخص.. أعلن ملكنا غير السعيد آنئذ، جائزة كبرى تعادل مائة ألف درهم لمن يدله على طريقة تعود بها الأميرة “سعف النخيل” إلى القصر كي ينعم بقربها إلى جانبه في أواخر أيام عمره، وكي يطمئن إلى أن المملكة صائرة لأمرها من بعده..
في ذلك اليوم استقبل الملك وودع آلاف المجانين الذين برعوا في عرض اقتراحاتهم التي لا تجدي نفعاً، وأغلبهم كان يدور في فلك عودتها مأسورة بالقوة، وهي طريقة يرفضها الملك لعودة ابنته إلى ظلال جناحيه… أو طرق تعتمد على الحيلة، وهذه محكوم عليها بالفشل لأنه يعرف مقدار فطنة ابنته ومقدرتها على كشف تلك الألاعيب…
في ذلك اليوم ظهر في القصر قبيل الغروب، أي بعد أن كاد الملك يعدل عن قراره وإلغاء الجائزة… ظهر في القصر شاب طويل أسمر، ذو عينين تشعان ذكاء وغطرسة..
وقال للحراس بحزم: أريد مقابلة جدي الملك…
إن حراس القصر الملكي لا يسمعون، ولا يتكلمون، ولا يرون، إلا ما يريده كبير الحراس الذي يسمع فقط ما يجعله كبيراً للحراس في القصر، ويتكلم ما يريده الوزير، ويرى على جلالة الملك ما يراه الملك نفسه… لذلك فقد امتنع الحراس عن السماح للشاب بالدخول، وامتنعوا عن السماح له بالمغادرة منذ نطق تلك الكلمة: جدي الملك…
أما كبير الحراس فقد استطاع أن يستغل وجود الملك في الحمام، ليأخذ رأي الوزير في المسألة… وكان الوزير لا يرغب في دخول حفيد الملك، لكنه اضطر صاغراً للإيعاز لكبير الحراس لإدخاله، فقد فكر في سريرته أن الأميرة سعف النخيل قد أرسلته، وهذا يعني أنها ستكتشف امتناع الوزير عن إدخال الحفيد إلى القصر، وبالتالي لن تعدم الوسيلة كي توصل الخبر إلى والدها، الذي قد يفكر في عزله…
وقف الشاب في حضرة الملك… وقبل أن ينطق حرفاً واحداً، طلب من الملك أن يخلي القاعة من الحضور… وبقي الوزير… فقال الحفيد لجده: وهذا أيضاً…
وبإشارة من الملك غادر الوزير..
قال الملك لحفيده: كيف أمك يا بني..
ـ علمها عند الله..
ـ كيف كانت قبل أن تودعها…
ـ كانت… وبكى الحفيد مدراراً من الدمع. فأبكى الملك.
قال الحفيد: يا سيدي الملك، قالت لي أمي لا تتكلم في حضرة أحد وما تكلمت..
وقالت يا سيدي قبل أن تفوه بكلمة اجلس على العرش، فأجلسه..
وقالت لا تتكلم قبل أن تجلس تحت التاج.. فوهبه التاج ليلبسه… ووهبه جبة الملك وكل رموز الملك.. فقال الحفيد أخيراً كل ما أراد أن يقول:
يا جدي الذي كان ملكاً.. لقد خدعك وزيرك تلك السنوات… فلقد كان هو من أرسل جدتي العجوز إليك ذات يوم، واقترح عليك بتزويجها أبي، كان يريد الخلاص من أميرتك الفطينة.. ووالدي لم يكن سوى فارس شجاع يمكث في سجن الوزير، وقد حرره عند قرارك بتزويجهما، ووصل بلادنا قبلها إذ جند له الوزير أفضل جياده ليصل بالسرعة المطلوبة… وكان أبي فارساً شهماً تعرض مع مجموعة من فقراء البلد لبعض التجار والمنتفعين في الدولة، حتى أصبحت البلاد لا تطاق بغلائها وعدم صيانة قوت ووقود وأمن مواطنيها..
أخبر الفارس ابنتك بحقيقة أمره، ورفض خداعها… وأنت تعرفها، فكل ما قالته لأبي:
ـ إنني وجدت فيك من بحثت عنه طويلاً، وأنت الرجل الذي يستحق أن يملكني، واستحق أن أعيش في كنف بيته…
ـ قبل أن يتم العام على زواجهما، دبر وزيرك مكيدته لأبي فقتله، إذ أنه عاد إلى مقاومة الفساد والمفسدين مع الذين يحلمون بخبز وتمر أرخص مما هو الآن… وحتى يحصل صاحب الحق على حقه، لا أن يأكل القوي حق الضعيف كما هو كائن…
بعد عام آخر دبر وزيرك مكيدته لأمي فقتلها، لكن جدتي أخفت الخبر وتدبرت أمر الجسد الميت… فاحتار الأمر على الوزير الذي قتل الفاعل بمجرد أن أخطره بتنفيذ المهمة، وما عرف الوزير حقيقة الأمر.. وظلت جدتي تخدع البصاصين طيلة سنوات وتقنعهم بوجود أمي على قيد الحياة، وأنها مسافرة مع ابنها إلى بلاد لا تعرفها…
وهكذا نجوت أنا من مكائد الوزير.. وتسرب دم أبي ودم أمي إليّ… فها أنا الملك الآن، وأنت جد الملك…
ـ 4 ـ
وبالرغم من حزن الملك الشديد على فقد ابنته، التي كان يأمل حضورها في كل ليلة من تلك السنوات، وهو لا يدري شيئاً عن مصيرها. وبالرغم من انكساره لمعرفته أنه كان مخدوعاً من وزيره الذي أولاه ثقة عمياء طيلة تلك السنوات.. فإنه تماسك وأبلغ الملك الجديد أنه يهبه الملك عن طيب خاطر، وأنه يجده شبيهاً بأمه إلى درجة جزم معها الجد أنه لا يشعر الآن بفقدها وقد رأى حفيده على ما رآه فيه من شجاعة وقوة وفطنة..
آنئذٍ حدثت جلبة في القصر، انتبه لها الملك المخلوع عن طيب خاطر والمخدوع عن غير خاطر..
فقال الحفيد:
إنهم قواتي يقتادون وزيرك الذي كان يتنصت خلف الباب لحديثنا… فلقد خططت لكل شيء… فقد كان الاتفاق أنه عندما تسقط الشمس في البحر تكون فرقة الخيالة قد سيطرت على كامل سور المدينة، وبعد حركة أخرى فإن فرقة الجنود الطلائع تكون قد احتلت القلاع… وبعد حركة أخرى فإن الفرقة الخاصة قد احتلت هذا القصر..
ويكون الوزير قد اقتيد إلى الساحة العامة لينال عقابه..
ـ 5 ـ
وبالرغم من غياب الشمس، وشروقها أيضاً، فلا تزال بعض فلول الوزير لا تصدق ما حدث… ولا تزال تشاغب وتقاتل جموع الناس الذين انضموا إلى جهة الـ…
[email][email protected][/email]
اشهد انك بارع فى الحجى وكأنك تربية القرى والحبوبات فى
الايام الخوالى- واعتقد ان سردك الذى أعاد لى ماض سحيق فى محبة الحبوبات والنوم احيانا فى منتصف الحجوه افضل بكثير من حكايات الف ليله وليله-
وبما ان هذا العصر قد تمرد على الملوك واشباهم من الاباطرة وتبنى الديمقراطيه فلا سبيل لتحميل الوزر ظهور المستوزرين لان ذلك تراث قد خلى -وشعار اليوم هو ان لا حياة لشعب يحكمه الملوك والاباطره-وفى الديمقراطية الحقة فالكل راع ومسؤول عن حقوقه وواجباته- تحياتى وودى لاحيائك تراث القيم والخيال المبدع للاطفال واتمنى لك الباع الطويل فيه
اشهد انك بارع فى الحجى وكأنك تربية القرى والحبوبات فى
الايام الخوالى- واعتقد ان سردك الذى أعاد لى ماض سحيق فى محبة الحبوبات والنوم احيانا فى منتصف الحجوه افضل بكثير من حكايات الف ليله وليله-
وبما ان هذا العصر قد تمرد على الملوك واشباهم من الاباطرة وتبنى الديمقراطيه فلا سبيل لتحميل الوزر ظهور المستوزرين لان ذلك تراث قد خلى -وشعار اليوم هو ان لا حياة لشعب يحكمه الملوك والاباطره-وفى الديمقراطية الحقة فالكل راع ومسؤول حقوقه وواجباته- تحياتى وودى لاحيائك تراث القيم والخيال المبدع للاطفال واتمنى لك الباع الطويل فيه
نفتغر في هذا الزمان لوجود سعف النخيل
تحياتي لك يا دكتور اليعقوبابي.
حقيقة يا الدكتور مستواك الحقيقى ظهر فى القصة دى ….. ايوه اكتب مثل هذه القصص و انشرها فى كتب سميها (مجموعه خيبه الرجاء وبئس المصير)…
المشكلة الوحيد الاطفال ما قاعدين يقرو الراكوبه عشان طده رسلها للمدارس عشان يحرروها فى الجريده الحائطيه…..