أسف الحكومة وابتزاز أمريكا

أسف الحكومة وابتزاز أمريكا
أسماء جمعة
تعامل حكومة المؤتمر الوطني مع كثير من القضايا منذ منتصف التسعينات أدخل السودان في سلسلة إجراءات عقابية طويلة من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن خسر السودان الكثير بدأت الحكومة تحاول جاهدة تصحيح الأمور ولكن بطريقة خطأ من خلال إرضاء أمريكا، فظلت تقدم لها التنازلات، إلا أن أمريكا تبلغها كل عام إنها غير راضية عن موقفها وإن ما بذلته من جهد غير مقنع، فلا تملك الحكومة غير الأسف والاحتجاج الدبلوماسي والتذكير بما قدمته من تعاون وتنازل، وتنسى دائماً إن هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية، بنت كل هذه العظمة من ابتزاز واستنزافآ.
أول أمس أعربت الحكومة السودانية ، عن أسفها لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمديد حالة الطوارئ الوطنية المفروضة على السودان منذ عام 1997، في الوقت الذي تتواصل فيه جهود التعاون بين البلدين ويمضي الحوار بينهما إلى مراحل متقدمة كما تقول الحكومة، وهي ترى أن الخطوة جاءت لاعتبارات إجرائية وقانونية خاصة بالإدارة الأمريكية وأن الأمر غير مقبول، خاصة وإنها تعاونت مع الإدارات الأمريكية الخمسة بما يكفي ووصفت التصنيفات الأمريكية لها بالتناقض وعدم الموضوعية، ولكن عزا الرئيس الأمريكي قراره للإجراءات والسياسات التي تنتهجها الحكومة السودانية، والتي لا تزال تشكل تهديداً استثنائياً وغير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتأسف فيها الحكومة على قرارات الولايات المتحدة التي تمارس عليها التأديب بالابتزاز، والمؤسف إن أسف الحكومة دائماً مبني على قناعتها الشخصية ورؤاها القاصرة، فهي تعتقد أن الإدارات الأمريكية مثلما لها مصالح شخصية مربوطة بمصالح الدولة، وعليه فإنها يمكن أن تجاملها، ولكن لأن أمريكا تفهم الحكومة جيداً وظلت تستخدم معها سياسة النفس الطويل، ويبدو أن ابتزاز الحكومة يحقق لها مصالح كثيرة ولأنها لم تخلص بعد فهي كل عام تخبرها إنها غير راضية عنها وتشجعها على بذل مزيد من الجهود حتى تنال رضاها فتواصل الحكومة التعاون المبني على التنازل.
مشكلة الحكومة السودانية إنها تستخدم أسلوبها المحلي في التعامل مع أمريكا، وتعتقد أن سياسة اللف والدوران ستنجح معها مثلما تنجح على المستوى المحلي، والمشكلة الأكبر تكمن في أن الحكومة لا تفهم أبداً أن أمريكا تمارس عليها الابتزاز وربما هي سعيده بهذا الابتزاز، وعليه المشكلة ليست في أمريكا وإنما في الحكومة التي تعتقد أن أمريكا هي عصا موسى التي ستحقق لها أمنياتها، وفي الحقيقة هي أيضاً معذورة فلولا الولايات المتحدة لما بقيت في السلطة كل هذا الزمن .
عموماً السودان قادر على أن يكسب رضا أمريكا وأن يجعلها هي تقدم له فروض الولاء والطاعة ويمارس عليها نفس الابتزاز دون أن يخسر زمناً ولا جهداً ودون أن يقدم أية تنازلات مهما كانت صغيرة، ولكن هذا يحتاج إلى حكومة طبيعية سليمة معافاة من كل الأمراض ح كومة تفهم أن السودان دولة حقيقية تملك كل المقومات التي تجعلها تحقق كل ما تريد دون أن تتنازل وتتأسف.
التيار