١٩ الجاري.. اعتصام الشعب

وقف رئيس النظام البشير في مدينه كسلا بشرق السودان متحدثا بغضب امام حشد متواضع من الحضور، شكل معظمه لاجئي دول (القرن الافريقي) الذين اجبروا علي حضور الخطاب تتقدمهم اعلام دولهم ،مشهد يمثل الجزء الثاني من مقاطعه الشعب لرئيس النظام التي بداءت بالمقاعد الخاليه بالساحه الخضراء، توكد عزم السودانيون بقلب رجل واحد انهم يريدون اسقاط النظام ومحاسبه مجرميه ،
اتي اجبار هؤلاء اللاجئين الذين لا حيله لهم علي الحضور عنوانا لعده ملفات اهمها صراع اجهزه المخابرات ( للاسف داخل حدودنا) ورساله واضحه من المخابرات الارتيريه تقول( نحن هنا!!) جزء من لعبه ترميم بقاء النظام ولدينا فاتوره واجبه السداد ،،وقد بدات هذه اللعبه منذ فتره ليست بالقصيره ،كانت اقوي رسالتها استقبال البشير في بورسودان بواسطه الرئيس اسياس افورقي وامتدت حتي هروب معتمدكسلا وجلبه بواسطه المخابرات الارتيريه ،وفاحت روايحها النتنه في تقارير دوليه تشير الي أن عصابات الاتجار بالبشر ماهو الا تحالف بين الأمن السوداني والأمن الارتيري ،والمحت الي اختراق واضح في جانب امن للنظام السوداني الضعيف .
يجب علينا الالتفات بصوره واضحه الي مطامع دول الجوار الشرقيه التي اعلنت بشكل فاضح في اراضي كسلا و الفشقه وطوكر ،تلك المطامع التي التي اتخذت في بعض صورها شكل احتلال كامل وسط ضعف للنظام ،وقله حيلته والرضوخ الكامل للواقع المفروض عليه من تلك الدول ،التي لم تكتفي باحتلال اراضينا بل خاطبت الامم المتحده بان لها حقوق تاريخيه في تلك الأراضي . واصفه اتفاق لتبادل كسلا وقنبيلا انه غير شرعي .
في ظل نظام معزول عن شعبه اتي في ساعه غفله ،ومقاطع دوليا ،تستشري فيه بثر الفساد وينعدم فيه الضمير الوطني يكون ابتزازه سهلا ويحقق الجميع فيه اطماعه وها هو يعرض العرض والسياده ثمنا بخسا لاستمراريته.
نعود الي مخاطبه البشير ( الذي حار به الدليل ) لمواجهه رفض الشعب له و مقاطعته،فخطابه في كسلا كان من شاكله الخطب الاخيره لكل من هو في مزبله التاريخ من الدكتاتورين الذي قضو نحبهم باراده شعوبهم ،فقد اتي خطابا موتورا ملئ بالوعيد،والاصرار الكاذب علي التشبث بسلطه مسروقه ليس لديه من مقوماتها اي مقوم ،فجاء الخطاب علي نهج (قذافي) ملئ بالبذاءة والتحدي والجهل وعدم الموضوعيه ، والقفز فوق الواقع وتجاهله ، خطاب يشهد بعزلة ملقيه ،يعطي صاحبه كتابه بشماله، ويعجل بذاهبه الي مزابل التاريخ.
بني البشير خاطبه علي تحدي غضب شعبه ،مغالطا حقيقه اننا كشعب سئمنا و كرهنا هذه الشكاله من الخطب المستفزه لاردتنا وحقوقنا وكرامتنا ، وتنطوي علي تجاهل لب الاشكالات وهي فساد منظومه حكم احالت البلاد الي جحيم لايطاق ، تتناسي الفشل في كافه المجالات ادي الي انهيار كامل في جوانب الاقتصاد والقيم الاخلاقيه، لم يشر الخطاب الي اي خطوه لاصلاح الاوضاع، وكان واضحا نضوب كل مستقعات الكذب للبشير وبطانته ،وتبقي له فقط خيار الارهاب الذي لن يجدي مع شعب عبقرى وهصور ، توارث الثوره باسرارها السرمديه جيل عن جيل .
نسف البشير بخطاب كسلا توقعات كل العقلاء ( كعادته دوما) التي كانت تخمن انه سوف يتجه الي للتهدئه والاعتراف بصعوبه الاحوال المعيشيه ويوعد بمحاربه الفساد ،والعمل علي تحسين الاوضاع وفتح الباب لسماع الاصوات المحتجه وان للجميع حق المشاركه في بناء وطنهم ،ولكنه اثر الذهاب بعيدا في سياسات الاقصاء والارهاب (الجينات الاساسيه) لاي دكتاتور ،كما يقول المثل ( عرق الحنظل لو رويته من ماء الكوثر عند حصوله يعود لاصوله) .
انعدام الامل في اي صوت عقل للطغمه الحاكمه يترك لنا كشعب خيار وحيد هو مواجهه هذا النظام المستبد لاقتلاعه، ومحاكمه مجرميه ،و الخط الاول في هذه المواجهه هو حركه تجمع شباب العصيان التي انتظمت وانجحت محاولاتها الاولي في السابع والعشرين من نوفمبر وتعد عدتها لعصيانها الحاسم في التاسع عشر من الشهر الجاري ،ومطلوب من جماهير شعبنا التفاعل معها ،،اما من لجان العصيان فمطلوب منهم التوحد والتعامل الشفاف دون محاولات احتواء العمل الوطني ،فهذه مهمة الجميع وهي ملك لكل الشعب السوداني في نضاله تلاث عقود للانعتاق من هذه الطغمه دفع الجميع ثمنها قتلا وقهرا وتشريدا وافقارا انها زبده نضال تراكمي وضع فيها الجميع طوبه للبناء
اخيرا نقول لاساطين النظام لقد ضربنا معكم موعدا في التاسع عشر من هذا الشهر ،فاعتصموا باله قهركم وارهابكم وسنري فان لا عاصم ذاك اليوم الا الشعب ،رفعت الاقلام وجفت الصحف.
منتصر عبد الماجد
[email][email protected][/email]
لا يمتلك النظام ازاء عصيان 19 ديسمبر المعلن الا اللجوء لحجب خدمة الانترنت عن البلاد. ويأتى هذا فى ظل خيارات الحكومة المحدودة فهى لا تعرف الا القمع و اراقة دماء المعارضين والتنكيل بهم والعصيان يحرمهم من اللجوء لاستراتيجياتهم التى يعرفونها ويجرهم لميدان معركة لا يجيدون اسلحتها. على الارجح ستلجأ الحكومة للضغط على الشركات المقدمة للخدمة وذلك عن طريق صفقات ربما للجوء لواحد من من الخيارات التالية وهى:
1- تعطيل الخدمة بصورة كبيرة الشئ الذى سيفقد المشتركين القدرة على الاتصال بالشبكة بفاعلية وهى بهذا الامر تضمن دفع المشتركين للرسوم كاملة و تدفعهم لليأس من جدوى العصيان بابقائهم مغيبين عما يحدث حولهم وبتعطيلهم لساعات طوال امام شاشات لا تستجيب وبالتالى تحييد عدد كبير من النشطاء الذين سيفقدون وقتا ثمينا على امل ان تشبك اجهزتهم. فى هذه الحالة اظن ان الخيار الامثل هو التوقف تماما عن الاشتراك بخدمات الانترنت وذلك للضغط على الشركات لاعادتها وتخفيف الضغط على الشبكات لاتاحتها للطوارئ.
2- الخيار الثانى هو ان تلجأ الشركات للحجب الجزئي لمواقع التواصل الاجتماعى مثل الفيسبوك وتويتر والمواقع المشهورة كالراكوبة وسودانيز اونلاين الخ الخ…بهذه الحالة ستكون الشركات واصلت جمع الاموال والارباح وبنفس الوقت ارضت الحكومة نوعا ما. الحجب التام سيؤدى لفقدان اموال الاشتراك الكثيرة والتى ستمثل خسارة كبيرة للشركات الا فى حالة قيام النظام بتعويضها ماديا عن خسائرها.
يمكن التغلب على الحجب الجزئي باستخدام برامج الVPN المختلفة مثل Hotspot Shield والمواقع مثل Ultra Surf والتى من الممكن ان تساعد على تخطى الحجب الحكومى وبسهولة شديدة وتجعل الدخول لهذه المواقع المحجوبة ممكناً.
هناك ايضا منصات مواقع التواصل الاجتماعى مثل HootSuite الكندية والتى ساعدت الثوار المصريين لفترة من الزمن وذلك بعد حجب مواقع مثل تويتر وغيرها فكان المشترك يرفع مشاركاته على موقع الشركة والتى كانت تقوم بدورها بوضعها على المواقع المحجوبة لكن تم حجب موقع الشركة الكندية لاحقاً بعد انتباه الحكومة المصرية لدورها.
3-الخيار الاخير وهو المستبعد (على الاقل بالنسبة لى الآن) هو الحجب التام لخدمات الانترنت. فاذا تم اللجوء الي هذا الخيار فهو يصبح مؤشراً للوضع المزرى والكارثى الذى يعيشه النظام وهو تعبير عن مازق النظام الذى لا فكاك منه حيث انه خيار لا تلجا له حكومة ما الا اذا وصلت مرحلة اليأس وتيقنت من فشل كل محاولاتها للسيطرة على الوضع. واذا تم اللجوء لهذا الخيار فليبشر الجميع بزوال النظام بوقت قصير جدا. رغم ضعف احتمال اللجوء للحجب التام لكنه يظل خيارا قائما لا سيما بعد ما شهدناه من الاحباط الذى تعيشه قيادات الانقاذ وتصريحاتها التى توضح فقدان البوصلة عندها. اذا لجأ نظام الجبهة الاسلامية القومية لحجب الانترنت تماما فان الامر لن يطول وذلك لارتفاع التكلفة على الشركات وعلى الحكومة حيث سيفتح هذا الامر عليها ابوبا من جحيم وسيلفت نظر العالم بصورة سريعة جدا لمتابعة ما يدور بالسودان ولا ننسى ان ترامب متحفز للنيل من كل الديكتاتوريات الافريقية القديمة لاسيما تلك المتدثرة بالارهاب والتى استنفذت اغراضها وباعت كل ما لديها من معلومات للسى اى ايه.
فى حال لجأت الحكومة لهذا الخيار يمكن مناقشة ما يمكن عمله بالنظر للنقاط التالية:
ظهرت بعض الدعوات على الفيسبوك وتويتر لتفادى هذا الامر و هى تنصح بارسال رسائل لمارك زوكيربيرغ تدعوه لتوفير الخدمة فى حالة قطعها عن البلاد.لكن مارك لا يملك حلا الآن وذلك لانه و فى سبتمبر الماضى تعطلت احلامه بتوفير انترنت لاجزاء من الدول الافريقية وذلك بعد تحطم الصاروخ Falcon 9 والذى كان يحمل قمرا صناعيا لذاك الغرض. كان الامر سينجح اذا تم اطلاق الصاروخ بنجاح وتم وضع القمر الصناعى بمداره ولكن فشله سيجعل من ارسال رسائل او عمل هاشتاغات لمارك امر غير ذى جدوى. توجد الآن اقمار صناعية كثيرة غير فالكون 9 وهى تقدم خدمات انترنت لا تخضع لرقابة الدول ولكنها تحتاج لاشتراك ومعدات خاصة لاستقبال الاشارات وبثها…. الخ الخ الامر الذى لا يتوفر لكثيرين بالوقت الراهن.
اثناء حجب الانترنت عن مصر قامت شركات غوغل وتويتر وSayNow بتوفير خدمة Speak to Tweet حيث يمكن للشخص الاتصال برقم دولى و حفظ التغريدة بصندوق بريد صوتى ومن ثم يتم وضعها مكتوبة بموقع تويتر انابة عنه و اذا اراد احدهم متابعة التغريدات فان العملية تكون معكوسة حيث يتصل بالرقم الدولى و يستمع للتغريدات المدونة عبر صندوق البريد الصوتى. يمكن لنا الاتصال بشركتى غوغل وتويتر لتوفير خدمة مشابهة لما قدموه للمصريين وتخصيص ارقام دولية للاتصال ولكن يظل هذا الامر من الصعوبة بمكان نسبة لتكلفة الاتصالات الدولية العالية و لا يصلح لتنظيم حركة العصيان ولا التنسيق بين الناشطين ولكنه مجدى فى حالة بث الاخبار للخارج.
ايضا من الممكن ان يتم الرجوع لتقنية Dial-up القديمة والتوصيل بشبكة هاتف ارضى ومتابعة الخطوات المعتادة وقد ساعدت مجموعات مثل We Re-Build and Telecomix المصريين على استعادة الاتصال بالشبكة ويمكن لمن اراد التواصل معهم عبر موقع اى من الشركتين ولكن هذا الامر ايضا غير عملى وغير متاح لكثيرين من الشباب.
الحل الوحيد اثناء توقف الخدمة تماما هو العمل الميدانى واذا نظرنا للتجربة المصرية فان الثوار كانوا يتواصلون مباشرة للتنسيق مع اقرانهم بالمناطق المختلفة. يجب على منظمى عصيان 19 ديسمبر والاحزاب المعارضة تنظيم انفسهم بمجموعات وخلايا بمختلف الاحياء والعمل على التنسيق الميدانى مباشرة ونقل وتبادل الرسائل بصورة شخصية فى ظل رقابة الامن على الاتصالات. ولربما يكتب التاريخ للركشة والامجاد انجازات جديدة.