الاتحاد الأفريقي يبحث «مقاربة جديدة» لتحقيق السلم والأمن في القارة

هيمنت ملفات الأمن والسلم، خصوصاً الانقلابات العسكرية، على نقاشات قادة أفريقيا الذين اجتمعوا أمس (السبت)، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في إطار القمة الخامسة والثلاثين العادية للاتحاد الأفريقي، بل وارتفعت مطالب بضرورة وضع «مقاربة جديدة» للوقوف في وجه مخاطر عدم الاستقرار التي تهدد قارة توصف بأنها الأفقر في العالم.
القمة الأولى التي تعقدها دول الاتحاد الأفريقي حضورياً منذ عامين، أي منذ بداية جائحة «كوفيد – 19»، بدأت بجلسة مفتوحة ألقيت فيها خطابات وعرضت تقارير، قبل أن يدخل القادة في اجتماعات مغلقة، ستنتهي بإصدار البيان الختامي اليوم (الأحد)، من المتوقع أن تهيمن عليه قضايا الانقلابات العسكرية والحرب على الإرهاب، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية لجائحة «كوفيد – 19».
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، في خطابه أمام القادة الأفارقة، دعا إلى أن تكون المقاربة الجديدة «قائمة على إعادة التفكير حول هيئاتنا لتحقيق الأمن والسلم، وعلاقتها بعوامل عدم الاستقرار المستجدة في أفريقيا»، وأكد الدبلوماسي التشادي الذي يقود أهم هيئة في الاتحاد الأفريقي، أنه «من دون إعادة التفكير بشكل جدي، فإن الشكوك ستحوم حول مستقبل مشروعنا البارز لإسكات البنادق في أفريقيا». وأضاف فقي محمد أن الوضع الأمني في القارة «مقلق»، بسبب توسع الإرهاب وازدياد بؤر التوتر وتصاعد وتيرة الانقلابات العسكرية، وقال إن «الوضع الأمني في القارة يتأثر عميقاً بتوسع وانتشار الإرهاب وموجة خطيرة من التغييرات غير الدستورية، ولكن هذين الظاهرتين بينهما علاقة سببية يعلمها الجميع. تجد الواحدة مبرراتها من انتشار وتوسع الأخرى». وخلص رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى التأكيد على أن «التوسع الخطير لقوى الشر (في القارة) يتطلب تحركاً دولياً أكثر قوة، وتضامناً أفريقياً مثمراً وملموساً، فمن المحبط رؤية التوجه نحو تدخلات غير أفريقية لدعم دول أفريقية تتعرض للهجوم، في الوقت الذي يعكس فيه التضامن الأفريقي قدراً كبيراً من الشلل تجاه جيران تلتهم النيران بيوتهم».
وخلال جلسة افتتاح القمة، تسلم الرئيس السنغالي ماكي صال، الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي من رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فليكس تشسكيدي، وقال الرئيس السنغالي في كلمته الافتتاحية، إن الاتحاد الأفريقي يحتفل بذكرى تأسيسه العشرين «وله أن يفخر بما تحقق في إطار مبادرات كبيرة، على غرار الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد)، وبرنامج تطوير البنية التحتية لأفريقيا (بيدا)، ورؤية 2063، بالإضافة إلى الإصلاح المؤسسي والسور الأخضر الكبير، وما حققه في مواجهة جائحة (كوفيد – 19)». ولكن الرئيس السنغالي الذي سيقود الاتحاد الأفريقي لعام 2022، قال إن «التحديات أمامنا تبقى كثيرة وملحة، خصوصاً في مجال السلم والأمن، ومكافحة الإرهاب، والحفاظ على البيئة، وفي مجالات الصحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية»، قبل أن يشدد على أن «تصاعد ظاهرة الانقلابات العسكرية تشكل مساساً حقيقياً بالديمقراطية والاستقرار المؤسسي في القارة»، وفق تعبيره. وكانت أفريقيا قد شهدت كثيراً من الانقلابات العسكرية والتعديلات غير الدستورية خلال العامين الأخيرين، وتصاعدت أكثر خلال الأشهر الماضية، للتعقد الأوضاع في كل من السودان وتشاد ومالي وبوركينا فاسو وغينيا، مع أوضاع مضطربة في جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا، بالإضافة إلى إثيوبيا التي تستضيف القمة الأفريقية على وقع تمرد عسكري عنيف.
رغم كل ذلك، حضر في نقاش القادة الأفارقة مطلب قديم متجدد، يتعلق بحصول القارة الأفريقية على أصوات أكثر في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إنه «بعد مرور أكثر من 7 عقود على تأسيس الأمم المتحدة، لا تزال أفريقيا شريكاً صغيراً، دون مساهمة أو دور هادف في نظام الحوكمة الدولية»، ودعا أحمد في خطاب موجه للقادة الأفارقة: «يجب أن نصر جماعياً على تبني طلب أفريقيا المعقول، لما لا يقل عن مقعدين دائمين، وخمسة مقاعد غير دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي ألقى كلمة عبر تقنية الفيديو، إن التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «بات أقوى من أي وقت مضى»، مشيراً في رد ضمني على مطالب الأفارقة بتمثيل أكثر في الأمم المتحدة، إلى أن «الظلم متأصل بعمق في الأنظمة العالمية، حيث يدفع الأفارقة الثمن الباهظ له». وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن «انعدام المساواة اللاأخلاقي الذي يخنق أفريقيا، يغذي الصراع المسلح والتوترات السياسية والاقتصادية والعرقية والاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان والعنف ضد المرأة والإرهاب والانقلابات العسكرية والشعور بالإفلات من العقاب». وبرز خلال القمة الخلاف الدائر حول قرار منح إسرائيل صفة «مراقب» في الاتحاد الأفريقي، وسط انقسام بين الدول حول القرار الذي سبق إرجاء الحسم فيه، وفي هذا السياق، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، إنه يجب أن يحسم «بنقاش هادئ بعيد عن أي توظيف سياسي». وأضاف فقي محمد أن الاتحاد الأفريقي «متشبث بدعم الشعب الفلسطيني في مسعاه المشروع نحو الحرية والاستقلال، وحقه غير القابل للتصرف في إنشاء دولته المستقلة إلى جانب إسرائيل، وفقاً للقرارات ذات الصلة للاتحاد الأفريقي القائمة على مبدأ حل الدولتين»، ولكنه في الوقت ذاته، شدد على أنه مقتنع بأن «منح إسرائيل صفة عضو مراقب، في توافق تام مع إعلان سرت الذي ينظم هذا الأمر». ويواجه قرار منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي معارضة قوية من طرف دول تقودها جنوب أفريقيا ونيجيريا والجزائر، فيما دعت السلطة الفلسطينية التي تتمتع بصفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، إلى عدم منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد، وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية في كلمة أمام القادة الأفارقة، إن منح إسرائيل صفة مراقب «مكافأة غير مستحقة» على ما سماه «الانتهاكات» التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني.
– ليبيا تطالب الاتحاد بدعم الانتخابات وإخراج المرتزقة
> طالب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، الاتحاد الأفريقي، بدعم إجراء الانتخابات الليبية، وخطط إخراج كل المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، والدعوة لعدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي. كما دعا المنفي «الأطراف المعنية» لتسهيل الوصول إلى توافق، يقود إلى انتخابات حرة ونزيهة تجنب البلاد الدخول في تحديات أزمة جديدة، والحفاظ على العملية السياسية، وإجراء انتخابات مقبولة النتائج من الجميع. وفي وقت سابق من اليوم، أعلن المجلس الرئاسي أن المغرب وافق على الانسحاب لصالح ليبيا في الترشح لعضوية هيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي. وقال المجلس إن ذلك التوافق جاء بعد لقاء رئيسه محمد المنفي مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، مشيراً إلى أن هذا التنسيق يأتي «في إطار تبادل الدعم والعلاقات المتميزة بين ليبيا والمغرب».
– رئيس وزراء فلسطين يلتقي الرئيس النيجيري ووزراء خارجية تونس ومصر وبوتسوانا
> التقى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أمس (السبت)، بالعاصمة الإثيوبية الرئيس النيجيري محمد بخاري، ووزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، ووزير خارجية مصر سامح شكري، ووزير خارجية بوتسوانا ليموجانج كوابي، كلاً على حدة، وأطلعهم على الانتهاكات الإسرائيلية التي أشارت إليها مؤخراً عدة مؤسسات دولية في تقاريرها، وخلصت إلى أن إسرائيل قد ارتكبت الجرم الدولي المتمثل في الفصل العنصري، باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وثمن رئيس الوزراء الفلسطيني خلال لقائه الرئيس النيجيري محمد بخاري، موقف نيجيريا الداعم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية. وأشاد أشتية خلال لقائه الجرندي، بالعلاقات الأخوية ما بين فلسطين وتونس، والدور التونسي المناصر للقضية الفلسطينية. أما وزير الخارجية المصري، فقد أكد موقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية، وأهمية تهيئة المناخ الملائم لإحياء مسار المفاوضات سعياً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
– الجزائر تؤكد أن العلاقات مع فرنسا في «منحى تصاعدي»
أكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الجمعة، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية تتخذ «منحى تصاعدياً». وقال لعمامرة إن «الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون لديهما علاقات جيدة على المستوى الشخصي». وأضاف الوزير أن «الاتصالات بين الرئيسين أخوية وتتميز بالثقة، لكنها لا تكفي للتغطية على المشاكل الموجودة. نحن كما أعتقد في منحى تصاعدي، رغم المصاعب». وفتح الوزير الجزائري الباب أمام عودة تحليق الطيران العسكري الفرنسي فوق الأجواء الجزائرية. وجدد رفض بلاده قرار منح إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي «دون مشاورات مع الدول الأعضاء»، ما أدى إلى «انقسام في الاتحاد الأفريقي».
الشرق الأوسط