الحكم .. قبل المداولة ..!

النظم الشمولية من شاكلة الإنقاذ لا تعرف الإعتراف بالخطأ وليس في أدبياتها تواضع مسئؤليها حيال الخضوع للمحاسبة و لا من نهجها اتباع مبدأ الإعتذار عنه حتى لو أثبتت السلطة العدلية أن الدولة ممثلة في أجهزتها التي يديرها بشر قابلون للخطأ والصواب هي المخطئة في حق جهة إعتبارية كانت أو فرداً عادياً !
فإذا أرادت دولة الديكتاتورية أن تسلب الناس مكوساً أو رسوماً دون وجه حق فإنها تقول لهم بكل بساطة عند إحتجاجهم على ذلك الإجراء .. إدفعوا الأول ثم إطعنوا في القرار!
ولعل الطُرفة التي أطلقها الظرفاء عند بدايات سياسة الهمبتة الإنقاذية كانت ابلغ تعبير عن ذلك الأسلوب .. إذ يقال أن أحدهم شاهد الرجال يتراكضون في كل الإتجاهات والخوف يملاء النفوس والعيون .. فسألهم عن الحاصل .. فقالوا إن الحكومة قررت أن تقطع عن كل رجل واحدة من عجلات الدفع الذكوري إذا كان له منها ثلاث !
فسألهم وهل أنتم من ذوي الثلاث حتى تركضوا خائفين هكذا ؟
قالو . لا طبعاً. ولكن جماعة الإنقاذ عادة يعدونها بعد القطع !
وعلى ذات النهج فإنهم يتعجلون نفي الشينة قبل التحقق من الخلفيات وحتى حينما يتضح أن روايتهم كانت كاذبة فهم لا يملكون الشجاعة الأدبية للتراجع عن ذلك النفي المتعجل !
ولعل قضية الشاب النقيب أبوزيد واحدة من الشواهد على ذلك ، بل أن رئيس الجمهورية عاد وسدر في غي المكابرة الى ابعد مدىً وهو الذي كان
( طناشه )
المتعمد سبباً في بهدلة الشاب الذي تحول من مدعيٍ يبحث عن حماية الحق العام الى متهم مدان
وذلك في بداية الأمر لعدم إحالة رئيس الدولة دعاوى الشاب التي أثارها بما يملك من مستندات ضد فسادٍ ما في أروقة أهم جهاز منوط به حماية المجتمع من كل أوجه الفساد والفوضي و تقع عليه مسئؤلية تحقيق الأمن والطمأنينة .. ثم عاد في حركة ظاهرة ومفضوحة و أصدر قراراً بإحالة رئيس المحكمة الدستورية التي أنصفت النقيب بالغاء الحكم الصادر ضده بل قضى قرار الدستورية أيضاً بانهاء صلاحيات المحكمة الشرطية التي أدانت الضابط الشاب في تحيز واضح للجهات التي إتهمها بإعتبار أنها كانت هي الخصم والحكم في ذات الوقت !
فالحكومات العاقلة وغير الخائفة والواثقة من تفويض الأمة لها لا تصدر أحكامها في قضايا الراي العام قبل اجراء التحقيق الدقيق لمعرفة أصل الموضوع .. فلا تحكم على من قام بفعل أياً كان حجمه بالجنون بعاهن القول أو تنفي حادثة إغتصاب قرية بحالها ثم تعود وتسمح بالتحقيق بعد أن يتم دفن الرائحة وتبديد الآثر أو وضع جرادة كبيرة في فم من يأتي للمهمة بعد غسل دماء القتيل وإخفاء البرهان والدليل!
لكن كل ذلك ليس بالأمر المستحيل في عهد الإنقاذ التي سيظل معها مبدأ الحكم قبل المداولة ما بقيت جاثمة فوق صدر العدالة التي ماتت تحت وطأتها .. عليها الرحمة وعلينا أجمعين !
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..