سعد الدين إبراهيم …في رحمة الله

غيب الموت بالأمس الأستاذ الشاعر سعد الدين إبراهيم . لقد كنت قد تعرفت عليه بحكم سكنه معنا في الحي الرابع بحلفاية الملوك , و أيضا بحكم تواجدنا في المنتدى الثقافي بحلفاية الملوك الذي كان أعضاؤه المؤسسون كل من الشعراء عبد الوهاب هلاوي و سعد الدين إبراهيم و محمد أحمد سوركتي و عبد القادر الصادق و اللواء محي الدين محمد علي و شخصي , و الملحنين أسماء حمزة و علاء الدين أحمد علي و ضياء الدين ميرغني , و مجموعة من المطربين . لقد داوم هذا المنتدى على نشاطه رغما عن المضايقات التي كانت سارية في بداية التسعينات , و السبب ليس لتأييد أعضائه للإنقاذ و لكن لتعايشهم معها , شأنها كشأن أي مرض مزمن يجب التعايش معه . كنا نلجأ كثيرا للرمز و نخلط القصائد العاطفية بمضمون التورية الذي يظهر المعنى القريب و يخفي البعيد , و رغما عن ذلك لم نكن ننجو من مداهمات أفراد الأمن أحيانا , فكنا نترك الباب مفتوحا ليدخل من يريد الدخول و يتأكد أننا نقول شعرا و نتناقش فيه ! لكن رغم ذلك لم يكن ينجو الأخ ضياء الدين من إستدعاءات الأمن !
تخرج الأستاذ سعد الدين من جامعة القاهرة فرع الخرطوم و عمل مدرسا في عدة مدارس آخرها كانت المدرسة الإنجيلية للبنات بالخرطوم بحري و كان يتعاون بالكتابة في عدة مجلات ثم عمل بعد ذلك بالصحافة ككاتب صحفي و رئيس للتحرير و كان له عمود ( الصباح رباح ) ثم عمود ( النشوف آخرتها ) . أستاذ سعد أشتهر بأغنية ( أبوي ) التي كتبها في شبابه و غنتها الفنانة منى الخير ثم حنان النيل , ثم أغنية ( عن حبيبتي بقولكم ) ثم ( العزيزة ) ثم ( ياهو دا السودان ) التي لحنها صابر جميل , بجانب ذلك فله أغنيات أخرى من تلحين أسماء حمزة و علاء الدين أحمد علي و ضياء الدين ميرغني . لقد كتب الأستاذ سعد القصة القصيرة و ألف بعض التمثيليات الإذاعية و أعد بعض البرامج منها برنامج ( من الخرطوم سلام ) و أتذكر زيارته مع فريق عمله لمحطة كهرباء بحري الحرارية و عمل مقابلة معي داخل غرفة التحكم و أيضا عمله لمقابلة مع العم حسن محمد صالح و أرجو من الأخ سامي المك أن يقوم بنسخ تلك المقابلة من مكتبة التليفزيون .
سوف يفتقد الناس في الحلفاية منظر الأستاذ سعد الدين عند الأصايل و هو يتخذ مكانا شرقيا بجانب قضيب السكة الحديدية حيث كان يحلو له التأمل بروحه الشفيفة في خضرة المزارع و في الفضاءات البعيدة و يصيغ درره . بعد توقف المنتدى الثقافي بالحلفاية بحكم السفر و مشغوليات الحياة و عند عودتي في اجازاتي السنوية من السعودية للسودان كانوا يتنادون رغم مشغولياتهم و يقيمون لي منتدى عند الأستاذ سعد الدين أو الأستاذة أسماء .
كنا نذهب في الأعياد لمعاودة الشعراء في العاصمة و كنا نبدأ الجولة بزيارة بيت عائلة سعد الدين في أم درمان في الحارة الخامسة , لكن لقد صار الأستاذ سعد الدين من مواطني الحلفاية بحكم سكنه فيها قرابة الثلاثة عقود متنقلا من بيت إلى بيت , و كذلك صارت عائلته بحكم الجيرة و معاشرة الأهل و ليجعل الله البركة في أبنائه , و عليه فيجب تخليد ذكراه في شارع أو ميدان أو قاعة عامة .
لقد صمت قلب الأستاذ سعد الدين و هو يقول خيرا , فطبق حديث الرسول الكريم المعروف و زاد عليه , يرحمه الله . لقد عانى سعد الدين ككل السودانيين الشرفاء من التمسك بجمرة المثل و الوطنية أمام هجمات الإفساد و التخريب , و كان لا بد لقلبه أن يصمت عند وصوله إلى مرحلة اللاقدرة على التعايش مع النظام القائم , و على غرار ذلك السبب سوف نفقد الكثيرين لاحقا !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لهو الرحمه والمغفره اخي الاستاذ بادي لقد عرفت الراحل من من قصص وحكابات (حكايات من حلتنا) اللتي كانت تبثها اذاعة امدرمان ولك الشكر
    اخوك سوداني حر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..