الحركة الإسلامية هل من طور جديد؟؟

قال لي أراك تنتقد الحركة الإسلامية السودانية وتذكر أخطاءها دون إنجازاتها!! قلت لقد كتبت مراراً عن إيجابياتها مثل حفظها لكثير من الشباب من الجنسين وطرحها لقضايا الإسلام النهضوي بغير الأسلوب التقليدي ومقاومة الأفكار المناهضة للإسلام ومقاومة الأنظمة الديكتاتورية في السودان وخارجه.. إلخ ولكني انتقدت منهجها وأخطاءها عقب تسلمها السلطة غلاباً بالانقلاب وكانت فرصتها في اكتساح انتخابات 1990 مؤكدة ولكنها بالسلطة المطلقة انحرفت كثيراً وأخطأت سياسياً وتعسفت مع مخالفيها ولم تكرس الحكم الراشد والعدالة والمساواة والديمقراطية التي سمحت لها بالتطور والانتشار رأسياً وأفقياً.. ولم تحقق الازدهار الاقتصادي ولم تحافظ على وحدة السودان واندفعت في تصرفات متطرفة وصلت لحد محاولة اغتيال حسني مبارك كما تعسفت وأخطأت كثيراً في تعاملها مع حركات الهامش خاصة في دارفور وكردفان.. كما انتشر في عهدها الفساد المالي والأخلاقي والجرائم مثل المخدرات وغير ذلك..

لقد كانت خسارة كبرى ورغم ذلك فإني على قناعة تامة بأن دور التيار الإسلامي الحديث لم ينتهِ وينبغي ألا ينتهي وقد تزايدت أعداد منسوبيها رأسياً وأفقياً وفيها عدد كبير ممن لازال بعضهم متمسكاً بسلوك محترم والأوفق عندي ليس هو اجتثاث التيار الإسلامي بل أن يتطور ويتخذ مساراً جديداً فحركة الإسلام النهضوي يجب أن تستمر ولم لا أليست هناك حركات يهودية ومسيحية مماثلة تلقى رواجاً في الغرب وإسرائيل فلماذا حلال عليها وحرام على الإسلام؟ و لكن السؤال كيف يكون ذلك وكيف يبدأ؟.

في تصوري يبدأ بأن تعترف الحركة الإسلامية بأخطائها عقب الإنقاذ وأن تعتذر انطلاقاً من كلام الله (ولا أقسم بالنفس اللوامة) وهو (النقد الذاتي) و(لا إكراه في الدين) فلا يجوز الإكراه في أي شيء..

ثم لا بد من تغيير منهج الحركة الإسلامية والبدء في طور جديد ليس عبر منهج الإسلام السياسي الذي قد كانت له ضروراته منذ الاستقلال وقبله ولكن اليوم أعتقد أن الحركة الإسلامية أن تتجه إلى منهج جديد لا يقوم على السياسة التي ترتكز على الصراعات والمنافسة الحادة وربما أسلوب الغايات تبرر الوسائل غير السليمة والتي لا تتفق مع الأخلاق والمثل القويمة والصدق والأمانة والتسامح ولذلك أرى أن تترك الحركة العمل السياسي للنظام الذي يجب أن يتحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي يقوم على الحرية والعدالة والمساواة والكفاءة والأمانة والتسامح وتتحول من (حركة) تنظيمية مثل حركات المافيا إلى جمعية أو منظمة تهتم بالدعوة بالدين والتدين الصحيح وليس الشعائري والشعاراتي وتهتم بالأخلاق الفاضلة والحوار المفيد مع الآخر خاصة أهل القبلة الواحدة خاصة المتطرفين الذين يشوهون الإسلام بتصرفاتهم السيئة وكذلك الحوار مع الأديان الأخرى مسيحية ويهودية وحتى مع التي لا تؤمن بالأديان من أجل نشر دعوة الإسلام بينهم بتبيان أنه الدين والمنهج الصحيح في الحياة. هذا بجانب تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام مثل مفهوم الجهاد وجمود الإسلام.

كما يتعين عليها نشر الكتب والأفكار المفيدة وترجمتها والتفسير الصحيح للقرءان عبر التدبر السليم له وليس مجرد الحفظ وكذلك تنقية الأحاديث النبوية.. باختصار تتحول من (حركة الإسلام السياسي) إلى (حركة الإسلام الحضاري).

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..