الولايات.. والطوارئ

زمان مثل هذا
الولايات.. والطوارئ
الصادق الشريف
* لو لم يذهب ولاة دارفور بالتي هي أحسن.. لذهبوا بالتي هي أخشن.. فالمركز كان ومازال مولعاً بوضع يده على القرار في الولايات.. الإدارة عن بعد.. بالريموت كنترول.. والتاريخ القريب ? عشر سنواتٍ أو تزيد قليلاً – يقول أنّ المحاولات السابقة لتقوية الولايات على حساب المركز هي التي عجلت بمفاصلة الإسلاميين الشهيرة. ? فالدكتور حسن عبد الله الترابي كان من موقعه كرئيس للمجلس الوطني.. يقود خطاً قانونياً لتقوية (الإرادة) لدى الولايات.. كان السؤال الحرج هو: هل يستطيع الرئيس من موقعه السيادي والذي يقف به على رأس السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية أن يقيل الوالي (لأيِّ سبب) وقد انتخبته جماهير ولايته؟؟. ? دكتور الترابي رئيس البرلمان كان يُصِرُّ ويمضي في التنفيذ بأنّ إرادة الولايات لديها حجيّتها القانونية في التمسّك بالوالي المنتخب.. الخطوة التوفيقة التي جاء بها الوسطاء هي اختيار ثلاثة أسماء من الولاية.. يختار الرئيس من بينها اسماً واحداً ليكون والياً. ? لكنّ الخطوة نفسها كانت مقلباً شرب منه الدكتور الترابي ذات يوم.. حين صعدت روح الفريق الزبير عن هذه الأرض.. وأصبح منصب نائب الرئيس خالياً. ? جاءت قائمة من ثلاثة أسماء إلى الرئيس البشير ليختار من بينها نائبه هي: الدكتور حسن عبد الله الترابي.. الدكتور علي الحاج.. والأستاذ علي عثمان محمد طه.. وبقيّة القصة معروفة.. بل وماثلة أمام الناس.. من خلال المواقع التي يشغلها الآن مَن كانوا بتلك القائمة بالأمس. ? د.الترابي وقتها رفض الفكرة.. ومضى لتقوية عضد الولايات للتمسّك بواليها تحت كلّ الظروف.. وللمركز حجيّته القائلة بأنّ بعض الولايات تعاني الفتن.. وبعضها يعاني المسغبة.. وبعضها يعاني الاثنين.. ويرى أنّه لا بدّ من خضوع الولايات لرأي المركز. ? ذلك هو التاريخ.. الذي أدّى في نهاية الأمر إلى كل هذا الشحن الزائد بين الإسلاميين.. والشاهد هُنا أنّ المركز (لن) يسمح بتكرار ذلك التاريخ (البغيض إليه).. ولو أدّى ذلك الى إلغاء كل القوانين عبر قانون الطوارئ.. وقد فعل. ? فهل هذا هو المنطق السليم لإدارة البلاد؟؟.. هل لا يصلح حال الولايات إلا بالتوجيه المباشر من المركز؟؟.. هل تقاصرت الولايات عن الوصول إلى الرشد السياسي؟.. الرشد في مستواه البسيط.. الذي تستطيع به إدارة تفاصيل حياتها؟. ? الإجابة ليست بهذه الصعوبة.. لكنّ قصّة د.عبد الحميد موسى كاشا مع المنظمات الأجنبية كانت ترسل إشارات للمركز بأنّ الأمر (قد) يخرج من سيطرته.. لا سيّما في القضايا ذات الطابع الأمني والأثر القومي.. كطرد منظمات أجنبية تفتح باب الريح على الدبلوماسية السودانية. ? على كلِّ حال.. الحكم الفيدرالي مازال هشّاً.. وكثير من الولايات تتسلم شيكات مرتبات عامليها وموظفيها من الخرطوم.. ومن لا يملك قوته.. بالطبع لن يستطيع أن يملك قراره.. ولا يتوقع من الولايات أن تتمرد على المركز.. وهي مريضة تنتظر (الدرب) الشهري من وزارة المالية. ? أرايتم.. لماذا وضع كاشا ذهاب علي محمود وزير المالية شرطاً أساسياً لقبوله بتكليف الولاية ؟
التيار